في مثل هذا اليوم قبل 113 عامًا: ذكرى مولد السلطان سعيد بن تيمور؛ إليك ملامح من سيرته وحكمه
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
خاص-أثير
إعداد: د. أحلام بنت حمود الجهورية، باحثة وكاتبة في التاريخ، عضو مجلس إدارة الجمعية التاريخية العُمانية.
يُصادف اليوم 13 أغسطس ذكرى ميلاد السلطان سعيد بن تيمور، الذي سنستعرض ملامح من سيرته عبر هذا المقال في “أثير”.
أولا: مولده وتعليمه:
يُعد السلطان سعيد بن تيمور بن فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان بن أحمد بن سعيد البوسعيدي أكبر أبناء السلطان تيمور بن فيصل.
تلقى بداية تعليمه في المنزل وعندما بلغ الحادية عشرةمن عمره تم إرساله إلى كلية مايو في أجمير بولاية راجيوتانا الهندية وهي مدرسة يتعلم فيها الكثير من أبناء الأمراء الهنود وغيرهم، حيث درس هناك ابتداءً من فبراير1922م وتخرج منها في يونيو 1927م. وحين بلغ السابعة عشرة من عمره، اهتم السلطان تيمور بأن يتعلم ابنه سعيد في بيئة عربية كي يتحصل على معرفة باللغة العربية فأرسله إلى بغداد في عام 1927م حيث درسهنالك لمدة عامين.
بعد العودة من بغداد اكتسب تجربة وخبرة في ميادين الإدارة والحكم وأصبح يعتمد عليه والده في إدارة شؤون البلاد، إذ كان يحضر بانتظام اجتماعات مجلس الوزراء، وبعد وفاة السيد محمد بن أحمد الغشام رئيس مجلس الوزراء عيّنه والده رئيسا لمجلس الوزراء في صفر 1348هـ/ أغسطس 1929م، وكان يشرف على الشؤون المالية للدولة إلى جانب رئاسته لمجلس الوزراء، وفي الفترة التي سبقت تسلم السيد سعيد لمقاليد الحكم، والتي كان فيها أبوه غائبا عن عُمان كان يشرف بنفسه على إدارة الحكم، وكان يمارس صلاحيات السلطان جميعها في الفترات التي يسافر فيها والده.
ثانيا: فترة حكمه:
تولى السلطان سعيد بن تيمور الحكم رسميا في 4 شوال 1350هـ/ 10 فبراير 1932م بعد تنازل والده السلطان تيمور بن فيصل عن الحكم. ومما جاء في وثيقة التنازل: “لقد رفعنا منذ اليوم يدنا من كل حقوق الحكم، واخترنا خلفا لنا ابننا السيد سعيد بن السيد تيمور كسلطان لحكومتنا، ونحن نسلمه قيادة سياسة الدولة وإدارة الحكومة”.
– الأوضاع السياسية الداخلية:ورث السلطان سعيد بن تيمور وضعا سياسيا صعبا تزامن مع إمامة محمد بن عبد الله الخليلي (1338-1373هـ/ 1920-1954م)، وعمل السلطان سعيد على توحيد عُمان واستعادة المناطق العُمانية التي أصبحت خاضعة لقوات الإمامة وفقًا لاتفاقية السيب الموقعة بين السلطان تيمور بن فيصل والإمام محمد بن عبدالله الخليلي عام 1339هـ/ 1920م، فأقام علاقات صداقة مع زعماء القبائل العُمانية الذين وجه لهم الدعوات لزيارته في مسقط، ولبى كثير منهم دعوته.
ومن ضمن التحديات التي واجهها السلطان سعيد بن تييمور إعلان جبهة تحرير ظفار الحرب ضد حكومة السلطان سعيد بن تيمور في 9 صفر 1385هـ/ 9 يونيو 1965م، فأغاروا على حصن طاقة وحصن مرباط، ونفذوا مجموعة كمائن على الطريق الواقع بين مسقط وصلال. كما خططوا لاغتيال السلطان سعيد أثناء رعايته أحد الطوابير العسكرية في معسكر أرزات في 5 محرم 1386هـ/ 26إبريل 1966م، غير أن تلك الخطة فشلت في تحقيق هدفها؛ مما جعل القوات الحكومية تقوم بعدة عمليات عسكرية في جبال ظفار ردا على محاولة اغتيال السلطان، وفي 1388هـ/ 1969م سيطر الثوار على ضلكوت ورخيوت وسدح، واستمرت الحرب حتى عام 1395هـ/ 1975م في عهد السلطان قابوس بن سعيد-طيب الله ثراه- الذي انتصر عليهم في صرفيت.
– الإصلاحات الإدارية والمالية والتنموية:قام السلطان سعيد ببعض الإجراءات من أجل الإصلاح السياسي –من وجهة نظره الخاصة- والبداية بإلغاء مجلس الوزراء وجاء ذلك بعد أسبوع من بداية حكمه في 17 فبراير 1932م، ومعه إلغاء منصب رئيس مجلس الوزراء، وأنشأ بدلا من ذلك ثلاثة نظارات (وزارات) لتسيير أمور الحكم، وتولى بنفسه نظارة الشؤون الخارجية بينما أسند منصب والي مطرح- وهو المنصب الذي يتبعه كل ولاة منطقة الباطنة- إلى عمه السيد حمد بن فيصل، كما عيَّن عمه السيد شهاب بن فيصل ممثلا له، وقائما بأمور الحكم في مسقط، بينما لم يسند لعمه الأكبر السيد نادر بن فيصل أي منصب سياسي.
تبنى السلطان سعيد بن تيمور سياسة مالية اعتمدت على الموارد القليلة للبلاد وذلك لتأثر عُمان بظروف الكساد الاقتصادي العالمي في النصف الأول من القرن العشرين الميلادي، واعتمد السلطان سعيد بن تيمور على عدد من الشخصيات كمستشارين له، فبالإضافة إلى المناصب التي تولاها أبناء الأسرة الحاكمة كشهاب بن فيصل بن تركي وكيلا أو نائباً عن السلطان في مسقط والممثل الخاص للسلطان، وحمد بن فيصل بن تركي والياً على مطرح، وتثبيت سكرتير والده أحمد الشبلي في منصبه. كما عيّن الشيخ الليبي المولد سليمان بن عبد الله الباروني مستشارا للشؤون الدينية والداخلية ابتداءً من عام 1934م وظل في هذا المنصب حتى عام 1938م. ومن المستشارين الآخرين الذين اعتمد عليهم السلطان سعيد في فترة لاحقة السيد أحمد بن إبراهيم البوسعيدي-ابن أخ الإمام عزان بن قيس- وعيّنه السلطان سعيد في منصب ناظر الولاة. أما إسماعيل بن خليل الرصاصي فهو من المستشارين العرب الذين اعتمد عليهم السلطان سعيد وهو فلسطيني الأصل، عمل في البداية كناظر للمدرسة السلطانية الخاصة، وبعد ذلك تدرج في المناصب حتى وصل إلى منصب والي مطرح، كما عيّن السيد هلال بن بدر البوسعيدي سكرتيراً خاصاً للسلطان بعد أحمد الشبلي.
اتخذ السلطان سعيد بن تيمور بعد تصدير النفط العُماني في 1386هـ/ 1967م عدة إجراءات تنموية وذلك لما تدره عائدات تصدير النفط من أموال على خزينة الدولة، فأصدر أوامره في عام 1388هـ/ 1969م بتأسيس مجلس الإعمار تكون مهمته تنفيذ المشاريع التي يقررها السلطان، وترتيب الموازنة اللازمة لكل مشروع، والاتصال بالخبراء والفنيين للاستفادة من خبراتهم في تنفيذ تلك المشروعات، ووضعت الخطط للعديد من المشروعات الخدمية الأساسية مثل: مشروع تزويد مسقط بالمياه، وإنشاء دائرة بريد مركزي، ومدرسة للبنات، والمستشفى السعيدي في روي، ومستوصفين في مسقط ومطرح، ومستشفى في تنعم (عبري) وآخر في صور، وإعادة تأهيل ميناء مطرح، وإنشاء كورنيش بمطرح، وإقامة سوق للخضار واللحوم في مسقط وآخر في مطرح، وأصدر الريال السعيدي ليكون العملة الرسمية في البلاد بدلا عن العملات الأجنبية التي كانت منتشرة مثل: الدولار النمساوي والروبية الهندية.
كما أسس السلطان سعيد بن تيمور المدرسة السعيدية بصلالة عام 1355هـ/ 1936م، ثم المدرسة السعيدية بمسقط عام 1359هـ/1940م، ثم المدرسة السعيدية بمطرح 1379هـ/ 1959م. وأنشأ إدارة التنمية في 1379هـ/ 1959م لتشرف على قطاعات الصحة والزراعة والأشغال العامة، فأسست تلك الإدارة بعض العيادات منها: مستشفى الإرسالية الأمريكية في مطرح، وفي المجال الزراعي أنشئت مزرعتان تجريبيتان في نزوىوصحار، كما قامت تلك الإدارة بتمهيد مجموعة من الطرق، وأنشئ نظام اتصال (راديو – هاتف) في بيت الفلج، ونفذت شركة كهرباء مسقط مشروع تزويد مسقطبالكهرباء.
الزيارات والعلاقات الخارجية:تعد رحلة السلطان سعيد بن تيمور حول العالم في الفترة من 9 نوفمبر 1937م إلى 13 يوليو 1938م رحلة تاريخية مهمة على مستوى العلاقات بين حكومة مسقط وعُمان وحكومات الدول التي زارها. وصل السلطان سعيد والوفد المرافق له-تكون الوفد المرافق من أخيه غير الشقيق السيد طارق بن تيمور وسكرتيره هلال بن بدر ومسؤول المراسم أحمد الشبلي ومساعده الخاص عبد المنعم الزواوي واثنين من المعاونين– إلى ميناء كراتشي مبتدئا رحلته حول العالم في 9 نوفمبر 1937م، وفي 12 نوفمبر 1937م وصل السلطان سعيد إلى نيودلهي، واستقبلوا في مقر نائب الحاكم في 8 رمضان 1356هـ/ 12نوفمبر1937م، واستقر عشرة أيام في ضيافة الحكومة الهندية، ثم توجه إلى كوبيه في اليابان لزيارة والده تيمور، وأمضى هنالك 17 يوما، ثم توجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية بناء على دعوة أمريكية ورافقه فيها والده، ووصل في 18 ذي الحجة 1356هـ/ 19 فبراير 1938م إلى سان فرانسيسكو، ثم توجه إلى واشنطن وكان في استقباله وزير الخارجية الأمريكي كورديل هل، وخرج مع الرئيس الأمريكي روزفلت برحلة بحرية، ثم غادر نيويورك إلى بريطانيا التي وصلها في 26 محرم 1357هـ (28مارس 1938م)، فاستقبله الملك جورج السادس الذي منحه وشاح الفارس من الحكومة البريطانية، وبعد أسبوعين سافر إلى باريس، وعاد إلى لندن مرة أخرى في 18 صفر 1357هـ/ 19 أبريل 1938م، وفي 22 أبريل غادر السلطان بريطانيا بالباخرة، منهياً زيارته التاريخية الأولى وبعدها زار إيطاليا زيارة خاصة في الأول من مايو 1938م، ووصل مسقط في 13 يوليو 1938م مروراً بقناة السويس وبومباي بالهند.
ثالثا: وفاته:
استمر حكم السلطان سعيد بن تيمور 38 عاما بدءا من تنازل والده السلطان تيمور عن الحكم في عام 1932م وحتى العام الذي تنازل فيه عن الحكم لابنه السلطان قابوس في 23 يوليو 1970م، حيث أقام في فندق دورشستر في لندن، وتُوفي إثر نوبة قلبية تعرض لها وهو على ظهر سفينة سياحية في 19 أكتوبر 1972م، أي بعد عام وثلاثة أشهر من تولي نجله السلطان قابوس مقاليد الحكم في 19 جمادى الأولى 1390هـ/ 23 يوليو 1970م، ودُفن في الجزء المخصص للمسلمين في مقبرة بروكود، وشهد مراسم الدفن أخواه السيد طارق بن تيمور والسيد فهر بن تيمور، وسماحة الشيخ إبراهيم العبري مفتي عام سلطنة عمان آنذاك.
وصف الرائد بريمنر السلطان سعيد بن تيمور في تقريره السنوي في العام 1932م: “يتمتع هذا السلطان الشاب بعقل ذكي وحاد وأظهر رغبة واضحة وملاحظات تدل على أنه ينوي أن ينشئ جهازاً إدارياً خاصاً به لإدارة دولته، وبدا واضحاً أنه يتمتع بشخصية قوية ويستطيع اتخاذ ما يلزم من قرارات لمواجهة المعوقات والمشاكل التي تصادفه”. ومن أهم الشهادات المسجلة في السلطان سعيد بن تيمور، ما ذكره لاندن: “وبصرف النظر عن الافتراضات والتخمينات فإنه من الواضح أن السلطان سعيد رغم كل شيء …، ومهما يكن مترددا إزاء انضمام عُمان إلى ركب الحياة العصرية، كان وما يزال أهم حكام البوسعيد منذ عهد سميه العظيم سعيد بن سلطان قبل أكثر من قرن”.
قائمة المصادر والمراجع:
1. الرصيد الوثائقي للسلطان تيمور بن فيصل، هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، مسقط، سلطنة عُمان. 2. الرصيد الوثائقي للسلطان سعيد بن تيمور، هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، مسقط، سلطنة عُمان. 3. الحارثي، محمد بن عبد الله، إعداد وترجمة. موسوعة عُمان الوثائق السرية. مج1، د.ط، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت: 2007م. 4. العتيقي، ناصر بن سعيد. الأوضاع السياسية العُمانية في عهد السلطان سعيد بن تيمور (1932-1954م). ط1، دار الفرقد، دمشق: 2015م. 5. غباش، حسين غانم. عُمان الديمقراطية الإسلامية. ط4، دار الفارابي، بيروت: 2006م. 6. الطائي، عبد الله بن محمد. تاريخ عُمان السياسي. ط1، مكتبة الربيعان للنشر والتوزيع، الكويت: 2008م. 7. مجموعة باحثين. الموسوعة العُمانية. مج5، ط1، وزارة التراث والثقافة، مسقط: 2013م. 8. لاندن، روبرت جيران. عُمان منذ 1856مسيراً ومصيراً. تر: محمد أمين عبد الله، ط5، وزارة التراث القومي والثقافة، مسقط: 1994م. 9. العليان، محمد عبد الله. ماذا حدث يوم 23 يوليو 1970م. مجلة فلق الإلكترونية، عدد 42، سنة 2013م. (تاريخ الاطلاع على المقال: 3 مارس 2020م https://www.alfalq.com)الهوامش:
1
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: مجلس الوزراء الع مانیة عبد الله محمد بن فی مسقط بن سعید بن عبد
إقرأ أيضاً:
فعالية نسائية بمديرية المنيرة بالحديدة إحياءً لذكرى ميلاد الزهراء
الوحدة نيوز/ نظمت الهيئة النسائية الثقافية بمحافظة الحديدة، اليوم، بمديرية المنيرة فعالية ثقافية بذكرى مولد الزهراء، اليوم العالمي للمرأة المسلمة.
ركزت كلمات الفعالية على الجوانب التربوية والإيمانية لإحياء ذكرى مولد سيدة نساء العالمين – عليها السلام- والمسؤوليات التي تقع على عاتق المرأة المؤمنة في الاقتداء بها.
وتطرّقت إلى أهمية تعزيز الهوية الإيمانية، وترسيخها في أوساط النساء، ووسائل وأساليب مواجهة الحرب الناعمة.
وحثت الكلمات على أهمية التوعية بأساليب التدجين ومخاطرها على الفتاة والمرأة، مؤكدة أن أكبر سلاح لمواجهة الحرب الناعمة هو ثقافة القرآن، والاستفادة من سيرة آل بيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.