لماذا يخشى أردوغان “غزو” (إسرائيل) لدمشق؟ وهذا ما طلبه من روسيا وإيران وسورية
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
سرايا - يبدو لافتًا هذا الانتقاد التركي الذي جرى توجيهه على لسان وزارة الخارجية التركية، والتي انتقدت فيه تمديد عقوبات أمريكية على الحكومة السورية منذ العام 2019، الأمر الذي يضع علامات استفهام حول أسباب انتقاد أنقرة لواشنطن، والأمر يخص هنا الدولة السورية، التي طالما رغبت أنقرة بإسقاطها بعد أزمة العام 2011.
بطبيعة الحال لم تعد ترغب أنقرة، بإسقاط حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، أو فشلت عبر المعارضة التي دعمتها، ولهذا قد يكون مفهومًا لماذا تنتقد أنقرة استمرار العقوبات الأمريكية على دمشق، رغبة منها (أنقرة) بالتطبيع مع سورية، الأمر الذي عبّر عنه الرئيس التركي مرارًا، وتكرارًا من خلال إعلان رغبته لقاء الرئيس السوري بشار الأسد، حيث يشدّد الأخير على ضرورة انسحاب الجيش التركي من الأراضي السورية.
ولافت أن وزارة الخارجية التركية قالت إن تمديد العقوبات الأمريكية على دمشق “لا يتوافق مع الحقائق على الأرض”، وهو ما يُشير إلى مخاوف تركية أكبر من رغبة في تطبيع العلاقات مع دمشق، وذلك يتعلّق بمخاوف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه، والذي حذّر قبل يوم واحد من انتقاد وزارة خارجيته لاستمرار العقوبات الأمريكية على دمشق، من مخاطر توسع الاحتلال في المنطقة، وتحديدًا سورية التي يعتقد أردوغان كما قال أنها باتت تواجه مخاطر انتقال الاشتباكات إلى لبنان، وبالتالي يعي الرئيس أردوغان أهمية دمشق، والدفاع عنها في وجه العقوبات الأمريكية لما يترتّب على ذلك من مخاطر حال “احتلال دمشق”.
الرئيس أردوغان تحدّث عن مخاوف “احتلال دمشق”، بعد تصريحات وزير مالية "إسرائيل" المتطرف بتسلئيل سموتريتش، حيث قال إن حدود القدس يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق.
وقد يخشى الرئيس التركي من احتلال دمشق، ولكنه يخشى من وصول "إسرائيل" إلى الشمال السوري، وبالتالي تهديد إسرائيلي مباشر للحدود التركية، وقد عبّر عن ذلك حرفيًّا حين قال "إسرائيل" ستأتي للشمال السوري لحظة احتلالها دمشق، حال تم ذلك.
وأكّد الرئيس التركي أن تركيا لا يُمكنها تجاهل العدوان الإسرائيلي، مضيفا أن استخباراته تراقب فيما يخص الخطوات التي وقد تتخذها "إسرائيل" تجاه تركيا.
وعلى متن طائرته عائدًا من زيارة أجراها إلى صربيا، السبت، قال أردوغان إنه “بمجرد أن تغزو "إسرائيل" دمشق، فإنها ستصل إلى شمال سوريا، ربما يكون لدى "إسرائيل" بعض الخطط”، وذلك بحسب نص مكتوب للمقابلة نشره موقع قناة “تي آر تي خبر” التركية.
وتُطرح تساؤلات حول الخطوات التي ستُفرض على الرئيس التركي، لتقديمها سريعًا لدمشق، وماذا يعني حين قال خلال حديثه مع ممثلي وسائل إعلام تركية على متن الطائرة، إن بلاده “ستدافع عن سلام عاجل ودائم في سوريا، وأضاف سوف تقف إلى جانب السلام”، مشيرا إلى أن “إسرائيل تشكل تهديدا ملموسا للسلام الإقليمي والعالمي”، فكيف سيُدافع أردوغان عن سلام عاجل ودائم، وهل يصل الأمر لتحالف عسكري يشمل سورية ضد دولة الاحتلال؟
وحول سُؤال عن الضربة التي نفّذها الاحتلال في الآونة الأخيرة على دمشق، قال أردوغان إن على “روسيا وسوريا وإيران أن تتّخذ إجراءات أكثر فاعلية لحماية سلامة أراضي سوريا”.
ويتبنّى الرئيس أردوغان على الأقل كلاميًّا منذ أحداث السابع من أكتوبر (طوفان الأقصى) لغة الرغبة في استخدام القوة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، ويبدو أن الرئيس التركي بات أكثر قناعة بنجاعة المُقاومة والسلاح ضد أطماع الاحتلال، وهي لغة تضعه في دائرة تهديدات إسرائيلية للتعرّض لما تعرّض له الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، لكن يُواصل أردوغان تبنّي هذه العدائية الكلامية ضد الكيان، حيث أعلن أن “النضال الملحمي الذي تخوضه حركة حماس هو أيضًا من أجل تركيا”.
المخاوف التركية من أطماع إسرائيلية، لا تتعلّق فقط بتواجد إسرائيلي في الشمال السوري، بل في منح الأكراد الانفصاليين وعلاقتهم الوثيقة بتل أبيب، بتأسيس كيان مستقل في شمال سورية، ثم ضم جنوب شرق تركيا، وهي ذات وجود كردي كبير، وحذّر وزير الدفاع التركي فعليًّا مما وصفه من تصاعد خطر جر المنطقة الجنوبية من تركيا إلى اضطرابات وصفها بالكبيرة على خلفية اتساع الحرب في لبنان.
وما قبل إتمام مخطط احتلال دمشق، ومن ثم جنوب تركيا، نوّه أردوغان أنه بالتوازي مع الهجمات الإسرائيلية على غزة، تحدث أيضاً هجمات على خطوط الصدع الاجتماعي في تركيا، موضحًا “إنهم يريدون إثارة الاحتجاجات في الشوارع من خلال الحملات القذرة، ولا يمكن تجاهل هذا العدوان الإسرائيلي، مخابراتنا تعمل ونسيطر، من الألف إلى الياء، على أي خطوات تتخذها "إسرائيل" أو قد تتخذها تجاه تركيا”.
وكان البرلمان التركي عقد، الثلاثاء الماضي، جلسة مغلقة سيظل مضمونها سرياً لـ10 سنوات، عرض فيها وزيرا الخارجية هاكان فيدان، والدفاع يشار غولر، تدابير لحماية الأمن القومي التركي، وتطورات العدوان الإسرائيلي وتوسيع الهجمات من غزة إلى مناطق أخرى، والمخاطر المحتملة على تركيا.
بكل حال، تبدو تحذيرات الرئيس أردوغان واقعية ويبدو أن الرجل راغب في اتخاذ خطوات عملية لإعادة علاقاته مع دمشق، كما لافت أن تصريحاته بخصوص مقاومة حزب الله للاحتلال إيجابية، ويعتبرها مشروعة لوقف الأطماع الإسرائيلية، فيما توضع علامات استفهام حول موقف المُعارضة التركية “العلمانية” التي قلّلت من مخاطر "إسرائيل" على تركيا، واعتبرت أنها جاءت لإلهاء المواطن التركي عن مصاعبه الداخلية الاقتصادية، وكأنها تتقاطع مع تصريحات الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ الذي أكد أن تل أبيب لا تعد أي خطط عسكرية ضد أنقرة، وأن لدينا (إسرائيل) احترام كبير لشعب تركيا، الأمر الذي يتنافى مع آخر استطلاع رأي محلّي تركي، خلص إلى أن 89,4 في المائة من الأتراك يعتقدون بأن "إسرائيل" تريد أن تحتل جُزءًا من الأراضي التركية، ما يعني أن الأتراك يكنّون في غالبيّتهم العداء للدولة العبرية.
إقرأ أيضاً : الاحتلال يخطر سكان 25 قرية لبنانية بالإخلاء الفوريإقرأ أيضاً : وزير الخارجية الإيراني: المنطقة على شفا معارك واسعةإقرأ أيضاً : السيسي للمصريين: بتلوموني إن الدولار بيرتفع ليه؟
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الحكومة الدولة الرئيس الرئيس الرئيس الرئيس الاحتلال الرئيس القدس الرئيس الرئيس تركيا الرئيس الاحتلال الرئيس الاحتلال الرئيس الرئيس الدفاع المنطقة تركيا غزة الرئيس الله الرئيس روسيا المنطقة لبنان سوريا تركيا الحكومة الدولة الله القدس الدفاع غزة الاحتلال السيسي حسين الرئيس العقوبات الأمریکیة الرئیس أردوغان الرئیس الترکی على دمشق
إقرأ أيضاً:
إمام أوغلو يدشن حملته.. هل تتجه تركيا لانتخابات مبكرة؟
نظمت تركيا انتخابات الرئاسية والتشريعية في 2023 ثم انتخاباتها المحلية في آذار/ مارس 2024، وفي أول تعقيب له على النتائج قال الرئيس أردوغان إن أمام البلاد أكثر من أربع سنوات بدون انتخابات بما يساعدها على التركيز على حل مشاكلها وفي مقدمتها الاقتصاد، من باب أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة ستكون في 2028.
بيد أن البلاد وكأنها تعيش أجواء الانتخابات مرة أخرى، إذ دشّن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى والقيادي في حزب الشعب الجمهوري المعارض، أكرم إمام أوغلو، حملته الانتخابية قبل يومين في مدينة إزمير، معقل الحزب. وكان إمام أوغلو تقدم بطلب أولي لحزبه ليكون ضمن مرشحيه المحتملين للانتخابات الرئاسية القادمة، وبات يُنظر له على أنه سيكون مرشح الحزب القادم في ظل إحجام رئيس بلدية أنقرة الكبرى منصور يافاش عن ترشيح نفسه.
فهل تعيش تركيا فعلا أجواء الانتخابات؟ وهل سنكون على موعد مع انتخابات مبكرة؟
هناك سيناريوهان اثنان لإمكانية ترشح الرئيس أردوغان، الأول تعديل دستوري (أو دستور جديد) يمكن من خلاله تعديل أو تصفير موضوع الترشح لمدتين، والثاني أن تدعو أغلبية البرلمان لتبكير الانتخابات. وفي الحالتين، لا يملك الرئيس وحلفاؤه اليوم النسبة التي تمكنهم من ذلك، ما يجعلهم بحاجة دعم حزب أو أحزاب إضافية داخل البرلمان
يقول حزب العدالة والتنمية إن إمام أوغلو يهدف من خلال هذا الترشح المبكر إلى ادعاء المظلومية ويحاول حماية نفسه بشكل مسبق من القضايا المرفوعة ضده، بحيث يدّعي أن الرئيس أردوغان يحرك ضده قضايا بخلفية سياسية لاستبعاده من سباق الرئاسة.
في المقابل، يرى حزب الشعب الجمهوري بأن أردوغان وحزبه سيسعيان فعلا لتبكير الانتخابات وبأن على الحزب أن يكون مستعدا بمرشحه بشكل مسبق، استخلاصا لدرس تحالف "الطاولة السداسية" المعارضة التي تشكلت ضد أردوغان قبل الانتخابات الأخيرة؛ لكن تأخرها في اختيار اسم المرشح الرئاسي أدى لخلافات بينية وأضعف فرصها وأدى لخسارتها.
يدلل حزب الشعب الجمهوري هنا بتصريح دولت بهتشلي، رئيس حزب الحركة القومية وحليف أردوغان، بأن الأخير ينبغي أن يكون مرشحا مجددا للرئاسة في حال استطاع حل مشكلتي الإرهاب والاقتصاد في البلاد. وبالتالي يرى الحزب المعارض أن أردوغان يرغب فعلا في تبكير الانتخابات ويسعى من خلال القضايا المرفوعة على إمام أوغلو، القديمة منها والجديدة، لاستبعاده من سباق الترشح أو إضعاف فرصه في الفوز.
والإشارة إلى تبكير الانتخابات بهدف إعادة ترشح الرئيس التركي سببها دستوري في المقام الأول، إذ لا يمنح الدستور الحالي الرئيس أردوغان فرصة الترشح مجددا في انتخابات رئاسية اعتيادية لأنه استوفى مدتين رئاسيتين وفق التعديل الدستوري الأخير الذي أقر النظام الرئاسي عام 2017، والاستثناء الدستوري الوحيد، هو أن يقرر البرلمان تبكير الانتخابات بأغلبية تفوق ثلثي أعضائه، أي 360 من أصل 600 نائب.
وبالتالي يكون هناك سيناريوهان اثنان لإمكانية ترشح الرئيس أردوغان، الأول تعديل دستوري (أو دستور جديد) يمكن من خلاله تعديل أو تصفير موضوع الترشح لمدتين، والثاني أن تدعو أغلبية البرلمان لتبكير الانتخابات. وفي الحالتين، لا يملك الرئيس وحلفاؤه اليوم النسبة التي تمكنهم من ذلك، ما يجعلهم بحاجة دعم حزب أو أحزاب إضافية داخل البرلمان، وهو ما قد يحصل من خلال جذب نواب من أحزاب أخرى كما حصل في مؤتمر الحزب الأخير، تركيا ليست في وارد تبكير الانتخابات والدخول في أجوائها الآن، لكن تبكير الانتخابات من حيث المبدأ احتمال قائم وبقوة، ويبقى تحديد التوقيت مرتبطا بالتطورات السياسية والاقتصادية في تركيا داخليا وخارجياأو من خلال التفاهم مع حزب ديمقراطية ومساواة الشعوب الذي بات قناة التواصل حاليا مع زعيم العمال الكردستاني المعتقل، عبد الله أوجلان، الذي دعا مؤخرا لحل حزب العمال وإلقاء السلاح وفتح الباب أمام مسار سياسي لحل المسألة الكردية في تركيا.
يبقى أن نقول إن الحديث عن تبكير الانتخابات والاستعداد لها من الآن ليس مقصورا على بهتشلي حليف أردوغان، وحزب الشعب الجمهوري خصمه، ولكن نائب رئيس حزب العدالة والتنمية حسن بايمان صرح قبل أيام بأن حزبه سيجعل من الرئيس أردوغان مرشحه مجددا "في الانتخابات التي ستجرى في تشرين الثاني/ نوفمبر 2027" على حد تعبيره.
الجديد هنا لا يقف عند حدود تصريح مسؤول في الحزب الحاكم، لكنه كذلك يشمل تحديد الموعد المقترح للانتخابات المبكرة. وتفسير ذلك أن الحزب الحاكم يريد أن يستفيد من أمرين، ألا يخسر أردوغان معظم الفترة الرئاسية الحالية في حال بكرت الانتخابات، وأن يكون الحزب قد وصل لنتائج ملموسة بخصوص مشكلتي الاقتصاد والإرهاب بحلول ذلك الوقت (بما يزيد من شعبيته ويعزز من فرص فوزه)، وهو ما يتناغم مع تصريح بهتشلي المشار له.
وعليه، نقول إن تركيا ليست في وارد تبكير الانتخابات والدخول في أجوائها الآن، لكن تبكير الانتخابات من حيث المبدأ احتمال قائم وبقوة، ويبقى تحديد التوقيت مرتبطا بالتطورات السياسية والاقتصادية في تركيا داخليا وخارجيا.
x.com/saidelhaj