المؤتمر العلمي الثالث للإعلام والذكاء الاصطناعي بين التحديات والإنجازات
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
في ظل التحولات الرقمية السريعة التي يشهدها العالم، تبرز أهمية تمكين الشباب وتزويدهم بالمهارات اللازمة لمواكبة هذه التطورات، تلعب المؤسسات الجامعية ومؤسسات التدريب دورًا حيويًا في إعداد الأجيال القادمة للتعامل مع التحديات والفرص التي تطرحها التكنولوجيا الحديثة، وخاصة في مجال الإعلام، من خلال تطوير المناهج الدراسية، وتشجيع البحث العلمي، وتوفير التدريب العملي، يمكن لهذه المؤسسات أن تسهم بشكل كبير في تعزيز قدرات الشباب على التكيف مع المشهد الرقمي العالمي.
من جانبه، أكد الدكتور ياسر السنباطي، نائب رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري لشؤون التعليم والطلاب، على الدور الحيوي الذي تلعبه الأكاديمية في دعم الشباب وتمكينهم في عصر الذكاء الاصطناعي.
وجاء ذلك خلال كلمته في افتتاح الملتقى العلمي الدولي الثالث للغة والإعلام، الذي يُعقد تحت عنوان "الإعلام الجديد وتمكين الشباب: المواطنة الرقمية في عصر الذكاء الاصطناعي". الذي قام برعاية الدكتور إسماعيل عبد الغفار رئيس الأكاديمية ، شهدت الجلسة الافتتاحية حضور الدكتور عبد الواحد النبوي، وزير الثقافة الأسبق وأستاذ التاريخ بجامعة الأزهر، الذي قدم رؤية فكرية مرموقة حول دعم الشباب في مجال المواطنة الرقمية وربطها بتاريخ الإنسان العربي، كما حضر الدكتور ياسر الصباطي، نائب رئيس الأكاديمية للتعليم وشؤون الطلاب، نيابة عن رئيس الأكاديمية الأستاذ الدكتور إسماعيل عبد الغفار فرج.
أشاد الدكتور السنباطي بالجهود الكبيرة التي تبذلها الأكاديمية، بقيادة الأستاذ الدكتور إسماعيل عبد الغفار، في تطوير التعليم والبحث العلمي، مشيرًا إلى أن الأكاديمية هي أول جامعة في مصر والوطن العربي تمتلك كلية للذكاء الاصطناعي. وأكد على أهمية تمكين الشباب وتزويدهم بالمهارات اللازمة لمواكبة التطورات التكنولوجية السريعة.
وأشار الدكتور السنباطي إلى أن الإعلام الجديد لم يعد يقتصر على الوسائل التقليدية مثل الصحف والتلفزيون، بل أصبح يشمل وسائل الإعلام الرقمية والسوشيال ميديا، التي تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام وتوجيهه. وأكد على ضرورة تطوير سياسات واضحة للتعامل مع التحديات الأخلاقية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام، مثل قضايا الخصوصية والتحيز في الخوارزميات.
دعا الدكتور السنباطي المؤسسات الإعلامية والتعليمية في العالم العربي إلى التعاون ووضع رؤية جادة وقابلة للتنفيذ لتأهيل الأجيال القادمة لمواجهة تحديات المستقبل، مؤكدًا أن تمكين الشباب هو السبيل لتحقيق التقدم والازدهار في عصر الرقمنة والذكاء الاصطناعي.
ومن جانبه ، أكد السفير أحمد رشيد خطابي، الأمين العام المساعد ورئيس قطاع الإعلام بجامعة الدول العربية، على أهمية إدراج التربية الإعلامية في مناهج التعليم العربي.
وأوضح أن هذا الإجراء سيسهم في تعزيز الوعي بين الشباب، وتمكينهم من تطوير التفكير النقدي للتعامل الإيجابي مع التأثيرات والمحتويات الإعلامية المنتشرة في الفضاء الرقمي.
وأشار السفير خطابي إلى أن التربية الإعلامية تعد أداة أساسية لمواجهة التحديات التي تفرضها وسائل الإعلام الحديثة، بما في ذلك مكافحة الأخبار الزائفة وتعزيز القيم الأخلاقية والمجتمعية، مؤكدًا على ضرورة تزويد الشباب بالمهارات اللازمة لفهم وتحليل المحتوى الإعلامي بشكل نقدي، مما يمكنهم من اتخاذ قرارات مستنيرة والتفاعل بفعالية مع العالم الرقمي.
ودعا السفير خطابي إلى تكاتف الجهود بين المؤسسات التعليمية والإعلامية في العالم العربي لتحقيق هذه الأهداف، مشددًا على أن تمكين الشباب من خلال التربية الإعلامية هو خطوة أساسية نحو بناء مجتمع واعٍ ومثقف قادر على مواجهة تحديات العصر الرقمي.
ومن جانبه ، أكدت الدكتورة حنان يوسف على أهمية تمكين الشباب في عصر الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن المؤتمر يهدف إلى تعزيز دور الشباب في الإعلام الرقمي والمواطنة الرقمية. وأشارت إلى أن الأكاديمية البحرية هي أول جامعة في مصر والوطن العربي تمتلك كلية للذكاء الاصطناعي، مما يعكس التزامها بتطوير التعليم والبحث العلمي في هذا المجال.
أعلنت أن الكلية تطلق أول مسابقة رقمية للشباب تربط بين الإعلام والذكاء الاصطناعي، والتي تم إطلاقها في شهر إبريل 2024. سيتم الإعلان عن نتائج المسابقة في نهاية أكتوبر خلال مؤتمر صحفي كبير، حيث سيتم دعم الأعمال الفائزة ماديًا ومعنويًا وتنفيذيًا.
وأوضحت الدكتورة حنان يوسف في كلمتها دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الكتابة والتحليل بدلاً من مجرد البحث عن البيانات. وأشارت إلى أن وكالة الأسوشيتدبرس تستخدم نظامًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي لكتابة التقارير الاقتصادية عن النتائج المالية للشركات، حيث يقوم النظام بتحليل البيانات المالية وإصدار تقارير دقيقة في غضون ثوانٍ.
وناقشت الدكتورة حنان يوسف التحديات الأخلاقية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام، مثل قضايا الخصوصية، والتحيز في الخوارزميات، وتأثير الأخبار الزائفة.
وأكدت على أهمية تطوير المؤسسات الإعلامية لسياسات واضحة للتعامل مع هذه التحديات.
كما تناولت تخصيص المحتوى كأحد أبرز استخدامات الذكاء الاصطناعي في الإعلام، حيث تستخدم المنصات الإعلامية مثل نتفليكس ويوتيوب الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك المستخدمين وتقديم محتوى يتناسب مع اهتماماتهم، مما يعزز تجربة المستخدم.
وتضمن المؤتمر العديد من الفعاليات والأنشطة التفاعلية، بما في ذلك ورش عمل ومحاضرات قدمها خبراء في مجالات الإعلام والذكاء الاصطناعي. كما تم تنظيم جلسات نقاشية حول دور التكنولوجيا الحديثة في صياغة مستقبل الإعلام العربي والدولي.
ويشارك في المؤتمر أكثر من 100 باحث من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك مصر، العراق، لبنان، فلسطين، الأردن، الجزائر، ليبيا، السعودية، بالإضافة إلى مشاركات من الفلبين، الولايات المتحدة شارك في المؤتمر أكثر من 100 باحث من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك مصر، العراق، لبنان، فلسطين، الأردن، الجزائر، ليبيا، السعودية، بالإضافة إلى مشاركات من الفلبين، الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، ماليزيا، سنغافورة، وكندا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي البحث العلمي مجال الإعلام قدرات الشباب التحولات الرقمية فی عصر الذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی فی والذکاء الاصطناعی رئیس الأکادیمیة تمکین الشباب فی الإعلام بما فی ذلک على أهمیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
خطابات أبي عبيدة وكسب المعركة الإعلامية
سالم الكثيري
يرى الكثير من المحللين أنَّ إسرائيل فشلت عسكريًا وإستراتيجيًا في حربها الأخيرة ضد المقاومة الفلسطينية؛ فمن الناحية العسكرية لم تتمكن من تهجير سكان غزة أو السيطرة على شمالها كمنطقة عازلة، كما فشلت في إنشاء المستوطنات والإبقاء على محوري نتساريم وفيلاديلفيا، ومن الناحية الإستراتيجية لم تستطع تحقيق أي من أهدافها المُعلنة كاحتلال غزة أو فرض السيطرة الإدارية عليها أو استعادة الأسرى بالقوة أو التخلص من المقاومة واجتثاثها، كما كان يزعم نتنياهو بأنه لن تكون هناك حماس في اليوم التالي للحرب.
ومن الناحية الإعلامية، يُدرك المتابع- بما لا يدع مجالًا للشك- أنَّ إسرائيل قد خسرت هذه المعركة قطعًا؛ حيث اهتزت صورتها عالميًا منذ أحداث "طوفان الأقصى" لتظهر ولأول مرة على حقيقتها ككيان مجرم مُحتل، بعد أن كانت تعيش دور الضحية، كما كان يصورها ويُروِّج لها دائمًا الإعلام الأمريكي، الذي يُسيطر على آلة الإعلام على مستوى العالم. وفي سابقة تُعد الأولى من نوعها، شاهدنا جميعًا ما تعرضت له إسرائيل وجيشها من هجومٍ شرسٍ من كثير من القنوات والصحف العالمية، منذ أحداث السابع من أكتوبر، فيما لمسنا في نفس الوقت الطرح الإيجابي للرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام والمقاومة بشكل خاص؛ حيث تناولت الكثير من وسائل الإعلام الغربية هذه القضية بشكل مختلف، عمَّا كانت عليه طيلة العقود الماضية من تعتيم وتضليل إعلامي؛ بل وصل الأمر بالكثير من وسائل التواصل الاجتماعي والنشطاء المستقلين إلى الوقوف في صف المُقاومة بشكل صريح وعلني مع ما واجهه هؤلاء من مضايقات سياسية وإعلامية؛ بل ومالية من قبل اللوبيات الاقتصادية والشركات العالمية الداعمة للصهيونية، بعدما اتضح أنَّ ما كان يُنشر في الإعلام الإسرائيلي والغربي ليس إلّا تزييفًا وقلبًا للحقائق.
تمكنت المقاومة من توظيف التقنيات الحديثة وأدوات التصوير كطائرات الدرون والهواتف الذكية وغيرها من برامج لتوثيق أحداث المعركة اليومية ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي باحترافية أذهلت حتى المختصين والخبراء قبل عامة الناس، بدايةً باللقطات الأولى لعملية "طوفان الأقصى" التي مثَّلت الصدمة الكبرى لإسرائيل وكل حلفائها، ثم بث الخطابات المتوالية لأبي عبيدة الناطق الرسمي باسم كتائب القسام، والتي باتت محل اهتمام الإعلاميين والسياسيين عالميًا، لما تحمله من صدقٍ في المضمون، ودقة في الطرح، وأداء متفرد يستنهض فيه الأمتين العربية والإسلامية وكل أحرار العالم، للوقوف في وجه الظلم والطغيان الصهيوني، ولتفاعل هذه الخطابات مع أحداث المعركة أولًا بأول؛ مما جعل من "فارس الإعلام المُلثَّم" أبو عبيدة، بصوته الندي وبلسانه الفصيح وبلغته القرآنية المبدعة والرصينة في الوقت نفسه، أيقونةً من أيقونات الإعلام، طيلة أحداث الحرب، ولم يزل كذلك.
ثم ما تعرضه فصائل المقاومة من مقاطع وصور بأساليب مبتكرة، كالسهم الأحمر الذي يتتبع رؤوس الجنود الصهاينة والآليات العسكرية، والذي أصبح رمزًا عالميًا لقنص الأعداء، بحيث توضح هذه المقاطع شجاعة المقاومين في التصدي لجحافل جنود الاحتلال المدججين بالسلاح والعتاد والمُحصَّنين بالمدرعات والدبابات من "المسافة الصفر" بملابس خفيفة رثة وبدون خوذات للرأس أو سُترات واقية من الرصاص، وذلك في سبيل الدفاع عن الوطن ضد محتل غاصب. أضف إلى ذلك إظهار مقاطع لقادة المقاومة من قلب المعركة وجهًا لوجه مع العدو؛ حيث استُشهد الكثير منهم وأياديهم على الزناد، من أجل نصرة قضيتهم، وليس من المكاتب الفاخرة والابراج المحصنة، كما هو حال قادة جيش الاحتلال. وخاتمة المسك في المشاهد الأخيرة لسيناريو وإخراج عملية تسليم الأسرى برمزياتها المُعبِّرة وتفاصيلها الدقيقة في الصمود والتحدي، بداية من ميدان فلسطين والسرايا والتي تعد من أكبر ميادين غزة، ومخيم جباليا الذي دمره جيش الاحتلال بقصفه على مدار 100 يوم متتالية، ومن ثم من أمام بيت قائد المقاومة الشهيد يحيى السنوار ومهندس الطوفان الشهيد محمد الضيف في خان يونس في ميناء غزة؛ حيث أعلنت حماس عن تواجد قائد كتيبة الشاطئ أبو عمر الحواجري في مراسم التسليم، بعد أن زعم جيش الاحتلال قتله سابقًا، لتكون هذه اللقطات بمثابة الضربة القاضية والدليل الداحض لكل ادعاءات إسرائيل الكاذبة بأن أسراها يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة، بينما ظهر الأسرى والأسيرات بحالة صحية جيدة ونفسية عالية وبملابس وتسريحات شعر أنيقة وابتسامات عريضة.
واستثمرت المقاومة منصة وساحات التسليم كلوحة إعلانات مُتنقلة لعرض رسائلها المباشرة كصور الشهداء والعبارات الموجهة للرأي العام الإسرائيلي والعالمي والحاضنة الشعبية والحضور الكثيف لرجال المقاومة بمختلف وحداتهم، بمن فيهم "وحدة الظل"، وكذلك الرسائل الضمنية التي تؤكد سيطرتها التامة على القطاع؛ كمراسم تواقيع تسليم الأسرى مع ممثلي الصليب الأحمر بندية تامة، بكل تفاصيلها الدقيقة، إضافة إلى ظهور بعض المقاومين على متن سيارة كبيرة سوداء كانوا قد استولوا عليها من "فرقة غزة" الإسرائيلية في السابع من أكتوبر، وامتشاق احدهم السلاح الإسرائيلي "تافور"، في استعراضٍ يحمل دلالات ورسائل إعلامية واضحة؛ الامر الذي أزعج الحكومة الإسرائيلية كثيرًا؛ حيث ذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن في كل نقطة يتم فيها تسليم المحتجزين، يتم نقل رسالة محددة من حماس. وأشارت القناة الإسرائيلية إلى أن اختيار جباليا ومنزل السنوار ومخيم الشاطئ والميناء مواقع لتسليم المحتجزين لم يكن عشوائيًا، موضحة أن اختيار مواقع التسليم يؤكد قدرة حماس على السيطرة على هذه المناطق، رغم الضربات التي تلقتها.
ومن هنا يُمكنُنا القول إنَّه بالقدر الذي صمدت فيه المقاومة بالقليل من السلاح أمام جيش مُنظَّم مُزوَّد بأعتى الأسلحة وأحدث التقنيات على ما أصابها من ضربات موجعة، فقد كسبت المعركة الإعلامية التي لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية؛ وذلك أن إيصال عدالة القضية الفلسطينية للرأي العام العالمي، هو الذي سيدفع بها إلى الأمام، وسيُرجِّح كفتها مع الأيام، لما لقوة الإعلام من تأثير كسلاح مستقبلي فعَّال بلا منازع.
رابط مختصر