محلل إسرائيلي: غطرسة حكومة نتنياهو تهدد بسيناريو مظلم
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
في تحليل نشرته مجلة "ناشونال إنترست" الأميركية قال المحلل السياسي الإسرائيلي شالوم ليبنر إن الدمار الشامل الذي ألحقته هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بالقواعد والمستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة "امتد إلى تحطيم ثقة الإسرائيليين في مؤسساتهم العامة حتى بدت إسرائيل تائهة، وقد تخلت عنها قياداتها على ما يبدو في ذلك الوقت".
وبعد مرور عام على تلك الهجمات يرى ليبنر أن "مشاعر الإحباط وخيبة الأمل ما زالت تسيطر على أغلبية الإسرائيليين، إذ أصبحت وعود رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتحقيق نصر كامل على حركة حماس جوفاء، والإسرائيليون إما يشعرون بخيبة الأمل لأن تعهداته لم تتحقق أو أنهم لا يصدقون أن مثل هذا الإنجاز ممكن".
ويقول المحلل الإسرائيلي "في حين تتزايد خسائر الإسرائيليين في حرب غزة رغم الدمار الهائل الذي تلحقه إسرائيل بمدن القطاع وقتلها أكثر من 42 ألف فلسطيني -أغلبهم من الأطفال والنساء- تعيد حركة حماس تجميع صفوفها داخل المناطق التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي".
فرحة مؤقتةويستدرك قائلا "لكن الروح المعنوية المنهارة للإسرائيليين تلقت دفعة قوية يوم 17 سبتمبر/أيلول الماضي عندما تحول الاهتمام فجأة نحو لبنان بعد سقوط الآلاف من أعضاء حزب الله اللبناني العدو اللدود لإسرائيل بين قتيل وجريح بسبب تفجير متزامن لآلاف أجهزة النداء الآلي (البيجر) ثم مئات أجهزة الاتصال اللاسلكي (ووكي توكي) في اليوم التالي، وذلك في عملية استخباراتية محكمة".
ويضيف "رغم نفي إسرائيل الرسمي مسؤوليتها عن العمليتين فإن الجيش الإسرائيلي أعقبهما بسلسلة هجمات جوية أسفرت عن قتل كبار قادة الحزب اللبناني -وفي مقدمتهم أمينه العام حسن نصر الله– وشن عملية عسكرية واسعة على لبنان حملت اسم "الأسهم الشمالية"، مما أحيا شعبية بنيامين نتنياهو بين الإسرائيليين".
ويتابع ليبنر -الذي عمل خلال الفترة من 1990 إلى 2016 في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي مع 7 رؤساء وزارة متعاقبين- في تحليله "في حين لم تكن إسرائيل مستعدة للحرب ضد حماس في غزة فإنها كانت مستعدة بصورة أفضل للتعامل مع حزب الله، سواء على الصعيد العسكري أو الاستخباراتي، وهو ما أتاح لها توجيه ضربة قوية إليه".
وينبه قائلا "لكن هذا الارتفاع في الروح المعنوية للإسرائيليين وتفوقها في ساحة القتال ضد حزب الله قد يتضح فيما بعد أنهما مؤقتان، فلا يزال عشرات الآلاف من الإسرائيليين نازحين عن منازلهم الموجودة في مرمى نيران الحزب، ويمكن أن يزداد عدد النازحين الإسرائيليين إذا وسع حزب الله نطاق هجماته".
ويستشهد في ذلك بأن يوم 25 سبتمبر/أيلول الماضي "شهد قصفا صاروخيا غير مسبوق من حزب الله لتل أبيب، والحكمة التقليدية تقول إن الحزب لا يزال يحتفظ بترسانة صاروخية كبيرة يمكنه إطلاقها مع تقدم التوغل البري للجيش الإسرائيلي، والأخطر من ذلك أن إيران تجاوزت سريعا ضربات إسرائيل لحليفها حزب الله، وأغرقت إسرائيل بنحو 200 صاروخ باليستي في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري".
وحسب ليبنر في تحليله "تقف إسرائيل مرة أخرى في مفترق طرق، ففي حين يتزايد القصف الإسرائيلي في لبنان كجزء من محاولة معلنة لتعزيز خفض التصعيد من خلال التصعيد يمكن أن تمتد نيران تلك المواجهة إلى مناطق ساخنة مجاورة أخرى، لتصبح هذه الصيغة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لإسرائيل، خاصة بعد أن خرجت إيران من الظل لتدخل المعركة بشكل لا لبس فيه".
ومضى يقول "إن الخطأ في التقدير -سواء من جانب إسرائيل أو حزب الله- فيما يتصل بتصورات أو مسار المواجهة قد يؤدي إلى إشعال فتيل حرب شاملة على الجبهات المتعددة التي ذكرها نتنياهو مرارا وتكرارا، وهذا من شأنه أن ينذر بكارثة محتملة، ليس فقط بالنسبة لمواطني إسرائيل وبنيتها الأساسية، بل وأيضا بالنسبة لاقتصادها المتعثر بالفعل ومكانتها العالمية".
الموقف من الهدنةوعن احتمالات الهدنة، يقول "تطرح الدعوة -التي حولتها مجموعة من الدول بدعم من الولايات المتحدة في 25 سبتمبر/أيلول الماضي إلى هدنة مدتها 21 يوما على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية تنطلق منها المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى وقف دائم للأعمال العدائية -مسارا مختلفا للمضي قدما".
ويشير إلى أن الإسرائيليين "يترددون في المضي قدما في هذا المسار، لأن مثل هذه الهدنة من شأنها منح حزب الله وقتا ثمينا للتعافي وإعادة تكوين ترسانته المستنفدة، كما أن الاتفاقيات القائمة على الضمانات الدولية مثل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 -الذي نص على "إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني لا توجد فيها أسلحة غير تلك التابعة لحكومة لبنان وقوات اليونيفيل"- انتهكها حزب الله بشكل صارخ".
ويرى ليبنر أنه "في غياب الخيارات المثالية أصبحت حكومة نتنياهو -التي ما زالت شعبيتها متدنية إلى حد كبير بين الناخبين- في مواجهة قرارات عدة حرجة تؤدي إما إلى انتشال الإسرائيليين من كابوسهم الممتد أو جعل الوضع الحالي السيئ أشد سوءا، ويمكن أن تصبح إعادة سكان الشمال إلى ديارهم بأمان التي أضافتها الحكومة الأمنية الإسرائيلية إلى أهدافها الحربية في 17 سبتمبر/أيلول أقل مشاكل هذه الحكومة".
وفي تقييمه لتعامل نتنياهو مع المناقشات الأخيرة المتعلقة بالوقف المحتمل لإطلاق النار لمدة 3 أسابيع، يرى أنه "تعامل سيئ، ففي تكرار لخطوته الكلاسيكية أعطى نتنياهو موافقته على جهود التهدئة المبذولة، ثم استسلم للاعتراضات الصاخبة من شركائه في الائتلاف الحاكم والذين هددوا بإسقاط الحكومة، فسحب موافقته على جهود التهدئة".
ويضيف "كما أن الاحتكاكات الواضحة مع الولايات المتحدة بشأن الخطوط العريضة لردها المتوقع على الهجوم الإيراني يمكن أن تعرّض إسرائيل للخطر، وهي تفتقر إلى القدرة على التعامل مع التهديد الإيراني بمفردها".
ويقول ليبنر إن "إن مسار العمل الأكثر فاعلية لنتنياهو هو التعاون مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وبدء العمل البناء لصياغة نهاية مستدامة للعبة، بما يضمن المكاسب التي حققتها إسرائيل بشق الأنفس في ساحة المعركة، وينهي حروب الاستنزاف في غزة ولبنان، ويسهل عودة مواطنيها الأسرى والمهجرين إلى ديارهم".
ويشير إلى أن واشنطن وباريس من بين عواصم أخرى "سارعت لإرسال المساعدات إلى إسرائيل عندما أطلقت إيران أكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيرة، ولكن لن يكون لهذا الدعم بالإضافة إلى المساعدات المادية والدبلوماسية التي يقدمها الداعم لإسرائيل في البيت الأبيض نفس الأهمية إذا تدهورت الظروف ووجدت إسرائيل نفسها متورطة في قتال أوسع نطاقا وأشد ضراوة".
ويختتم تحليله بالقول "إذا قاد نتنياهو إسرائيل إلى هذا السيناريو المظلم بسبب غطرسة حكومته اليمينية بعد أن يكون قد أحرق كل الجسور مع أصدقاء بلاده فسوف يظل الإسرائيليون يشعرون بالحزن والإحباط لفترة طويلة قادمة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات غزة سبتمبر أیلول حزب الله
إقرأ أيضاً:
إعلام عبري: نتنياهو يعاقب سكان غزة بعد فشله في الحرب.. وسياساته تهدد حياة المحتجزين
«تهديد وحشد للقوات وتلويح بعودة الحرب، يصاحبها محاولات الالتفاف على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة».. أساليب مراوغة يتبعها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لتنفيذ خططه الساعية إلى استئناف حرب غزة وتقويض جهود الوسطاء، فضلا عن استمرار خداع الداخل الإسرائيلي.
عرضت قناة القاهرة الإخبارية، تقريرا بعنوان «تواصل مراوغات نتنياهو في تقويض جهود الوسطاء ومساعي إرساء السلام»، والذي سلّط الضوء على مراوغات نتنياهو وتصريحاته المستمرة بهدف تقويض جهود الوسطاء.
وبيّن التقرير أنّه رغم سريان المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار بعد 15 شهرا من العدوان على قطاع غزة، لا يكاد يمر يوما إلا ويخرج نتنياهو بتصريحات أو قرارات تقوض جهود الوسطاء ومساعي إرساء السلام وتهدئة حدة الصراع في المنطقة.
وذكرت صحيفة هارتس الإسرائيلية، أنّ نتنياهو قد شكل صورته السياسية خلال أكثر من عام على أنّه الضامن الأول لأمن إسرائيل، وبالتوازي تشير له الدوائر اليمينية المتطرفة بأن عودة القتال في غزة واستمرار تصعيد العملية العسكرية في الضفة الغربية، هما السبيل الوحيد لحفظ أمن إسرائيل من جانب ومستقبله السياسي من جانب آخر.
وأوضح التقرير أنّ هارتس ذكرت في أحد مقالاتها، أنّ حكومة نتنياهو رغم فشلها في استعادة المحتجزين خلال أشهر الحرب على القطاع، لجأت إلى اختلاق ذرائع للإجراءات العقابية التي اتخذتها مؤخرا ضد سكان غزة، وشملت إعاقة دخول المساعدات، وقطع الكهرباء عن غزة، ما يهدد بالأساس حياة بقية المحتجزين الذين ما زالوا هناك.
واعتبرت الصحيفة الإسرائيلية أنّ جميع الأطراف قد ضاقت ذرعا من أفعال نتنياهو وتعنته بما فيها الإدارة الأمريكية التي لجأت للمرة الأولى بإجراء مفاوضات مباشرة مع حماس بشأن اتفاق وقف إطلاق النار بعيدا عن تل أبيب.
اقرأ أيضاً«مركز بحثي»: نتنياهو يشعر بالقلق من أي حوار بين الإدارة الأمريكية وحماس
حكومة نتنياهو تحاول التنصل من اتفاق وقف إطلاق النار وتلوح بعودة القتال
حماس: ملتزمون بوقف إطلاق النار بغزة ونتنياهو يعرقل تنفيذ الاتفاق