جيل طفرة المواليد..هل يعيش لفترة أطول من الأجيال السابقة؟
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يتوقّع البعض أن يعيش جيل "طفرة المواليد" لفترة أطول من أسلافهم، لكن دراسة حديثة وجدت أنهم أكثر عرضة للمعاناة من صحة أسوأ من الأجيال التي سبقتهم.
وقد وجد باحثون في جامعة أكسفورد وكلية لندن الجامعية أن الأشخاص الذين ولدوا منذ عام 1945 يعانون من صحة أسوأ من الأجيال السابقة في العمر ذاته، ما أدى إلى ما يُسمى بـ"الانحراف الصحي الجيلي".
وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني، أوضحت المؤلفة الرئيسية للدراسة لورا جيمينو، وهي مرشحة الدكتوراه في كلية لندن الجامعية، لـCNN: "وجدنا أن جيل طفرة المواليد أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري، وارتفاع نسبة الكوليسترول، ومشاكل القلب، ومجموعة متنوعة من الحالات الصحية المزمنة الأخرى مقارنة بالأجيال السابقة في العمر ذاته".
وأضافت أنه كان هناك أيضًا القليل من الأدلة على التحسّن في معدلات الإعاقة.
وفحصت الدراسة، التي نُشرت في الدورية العلمية عن الشيخوخة "The Journals of Gerontology"، بيانات صحية جُمعت من أكثر من 100 ألف شخص بين عامي 2004 و2018.
وجاءت البيانات من بالغين تبلغ أعمارهم 51 عامًا أو أكثر في الولايات المتحدة، ومن هم في عمر الـ50 عامًا أو أكثر في إنجلترا وأوروبا القارية. وقد غطت عدة أجيال، بما في ذلك "الجيل الأعظم" (الذين ولدوا قبل عام 1925) وجيل "طفرة المواليد" (الذين ولدوا بين عامي 1946 و1959)، وفقًا للدراسة.
وفي جميع المناطق التي شملها الفحص، ارتفع معدل انتشار مرض السكري والكوليسترول، بينما زادت تشخيصات مرض السرطان، ومشاكل القلب، بشكل أكبر في إنجلترا وأوروبا القارية.
وخضع المشاركون لتحليل مؤشر كتلة الجسم، حيث وجد الباحثون أن السمنة المعدّلة بحسب العمر زادت في مجموعات ما بعد الحرب، باستثناء تلك الموجودة في جنوب أوروبا.
ووُجِد أن مستويات قوة القبضة، المستخدمة لقياس قوة العضلات الإجمالية وخطر الإعاقة، انخفضت في جميع أنحاء الولايات المتحدة وإنجلترا ولكنها بقيت كما هي أو زادت في بعض الأجزاء الأخرى من أوروبا.
وجاء في الدراسة: "من المرجح أن تعكس مثل هذه الاختلافات الإقليمية الاختلافات في التحسينات الغذائية والنشاط البدني".
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: إنجلترا
إقرأ أيضاً:
طفرة علمية تقرّب البشرية من حلم طاقة الاندماج النووي
في لحظة قد يصفها بعضهم بالثورية في مسار البحث عن مصادر طاقة نظيفة وآمنة، أعلنت شركة "تايب وان إنيرجي" نشرَ أساس فيزيائي شامل ومتماسك لأول محطة طاقة اندماجية تجريبية قابلة للتنفيذ الصناعي بحسب الشركة.
وجاء هذا التقدم غير المسبوق في سلسلة من ستة أبحاث علمية محكمة، نُشرت في عدد خاص من دورية جورنال أوف بلازما فيزيكس، الصادرة عن مطبعة جامعة كامبريدج، مما يضع حجر الأساس لأول مفاعل عملي بتقنية "الستيلراتور" يحمل اسم "إنفينيتي وان".
ويقول كريس هيجنا، المؤسس المشارك، ونائب رئيس شركة ستيلاريتور لتحسين الفيزياء، وأحد المساهمين في تطوير النموذج الفيزيائي الجديد، في تصريحات حصرية للجزيرة نت: "لطالما كان التغلب على الخصائص المعقدة لحالة البلازما لإتمام عملية الاندماج النووي هدفا بحثيا رئيسيا لكثير من المهتمين بالاحتواء المغناطيسي لعقود. يتميز الستيلراتور بين أجهزة الاحتواء المغناطيسي بتصميمه الخارجي الدقيق للمجال المغناطيسي اللازم لاحتواء البلازما".
تخيل أنك تضع مكعب ثلج في كوب ماء. بعد قليل، يذوب الثلج ويتحول إلى ماء، ثم إذا سخنت الماء، سيتحول إلى بخار. هذه كلها حالات مختلفة للمادة، الصلبة، والسائلة، والغازية. لكن، هناك حالة رابعة للمادة تسمى البلازما. ورغم أنك ربما لم تسمع بها من قبل، إلا أنها ليست غريبة أو نادرة، بل هي في الحقيقة الحالة الأكثر وجودًا في الكون، فالشمس والنجوم كلها تتكوّن من البلازما.
عندما نُسخّن الغاز إلى درجات حرارة هائلة تتخطى 100 مليون درجة مئوية، تتحول ذرات الغاز إلى حالة شديدة النشاط، لدرجة أن الإلكترونات الصغيرة داخل الذرات تنفصل عنها.
في هذه الحالة، لا يعود الغاز غازًا، بل يتحول إلى بلازما، وهي مادة مشحونة بالطاقة، ومليئة بالجسيمات شديدة السرعة التي تتحرك في كل اتجاه وتتصادم مع بعضها بعضا، وكأنها عاصفة نارية كهربائية. هذه البلازما هي ما نحتاجه لإنتاج طاقة الاندماج النووي، وهي نفس ما يحدث داخل الشمس!
إعلانفي هذه الحرارة العالية، تتمكن نوى ذرات الهيدروجين من الاندماج معًا، فتتحد نواتان صغيرتان لتكوين نواة واحدة أكبر، وهذا ما يُسمى الاندماج النووي. لكن المفاجأة، هي أن الكتلة النهائية للنواة الجديدة تصبح أقل قليلاً من مجموع الكتلتين الأصليتين! إذًا، أين ذهب فارق الكتلة؟
هنا تحدث المعجزة الفيزيائية، إذ تتحول الكتلة المفقودة إلى طاقة صافية، وفقًا لمعادلة آينشتاين الشهيرة (الطاقة تساوي الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء). بمعنى آخر، في كل مرة تندمج فيها ذرتان، يخرج منهما قدر من الطاقة، وكأنه انفجار متناهي الصغر، لكنه نظيف وآمن.
تسخير قوة النجوملكن تسخير البلازما ليس سهلا، بل يشبه أن تحاول حبس كرة من النار تدور بسرعة هائلة وتريد أن تبقيها في غرفة من دون أن تحرق الغرفة ودون أن تنطفئ، كيف ستفعل ذلك؟ هذا هو التحدي الذي يحاول العلماء حله باستخدام جهاز اسمه "الستيلراتور".
ويوضح هيجنا: "الستيلراتور هو جهاز يحاول إنتاج الاندماج النووي من خلال استخدام مجالات مغناطيسية مصممة بعناية. وقد صممنا أكثر من 150 ألف تكوين مغناطيسي واختبرنا خصائص البلازما الناتجة عنها باستخدام أدوات حسابية متطورة. وما توصلنا إليه في أبحاث مجلة فيزياء البلازما، هو تكوين واحد يحقق جميع المتطلبات من دون عقبات تقنية قاتلة".
الستيلراتور يشبه إلى حد ما كعكة دائرية ضخمة ملتفة ومعقدة، مصنوعة من مغناطيسات هائلة القوة، تُنتج مجالات مغناطيسية ضخمة. هذه المجالات تعمل مثل الأيدي الخفية التي تمسك بالبلازما وتتلاعب بها كالخباز الماهر الذي يتلاعب بالعجين، فتمنعها من الهروب أو لمس جدران الجهاز. وعليه، فإن نجاح الستيلراتور يكمن في الإبقاء على البلازما معلقة في الهواء باستخدام قوى مغناطيسية، حتى تندمج الذرات معًا وتُطلق طاقة هائلة.
يقول هيجنا: "الوقود المستخدم في الاندماج النووي وفير. فكما هو معروف، المصدر الأساسي للوقود هو نظائر الهيدروجين المتوفرة بكثرة، فضلاً عن أن نواتج الاندماج النووي غير ضارة، بعكس منتجات الانشطار النووي أو الفحم أو الغاز".
إعلانهذا التصور الجديد يفتح آفاقًا لتطوير مفاعلات اندماجية قادرة على العمل في استقرار وفعّالية، بما يضمن دمج النظرية والتطبيق في منظومة واحدة قابلة للتنفيذ.
تمثل محطة "انفينيتي وان" النموذج الأولي الذي تخطط الشركة لإنشائه بالتعاون مع هيئة وادي تينيسي للطاقة في الولايات المتحدة. وسيتم بناء المحطة في موقع محطة فحم قديمة، ما يمثل رمزًا لتحول تاريخي من الطاقة الملوثة إلى طاقة نظيفة.
يقول هيجنا: "مع أي تقدم تكنولوجي جديد، هناك دائمًا قدرٌ من عدم اليقين. ولعلّ التحدي الأكبر هنا يكمن في تكامل جميع الأنظمة المطلوبة للستيلراتور، بما في ذلك الفيزياء الأساسية للبلازما، وآلية التخلص من الحرارة والجزيئات، ونظام التوليد الذاتي للوقود، إضافة إلى ملفّات المغناطيس عالية الحرارة".
استند هذا الإنجاز إلى تعاون مكثف بين علماء من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك مختبر أوك ريدج الأميركي الذي قدم حواسيبه الخارقة لمحاكاة الخصائص الفيزيائية للتكوينات المغناطيسية، وعلى رأسها الحاسوب "فرونتير" المصنف ضمن أسرع الحواسيب عالميًا.
ويرى هيجنا، أن الوصول إلى هذه المرحلة لم يكن ممكنًا لولا ثلاثة تطورات أساسية أولاً، توفر تقنيات الموصلات الفائقة ذات درجات الحرارة العالية التي تسمح ببناء ملفات مغناطيسية قوية؛ وثانيًا، إثبات فعالية نهج الستيلراتور بمشروع فينديلشتاين 7-إكس في ألمانيا؛ وثالثًا، تطور النظرية والحوسبة الفيزيائية للبلازما، مما مكن الفريق من تصميم وتوقّع سلوك النظام بدقة.
اقتصاد الاندماجرغم أن الطاقة الاندماجية تعد أكثر تعقيدًا من حيث التصميم والتنفيذ، إلا أن الباحثين يؤكدون أهمية أن تكون مجدية اقتصاديًا مقارنة بمصادر الطاقة المتجددة التقليدية. ويؤكد هيجنا ذلك: "الجانب الاقتصادي للطاقة الاندماجية هو دافع رئيسي لتصميماتنا. من المهم أن يكون المنتج النهائي الذي تقدمه شركة تايب وان إنيرجي قابلًا للتطبيق اقتصاديًا".
إعلانلا يخلو طريق الاعتماد الواسع على الاندماج النووي من التحديات، خصوصًا من ناحية السياسات. ورغم أن بعض المنتقدين يرون أن الاندماج النووي لا يزال "على بُعد 30 عامًا" من الواقع، يرد هيجنا على هذا الادعاء بتأكيد واقعية الطموح الجديد، ويقول: "هدف شركة تايب وان إنيرجي هو إنتاج محطة اندماج تجريبية بحلول منتصف الثلاثينات. ولتحقيق الانتشار الواسع لهذه التقنية، سيكون من الضروري الحصول على دعم حكومي كبير".
يمكننا القول، إن الأبحاث التي نشرتها شركة تايب وان إنيرجي تُعدّ نقلة في مسيرة الاندماج النووي، ليس فقط لأنها تقدم نموذجًا نظريًا متينًا، بل لأنها تتجه نحو التنفيذ الواقعي، مدعومة بتكنولوجيا متطورة، وتعاون دولي.