كنت جالسا في ردهة الفندق في ابي ظبي ومرمسؤول الامن في الفندق بقامته المديدة . من العادة ان يوظفوا في امن الفنادق من ترتفع قامتم على الجميبع، حتى يكسبون احترام الناس وهيبتهم . عندما اقترب مني رجل الامن تلاقت نظراتنا فحياني واستفسر اذا كنت سودانيا ؟؟ قلت له اني سوداني ومن امدرمان. سألته وانت من وين ؟ قال لي بسرعة وهو يريد أن ينطلق لعمله من توتي قلت له.

.... أنت قريب استاذ بخين زكي. اتسعت عيناه وجلس بالقرب مني وقال ..... ايوة استاذ بخيت عمي ، لكن ليه ما قلتا لي كابتن امين زكي المعروف للجميع. رددها عدو مرات .
قلت له كابتن امين شخصيىة عظيمة واغلب السودانيين يعرفونه، المولم أن الناس قد نسيت البطل بخيت . اذكر ان كابتن امين زكي كان في بون في الستينات حوالى 1967وفي السفارة السودانية . على حائط غرف استقبال السفارة صور كبيرة عن السودان، احدها يمثل كابتن امين زكي ولاعب اوربي والكرة بينهما . بما اني مسكون بالتاريخ المحلي والأبطال الغير مصنوعين بالاعلام المسير ، المحاباة والتعصب، لهذانذكرامثال البطل بخيت . اذكر عندما عدنا الى امدرمان من استاد الخرطوم ونحن في غاية الحزن. بالرغم من وجودي مع عز الدين آدم حسين امام الاستاد منذ الثانية بعد الظهرلنجلس على موقع استراتيجي على حافة السور المحيط بالاستاد . كانت تلك المباراة التي توجت الهلال في بداية الستينات بكاس الدوري . كان لكابتن امين القدح المعلى في هزيمة المريخ . اذكر احد الهلالاب يصرخ مقلدا دعاية حبوب الصداع في الجريدة السينمائية التي تقول . لقد حان الوقت يا أمين لتتخلص من هذا الصداع . الهلالابي كان يردد كلمة المريخاب بدلا عن الصداع . ونحن نتألم .
الاستاذ بخيت زكي كان مدرسا في الجنوب في فترة انتفاضة الجنوب في اغسطس بسبب الظلم وغلطة حكومة الازهري . في تلك الظروف عمد بعض الجنوبيين خاصة وسط اللاتوكا في توريت بقتل الشماليين الابرياء، انتقاما لمذبحة الجيش بقيادة الملازم المقبول في انزارا في يوليو وسط الجنوبيين. المتظاهرون خرجوا عندما طرد من استلم الادارة من الشماليين بعد السودنه 300 من الموظفين والعمال في مزرعة القطن ومصنع النسيج . ثم وظفوا اهلهم بمرتبات الشمال التي اعلى كثيرا من مرتبات الجنوبيين . لجنة تقصي الحقائق بواسطة المحامي قطران، الاداري خليفة محجوب والسلطان لادو لوليك كشفوا اخطأء الحكومة الذي تبعته تفلتات من بعض الجنوبيين .
تم اخراج الاستاذ بخيت من وسط زملاءه الشماليين لان شكله ينسبه الى الجنوبيين . رفض الاستاذ وكان يتقدم الجميع ويقول لن تقتلوهم قبل ان تقتلوني انا . ارادوا جره رفض . اخيرا تراجع من كانوا يريدون القتل امام بطولة وشجاعة ذلك البطل . هل يوجد وسط هؤلاء الضباع البشرية ومن استباحوا توتي وسرقوا حتى الدواء من الاجزخانة ، هل فيهم من يقوم بمثل هذا العمل البطولي ؟؟؟
اقتباس من كتاب حكاوي امدرمان .
الاستاذ محمد حمزه طيب الاسماء كان ظابط مدرسة الاهليه في امدمان و هو من سكان توتي . و عدما اراد الانجليز تخطيط توتي ، رفض سكان توتي و كان الاستاذ طيب الاسماء علي راس اهل توتي في نقاشهم مع المفتش . و عندما احتد النقاش صفح الاستاذ المفتش الانجليزي ، يقال حتي طرحه ارضا . و لم يتعرض الاستاذ لاعتداء او اهانه و حكم عليه ببضعه شهور في السجن بتهمة التهجم علي موظف اثناء تادية الواجب .

نهاية اقتباس
عرفت من احد الاخوة هنا في السويدأن ناظرهم في مدرسة الخرطوم الثانوية كان الاستاذ طيب الاسماء الذي كان صديقا حميما لازهري . ومن الطرائف أن الناظر طلب من الفراش الدود نطافة الشباك بمناسبة زيارة ازهري وعندما عاد كانت ،، ضلفة ،، واحدة من الشباك نظيفة . الاجابة على سبب التقصير أن الدود قال بعد الضلفة الاولى ريقي نشف . الدود لم يفكر في الموية !!
.ولو حدث هذا في زمن الحكومات الوطنية خاصة الكيزان لتمت تصفيته . الانجليز لم ولن يكونوا ملائكة الا انهم على عكسنا يمارسون المعقولية ويلتزمون بالقانوا الدستور واللوائح , ونحن نتصرف بقانون الغاب والمخلب والناب .
السب الذي اغضب اهل توتي هو ان الانجليز قد اردوا تخطيط جزيرة توتي لان بينها وبين قصر الحاكم العام بضع مئات من الامتار . رفض اهل توتي وكانوا على استعداد للموت . وعندما ذهبوا الى مكتب المفتش اراد ان يمتطي سيارته ويذهب بعيدا استل احد سكان توتي سكينه ومزق الاطار. تدخل البوليس واستشهد احد ابناء توتي اسمه يوسف او محمد يوسف لست متأكدا . وتراجع الانجليز وتركوا اهل توتي في حالهم . اغلب اهل توتي قديما من المحس ،والمحس هم من النوبيين الذين تمتد حضارتهم الى آلاف السنين يرتبطون بالارض ولا يستبدلونها بمال الدنيا. لا يزال جرح اغراق خلفا يؤلم بعد كل هذه السنين .
توتي عرفت لاكثر من سبعمائة سنة . وقتها لم تكن الخرطوم سوى احراش وغابات سنط الخ . اهل توتي امتلكوا الجروف المزارع في الخرطوم البراري شمبات الخ . عرفنا ان الارض التي اقيم عليها القصرالجمهوري والمصالح الخ ملك لاهل توتي .
في الثمانينات كنت اشاهد ،،رفاسا ،،صغيرا عند الركن الجنوبي الشرقي لتوتي . عند السؤال ، سمعت انه لرئيس الجيش السوداني الذي يسكن توتي . عنما سألت لماذا لايسكن في القصور التي كان يسكنها الجنرالات ؟؟ كان الرد كان . ... انه الارتباط القوي بتوتي . ..... ناس توتى ما بيبدلوا سكن توتي بالقصور . واذا سكنوا خارج توتى لاينقطعون عن توتي .
عندما وصلت الى المشرع في الصباح وجدت اكثر من رسالة بالاتصال بالرجل اللطيف المهذب الحاج خوجلي ... مهم جدا . عند البحث عرفت انه في الطرفة التي تواجه القصر الجمهوري. الطرفة شجيرات قد تكون اعلى من قامة الانسان دائمة الخضرة لها اوراق ابرية . الطرفة تساعد في تماسك التربة وبناء الجزر في النيل . مع الشديدة وهى شجيرات صغير ،، تبس ،،ونباتات اخرى تساعد الطرفة . الشديدة من اقوي النباتات البعض يصنع منها حبالا خاصة .
المشوار الى الطرفة الشرقية كان متعبا وبعيدا . اذكر ان الاخ حميدة كان يزرع ذلك الجزء . وعندما وجدت الحاج خوجلي وضح انه كان يريد أن يعيد لى خمسة قروش . القصة انني اردت ان اشتري 100 ليمونة لتوزيعها على الاهل والاصدقاء والبعض يعصر ويحتفظ به في زجاجات . استلم مني الحاج الذي ذكراه وشقيقه عبد الواحد تملأ عيني بالدمع ، مبلغ 40 قرشا وقال انه سيترك الليمون في المشرع . الحاج اوضح لى انه قد دفع 35 قرشا من صاحب المزرعة بسبب تغير السوق ، وهو لا يريد ان ينام ومال الناس في بطنه والدنيا ما معروفة .
عرفت من سالتهم عن الحاج خوجلي واهل توتي ، ان الحاج قد صار صاحب دكان بدلا عن الخضار والحمار . وواصل الحاج خوجلي امانته لطفه وطيبلة طويته . اين الجنجويد ومن استباح توتي من امثال الشرفاء من اهل توتي .
في احد الايام قلت للحاج خوجلي مبارك بسطاوي وأخرين ، انني ادعوهم للفطور في منزلنا بعد بيع الخضار في سوق امدرمان . اخبرت والدتي بالضيوف . تم فتح الصالون ومدت مائدة بنفس الطريقة التي كان والدي يقابل بها ضيوفه .
بعد الافطار قال لى الرجل الشهم الحاج ... انت يا شقي الخال وكت ساكن كدي الجابرك شنوا على الشقاوة والبهدلة في الجزاير ؟؟؟ وبعدين كان عزمتنا تاني حديدكم ده ما تجيبوه بيعطلنا ساي .كان يقصد السكاكين الملاعق والشوك . داك كان زمنا سمح .
عندما كتبت عن النشالين الحرامية الرباطين اهل كسر الخزن والكسر المنزلي في امدرمان تذكرت اللص الوحيد الذي ازعج جزيرة توتي التي عاشت في أمن وامان ، لم تعرف الجريمة الا ما ندر . اذكر عبد الواحد شقيق الحاج خوجلي يقول لي لو بت صغيرة في توتي طعنتها شوكة كلنا بنعرف .

اقتباس

لقد افردت فصلاً كاملاً فى كتاب حكاوى امدرمان ، تحت عنوان جامعه توتى . اهل توتى عمروا امدرمان خاصه منطقه بيت المال وحى الملازمين . وعن طريق اخى واستاذى مبارك بسطاوى رحمه الله عليه الذى كان مزارعاً يزرع الخضار والبطيخ والشمام . ثم صار ريساً لمعديه توتى . بعد الريس العملاق عمر والريس مرغنى الذى يحمل شلوخ الشايقيه وهو من ود راوه . وعلى يد الريس ميرغني تعلمت تشغيل المعديه وفى بعض الاحيان كنت اكون ريساً لوحدى , كان هذا اكبر شرف فى حياتى ان اكون ريساً وانا فى الثامنه عشر من عمرى .
ارتباطى باهل توتى تواصل عن طريق الكثيرين ، منهم الابن عمر بسطاوى الذى كان هنا لدراسات عليا فى السويد و ( أبى ). بضم الالف الذى اكمل دراسته العليا فى السويد وهو الآن فى اسبانيا . والفنان الدبلوماسى عبد العزيز خطاب فى هولندا الذى كنت فى زيارته هذا الصيف .
فى احدى الامسيات ركب معى العم بدوى فى المعديه ولاننى كنت اعرف انه عم صديقى واستاذى رحمه الله عليه مبارك بسطاوى وشقيق العم بسطاوى هو صاحب المعديه . وصاحب المعديتين بين توتى وبحرى ، فتفاديت ان اطلب منه اجر المركب الا انه نادانى واعطانى النقود . العم بدوى لم يكن ضخم الجسم ولكن كان رجلاً قليل الكلام بعينين يشع منهم بريق ويعكسن الشجاعه وقوه الاراده . واحسست انه رجل حقانى .
من بعض الركاب وروايات اهل توتى منهم الاخ الحاج خوجلي وشرف ،،حريقه ،، ، وابو دبوره وخوجلى ( رجلان ) سمعت بقصه الصوفى حرامى المعيز، كما كانوا يسمونه . الصوفى تخصص فى سرقه المعيز من توتى وعرف بأنه من( حلب امدرمان) . كان يحضر فى الليل بسرتق حراز ، السرتق هو القارب الصغير والحراز خشب خفيف على عكس السنط الخشب القوى . والصوفى كان يخبى السرتق . ويقوم بسرقه الاغنام التى كانت تنام خارج البيوت وقد يسرق الخرفان لانها اعلى قيمه من الاغنام . فالغنمايه كانت تباع حوالى الاثنين جنيه والخروف يباع باربعه الى خمسه جنيهات .
الفترة المفضله عند الصوفى كانت فترة الشتاء وعندما تغلق النوافذ ويتجنب الناس الخروج بعد منتصف الليل . وكان يحمل المعيز والخراف الى مركبه ويقوم بربطها ثم يحضر ويأخذ غنائم جديده . وقد يختفى عدد من الاغنام فى ليله واحده . وتعب اهل توتى . فبعض العوائل كانت تستيقظ لحلب الغنمايه وصنع الشاى حتى ينطلق الصغار للمدارس او الكبار لعملهم فى المزارع او الوزارات والمصانع فى الخرطوم وبحرى .
وتربص اهل توتى بحرامى المعيز كما كانوا يسمونه . الا انه كان يغير اماكنه . ففى بعض الاحيان يأتى من منطقه بحرى وفى بعض الاحيان يأتى من المنطقه الجنوبيه منطقه الكمائن . وفى احد المرات كاد ان يمسك به ، لانه كان يحمل غنماية على اكتافه وركض بها وكأنها دجاجه وقذف بها فى السرتق بسرعه . والقم النيل المدراه بسرعه ، ثم واصل تجديفه منطلقاً بغنائمه .
وتواصلت غارات الصوفى على توتى الى ان اتت نهايته على يد العم بدوى . فلقد تربص به ، وبالرغم من ضخامه وقوة الصوفى قفز العم بدوى على ظهره وطرحه ارضاً وتصارعا على الارض مدةً الى ان لحق به بعض اهل توتى .
الصوفى كان يتزود بسلاح جد مبتكر. فكان عادةً يحمل فى يده ثلاثه او اربع حجاره . وعندما يقترب منه احد المطاردين كان يلتفت اليه بسرعه وبتصويب محكم يشج رأس المطارد او يصيبه بضربه فى صدره او على اسنانه تعيقه من المطارده . ولهذا كسب عداء الجميع . وكان لبعض الرجال ثأر مع الصوفى . وكان يعنى تحدياً ، واهانه لاهل الجزيره ، فما ان وقع الصوفى فى قبضه العم بدوى حتى اخرج احد الرجال منقاشاً . والمنقاش عادةً ينتهى بابره طويله فى شكل مسله لاخراج الشوك من ارجل الرجال . والمنقاش للامساك برأس الشوكه . وأسوأ الشوك هو شوك الكتر لانه يدخل بطريقه معوجه فى القدم فهو يشبه الخطاف .
وانتهت مسله ذلك المنقاش فى جسم حرامى المعيز . وارسل العم بدوى لاحضار سرجه . كان وقتها يمتطى بغلاً والبغال تحمل عادةً اكثر من الحمير ، وتستعمل خاصه لنقل الخضار الثقيل من البطيخ والشمام الذى لا تستطيع الحمير ان تحمله مع الراكب . ووضع العم بدوى سرجه على ظهر الصوفى وركبه كالحمار .
وطلب العم بدوى من البنات ان يدقوا الدلوكه والشتم . والبس الصوفى الحقو الذى تلبسه العروس تحت ثيابها للرقص . ورقص الصوفى طيله اليوم . ولقد سألت بعض اهل امدرمان عن الصوفى . ولكن سيرته انقطعت بعد حفله الرقص . ويبدو انه قد ترك امدرمان . وسمعت انه كان من الاخوه اللذين اتوا من مصر وعملوا فى صيد السمك . ولكن يبدو ان الصوفى كان يبحث عن دخل سريع . فلقد كان يكسب فى ليله واحده ما يكسبه صائد السمك فى شهر . وسرقه المعيز والفراخ لم تكن من الاشياء المشرفه

نهاية اقتباس
الصوفي حرامي المعيز كان يعتبر كارثة وقتها الى أن اتى القتلة حرامية القرى والمدن وكل الوطن وهذا يشمل حتى الجيش جهاز الامن الى آخر المجرمين . كل من بدأهذه الكارثة هم الكيزان وحليفتهم الطائفية .
شوقي

shawgibadri@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: انه کان

إقرأ أيضاً:

(توتي) جزيرة برائحة الموت وإمتهان الإنسانية.. تستغيث بالعالم

منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة
اعداد وتحرير : مركز الالق للخدمات الصحفية
تقرير : سمية المطبعجي

الخرطوم : 11 اكتوبر 2024 - جاهداً يحاول (كامل) اختلاس النظر من خلف باب منزله آملاً في خلو الطريق من أفراد الدعم السريع بسياطهم عله بفلح في الخروج بحثاً عن شربة ماء وعيدان أشجار يوقدها لإعداد شئ من ما تبقى من دقيق لإطعام أطفاله الجوعى. فيما يركض (عبد الدائم) متسللاً بحذر عبر الطرقات محاولاً الوصول إلى صيدلية المنطقة الوحيدة والمنهوبة، طامحاً في الحصول على قنينة محلول وريدي وحبات (بندول) علها تجدي في تسكين ما ألم بزوجته وإبنه من حمى أعيت أجسادهم الهزيلة وتكاد تلحق بهم بالعشرات من سكان الجزيرة الذين قضوا جرائها خلال أيام .

مشاهد يصعب إستيعاب حدوثها داخل (جزيرة توتي) المحاطة بالخضرة والماء والزرع والضرع، الجزيرة التي تتوسط مدن العاصمة الخرطوم الثلاث وإحدى مصادرها الأساسية لمدها بالخضر والفاكهة والمنتجات الزراعية ويحفها النيل.



" إذا لم تنقذونا سيموت أهل توتي بالكامل خلال أيام .. الاوضاع أسوأ من كل ما يخطر على بال ". عبارة واستغاثة وردت من أحد سكان الجزيرة المنكوبة وتضمن معناها العديد من رسائل الاستغاثات التي خرجت وتعالت مؤخراً من داخل الجزيرة التي تتعرض لحملة إنتقامية من أفراد الدعم السريع، عبر البيانات والرسائل الصوتية لمن استطاع سبيلا.
في رسالة صوتية تكاد تلمس الإنهاك والجوع والعطش في صوت وكلمات محدثها " جنود من الدعم السريع فارون وأضعافهم قادمون إلى داخل الجزيرة . قدموا يحملون القسوة والإرعاب والتجويع حتى الموت.. وجوه جديدة من الدعم السريع دخلت الجزيرة . إنتشرت في الطرقات يحملون السلاح والسياط والعصي، يضربون كل من سولت له نفسه الخروج في الطرقات .. دخلوا البيوت ونهبوها ، يطالبون بالمال والذهب ويتبعون مطلبهم ضربا دون رحمة دون تمييز بين رجل وإمراة إنتهاء بعبارة (خلو الجيش ينفعكم) .. تلك عادة اصبحت كل يوم .. "

الخوف والرعب أصبح الصفة المسيطرة على على سكان الجزيرة خوفا من ردات إنتقامية. بعض من حدثونا غلب عليهم الحذر خوفاً من كشفهم . قالت محدثتنا التي تمكنت من الخروج قبل أشهر الى خارج الخرطوم تاركة خلفها الأهل والجيران " منذ عبور الجيش نحو الخرطوم دخلت اعداد كبيرة من جنود الدعم السريع، نهبوا المحال التجارية ومنعوا دخول السلع التي كان يسيطرون على دخولها، اوقفوا (التكايا) التي أصبح السكان يعتمدون عليها في إطعامهم .. نفذ الوقود ، اصبح الوصول للماء والحصول على الحطب مستحيلاً بعد منع الناس من الخروج الي الشوارع وإلا تعرضوا للضرب والقتل ... إعتدوا على رجل وإمرأة داخل منزلهم ضربا بالجنازير وتركوهم بين الحياة والموت .. اصبحوا أكثر شراسة .. نهبوا الصيدلية الوحيدة وافرغوا المحاليل الوريدية على الأرض .. الغالبية مصابة بحمى مجهولة أودت بحياة الكثيرين ، إثنين وثلاثة أشخاص من أسرة واحدة يموتون، إخوة، أب وأم، بعد أن عز عليهم الحصول على حبة (بندول) واحدة ويفارقون الحياة خلال أيام قليلة .." .

تتواصل أصوات استغاثات مبحوحة أرهقها الجوع والعطش والمرض محاولة تخطي الخوف وربما تكون تلك آخر كلماتهم ما لم يدركهم العالم " تسللت نحو الصيدلية في رحلة ممذوجة بين البطولة والتهور، حملت في طريقي رجاءات الجيران ووصايا من علم عن ذلك الخروج ، باستجلاب المحاليل الوريدية و(البندول) والتي اصبحت حاجة ماسة لكل بيت، حال افلحت ونجوت في رحلتي لمنزل مسؤولة الصيدلية ، لكني لم أجد شئ ، نهبت الصيدلية ولم يستبق التخريب منها شيئاً .. يموت كل يوم نحو ثلاثة أشخاص من حولنا، نجازف للخروج لدفن المتوفين القليل من أشخاص المقربين .. نمر بمشاهد مواطنين ملقيين أرضاً يصطلون بسياط جنود الدعم .." .

لاء ماء ولا طعام ولا كهرباء ولا كرامة ولا حرية في أدنى صورها ، بقعة من أرض انتفت فيها مظاهر الإنسانية قالتها محدثتنا من سكان الجزيرة الصغيرة المنكوبة . حتى فرص الخروج مقابل المال الذي كان يدفع (للعمد) التابعين للدعم السريع أصبحت معدومة، فلا خروج من المنازل ناهيك من عبور الجسر خارج الجزيرة. لتصبح الجزيرة سجن كبير تنتفي فيه مقومات الحياة والكرامة، ينتظر سجناءه الإعدام الذي ينفذ تباعا جوعا وعطشا ومرضاً حتى الموت. لا إبار تتوسط الأحياء بعد أن منع السكان من الوصول الى النيل للحصول على الماء ، تلاشى المركز الصحي والصيدلية الوحيدة بامكاناتهم المتواضعة والمتاجر التي يتحكم الدعم السريع في دخول المواد والسلع إليها وفق ما يرى منذ سيطرته على الجزيرة لأكثر من عام، في حال جعل اصبح فيه كل ذلك من الامنيات، أما الكهرباء فتلك ذكرى من ماض بعيد. لا شئ في الجزيرة الخضراء سوى رائحة الموت وإمتهان الإنسانية في أسوأ صورها والمنع من كل أسباب الحياة في إنتظار إستجابة العالم لأصوات إستغاثات بُحّت .

ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني

#ساندوا_السودان
#Standwithsudan

 

مقالات مشابهة

  • يظن الجنجا المحاصرين في كورينثيا أن خلاصهم في التسلل إلى توتي
  • تدهور الأوضاع في «توتي» و الدعم السريع يشترط فدية لمغادرة الجزيرة
  • توتي دائما في الخاطر
  • توفي غرقا في واد.. العثور على جثة الضحية الثاني ببشار
  • توفي غرقا في واد.. العثور على جثة الضحية الثانية ببشار
  • الحاج حسن: أهالينا سيعودون إلى قراهم رافعين راية النصر
  • (توتي) جزيرة برائحة الموت وإمتهان الإنسانية.. تستغيث بالعالم
  • خلال جنازته عاد إلى الحياة!
  • «توتي» جزيرة برائحة الموت وإمتهان الإنسانية.. تستغيث بالعالم