أطلق مركز الأزهر العالمي للفلك الشَّرعي وعلوم الفضاء بمجمع البحوث الإسلاميَّة، اليوم بمركز الأزهر للمؤتمرات، مبادرةَ (بالإنسان نبدأ.. بناء الإنسان وصناعة الحضارة)، برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيِّب، شيخ الأزهر الشَّريف، وإشراف: فضيلة أ.د. محمد الضويني، وكيل الأزهر ورئيس مركز الأزهر العالمي للفلك الشَّرعي وعلوم الفضاء، والأنبا ارميا رئيس المركز الثقافي الأرثوذكسي، وفضيلة أ.

د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة ونائب رئيس المركز.

لو كنت طالب علم.. ترشيحات ذهبية من علماء الأزهر لكتب يجب أن تقرئها "خريجي الأزهر" بالمنيا تشارك في المبادرة الرئاسية “بداية جديدة لبناء الإنسان”

وقال فضيلة أ.د. محمد الجندي: إن بناء الأوطان كما يكون بالبناء الحضاري والتعمير والإنشاءات، لا ينفك عن بناء الإنسان ذاته، جسدًا وروحًا، فكرًا واعتقادًا، سلوكًا وثقافةً، فنًّا وفلسفةً، إلى آخر ذلك من جوانب بناء الإنسان المختلفة، بل لن يتأتى أي من البناء المادي إلَّا ببناء الإنسان أولًا. 

وأضاف د. الجندي أنَّ هذا المفهوم حاضرٌ وواضحٌ في منهج الإسلام؛ فرسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يبني الدولة في المدينة وعلى مدار أكثر من عقد من الزمان، بنى جيلًا قامت على كاهله مسئولية بناء الدولة والحفاظ على الدِّين، وتعزيز الانتماء إليه، وإلغاء العصبيات الجاهلية؛ ممَّا شكَّل مجتمعًا إسلاميًّا قويًّا، والقرآن المكي له سمات واضحة في بناء الإنسان بناءً عقديًّا وسلوكيًّا يقيم فيه الأدلة والبراهين التي يحتاجها المسلم في عرض عقيدته والدفاع عنها أمام المخالف أو المشكك، فضلًا عن عرض تجارِب الأمم، لا سيما تلك الأمم التي أرادت هدم الإنسان وقلب الفطرة الإنسانية، ولنا في قصة قوم لوط الدروسُ الناطقةُ بأنَّ أيَّة محاولة لهدم الإنسان وتنكيس فطرته ستقابل بعقوبة إلهية لمن أراد أن يهدم بنيان الله المُكرم.

وأوضح الأمين العام أنه حين نتأمَّل هذا الأثر النبوي الشريف الذي قيل فيه: «إنَّ هذا الإنسانَ بنيانُ اللَّهِ فملعونٌ مَنْ هدم بنيانَه»، نلحظ فيه أنه كما يتوعد هؤلاء الذين يريدون هدم الإنسان، فإنه يحمل في طياته بدلالة المخالفة أن من يعمل على المحافظة على بنيان الله فله الرحمة والخير، بل نجد في القرآن أن إحياء النفْس الإنسانية إحياء للبشرية كلها، مشيرًا إلى أنه إسهامًا من مجمع البحوث الإسلامية في المبادرة الرئاسية (بداية جديدة لبناء الإنسان)، يأتي هذا الملتقى العلمي، وذلك بالتعاون بين مركز الفلك والمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي ولجنة الشباب ببيت العائلة المصرية، وذلك تحت عنوان: «بالإنسان نبدأ... بناء الإنسان وصناعة الحضارة - نحو تكامل العلوم والقيم، بناء الإنسان في ظل التحديات الحديثة»، أُعلن فيه أننا في مجمع البحوث على أتم الاستعداد للمشاركة في هذا البناء الفكري والثقافي سواء من خلال وعاظ الأزهر الشريف أو لجان الفتوى أو مجلة الأزهر، وغير ذلك من مطبوعات المجمع أو ندواته التثقيفية، نمد أيدينا لكل من يريد نفع الإنسان وهدايته إلى ما فيه خيرا الدنيا والآخرة. 

وأكَّد فضيلته أنَّ دلالات كلمة (بناء) توحي بعمل تركيبي يحتاج إلى وقت ومجهود ومكونات، وأحد أهم مكونات بناء الإنسان هو (الدين)؛ لذا ظهر في عالمنا اليوم العديد من الدعوات الإلحادية والنزعات التشكيكية، ليس بغرض هدم دين من الأديان أو أمة من الأمم فحسب، وإنما القضاء على الدين يعني القضاء على الإنسان والإنسانية؛ إذْ يفقد المعنى من وجوده والغاية التي يحيا لأجلها، فضلًا عن الإيمان الذي يدفع الناس للإقبال على الحياة والعمل والمراقبة وابتغاء الثواب وخوف العقاب، إلى غير ذلك مما لا يستغني عنه الإنسان. 

وتابع نائب ئيس مركز الأزهر العالمي للفلك الشَّرعي وعلوم الفضاء أنَّ ثاني ما نريد بناءه في الإنسان هو بناء منظومة القيم والأخلاق الإسلامية والإنسانية التي يتعامل بها الإنسان في تعامله مع أخيه الإنسان، بل ويحتاجها في عَلاقته بالله وبالكائنات من حوله، ولا أعرف زمانًا واجهت فيه الأخلاق والقيم تحديات كهذا الزمن الذي لا تخجل فيه بعض الفئات من التصريح بالشذوذ، والدعوة إليه، والزعم أنه أمر طبيعي جُبل عليه الإنسان، في تعمية للحق وتنكُّر لما أثبته العلم، هذا غير ما يملأ مواقع التواصل الاجتماعي من دعوات هدامة تستهدف القيم والأخلاق والأسرة واللغة والعادات والتقاليد.

ولفت الدكتور الجندي إلى أنَّ ثالث ما نريد بناءه في الإنسان عمومًا والإنسان المصري خصوصًا هو التمسك بوطنه وهُويته وثقافته، هذا الانتماء والتمسك الذي كان إحدى ركائز نصر أكتوبر المجيد عام 1973م، والذي نحتاج أن نستثمر ذلك في استشراف دروسه، لا سيما في ظل أوضاع إقليمية صعبة، وعدو لا يتورع عن سفك دماء الأطفال والنساء والأبرياء، وتوسيع حالة الصراع، وإدخال المنطقة في حالة من عدم الاستقرار، ومع ثقتنا في قوة وطننا وقدرته على تجاوز هذه الأزمات نحتاج إلى حالة من الاصطفاف الوطني والوعي التام بما يحدث حولنا؛ ولذا جاءت هذه المبادرة. 

واختتم الأمين العام كلمته بالإشارة إلى أهداف المبادرة، التي منها: خَلْق أجيال صحيحة رياضية تتمتع بالثقافة وتحافظ على القيم والأخلاق والمبادئ بدعم الأزهر والكنيسة والأوقاف، وخَلْق أجيال قادرة على الإبداع والابتكار والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، مؤكدًا حرص الأزهر الشريف بقيادة وتوجيهات صاحب الفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبإشراف ومتابعة فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر على المساهمة في كل ما من شأنه أن يسهم في بناء الإنسان، وتحقيق مقاصد التشريع، وإدراك مقاصد الخلق، وصولًا للتعاون الإنساني المنشود والعيش المشترك وإشاعة روح السلام في العالَم.


 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: امين البحوث الإسلامية شيخ الأزهر بناء الدولة في المدينة بناء الإنسان مرکز الأزهر الأزهر الش

إقرأ أيضاً:

لأوَّل مرة.. جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم للجمهور مجلة الحكمة الإسلامية 

يقدِّم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56، لزوَّاره مجلة «الحكمة الإسلامية»، العدد الأول، وهي مجلة علميَّة دوليَّة محكمة تصدر عن مركز الإمام الأشعري بالأزهر الشريف.

مجالات العقيدة والفلسفة وأصول الدين

وتهدف المجلة للمساهمة في نشر الفكر الوسطي، وتحريك البحث العلمي في الدراسات الإسلامية والفلسفية، فتعمل على نشر الدراسات العلمية الرصينة في مجالات العقيدة والفلسفة وأصول الدين، والدراسات في العلوم الأصيلة الأخرى (اللغة العربية - الشريعة) التي تسلِّط الضوء على جهود أهل السنة وإسهاماتهم فيها لتكون همزةَ وصل للمختصين، ونافذة للتجديد والإبداع.

كما تهتم المجلة بتراث أهل السنة والجماعة وتعزيز فرص المزيد من التأمل والبحث والدراسة، وخاصة تراث الإمام أبي الحسن الاشعري ومدرسته، كما تصحِّح المجلة المفاهيم المغلوطة التي يقدمها البعض عن عقيدة أهل السنة والجماعة، وترد على الافتراءات والشبهات المعاصرة المثارة من خصوم أهل السنة والجماعة، ومناقشتها ومعالجتها موضوعيًّا، طبقًا لمنهج البحث العلمي المعتمد، بالإضافة إلى تقديم مراجعات نقدية للدراسات الغربيَّة في المجالات الكلاميَّة والأصوليَّة والفلسفيَّة.

ومن أهم الموضوعات التي تستهدفها المجلة: البحوث الكلامية، الفكر والفلسفة، الدراسات الاستشراقية، الدراسات الإسلامية؛ من حيث ارتباطها بفكر أهل السنة والجماعة بما يشمل ( اللغة -الأصول - الشريعة - التاريخ - الفلسفة).

افتتاحية العدد بقلم الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر

وتحتوي المجلة في عددها الأول على المباحث التالية: افتتاحية العدد بقلم الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، كلمة رئيس التحرير، بقلم الدكتور حسن الشافعي، الإشهاد الإلهي والمعرفة الفطرية، بقلم الدكتور طه عبد الرحمن، التكامل المعرفي بين العقيدة والشريعة عند أهل السنة، بقلم الدكتور محمد الضويني، أثر المجاز في فهم النصوص الموهمة للتشبيه، بقلم الدكتور سلامة داود، المذهب الأشعري.. معالمه وخصائصه، بقلم الدكتور نظير عياد، الحكمة في سورة «الجمعة»، بقلم الدكتور محمد عبد الحليم، تتبع الدراسات الغربية المعاصرة في علم الكلام السني: الأبعاد الفلسفية والصوفية والعقلانية، بقلم د. بدر الدين إسماعيل، علم الكلام الإسلامي والعلوم المعاصرة: قضايا تتعلق بقراءتنا للقرآن، بقلم الدكتور إيريك جوفروا.

ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56، وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام.

ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم «4»، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

مقالات مشابهة

  • أبواليزيد سلامة: العملات المشفرة مخالفة للشريعة الإسلامية .. وتهديد اقتصادي وأخلاقي
  • الدكتور أبو اليزيد سلامة: العملات المشفرة مخالفة للشريعة الإسلامية وتمثل تهديد اقتصادي
  • عالم أزهري: العملات المشفرة مخالفة للشريعة الإسلامية وتمثل تهديدا اقتصاديا وأخلاقيا
  • مدير عام المخطوطات بمكتبة الإسكندرية يزور جناح المجلس الأعلى للشئون الإسلامية
  • أستاذ بجامعة الأزهر: الابتلاءات فرص كبيرة للخير والبركة
  • أمين البحوث الإسلامية: وصف ربنا للرسول بالعبودية أخرجه من حيز القدرة البشرية
  • مؤسس الإغاثة الإسلامية يتحدث للمقابلة عن تحديات العمل الإنساني
  • البحوث الإسلامية: الإسراء والمعراج كلها دروس عقدية وأخلاقية وسلوكية
  • لأوَّل مرة.. جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم للجمهور مجلة الحكمة الإسلامية 
  • رسالة إلي أمين حسن عمر وقيادات الحركة الإسلامية