أمين «البحوث الإسلامية»: بناء الأوطان لا ينفك عن بناء الإنسان
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
أطلق مركز الأزهر العالمي للفلك الشَّرعي وعلوم الفضاء بمجمع البحوث الإسلاميَّة، اليوم بمركز الأزهر للمؤتمرات، مبادرةَ (بالإنسان نبدأ.. بناء الإنسان وصناعة الحضارة)، برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيِّب، شيخ الأزهر الشَّريف، وإشراف: فضيلة أ.د. محمد الضويني، وكيل الأزهر ورئيس مركز الأزهر العالمي للفلك الشَّرعي وعلوم الفضاء، والأنبا ارميا رئيس المركز الثقافي الأرثوذكسي، وفضيلة أ.
وقال فضيلة أ.د. محمد الجندي: إن بناء الأوطان كما يكون بالبناء الحضاري والتعمير والإنشاءات، لا ينفك عن بناء الإنسان ذاته، جسدًا وروحًا، فكرًا واعتقادًا، سلوكًا وثقافةً، فنًّا وفلسفةً، إلى آخر ذلك من جوانب بناء الإنسان المختلفة، بل لن يتأتى أي من البناء المادي إلَّا ببناء الإنسان أولًا.
وأضاف د. الجندي أنَّ هذا المفهوم حاضرٌ وواضحٌ في منهج الإسلام؛ فرسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يبني الدولة في المدينة وعلى مدار أكثر من عقد من الزمان، بنى جيلًا قامت على كاهله مسئولية بناء الدولة والحفاظ على الدِّين، وتعزيز الانتماء إليه، وإلغاء العصبيات الجاهلية؛ ممَّا شكَّل مجتمعًا إسلاميًّا قويًّا، والقرآن المكي له سمات واضحة في بناء الإنسان بناءً عقديًّا وسلوكيًّا يقيم فيه الأدلة والبراهين التي يحتاجها المسلم في عرض عقيدته والدفاع عنها أمام المخالف أو المشكك، فضلًا عن عرض تجارِب الأمم، لا سيما تلك الأمم التي أرادت هدم الإنسان وقلب الفطرة الإنسانية، ولنا في قصة قوم لوط الدروسُ الناطقةُ بأنَّ أيَّة محاولة لهدم الإنسان وتنكيس فطرته ستقابل بعقوبة إلهية لمن أراد أن يهدم بنيان الله المُكرم.
وأوضح الأمين العام أنه حين نتأمَّل هذا الأثر النبوي الشريف الذي قيل فيه: «إنَّ هذا الإنسانَ بنيانُ اللَّهِ فملعونٌ مَنْ هدم بنيانَه»، نلحظ فيه أنه كما يتوعد هؤلاء الذين يريدون هدم الإنسان، فإنه يحمل في طياته بدلالة المخالفة أن من يعمل على المحافظة على بنيان الله فله الرحمة والخير، بل نجد في القرآن أن إحياء النفْس الإنسانية إحياء للبشرية كلها، مشيرًا إلى أنه إسهامًا من مجمع البحوث الإسلامية في المبادرة الرئاسية (بداية جديدة لبناء الإنسان)، يأتي هذا الملتقى العلمي، وذلك بالتعاون بين مركز الفلك والمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي ولجنة الشباب ببيت العائلة المصرية، وذلك تحت عنوان: «بالإنسان نبدأ... بناء الإنسان وصناعة الحضارة - نحو تكامل العلوم والقيم، بناء الإنسان في ظل التحديات الحديثة»، أُعلن فيه أننا في مجمع البحوث على أتم الاستعداد للمشاركة في هذا البناء الفكري والثقافي سواء من خلال وعاظ الأزهر الشريف أو لجان الفتوى أو مجلة الأزهر، وغير ذلك من مطبوعات المجمع أو ندواته التثقيفية، نمد أيدينا لكل من يريد نفع الإنسان وهدايته إلى ما فيه خيرا الدنيا والآخرة.
وأكَّد فضيلته أنَّ دلالات كلمة (بناء) توحي بعمل تركيبي يحتاج إلى وقت ومجهود ومكونات، وأحد أهم مكونات بناء الإنسان هو (الدين)؛ لذا ظهر في عالمنا اليوم العديد من الدعوات الإلحادية والنزعات التشكيكية، ليس بغرض هدم دين من الأديان أو أمة من الأمم فحسب، وإنما القضاء على الدين يعني القضاء على الإنسان والإنسانية؛ إذْ يفقد المعنى من وجوده والغاية التي يحيا لأجلها، فضلًا عن الإيمان الذي يدفع الناس للإقبال على الحياة والعمل والمراقبة وابتغاء الثواب وخوف العقاب، إلى غير ذلك مما لا يستغني عنه الإنسان.
وتابع نائب ئيس مركز الأزهر العالمي للفلك الشَّرعي وعلوم الفضاء أنَّ ثاني ما نريد بناءه في الإنسان هو بناء منظومة القيم والأخلاق الإسلامية والإنسانية التي يتعامل بها الإنسان في تعامله مع أخيه الإنسان، بل ويحتاجها في عَلاقته بالله وبالكائنات من حوله، ولا أعرف زمانًا واجهت فيه الأخلاق والقيم تحديات كهذا الزمن الذي لا تخجل فيه بعض الفئات من التصريح بالشذوذ، والدعوة إليه، والزعم أنه أمر طبيعي جُبل عليه الإنسان، في تعمية للحق وتنكُّر لما أثبته العلم، هذا غير ما يملأ مواقع التواصل الاجتماعي من دعوات هدامة تستهدف القيم والأخلاق والأسرة واللغة والعادات والتقاليد.
ولفت الدكتور الجندي إلى أنَّ ثالث ما نريد بناءه في الإنسان عمومًا والإنسان المصري خصوصًا هو التمسك بوطنه وهُويته وثقافته، هذا الانتماء والتمسك الذي كان إحدى ركائز نصر أكتوبر المجيد عام 1973م، والذي نحتاج أن نستثمر ذلك في استشراف دروسه، لا سيما في ظل أوضاع إقليمية صعبة، وعدو لا يتورع عن سفك دماء الأطفال والنساء والأبرياء، وتوسيع حالة الصراع، وإدخال المنطقة في حالة من عدم الاستقرار، ومع ثقتنا في قوة وطننا وقدرته على تجاوز هذه الأزمات نحتاج إلى حالة من الاصطفاف الوطني والوعي التام بما يحدث حولنا؛ ولذا جاءت هذه المبادرة.
واختتم الأمين العام كلمته بالإشارة إلى أهداف المبادرة، التي منها: خَلْق أجيال صحيحة رياضية تتمتع بالثقافة وتحافظ على القيم والأخلاق والمبادئ بدعم الأزهر والكنيسة والأوقاف، وخَلْق أجيال قادرة على الإبداع والابتكار والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، مؤكدًا حرص الأزهر الشريف بقيادة وتوجيهات صاحب الفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبإشراف ومتابعة فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر على المساهمة في كل ما من شأنه أن يسهم في بناء الإنسان، وتحقيق مقاصد التشريع، وإدراك مقاصد الخلق، وصولًا للتعاون الإنساني المنشود والعيش المشترك وإشاعة روح السلام في العالَم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: امين البحوث الإسلامية شيخ الأزهر بناء الدولة في المدينة بناء الإنسان مرکز الأزهر الأزهر الش
إقرأ أيضاً:
جامعة القاهرة: تسليم الجوائز للفائزين فى مسابقة وقف المستشار شوقي الفنجرى للعام ٢٠٢٤
نظم قطاع خدمة المجتمع بجامعة القاهرة تحت رعاية الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس الجامعة، وإشراف الدكتورة غادة عبد الباري نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع، احتفالية لتوزيع جوائز مسابقة وقف المستشار شوقي الفنجري للعام ٢٠٢٤ بعنوان: "الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة .. الحلول والآليات"، وذلك بعد انتهاء لجنة التحكيم من فحص ومناقشة وتقييم الأبحاث التي تقدم بها عدد كبير من الباحثين من مختلف التخصصات، بقاعة أحمد لطفي السيد.
حضر فعاليات الحفل، الدكتور محمود السعيد نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون الدراسات العليا والبحوث، والدكتورة غادة عبد الباري القائم بأعمال نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتور عبد الله التطاوي المستشار الثقافي لرئيس الجامعة، والمستشار سامح سيد محمد ابوحسن نائب رئيس هيئة قضايا الدولة وممثل الواقف، والدكتور معتز سيد عبد الله مستشار رئيس الجامعة لشئون أعضاء هيئة التدريس، والدكتور عطية الطنطاوي عميد كلية الدراسات الافريقية العليا، والدكتورة إيمان هريدي عميد كلية الدراسات العليا للتربية، والدكتور محمد منصور هيبة المستشار الإعلامي لرئيس الجامعة والمتحدث الرسمى باسم الجامعة، والسادة المكرمون وأسرهم.
وأكد د.محمود السعيد أن الفائزين في المسابقة قدموا بحوثا متميزة كشفت مدى الوعى بالقضايا المجتمعية، وقدرتهم على تقديم رؤى متميزة، وتمثل سبلا علمية لمواجهة التحديات المختلفة، وتوجه لاستثمار الإمكانات المتاحة لتحقيق تنمية مستدامة تحقق رؤية مصر2030,
ومن جانبها أشادت د.غادة عبد الباري بمستوى البحوث الفائزة، استنادا إلى معايير التحكيم الدقيقة التى وضعتها لجنة تحكيم المسابقة، والتى كشفت عن تقارب المستويات الفائزة للدرجة التى جعلت بعض الجوائز مناصفة بين باحثين، مؤكدة تقديرها الكامل للسادة المحكمين الذين بذلوا جهدا متميزا وفق أدق المعايير العلمية.
وأضافت انه سيتم طباعة هذه البحوث لتوثيقها ،وإعداد ورقة عمل فى ضوء نتائج البحوث وتوصياتها لرفعها إلى دوائر صناعة القرار كل فى دائرة اختصاصه، لتجد هذه النتائج طريقها إلى التنفيذ على أرض الواقع.
وأشار د.عبد الله التطاوي إلى تعدد المعايير الضابطة لتحكيم البحوث، مؤكدا أن المتسابقين كشفوا عن قدراتهم فى التعامل مع موضوع المسابقة برؤية علمية منهجية، ولذلك فإن ماوصلت إليه البحوث من نتائج يفتح الطريق أمام مختلف الجهات المعنية لوضعها موضع التنفيذ وصولا إلى تقديم حلول علمية لتحقيق المستهدف تنمويا ومجتمعيا.
وقد بلغ عدد الجوائز ثمان جوائز، منها ثلاث جوائز أصلية بإجمالي قيمة ٥٠ ألف جنيه وخمس جوائز تشجيعية بإجمالي قيمة ١٠ آلاف جنيه.
وفي الجوائز الأصلية للمسابقة، فاز بالمركز الأول حازم يوسف أبوضيف - إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف المصرية، وفاز بالمركز الثاني مناصفة كل من الدكتور محمد السيد فرج ألماظ - الأستاذ المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية، والدكتور عمرو مصطفي أحمد حسن - الأستاذ المساعد بقسم التعليم العالي والتعليم المستمر بكلية الدراسات العليا للتربية، بينما فاز بالمركز الثالث مناصفة كل من الدكتور سيد علي السيد محمد - معلم أول لغة عربية والحاصل علي درجة الدكتوراه في الآدب، والأستاذة ايمان محمد عبد اللاه أحمد - أخصائي أول إعلام تربوي.
وفي جوائز التشجيعية للمسابقة، فازت بالمركز الأول الدكتورة منة الله محمد نجيب محمد المدرس - المساعد بقسم المكتبات بكلية الآداب جامعة بنها، وفازت بالمركز الثاني الدكتورة نجوي يوسف جمال الدين - وكيل كلية الدراسات العليا للتربية سابقًا، وفاز بالمركز الثالث الأستاذ شريف علاء الدين محمد - مدير الاتصال السياسي بالشركة القابضة للكهرباء، وفازت المركز الرابع الدكتورة سوزان عبد الرحمن محمد - مدرس الإحصاء الحيوي بكلية الدارسات العليا للبحوث الإحصائية، وفاز بالمركز الخامس الأستاذ محمود عبد المعز عبد الرحمن - إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف.
جدير بالذكر أن المرحوم المستشار د. محمد شوقي الفنجري من خريجي كلية الحقوق جامعة القاهرة، وقد شغل عدة مناصب منها: وكيل مجلس الدولة الأسبق، وأستاذ الاقتصاد الإسلامي، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، ورئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية الاسلامية، وقد توفي في العام ٢٠١٠ بعدما قضى عمره في سبيل الأعمال والمشروعات الخيرية، ورصد العديد من الوفقيات لجهات متعددة، منها وقفيات لجامعة القاهرة لصالح طلابها وخدمة لأغراض التنمية في مصر، ومن أقواله إن: "حقيقة الحياة وسر سعادتها في كونها جهادا دءوبا من أجل المزيد من العلم النافع والعمل الصالح وتنمية الحياة وتعمير الدنيا".