تقرير الآلية الأفريقية الرفيعة عن السودان
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
نواصل تسليط الضوء على ما دار في ملتقى الحوار الأفريقي للسلام والأمن الذي نظمته ورعته مؤسسة الرئيس تامو أمبيكي خلال الفترة من الرابع إلى السادس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري في جنوب أفريقيا، وشارك فيه عدد كبير من الرؤساء ووزراء الخارجية والدفاع الأفارقة، في الخدمة والسابقين، إضافة إلى قيادات العمل العام والمجتمع المدني والأكاديميين ومراكز البحوث والدراسات.
وكما أشرت في مقالي السابق، فإن الملتقى تناول بالتفصيل بعضا من التحديات التي تواجه قضايا السلام والأمن في أفريقيا، وكيفية المضي قدما نحو تحقيق النهضة الأفريقية عَبْرَ تعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان والتكامل الإقليمي، والسعي إلى تعزيز ثقافة التفكير النقدي والمشاركة الفكرية بين القادة والعلماء والمواطنين الأفارقة بشأن القضايا ذات الأهمية القارية والعالمية. وبالإضافة إلى أن معظم المداخلات تطرقت إلى مسألة الحرب في السودان، فإن الملتقى خصص جلسة كاملة عن السودان ابتدرت بتقديم ومناقشة تقرير مفصل عن التحديات التي واجهت الآلية الأفريقية رفيعة المستوى المعنية بتنفيذ متطلبات السلام في السودان خلال فترة عملها الممتدة من العام 2009 إلى 2014، والتي كونها الإتحاد الأفريقي من ثلاثة رؤساء دول سابقين: تابو مبيكي (جنوب أفريقيا) رئيسا، وعضوية عبد السلام أبو بكر (نيجيريا) وبيير بويويا (بوروندي). التقرير منشور كاملا في موقع مؤسسة تابو مبيكي وعدد من المواقع الإسفيرية الأخرى، ولكن في مقال اليوم، نتناول فقط بعض الفقرات الواردة في ختام التقرير والمتعلقة بالوضع الراهن في السودان.
يطلق التقرير قذيفة مدوية بأن لا يوجد منبر سلام واحد موثوق لحل الحرب الأهلية الحالية في السودان. ويشير إلى أن منبر جدة كان استجابة أولى منطقية لاندلاع العنف أسفرت عن نتيجة مهمة واحدة وهي الالتزام بحماية المدنيين، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية وتجنب مهاجمة البنية التحتية المدنية، بما في ذلك الاحتلال والتواجد في المرافق الطبية والأحياء السكنية. ولكن لم يحترم أي من الطرفين هذا التعهد، وكان من الأفضل أن يعترف المنبر بالفشل المشرف بدلا من الاستمرار. ثم عمد منبر جدة لإعادة هيكلته وتكييف عملة، فقام أولا بإشراك الاتحاد الأفريقي لتوفير وجه أفريقي يتولى إدارة سلسلة من المشاورات مع المدنيين، ثم قام بإشراك مصر والإمارات كمراقب في مبادرة التحالف من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان التي تستضيفها جنيف. ومع ذلك، في السياق العالمي الحالي، فإن القيادة الأمريكية تثير حتما الشكوك بين الجهات الفاعلة الرئيسية الأخرى، بما في ذلك الصين وروسيا. وبالطبع، بقدر ما تكون الأزمة، جزئيا، تنافسا على ساحة البحر الأحمر في السودان، فإن الولايات المتحدة هي جهة فاعلة في هذا التنافس. لكن تبقى الحقيقة الهامة هي أنه بدون تحديد المشاكل الأعمق، يصبح الهيكل المحدود وأجندة مثل هذه العملية عائقا. فلكي تكون العملية ذات مصداقية، فإنها تحتاج إلى تحديد جوهر الأزمة السودانية بدلا من مجرد رصد تسلسل عناصر تجلياتها.
تقدمت دول ومنظمات أخرى بمبادرات سلام للسودان، وسعت كل من هذه المبادرات ظاهريا إلى سد الفجوة في عملية جدة، ولكن من الصعب أن نهرب من التخمين بأن كل مبادرة تخدم في المقام الأول تأكيد أهمية الجهة الراعية لها وتحييد المبادرة الأخرى المنافسة.
وفي هذا السياق، عانت جهود مبادرة الإيقاد من غياب القيادة السياسية الموحدة، وبالتالي الافتقار إلى تعريف مشترك للمشكلة، وركزت على جمع البرهان وحميدتي حول أجندة وقف إطلاق النار، وهو ما لم ينجح. وفي حين ذهبت القاهرة إلى أبعد من غيرها في استكشاف الأجندة السياسية الأوسع، فإنها ركزت أيضا على القضايا العاجلة، بما في ذلك وقف إطلاق النار، والمساعدات الإنسانية، وعبء اللاجئين على البلدان المجاورة. أما “العملية الموسعة” للاتحاد الأفريقي فقد وُلدت كملحق للعملية الأمريكية السعودية، في محاولة لجعلها أكثر شمولا، مؤكدة الحاجة إلى “حل أفريقي”، على الرغم من أن المشكلة ليست أفريقية حصرية، كما أن مفوضية الاتحاد الأفريقي كانت تتحرك وكأنها مدفوعة بأهداف ذاتية تتعلق بتأكيد مصالحها الخاصة. صحيح شارك في عملية المنامة قيادات عليا من الطرفين كما شملت الإمارات كوسيط، لكنها افتقرت إلى دعم السعودية والوجود الإماراتي رفيع المستوى الذي كان سيجعلها فعالة. وعموما فإن النتيجة النهائية لهذه المبادرات المتعددة، هي أنها تلغي بعضها البعض.
ويشير التقرير إلى أن الاضطرابات في جميع أنحاء ساحة البحر الأحمر، وخاصة التنافس بين السعودية والإمارات، هي العقبة الاستراتيجية الشاملة أمام إنشاء عملية سلام موحدة وموثوقة للسودان، وبالتالي استراتيجية للاستقرار الإقليمي تشمل جنوب السودان ودول الجوار الأخرى. وفي حين لا تستطيع الرياض وأبو ظبي تحديد تسوية سياسية مشروعة في السودان، فإن كلا منهما يمكن أن يمنع التقدم نحو مثل هذه التسوية. أما عالميا، فإن ضعف ما استثمر من جهد لإيجاد استراتيجية مشتركة لحل الكارثة السودانية، ربما يوحي بأن السودان يحتل مرتبة منخفضة في قائمة التحديات الاستراتيجية والعاجلة.
إن الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والإيقاد، وجامعة الدول العربية، هي وحدها التي تتمتع بالشرعية اللازمة للتنسيق، لكن هذا لا يكفي لتحقيق النجاح، فقط ربما يجنبنا الفشل. ولكن هذه المنظمات غالبا ما يعوقها التركيز على العملية، وهي بعيدة كل البعد عن المرونة، وعادة ما تتردد في تعريف المشكلة على النحو الذي قد يزعج أي دولة عضو، بما في ذلك الدول الراعية للأطراف المتحاربة.
ونظرا لعدم إحراز أي تقدم نحو وقف الحرب، بينما يفتخر المتحاربون بقدرتهم على القتال إلى أجل غير مسمى، ويتناقص كل يوم الموعد النهائي الذي فرضه منطق المجاعة، فربما العاجل والأكثر فائدة ليس بحث إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام شامل أو “بالقطعة”، وإنما كيف يمكن انسياب المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين، وفرض وقف إطلاق النار ولو جزئيا ومؤقتا.
نقلا عن القدس العربي
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان بما فی ذلک
إقرأ أيضاً:
ما حكم نقل الدم أثناء الصيام؟.. الإفتاء: يجوز ولكن بشرط
ما حكم نقل الدم أثناء الصيام؟.. يحرص العديد من المواطنين على التبرع بالدم بصفة دائمة، أملا في نيل الأجر والثواب بعلاج المرضى وإنقاذ حياتهم، وبحلول شهر رمضان المعظم ازداد التساؤل عن حكم التبرع بالدم أثناء الصيام؟ حتى لا يقعوا في دائرة إفساد الصيام.
ووفقا لما أعلنته دار الإفتاء المصرية على موقعها الإلكتروني، قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن نقل الدم من الصائم لا يُفسِد الصومَ، لأن الفطر ما دخل لا مما خرج، وكذلك لا يبطل الصوم بنقل الدم إليه، وذلك لعدم دخوله من منفذ مفتوح.
ما حكم نقل الدم أثناء الصيام نقل الدم لا يؤثر على صحة الصوموتابع: نقل الدم لا يؤثر على صحة الصوم، لكن بشرط أن يأمن الصائم على نفسه الضعف أو الضرر.
وأكد مفتي الجمهورية أن الصائم إذا وصل إلى مشقة شديدة خارجة جدًّا عن المعتاد وسبَّبت له الضرر نتيجة عمل شاق أو مرض جاز له الفطر وهو أمين على نفسه، وكذلك يجب عليه الفطر إذا قال الطبيب بضرورة فطره.
جاءت ردود الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج «القرآن علم الإنسان» مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عرض على فضائية صدى البلد اليوم، في معرض رده على سؤال يستفسر عن حكم صيام أصحاب الأعمال الشاقة، مضيفا أن على المسلم أن يستثمر شهر رمضان في ترسيخ معنى المراقبة، وهي قيمة عظيمة في الشريعة الإسلامية، حيث إنها أساس تربية الضمير، وإرساء قواعد التعامل مع النفس ومع الآخر ومع الله، وذلك من خلال المكاشفة التي تحافظ على اتساق الإنسان مع نفسه.
وقد أوضح مفتي الجمهورية وردا على سؤال عن حكم صيام أصحاب الأعمال الشاقة أن على المكلف إذا كان يعمل عملا شاقا لا يستطيع التخلي عنه في نهار رمضان، لحاجته أو لحاجة مَن يعول، ولا يتسنَّى له تأجيل عمله الشاق لما بعد رمضان، أو جعله في لياليه فإن الصيام لا يجب عليه في أيام رمضان التي يحتاج فيها إلى أن يعمل هذا العمل الشاق في نهاره، لكونه محتاجا إليه في القيام بنفقة نفسه أو نفقة من عليه نفقتهم، كعمل البنائين والحمالين وأمثالهم، وخاصة من يعملون في الحر الشديد، أو لساعات طويلة، أو أمام الأفران أو السائقين لمسافات طويلة ومرهقة، وكذلك الحال مع كبار السن أو أصحاب الأمراض المزمنة الذين يتضررون من الصوم، وعلى هذا الشخص الفدية إذا كان استمر هذا الحال طوال عمره، وهي إطعام مسكين فدية عن كل يوم.
اقرأ أيضاًالبنك الأهلي يفتتح مشروع طوارئ الأطفال ومركز نقل الدم والكيماوي بمستشفى عين شمس
المركز الإقليمي لنقل الدم بطنطا ينظم حملة للتبرع بالدم بجامعة السلام
مديرة المركز الإقليمي لخدمات نقل الدم بطنطا: زيادة عدد المتبرعين مؤشر مهم يعني انخفاض نسب مرضى الفيروسات الكبدية
حكم الحجامة ونقل الدم أثناء الصوم.. مفتي الجمهورية يجيب