الخروج من الأزمة و أفكار ما بعد الحرب
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
أن عملية الخروج من الأزمة التي أدت للحرب، تحتاج إلي مبادرات و أفكار تستطيع أن تحدث أختراقا في جدار الأزمة، من خلال تبني طريقا مقنعا للشارع السياسي، و يغير فيه معادلات القوى. و تقدم رؤى تفصيلية للمبادرة و الأفكار، و ليس شعارات هتافية التي درجت عليها أغلبية القوى السياسية، مما يبين عجز كوادر القوى السياسية و غياب العناصر التي تشتغل الشغل الذهني.
أن القيادات السياسية في كل الأحزاب السياسية التي كانت مشاركة في الفترة الانتقالية، و التي لم تشارك فيها، جميعا مسؤولين عن تفاقم الأزمة، و يجب عليهم أن يتنحوا بإرادتهم إذا كانوا بالفعل يبحثون عن حلول لمعالجة الأزمة السودانية.. أن الخروج من الأزمة أقرته المؤسسة العسكرية هو استمرار الحرب حتى الإنتهاء من الميليشيا تماما، و يؤيد قرار المؤسسة قطاع كبير من الشعب السوداني، إذا كان من خلال قبول قطاع عريض من الشباب في تلبية دعوة الاستنفار، أو الانخراط في قطاع المقاومة الشعبية، إلي جانب الاستقبالات التي تجدها قيادات الجيش في المناطق التي تزورها.. و هناك قوى سياسية ترفع شعارات " لا للحرب" و تتبنى طريق التفاوض بهدف إعادة الميليشيا للمشهد السياسي لكي تعود في ذيلها، هذه الرؤية لم تحرك ساكنا، و لم تقدم أي رؤية خارج إطار الرغائبية الحزبية أو الشخصية، و بالتالي حصرت نشاطها مع الخارج.. و أخر مشاريعها كيف تستطيع أن تقنع الخارج في أن يرسل قوات عسكرية للسودان، حيث طلبت من المبعوث الأمريكي توم بيرييلو، بأن يتم إرسال قوات من الاتحاد الأفريقي لحماية المدنيين، هذه القوى السياسية يصبح استمراريتها مرهونة بالميليشيا، و إذا سقطت الميليشيا تكون هي نفسها أصبح خارج دائرة التاريخ..
هناك أيضا قوى سياسية أخرى؛ تراقب فقط مجريات الحرب و العملية السياسية، دون أن يكون لها دورا مؤثرا في الساحة، فهي منتظرة فقط نهاية الحرب، و يصبح دورها أن تشيد بموقف القوات المسلحة حتى لا تحرمها من أي مشاركة في سلطة المستقبل.. الأمر الذي يؤكد حالة البؤس السياسي في العديد من التنظيمات السياسية، و رغم ذلك يصرخون أن الجيش سوف يسيطر على العملية السياسية، أن أي قوى فاعلة سوف تملأ الفراغات التي تخلفها القوى السياسية، و الحرب بينت تماما حالة الضعف و الوهن في الأحزاب السياسية، و هذا يعود لضعف القيادات السياسية، و عجزها عن استقطاب الأجيال الجديدة التي تملك قدرات أفضل في إدارة الصراع و التفكير..
أن الحرب الدائرة الآن في البلاد سوف تضع حدا فاصلا بين سودان قبل الحرب، و سودان ما بعد الحرب، الذي سوف يفرز قيادات جديدة من رحم معارك القتال و الدماء التي متزجت مع بعضها البعض لكي تدافع عن السودان كوطن مستقل بعيدا عن الأجندة الأجنبية، و هؤلاء هم الذي سوف يرسمون ملامح سودان المستقبل، بضخ الأفكار في الساحة السياسية و ليس شعارات بهدف الهتاف فقط .. و تحت راية هؤلا سوف ينعقد المؤتمر الدستوري الذي يفتح باب الحوار السياسي للكل دون أي شروط.. و الشرط الوحيد أن لا تكون هناك مشاركة لقوى خارجية فيه، و هذا الحوار السياسي هو الذي يصنع الدستور الدائم للبلاد الذي يقدم للإستفتاء الشعبي.. أن البناء على الواقع هو المخرج للأزمة، أما محاولة لوي عنق الحقيقة و ممارسة الاستهبال السياسي، هذه الأشياء قد تتجاوزتها الأحداث، لأنها تعتمد في قراءتها على قصر النظر و استيعاب المتغيرات في المجتمع.. أن الأحزاب ذات القواعد الاجتماعية العريضة " الاتحادي – الأمة – الإسلاميين – الشيوعي" في حاجة إلي مراجعات فكرية تحدد موقفها من قضية الديمقراطية، و أن تصبح هي نفسها ممارسة لها، فهي بالفعل تحتاج إلي تغييرات كبيرة لكي تصبح مؤهلة أن تلعب دورا كبيرا في عملية الاستقرار السياسي في البلاد. و إذا حاولت بعض القيادات أن تسير في ذات المنهج القديم سوف يضعف دورها أكثر من ما هو حاصل اليوم.. نسأل الله حسن البصيرة...
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القیادات السیاسیة القوى السیاسیة فی الساحة
إقرأ أيضاً:
“هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق
الثورة نت
أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس الإسرائيلية” عاموس هرئيل إلى أن صور الحشود الفلسطينية التي تعبر سيرًا على الأقدام من ممر “نِتساريم” في طريقها إلى ما تبقى من بيوتها في شمال غزة، تعكس بأرجحية عالية أيضًا نهاية الحرب بين “إسرائيل” وحماس، مؤكدًا أن الصور التي تم التقاطها، يوم أمس الاثنين، تحطم أيضًا الأوهام حول النصر المطلق التي نشرها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ومؤيدوه على مدى أشهر طويلة، وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.
ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “إسرائيلي” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى “إسرائيليين” في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.
تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على “إسرائيل” استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.
وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية الإسرائيلي” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.
وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – “إسرائيلية” وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.
وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء “إسرائيلي”.