عندما نادى الإسلام بالوسطيَّة أراد أن نكون على انسجام مع الدين، فلا نغلو فيه ولا نحرص على الدنيا من حب للمال والتشبث به وسيطرته على كل مناحي الحياة.. الوسطيَّة الإسلاميَّة هي الجمع- في توازن عجيب- بين الدنيا والدين، من عمران الأرض والاستمتاع بطيبات الحياة الدنيويَّة.
الوسطيَّة تيار قابل للتجدُّد، وأفقه يتوسع باستمرار
الوسطيَّة تيار قابل للتجدُّد، وأفقه يتوسع باستمرار، جيلًا بعد جيل وعصراً بعد عصر، حتى تبلغ أفضل معانيها في كل عصر، وأقصى قدر ممكن من الكمال.
فإذا كان من خصائص الوسطيَّة التوسُّط بين طرفين، فإنه ليس لازماً أن يكون كل توسُّط دليلًا على الوسطيَّة كما تبيَّن لي عندما قرأت مجالات الوسطيَّة وتجلياتها عند السلفيَّة المتشدِّدة والتيارات الحركيَّة، من خلال استقراء معنى الوسطيَّة في المنهج الفكري والخط الدعوي والسياسي.
يعتقد المتطرفون بأنهم أمة وسطى، بل يستثمرون هذه الرؤية لمآربهم، لا سيَّما أن الاعتدال بات اليوم منهجاً يدَّعيه الجميع، ويردِّد على كلِّ المنابر، ويتنازع عليها كلُّ الطوائف، وتنسب لكلٍّ منهما، أو قد تختلف دلالاتها في كلِّ المشارب لتصبح كلمة حقٍّ يُراد بها باطل، ولكن أدعياء الوسطيَّة غير فاعلين، بل إنهم لا يمتلكون إرادة التغيير الصحيح، ويجلبون الفساد في البر والبحر!
كما أن هؤلاء يستغلون القيم الدينيَّة لتكون قناعاً يستر الطموحات السياسيَّة والأجندات الخاصَّة، ويقدمون المبرِّرات لينفذوا مخطَّطات ضدَّ دينهم وعروبتهم، ما جعلني أتساءل: ومتى أستطيع أن أسمي الأشياء بمسمياتها الصحيحة، التي تتفق مع معاني الوسطيَّة الحقة كما يراد لها أن تكون، كهذا السلوك وسطي، أو هذه المعاملة مع الآخر معتدلة، أو ذاك التفكير الديني متزن؟ هل معانيها تختلف تبعاً لاختلاف المذاهب والطوائف؟ وما نوعيَّة تلك الوسطيَّة القائمة على التجديد والفهم الصحيح؟ إذا كان الإسلام يسمح بتعدُّد الآراء وتنوعها، والاجتهاد في هذه القضايا، فهل يحقُّ لجماعة بعينها أن تتسلل لثقافتنا وتتلاعب بقيمنا العليا، لتستحق وصفها بأنهم خير أمَّة أُخرجت للناس، أو تقنع الآخرين بها؟
هناك نوعية من التدين سجينة ثقافة التكفير والتصنيف، وفكر التحريم، ومنهج التعصب للرأي الديني، وعدم إنصاف المخالف فى الفكر، وإقصاء مفهوم الاختلاف الذي هو سنة الله في الأرض، وكلها مجال تخنق الرؤية والإدراك، فتضيق التصورات ويتزيَّف الوعي.ا
إن الوسطيَّة الحقَّة بأن يبقى الاجتهاد إيقاعه مضبوطاً بالالتزام بالقيم الأساسيَّة في القرآن والسنة النبويَّة الكريمة، وما بني عليها من قواعد فقهيَّة، ومع ذلك يظل هناك شطط واختلال في الفَهم، بحيث لا تحمل هذه القيم معناها وتجلياتها الكبرى، أو تَسعى إلى تحقيقها.
كما أن القناعات الدينيَّة المعتدلة والمتزنة، تعني صياغة إنسانيَّة للمجتمع، والتعريف بهذا المنهج وتجديده والتوسع فيه ضرورة تتطلَّبها المرحلة القادمة، ما يستدعي تحديد مسميات الأشياء للأجيال، فهذا الفكر وسطى ومتسق مع روح العصر، أو ذاك الفهم فيه غلو وتطرف، أو تلك المعاملة لا ترتقي إلى سماحه الدين، وإن التعريف يستنهض العزم، ويقاوم أشكال التخلف والجمود في جميع مجالات الحياة، والوقاية من التعريفات الأخرى التي اختطفتها جماعات الغلو والتطرُّف، لابد من إحياء الفهم الصحيح للدين وأحكامه ونظامه، ويسعى إلى تجديد معانيه في عقول ونفوس وواقع المسلمين.
وإن العدل والوسطيَّة والتسامح كلها أمور متلازمة، وإن الاتزان الفكري والاعتدال الديني ليس عزفاً منفرداً تقوم به مجموعة دون غيرها أو طائفة دون أخرى، إنه إحدى مهام العلماء المجتهدين والأئمة المجددين، والمتمثلة في إلغاء تأويل الجاهلين وغلو المبطلين، ولا بدَّ أن يكون ذلك بصوت عالٍ يقطع صوت كلِّ أفَّاك أثيم.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية مقالات
إقرأ أيضاً:
طفل يفارق الحياة بعد لدغة أفعى سامة في الضالع
شمسان بوست / خاص:
توفي الطفل أحمد وضاح قايد محسن الصفيري من قرية الصفيراء بمديرية دمت في محافظة الضالع، بعد تعرضه للدغة أفعى شديدة السمية.
وذكرت مصادر محلية أن الطفل كان يلعب في أحد الأودية بالقرية، عندما لدغته أفعى سامة من نوع “حنش”. تم نقله إلى المستشفى، لكنه فارق الحياة نتيجة للسمية القاتلة.
وأوضحت المصادر أن سم الأفعى أدى لتوقف قلب الطفل أحمد، وسط غياب اللقاحات المضادة لسم الأفاعي في المنطقة، حيث تنتشر أنواع أفاعٍ سامة من بينها الكوبرا.