موقع 24:
2025-04-26@04:51:37 GMT

متطرِّفون بأقنعة الوسطيَّة

تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT

متطرِّفون بأقنعة الوسطيَّة

عندما نادى الإسلام بالوسطيَّة أراد أن نكون على انسجام مع الدين، فلا نغلو فيه ولا نحرص على الدنيا من حب للمال والتشبث به وسيطرته على كل مناحي الحياة.. الوسطيَّة الإسلاميَّة هي الجمع- في توازن عجيب- بين الدنيا والدين، من عمران الأرض والاستمتاع بطيبات الحياة الدنيويَّة.

الوسطيَّة تيار قابل للتجدُّد، وأفقه يتوسع باستمرار

الوسطيَّة تيار قابل للتجدُّد، وأفقه يتوسع باستمرار، جيلًا بعد جيل وعصراً بعد عصر، حتى تبلغ أفضل معانيها في كل عصر، وأقصى قدر ممكن من الكمال.

.

فإذا كان من خصائص الوسطيَّة التوسُّط بين طرفين، فإنه ليس لازماً أن يكون كل توسُّط دليلًا على الوسطيَّة كما تبيَّن لي عندما قرأت مجالات الوسطيَّة وتجلياتها عند السلفيَّة المتشدِّدة والتيارات الحركيَّة، من خلال استقراء معنى الوسطيَّة في المنهج الفكري والخط الدعوي والسياسي.

يعتقد المتطرفون بأنهم أمة وسطى، بل يستثمرون هذه الرؤية لمآربهم، لا سيَّما أن الاعتدال بات اليوم منهجاً يدَّعيه الجميع، ويردِّد على كلِّ المنابر، ويتنازع عليها كلُّ الطوائف، وتنسب لكلٍّ منهما، أو قد تختلف دلالاتها في كلِّ المشارب لتصبح كلمة حقٍّ يُراد بها باطل، ولكن أدعياء الوسطيَّة غير فاعلين، بل إنهم لا يمتلكون إرادة التغيير الصحيح، ويجلبون الفساد في البر والبحر!

كما أن هؤلاء يستغلون القيم الدينيَّة لتكون قناعاً يستر الطموحات السياسيَّة والأجندات الخاصَّة، ويقدمون المبرِّرات لينفذوا مخطَّطات ضدَّ دينهم وعروبتهم، ما جعلني أتساءل: ومتى أستطيع أن أسمي الأشياء بمسمياتها الصحيحة، التي تتفق مع معاني الوسطيَّة الحقة كما يراد لها أن تكون، كهذا السلوك وسطي، أو هذه المعاملة مع الآخر معتدلة، أو ذاك التفكير الديني متزن؟ هل معانيها تختلف تبعاً لاختلاف المذاهب والطوائف؟ وما نوعيَّة تلك الوسطيَّة القائمة على التجديد والفهم الصحيح؟ إذا كان الإسلام يسمح بتعدُّد الآراء وتنوعها، والاجتهاد في هذه القضايا، فهل يحقُّ لجماعة بعينها أن تتسلل لثقافتنا وتتلاعب بقيمنا العليا، لتستحق وصفها بأنهم خير أمَّة أُخرجت للناس، أو تقنع الآخرين بها؟

هناك نوعية من التدين سجينة ثقافة التكفير والتصنيف، وفكر التحريم، ومنهج التعصب للرأي الديني، وعدم إنصاف المخالف فى الفكر، وإقصاء مفهوم الاختلاف الذي هو سنة الله في الأرض، وكلها مجال تخنق الرؤية والإدراك، فتضيق التصورات ويتزيَّف الوعي.ا

إن الوسطيَّة الحقَّة بأن يبقى الاجتهاد إيقاعه مضبوطاً بالالتزام بالقيم الأساسيَّة في القرآن والسنة النبويَّة الكريمة، وما بني عليها من قواعد فقهيَّة، ومع ذلك يظل هناك شطط واختلال في الفَهم، بحيث لا تحمل هذه القيم معناها وتجلياتها الكبرى، أو تَسعى إلى تحقيقها.

كما أن القناعات الدينيَّة المعتدلة والمتزنة، تعني صياغة إنسانيَّة للمجتمع، والتعريف بهذا المنهج وتجديده والتوسع فيه ضرورة تتطلَّبها المرحلة القادمة، ما يستدعي تحديد مسميات الأشياء للأجيال، فهذا الفكر وسطى ومتسق مع روح العصر، أو ذاك الفهم فيه غلو وتطرف، أو تلك المعاملة لا ترتقي إلى سماحه الدين، وإن التعريف يستنهض العزم، ويقاوم أشكال التخلف والجمود في جميع مجالات الحياة، والوقاية من التعريفات الأخرى التي اختطفتها جماعات الغلو والتطرُّف، لابد من إحياء الفهم الصحيح للدين وأحكامه ونظامه، ويسعى إلى تجديد معانيه في عقول ونفوس وواقع المسلمين.

وإن العدل والوسطيَّة والتسامح كلها أمور متلازمة، وإن الاتزان الفكري والاعتدال الديني ليس عزفاً منفرداً تقوم به مجموعة دون غيرها أو طائفة دون أخرى، إنه إحدى مهام العلماء المجتهدين والأئمة المجددين، والمتمثلة في إلغاء تأويل الجاهلين وغلو المبطلين، ولا بدَّ أن يكون ذلك بصوت عالٍ يقطع صوت كلِّ أفَّاك أثيم.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية مقالات

إقرأ أيضاً:

عطش غزة.. كارثة مائية تُفاقم جراح الحرب وتُهدد الحياة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تعيش غزة اليوم مأساة مركبة من العطش والجوع والانهيار الكامل للبنية التحتية، في ظل حصار إسرائيلي خانق وعدوان متواصل منذ السابع من أكتوبر 2023. ومع اقتراب صيف قائظ، تتفاقم أزمة المياه، لتُضاف إلى معاناة إنسانية غير مسبوقة يعيشها سكان القطاع والنازحون، الذين يتكبدون يوميًا مشاق الحصول على مياه الشرب والاستخدام اليومي.

تعود جذور الأزمة إلى سياسة التجويع والتعطيش المتعمدة من قبل الاحتلال، الذي دمر أكثر من 85% من البنية التحتية لشبكات المياه والصرف الصحي، وأغلق المعابر ومنع دخول الوقود والمعدات، مما عطّل تشغيل الآبار ومحطات التحلية. أكثر من 330,000 متر من شبكات المياه و719 بئرًا خرجت عن الخدمة، ما أدى إلى انعدام شبه كامل للمياه الصالحة للاستهلاك.


معاناة يومية 


يروي المواطنون معاناتهم اليومية، فالمياه باتت تُشترى بأسعار باهظة، تنقل في دلاء لمسافات طويلة، وغالبًا تكون غير صالحة للشرب بسبب تلوثها واختلاطها بالصرف الصحي. النساء، والأطفال، والمرضى يعانون من نقص النظافة والمخاوف الصحية كأمراض الكلى والجلد. أما من ينجح بالحصول على الماء، فغالبًا ما يكون ذلك عبر شاحنات خيرية محدودة أو عربات تجرها الحيوانات.

صحفيون وناشطون يؤكدون أن الحصول على كوب ماء أصبح يتطلب الحجز المسبق والدفع بالشيكل في ظل ارتفاع كبير في أسعار "الكاش" وشبه انعدام للسيولة، مما يُحوّل أبسط مقومات الحياة إلى معاناة يومية.


تراكم النفايات


التحذيرات تتوالى من الجهات المحلية، وعلى رأسها اتحاد بلديات غزة، من كارثة بيئية وصحية وشيكة قد تنجم عن اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، مع تراكم النفايات وتعطل شبكات المعالجة. ويطالب الاتحاد بضغط دولي عاجل لإعادة تأهيل البنية التحتية قبل تفشي الأوبئة بشكل واسع.

أزمة المياه في غزة لم تعد مجرد مشكلة خدماتية، بل تحولت إلى أداة قهر جماعي تُستخدم ضد المدنيين. إن استمرار تدمير المصادر الحيوية للمياه وتجاهل احتياجات السكان يُشكّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ويُنذر بكارثة صحية وبيئية ستدفع المنطقة والعالم ثمنها ما لم يُتخذ إجراء فوري لرفع الحصار وإعادة إعمار القطاع.

مقالات مشابهة

  • القتل الرحيم في بلجيكا: قصص من حافة الحياة حول قرار المصير الأخير
  • أفضل دعاء للأبناء.. يرزقهم التوفيق والصلاح في الحياة
  • عطش غزة.. كارثة مائية تُفاقم جراح الحرب وتُهدد الحياة
  • من الانتحار إلى الزواج.. فتاة نجفية تُبعث إلى الحياة من جديد
  • قصف بلا هوادة ونسف للخيام والمنازل.. الحياة في غزة تتحوّل إلى جحيم|تفاصيل
  • برلماني: كلمة الرئيس في حفل تخرج الأئمة خارطة طريق لتجديد الخطاب الديني
  • السيسي يرغب بتجديد الخطاب الديني.. أئمة مثل السيوطي (شاهد)
  • عاجل - مدبولي يرأس اجتماع الحكومة ويؤكد التزام الدولة بدعم الاستثمار وتطوير الخطاب الديني في ذكرى تحرير سيناء
  • الحكيم يؤكد أهمية تحديث أدوات الخطاب الديني
  • حزب السادات: الرئيس السيسي يضع خريطة طريق لتجديد الخطاب الديني وبناء الإنسان