في الذكرى الـ 67 للعيد الوطني للمرأة، ما تزال الرياضات النسائية التونسية تعاني من التهميش والتجاهل، رغم الإنجازات العديدة التي حقّقتها اللاعبات التونسيات في مختلف الاختصاصات الرياضية.

ورغم الدعم المادي والمعنوي الكبير الذي يقتصر غالبا على الرياضات الجماعية الرجالية، على غرار كرة القدم وكرة اليد، إلاّ أنّ تونس أنجبت ثلة من اللاعبات الاتي مثّلن تونس خير تمثيل وتألقن في أصعب الظروف واللحظات التي صنعت منهن نجمات.

ومن أحياء مدينة "قصر هلال" حيث لم يكن في مسقط رأسها ملاعب تنس، صعدت "وزيرة السعادة" أنس جابر نحو النجومية والعالمية لتشرّف الراية الوطنية وترفع طموح المرأة التونسية نحو العالمية وتحديدا في سماء كبرى مواعيد الكرة الصفراء على غرار ويمبلدون ورولان غاروس وبطولات أمريكا للتنس لتصبح أوّل لاعبة عربية وافريقية تبلغ نهائي ويمبلدون مرتين وتتوج بأكبر لقب لها في بطولة مدريد للماسترز سنة 2022.

تتويجات ومواعيد، اختارت فيها أنس التوشح بعلم تونس أمام ملوك اللعبة وعشاقها، فرددت أغان تونسية وشاركت ملاعب الكرة الصفراء بألوان بلدها رفقة مدرّب ومعدّ تونسيين.

ولئن اعتادت تونس على بزوغ اسم واحد في سماء رياضة العدو وهو محمد القمودي إلاّ أنّ شابة من ربوع ولاية القيروان صعدت إلى العالمية في هذه الرياضة وهي حبيبة الغريبي التي حقّقت المركز الأوّل في بطولات عالمية على غرار بطولة العالم لألعاب القوى في كوريا الجنوبية سنة 2011 ذهبية 3000 متر موانع في الألعاب الأولمبية الصيفية بلندن سنة 2012 قبل أن تحقق الإنجاز الأغلى في مسيرتها سنة 2015 بتحقيق الرقم القياسي التونسي في مسافة 3000 متر موانع بزمن قدره 9 دقائق و5 ثوان.

من رحم المعاناة تولد البطلات، ومن ربوع قفصة ولدت البطلة البارالمبية روعة التليلي لترفع علم تونس في سماء بيكين سنة 2008 محققة 3 ذهبيات في 3 بطولات ألعاب بارالمبية متتالية في رياضة رمي الجلة من بيكين 2008 مرورا بلندن 2012 الى ريو دي جانيرو سنة 2016 وهو إنجاز غير مسبوق تشهده تونس على وجه الخصوص وشهد به العالم رغم تحديها للمعاناة وأقسى الظروف التي قد تواجه الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة محليا ودوليا.

ولم تقتصر الرياضات الجماعية ككرة القدم على تألّق الرجال فكسرت المهاجمة مريم حويج هذه القاعدة ليبلغ صيتها البطولات الأوروبية كأوّل لاعبة تونسية هدّافة في الدور التأهيلي لدوري أبطال أوروبا للسيدات موسم 2018-2019 بعد تسجيل هدفين مع نادي اسطنبول أتاشهير ضد نادي ميتروفيكا الكوسوفي.

عديدات هنّ المتألقات في الرياضات ممن لم يسلف ذكرهم وستبقى تونس ولّادة لنجمات نفتخر بهنّ على مرّ التاريخ رغم ما تعانيه المرأة الرياضية من ظروف صعبة ماديا ومعنويا.  

المصدر: موزاييك أف.أم

إقرأ أيضاً:

العيد والإجازة

ربما كانت إجازة عيد الأضحى المبارك المنقضية، واحدة من أطول الإجازات وأفضلها منذ سنوات عديدة، وفي أوقات سابقة طالبت بعض الأصوات بأن تُحَدَّ هذه الإجازات وتبقى لثلاثة أيام فحسب! وبعضهم طالب بأقل من ذلك؛ ولكن ما الذي يتماشى حقا مع روح العائلة ومع النهج الحكومي الجديد الذي يولي اهتماما بالأسرة، الإجازات الطويلة أم القصيرة؟

يلاحظ المرء التغيرات الهائلة في مجتمعنا العماني والتي حدثت بسرعة صاروخية مجنونة، فقبل أقل من ربع قرن كانت التجمعات السكانية موزَّعة على أنحاء السلطنة بشكل متساو تقريبا، مع أفضلية للعاصمة مسقط. وفي وقت قياسي؛ قفزت الهجرة من البلدان والقرى إلى مسقط العاصمة قفزة هائلة حتى ليكاد أن تخلو البلدان من ساكنيها -إلا من ربات البيوت وكبار السن- في أيام العمل الأسبوعية، ويجتمع الناس في تلك القرى في الأعياد التي بدأت تعود إليها مكانتها ورونقها بعدما كان يُنظر إلى العيد باعتباره عبئا يكسر عزلة الإنسان الحديث المتمدن، ويعيد إليه شيئا من طراوة روحه، والتي لا يعرف توصيفها غالبا، فيظن أن الإجازة إن هي إلا خمول وكسر للإنتاجية والإنسان الآلي المتخشب الذي لا هم له سوى جمع المال، والمزيد من المال، يتأفف بشدة من الإجازة التي يمنحها لموظفيه وكأنها منّة وفضل، رغم أن الإجازة تمنح المرء تجددا وتعيد إليه نشاطه وبهاءه بعد فترة من الكد والكدح. أما مركزية العاصمة سابقا مقابل خلو المحافظات الأخرى من الخدمات الرئيسة مقارنة بالعاصمة، فهو ما أكّده جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم في حديثه في افتتاح دور الانعقاد السّنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان: «إن الاهتمام بتنمية المحافظات وترسيخ مبدأ اللامركزية نهجٌ أسَّسْنا قواعدَه من خلالِ إصدارِ نِظامِ المحافظات، وقانونِ المجالسِ البلدية، استكمالا لتنفيذِ رؤيتِنا للإدارةِ المحليةِ القائمةِ على اللامركزيةِ، سواءً في التخطيطِ أو التنفيذِ، ولتمكينِ المجتمعِ المحليِّ مِنْ إدارةِ شُؤونِه والإسهامِ في بناءِ وطنِه».

وباعتقادي أن إجازة العيد المناسبة تمنح الأسرة مزيدا من الألفة والتقارب، فأي تقارب في الأسرة في وقت يعمل فيه الموظف تسع ساعات في اليوم ولا يجد من يومه إلا سويعات قليلة لا يعرف أين ينفقها قبل الاستعداد لليوم التالي والعمل من جديد! ولأنه لا يمكن بحال أن نتوقع من الإنسان أن يكون آلة لا تشعر ولا تحس بشيء؛ فإنه يتأثر طرديا بانفعالاته النفسية التي تتأتّى غالبا من البيت. فالبيت المولد والمحرك الرئيس للإنسان، إن كان بيتا مليئا بالمحبة والألفة، فإن السكينة والاتزان تتبدى على المرء في تعاملاته اليومية وفي عمله بالأخص؛ وإن كان البيت مشحونا مليئا بالفرقة والنفور التي يعززها فقدان الطاقة وساعات الغياب الطويلة، فإن القادم منها يكون -غالبا- شرسا تنعكس شراسته في تعاملاته اليومية والعملية كذلك، وهو ما يسبب مشاكل حقيقية ومفصلية يصعب التخلص من آثارها خصوصا إن كان هذا الشخص ممسكا بزمام أمور دائرة ما، أو بيده قرار يمس حياة الناس ومصالحهم.

إن ما يتبقى للمرء من ذكريات، تلك المرتبطة بأناس آخرين؛ فلا تقرأ سيرة ذاتية لأحد أو تجلس مع كبير من كبار السن إلا ويخبرك عن من عاش معهم وعايشهم والتقى بهم في حياته. أي أن ذاكرة الإنسان -وحياته الحقيقية بالضرورة- مرتبطة بآخرين من بني جنسه، لا بما يحققه من إنجازات فردانية. فكل من يكتب سيرته الذاتية وكل من يحكي عن ما مضى من حياته، يخبرك بأنه التقى فلانا، أو عمل مع فلان، أو تعلم من فلان، أو تأثر بفلان؛ وكيف يمكن التأثير والتأثر لو كان المرء متقوقعا على ذاته لا يعرف محيطه القريب قبل البعيد!. ولأن العمل يصبح روتينا -أي أنه يصبح شيئا آليا- بمرور الوقت، تنبهت إلى ذلك كبريات الشركات، فمنحت موظفيها إجازات جيدة تتيح لهم استرداد إبداعهم وشغفهم بالحياة من ذويهم ومن محطيهم الاجتماعي.

قد يبدو الأمر مثيرا للسخرية قليلا، ولكن واحدة من أجمل فترات حياتي، تلك التي كنت فيها باحثا عن عمل؛ وكان من حسن الطالع أني قرأت كتابا للمؤلفة الأسترالية بروني وير، يحمل عنوان «أهم خمسة أشياء يندم عليها المرء عند الموت» وهو كتاب ظريف متوسط الحجم، ولكن أثره عميق. وبسببه أعدت النظر في علاقاتي الاجتماعية فجنيت لذة اكتشاف الإنسان الذي عاش وجرب وعاصر وكافح، أعني كبار السن، وبسببه ازداد تقديري للحظات العائلية حتى البسيطة والسريعة منها؛ فالإنسان يدرك بأنه راحل يوما ما لا محالة، ولكنه في تعاملاته اليومية ينسى هذه الحقيقة. فأولئك الذين قدروا لحظاتهم وعاشوها بأقصى وأفضل طريقة، لن يتندموا على ما فات ولا على من مات، لأنهم أعطوا كل ذي حق حقه؛ وأولئك الذين فرطوا -في حق الآخرين خصوصا- فلن ينفعهم الندم، وإن عضوا أصابعهم. وكما قال لنا أحد أصدقاء أبي في زيارته لنا «اللقاء في الحياة..» ، أي أنه لا تنفع أحدا الزيارة بعد الممات، لا الزائر ولا المزور. والإجازة الصيفية طويلة وفيها متسع، فهل نتدارك العائلة بشيء من الوقت؟ أم سنستيقظ على أجراس المدارس بغتة وقد انقضت دون أن نشعر بها!.

مقالات مشابهة

  • إغلاق بلدة تونسية بعد أن أغلقت ليبيا الحدود المرتبطة بالمهربين  
  • رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية الدكتور محمد البحيصي لـ”الثورة”: المقاومة بخير وتنتصر كل يوم والموقف اليمني فاق التوقعات
  • القومي للمرأة يهنئ السفيرة نبيلة مكرم لتكليفها رئيسا للأمانة الفنية  للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي
  • العيد والإجازة
  • وفاة نبيلة النمر "ام اللطف".. فتح: نموذجا استثنائيا للمرأة الفلسطينيّة
  • مقتل جندي في هجوم على دورية عسكرية تونسية قرب الحدود الليبية
  • منتخب الرياضات المائية يشارك في البطولة العربية بالقاهرة
  • 26 حزيران 1974 – تحرير القنيطرة من العدو الإسرائيلي والقائد المؤسس حافظ الأسد يرفع العلم الوطني في سماء المدينة
  • روسيا.. نشر كاتالوج فريد من نوعه لخنافس جبال الأورال وسيبيريا
  • البويرة: غلق السوق الاسبوعي للمواشي بعد تسجيل اصابات بمرض الجلد العقدي للابقار