ثورة 14 أكتوبر 1963، التي انطلقت شرارتها من جبال ردفان الشامخة، استهدفت تحرير الإنسان وبناءه والاهتمام به ورعايته وإطلاق العنان لتفجير طاقاته الإبداعية في كل مجالات الحياة، وانعتاقه من عبودية الاستعمار البريطاني البغيض في جنوب اليمن، والإسهام الفاعل في بناء الوطن وتنميته، لتنهي بذلك حقبة مظلمة من الاستغلال والاضطهاد والقمع للاحتلال البريطاني.

شهد الجزء الجنوبي من اليمن المحتل أربع سنوات من النضال، هزم خلالها الثوار والمناضلون، قوات الاحتلال البريطاني شر هزيمة، وتمكنوا في 30 نوفمبر 1967 من طرد آخر جندي بريطاني من البلاد، وبذلك مثّلت هذه الثورة ميلاد حقبة جديدة للشعب، وقضت على مشروع المشيخات والسلطنات الذي حاول الاستعمار تكريسه.

كما أن هذه السنوات شهدت زخما ثوريا بفعل نضال الجبهة القومية وقواعدها وجبهة التحرير والقبائل ورجالها الفدائيين وبمساندة من إخوانهم في الشطر الشمالي وكذلك الأشقاء في جمهورية مصر العربية.

ويجمع الكثير من المراقبين، على أن ثورة 14 أكتوبر، كانت انتصارا لإرادة الشعب والتحرر والانعتاق من نظام المستعمر البغيض، وأذاقت الاستعمار والتبعية هزيمة ساحقة، فضلا من تمثيلها بوابة النهوض الوطني نحو آفاق مستقبل يتطلع إليه الجميع.

وحسب المراقبين، من أهم الأهداف التي حققتها ثورة 14 أكتوبر هي التحرر من الاستعمار وتوحيد الشتات في عدن والمحميات الشرقية التي كان يخطط لها المستعمر أن تصبح دويلات وسلطنات تخدم مشاريعه التي كانت تتفق مع مشروع النظام الكهنوتي لأسرة بيت "حميد الدين" في شمال اليمن.

كما ركزت الثورة على نشر الثقافة والفكر وتوسيع دائرة التعليم وفق أسسه وقواعده، بعد أن كان محدوداً في عهد الاحتلال البريطاني.

ثورة 14 أكتوبر، لم تكن طفرة ثورية، بقدر ما كانت مخاضا عسيرا لعقود من النضال والتضحيات، وهاجس مناضليها من الرعيل الأول، التواق للانتصار والتحرر من عبودية المستعمر ونهبه للثروات، وتجويع الشعب ومصادرته للحقوق والحريات، والشروع في معركة النهوض الاقتصادي والاجتماعي، وتحسين الحياة المعيشية والخدمية للشعب.

يرى المراقبون، أن ثورة 14 أكتوبر مثلت استمراراً طبيعياً للوجه المشرق لثورة 26 سبتمبر باعتبارهما ثورتين ضد الظلم والتخلف والتمييز، ومن أجل العمل والحرية والكرامة للمواطن، والمواطنة المتساوية وبناء دولة يمنية حديثة.

وتشير المصادر التاريخية، إلى أن للمرأة أدواراً لا يستهان بها في هذه السنوات الثورية، وحتى قبلها، حيث كانت تشارك في المظاهرات وتوزيع النشرات الإخبارية والثورية، وتقدم الدعم للمقاتلين بالمؤن والاحتياجات المطلوبة لمساعدتهم على استمرار النضال وتحقيق النصر، وهو الأمر الذي أسهم كثيراً في إنصاف المرأة عقب نيل الاستقلال ومنحها فرصة في شراكة الرجل بالعمل السياسي والمدني والعسكري.

وبفعل هذه الثورة المباركة، انتقل الشعب إلى مرحلة جديدة من الكرامة والتعليم والصحة والبنية التحتية، رغم المنعطفات الحرجة التي مر بها هذا الشطر من البلاد، نتيجة الصراعات السياسية، وهو الصراع الذي كان له متشعب من صراع المنطقة والعالم في ذلك الحين، ويتشابه إلى حد كبير مع الصراع الدولي والعالمي الحالي، إن لم يكن استنساخا له.

وفي الذكرى الـ61 لثورة 14 أكتوبر، يؤكد اليمنيون في شطري البلاد، تمسكهم بأهداف وثوابت وقيم هذه الثورة، والمضي قدما بالبلاد على نفس خطى أسلافهم من ثوارها، والحفاظ على منجزاتها التي من أبرزها بناء الإنسان.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: ثورة 14 أکتوبر

إقرأ أيضاً:

حول بناء الإنسان.. انطلاق المؤتمر الدولي الخامس لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر

انطلقت منذ قليل، فعاليات المؤتمر الدولي الخامس لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة، برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، تحت عنوان"بناء الإنسان في ضوء التحديات المعاصرة"، وذلك بحضور فضيلة أ.د محمد الضويني، وكيل الأزهر، وأ.د نظير عياد، مفتي الجمهورية،وأ.د سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، وبمشاركة لفيف من علماء وقيادات الأزهر وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة.

ويعد المؤتمر منصةً استثنائيةً تجمع خبراء وباحثين ومتخصصين في مجالات الشريعة، والقانون، والاقتصاد، والتعليم، لطرح رؤى مبتكرة تعزز بناء الإنسان وتصنع الحضارة في مواجهة تحديات العصر، حيث يهدف المؤتمر إلى إبراز مرونة الشريعة الإسلامية واستيعابها لكافة المستجدات والنوازل ومعالجتها بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد، وإبراز دور المنظومة التشريعية في تحقيق مقتضيات بناء الإنسان وتفعيل خطط التنمية المستدامة، إضافة إلى محاولة استخلاص حلول نوعية ومبتكرة قادرة على تحقيق حياة كريمة للإنسان نابعة من رؤية الدولة المصرية.

أصول الدين بالمنصورة تناقش جهود الأزهر في مؤتمرها الدولي.. الأحدشيخ الأزهر يعزي المستشار ناصر معلا نائب رئيس مجلس الدولة في وفاة والدهمرصد الأزهر يشارك في جولة المشاورات المصرية الصينية لمكافحة الإرهاب ببكينخالد الجندي: لازم نلتزم برأي الأزهر في الفتوى العامة التي تمس المجتمع

كما يهدف مؤتمر كلية الشريعة والقانون إلى تسليط الضوء على المبادئ الشرعية والقانونية التي تهدف إلى الاستفادة من مكتسبات التقنية الحديثة والحماية من مخاطرها، إضافة إلى الوقوف على تحديات التنمية، ومعرفة سبل معالجتها وتشجيع آليات البناء والإعمار في كافة المجالات التنموية، وتفعيل آليات بناء الإنسان في شتى المجالات من أجل واقع أفضل ومستقبل مشرق، وترسيخ أسس السلام والتعايش السلمي وقبول الآخر، بجانب تعزيز جهود التنمية المستدامة والمساهمة بفاعلية في بناء الوطن وحمايته من المخاطر.

وتدور محاور مؤتمر «بناء الإنسان في ضوء التحديات المعاصرة» حول
«ميادين بناء الإنسان وصناعة الحضارة في الشريعة الإسلامية»، و«بناء الإنسان في ضوء المبادئ التي أقرها الفقه الإسلامي والمواثيق الدولية»، و«بناء الإنسان في ضوء التحديات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والبيئية»، و«تطوير البنية التشريعية وتعزيز المنظومة التعليمية وأثرهما في بناء الإنسان»، و«الحقوق والحريات الأساسية وأثرهما في بناء الإنسان»، و«التطور التقني وأثره في بناء الإنسان من حيث الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة ومكتسبات الذكاء الاصطناعي، والتجارة الإلكترونية».

طباعة شارك وكيل الأزهر مفتي الجمهورية المؤتمر الدولي الخامس لكلية الشريعة

مقالات مشابهة

  • التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” يدين الجريمة التي ارتكبها الدعم السريع بامدرمان وأدت لمقتل 31 مواطنا
  • بحضور قيادات الأزهر.. استمرار فعاليات المؤتمر الدولي لـ الشريعة والقانون
  • ‏وكيل الأزهر: بناء الإنسان قضية أمن قومي وهدف استراتيجي في عالم مضطرب
  • عميد شريعة الأزهر: بناء الإنسان "مهمة شاقة وصناعة ثقيلة"
  • برلماني: بناء الإنسان يسهم فى نجاح الجهود التنموية بالدولة
  • 60 صورة من المؤتمر الدولي لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر
  • وكيل الأزهر: عقول الشباب وأجسادهم مستهدفة
  • حول بناء الإنسان.. انطلاق المؤتمر الدولي الخامس لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر
  • ما هي الإمتيازات التي كانت تدافع عنها د. هنادي شهيدة معسكر زمزم
  • غدا.. انطلاق مؤتمر كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر حول بناء الإنسان