شيالات التقيلة : إنّ تدبيركن لعظيم
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
شيالات التقيلة : إنّ تدبيركن لعظيم
خالد فضل
من جاء منكم إلى الحياة من غير امرأة فلينتهك حقوقها . وعمتي فاطنة بت الفضل توأم أمي شلبية بت الشيخ وهما لم تتشاركا ثديا ؛ على قبريهما تتنزل الملائكة والروح بردا وسلاما، وأرواحهما تتوسد عليين مع الصادقين الصابرين برحمة من الوهاب بلا حصر … آميين . أم طه ؛ لا تعرف جملة النفي ( مافيش) لو سألتها عن بقدونس لاجابتك من فورها (أيوا في ) وتبحث عنه في دولاب الملابس ربما .
تحدثني الزميلة الصديقة د. جهاد ؛ حفيدة الصولجان والتاج السلطان علي دينار ، عن جدتها لأبيها ، امرأة من نسيج دارفور المميز وطبع أهلها المتفرد ،قالت : كان أبي وأعمامي في حيرة مستدامة مع الحاجة ،قلت كيف ؟ هي امرأة ماهرة حاذقة في الطبخ والميز والتدبير ، والديوان مشرع الأبواب للغادين والرائحين ، وصواني الطعام تبدأ ولا تنقطع ، بيد أنّ الأواني إذا عادت فارغة تثور في وجوههم ( الصيفان ما شبعوا كيف ما تشيلوا ليهم الزيادة ) أما إذا عادت الأواني وفيها بواقي إدام ؛ فهي تندب سوء صنيعها ، إذ (الملاح كعب) ما عجب الضيوف . كيف الحل معاك يا صنديدة إرث الجاه والعز المؤثل !
صديقي وزميلي د. الطيب ضوالبيت رحمات ربي تظلل روحه العذبة، يحدثني عن حاجة النخيل (أم وصال ) وحبوبة بنياته وولده، إنها امرأة في كامل الشهامة والإنسانية، لم تتوانى في أداء دور الأم المثالية والزوجة النموذجية، بيد أنها ظلت (قدّام ) دوما في العمل العام صنوا للرجال بإقتدار يعرف هذا أهالي قريتها في نواحي بحر أبيض .
و ندى فضل، السودانية ست الرصة والمنصة، تفوز بجائزة نانسن الدولية عن لاجيئ الشرق الأوسط وإفريقيا للعام 2024م , وهي الجائزة التي تخصصها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وعن دور ندى وجهودها في دعم مجتمعات اللاجئين /ات السودانيين/ات في مصر حازت على التقدير الأممي . هي يا صاح سليلة أمهاتها أولئك والحبوبات كلهن في التدبير والشهامة والعز إنسان . صدف وجودهن في السودان، وعلى الدرب تسير نساء مدّ الوطن ,في مشاهد الجسارة والسمو وثورة الشعب المجيدة، الشهيدات وأمهات الشهداء، وعوضية كوكو، وغيرهن آلاف من الصامدات المجهولات، وبناتك عيونن صفاهن سماي وليرحم الله شاعر الضمير الإنساني الحي السوداني القح محجوب شريف . ومريم ومي وجيلا جاي حلو الشهد . وعن أدوار نساء بلادنا في تحمل الأذى، و إفالة وعثاء ما يفعله رجال بلادنا أشاوسا ومجاهدين، متفلتين ومتزمتين، نحكي قصص الأصالة وليس المشاركة فحسب ؛ وفي حضرة جلالهن يصح الحكي :
مؤتمر القيادات النسوية السودانية لتعزيز السلام المستدام في السودانإعلان كمبالا 18_20أكتوبر 2023م (صوت النسويات )، وأي صوت زار في الأمس خيالي وأشاع النور في حلك الليالي، ونقاشات نحو400 امرأة فاعلة من 14 ولاية سودانية، من مختلف الفئات العمرية والتعليمية والإقتصادية والأوضاع الهجرية، لقد تحدثن بوضوح عن التبعات والانتهاكات في بيوتهن ومساحتهن الخاصة، وفي طريق النزوح واللجوء وما تم من تصدي من جانبهن ليكتسبن قوة إرادة وتصميم لا يهدأ له أوار، حدثن عما أفرزته الحرب من أهوال، وما اكتسبن من خبرات في مجالات لم يكن يعملن عليها من قبل، فقد صرن كلهن تقريبا من (العاملات الإنسانيات) في الحقل مباشرة، غرف الطوارئ والتكايا والرعاية ؛ وتثبت النساء أنهن دوما متقدمات في الحياة العامة، أصالة، لا مشاركة يقررها الرجال حسب المزاج، لقد شكلن لوحات عظيمة في هذا المضمار ، وتولين مسؤوليات قيادية ليس في الأسرة فحسب بل على مستوى مجتمعات المتأثرين بالحرب ، ولأن الحقوق تأتي بالنضال فإنهن مصممات على دورهن الاصيل في أي عملية سياسية ، بأجندة إدماج النوع في حل النزاعات وجلب السلام واستدامته مهما تذرّع المهيمنون . وفي كل منشط يظل القرار 1325 حاضرا ، وثيقة تعاقد أممية واجبة الوفاء، بمختلف محتوياته ومحاوره المعززة لحقوق النساء وأدوارهن المتعاظمة في الحياة وحل النزاعات . لعلهن يتمثلن قول توفيق زياد :
على مهلي
وإن يوما عثرت على الطريق
يقيلني أصلي
على مهلي
لأني لست كالكبريت
أضيئ لمرّة وأموت
ولكني
كنيران المجوس ؛ أضيئ
من مهدي
إلى لحدي
ومن سلفي
إلى نسلي
طويل كالمدى نفسي
وأتقن حرفة النمل
وقد انطلقت مبادرات تقودها النساء عقب إندلاع الحرب مباشرة، بعضها ظل يعمل قبلها في مجالات مختلفة، ومن تلك المبادرات _ لا حصرا _ منصة السودان للسلام (2023م) وتضم نحو 40 تنظيما نسائئيا، وتنطلق من رؤية تمكين النساء لتحقيق السلام المستدام والوصول لمجتمع آمن بلا عنف، مبادرة نساء ضد الظلم (2017م) توثيق الانتهاكات واطلاق هاشتاق لا للحرب، مبادرة مناصرة دارفور(2023م) تقودها شابات لتوثيق الانتهاكات، تاء التأنيث، كنداكات أم درمان، معا نستطيع، نساء مفكرات، حارسات، إنتي ما براك، و غيرها من مبادرات تقودها النساء مما يؤكد على ريادة و حيوية ما يبذلن من جهود في الشأن العام، ومقاومة تبعات وظروف الحرب، وتحدي الانتهاكات التي يتعرضن لها بجسارة معهودة، كما هي حال الزميلات الإعلاميات الواعيات، حقا إنهن (شيالات التقيلة )، وتدبيرهن عظيم , ثم تقدير مستحق للنساء اللاتي يعملن في صمت في مركز الألق للخدمات الصحفية، فهن من بؤر الضوء التي تنير الدروب، ويزودن الإعلاميين بالمعارف والمهارات والتدريب المستمر بهدوء ورصانة تليق بالمستنيرات مثلهن . كما لا ننسى إزجاء الإحترام المستحق للفاعلات على المستوى الاقليمي والدولي ؛ بفضل جهودهن العظيمة يحدث تقدم ملموس في ظروف الحرب الضروس، وبفضل إخلاصهن لشعبهن وتضحياتهن المشهودة من أجل الوطن يتقدمن الصفوف، ولا ننسى دور السودانيات في المهاجر والمنافي، يحملن الهم بدل واحد (مجموع)، يصارعن على مختلف جبهات الخير فرادى وجماعات، ضد الحرب والعنف وخطاب الكراهية، إغاثة المنكوبين، ومساعدة النازحين واللاجئين، إعالة الأسر الممتدة التي تشتت في البرية، ولا يغفلن المستقبل كشأن منظمة (بنيان) ؛ إذ من كندا إلى كمبالا تفكر وتخطط نساء فارعات الطول ؛ وعيا واستنارة، في العملية التعليمية بمختلف جوانبها، تتلاقح الأفكار وتتحاور الرؤى، وتتبادل الخبرات والهدف واحد مشترك، هذا دأب النساء في بلادي وأكرم بهن من نساء . ولا تنتهي القصص إلا لتبدأ أخريات .
الوسومإعلاميات الحارسات خالد فضل كنداكات
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إعلاميات الحارسات خالد فضل
إقرأ أيضاً:
روضة الحاج: يُفيقُ الصباحُ على صوتِهنَّ يجئُ المساءُ لدى همسهنَّ
كتبت شاعرة السودان الأولى “روضة الحاج” بمناسبة اليوم العالمي للمرأة:إلى كل النساءفي كل العالمفي يومهن العالمي8/مارسلهنَّتحياتي وسلامي ومحبتي وتقديري واحتراميهي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْتَقاسَمَها القمحُوالنخلُوالأبنوسْوقامتْ على النيلِ ميَّاسةً من لبَخْيستريحُ بها المتعبونَويأوي إلى ظلِّها الفقراءْهي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْيشلن المعاناةَ تسعاًيضعنَ الصباحاتِ كُرهَاًويضحكنَللألمِ المُرِّإذ تصرخُ الأمنياتْ!هي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْيُحِلنَ القبيحَإلى نقطةِ اللا قبحَواللا جمالْيُفتِّتن صخرَ الضَجَرْويزرعنَ في مُوِحشِ الروحِورداً وماءْهي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْيُغيِّرنَ ما ليس يُمكنُ تغييرُهُيُيسِّرنَ ما ليس يُمكنُ تيسيرُهُيُفسِّرنَ ما ليس يُمكنُ تفسيرُهُيُجمِّلنَ بالحُبِّ قبحَ الحياةْهي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْيُفيقُ الصباحُ على صوتِهنَّيجئُ المساءُ لدى همسهنَّوتجري النهَاراتُتُمسِكُ أطرافَ أثوابِهنَّيُطرِّزنَ للصيفِ أقمصةً من ندىويفتحنَ للغيثِ مزرابَ حُبْويأوي الشتاءُ إليهنَّمستدفئاً من صقيعِ الشتاءْ!هي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْعلى بابِها يقفُ الخوفُمنتظرًا دورَه في الأمانْويعتمرُ الصبرُ حكمَتهاويسيرْويستأذنُ الصدقُ ضحكتَهاإذ يَمُرْومن تحتِ أقدامِهاتخرجُ الشمسُوالبدرُوالنهرُوالأُغنياتْهي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْلهنَّ على الأرضِ حقُّ التشابهِحقُّ التطابقِفي المنحِ والحُبِّقد لا يُجِدنَسوى أن يُجِدنَ العطاءْ!لهنَّ على الرحمةِ المستقرَّةِ في الروحِألَّا تُغادِرَحتى على القبرِ تبقىلتُنبتَ للطيرِ فرعاًوأكمامَ وردٍ لأجلِ الفراشْهي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْوفي القصرِ والكُوخِذاتُ الحضورِوذاتُ البهاءْلهنَّ انحنى النيلُوالأرضُ أغفتْ على حِجرهِنَّومنهنَّ يبتدئُ الوقتُصوبَ الحقيقةِصوبَ السلامِوصوبَ الحياةهي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْالسمراء روضة الحاجرصد وتحرير – “النيلين” إنضم لقناة النيلين على واتساب