منال الشرقاوي تكتب: هل يمكن للسينما المصرية أن تستعيد مجدها؟
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
ليس هناك شك في أن الحديث عن السينما المصرية، التي كانت لعقود طويلة جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية المصرية والعربية، يُعد بمثابة حديث عن فن عظيم كان -يومًا ما- يتصدر المشهد الثقافي والفني في العالم العربي. لقد ارتبطت السينما المصرية بوجدان الأمة، وعكست مشاعر الجماهير وأحلامهم في مصر وخارجها. ولمدة طويلة، كانت السينما المصرية تُشكل روح الثقافة العربية، وتُعبر عن آمال وتطلعات الجمهور العربي في الخليج، والمغرب العربي، وفي كل مكان.
لكن، هل يمكننا اليوم أن نقول إن السينما المصرية ما زالت تحتفظ بذلك البريق؟
إني لا أرى ذلك. بل أعتقد، ولعلّي أكون على صواب في هذا الاعتقاد، أن السينما المصرية قد تراجعت بعض الشيء، ليس بسبب ضعف في المواهب، وليس لأنها باتت عاجزة عن إنتاج أعمال فنية تليق بتاريخها المجيد، ولكن لأسباب تتعلق بالتغيرات التي طرأت على السوق السينمائي والفني في العقود الأخيرة. فكثيرٌ منها، للأسف، قد انحصر في قالبٍ تجاري بحت، باحثًا عن الربح السريع دون أي اهتمامٍ حقيقي بجوهر الفن أو رسالة السينما الراقية. هذا الانحسار داخل دائرة الأفلام التجارية أدى إلى نتائج لا يُمكن إنكارها، وأول هذه النتائج هو ابتعاد الأفلام عن روح الإبداع والتجديد التي كانت، يومًا، سببًا في جعل السينما المصرية منارة للفن في العالم العربي. لكنني لا أقول هذا من باب التحسّر أو التشكيك في قدرات صناع السينما المصرية، بقدر ما أراه تحليل لحالة انحراف في مسار هذه الصناعة.
لقد أصبح من المألوف في كثير من الأفلام الحديثة أن نرى حبكاتٍ هزيلة لا ترقى إلى مستوى ما كان يُقدم في العقود الماضية، حيث تعتمد على الإثارة الرخيصة أو الكوميديا السطحية التي تستند إلى مواقف مصطنعة لا تخرج من الحياة الحقيقية، بل تُفتعل من أجل إضحاك الجماهير بسهولة ويسر. ويبدو أن منتجي هذه الأفلام قد وقعوا في فخ الاعتقاد بأن الجمهور لا يبحث إلا عن الترفيه السريع، ولا يطلب إلا الهروب من الواقع. ومن هنا، رأينا كيف أن الكلمة أصبحت تافهة، والمشهد صار مبتذلاً، والشخصيات غدت نمطية لا تُثير فضول ولا تُحرّك فكرًا.
ولا يُخفى على أحد أن هذا السعي وراء الربح السريع قد أدى إلى هبوط الذوق العام. فإذا كان المنتج لا يهتم إلا بملء جيوبه، وإذا كان المخرج لا يُعنى إلا بتنفيذ ما يُملى عليه دون أن يترك بصمته الفنية، وإذا كان الممثلون لا يبحثون إلا عن الشهرة السهلة من خلال تكرار الشخصيات النمطية، فإن السينما، حينئذ، تفقد وظيفتها الحقيقية كوسيلة للارتقاء بالذوق وإثراء الخيال ونقل المتفرج إلى عالم أرحب من الأفكار والمشاعر.
لقد نسيت هذه الأفلام، أو تناست، أن السينما ليست مجرد وسيلة للترفيه الساذج، بل هي فن سامٍ يُعنى بتقديم قضايا الإنسان الكبرى، وتحليل النفس البشرية في أدق تفاصيلها، والتعبير عن آمال وآلام المجتمع. أما حين تتحول السينما إلى مجرد وسيلة لتسلية عابرة، فإنها تفقد معناها، وتصبح أداة هابطة لا تقدم شيئًا سوى مزيد من الانحطاط الثقافي.
ولعلنا نسأل أنفسنا هنا: أين تلك الأفلام التي كانت تُناقش قضايا المجتمع الحقيقية؟ أين الأفلام التي كانت تُعالج مشكلات الفقر، أو التعليم، أو الصراع الطبقي، أو معاناة المرأة؟ بل أين تلك الأفلام التي كانت تُقدم لنا شخصيات إنسانية حية، يمكن أن نراها في حياتنا اليومية، لا شخصيات كرتونية مضحكة تتلاعب بها الأحداث الهزلية دون منطق؟
أين أفلام مثل "الأرض"، "الكرنك"، أو "باب الحديد" التي كانت تترك بصمة في النفس لا تُمحي بسهولة؟ وأين تلك الأعمال العظيمة التي خلدت في وجدان الأمة، مثل "العزيمة"، ذاك الفيلم الذي جسّد صراع الإنسان مع الحياة، مع الفقر، ومع الظلم، وأين "دعاء الكروان"، الذي تناول بعمق قضية المرأة والصراع بين الحب والشرف، هذا الفيلم الذي رسم بطبقاته الفنية والتراجيدية صورة إنسانية عميقة نادرًا ما نجد لها نظيرًا اليوم... لن ننسى أفلامًا مثل "الناصر صلاح الدين" التي لم تكن مجرد أعمال سينمائية بل كانت في الحقيقة تجارب فنية جمعت بين الرسالة العميقة والتقنيات السينمائية المبدعة.
لقد كانت تلك الأفلام، سواء التي صنعت في زمن الأبيض والأسود أو التي جاءت بعد دخول الألوان إلى السينما، شاهدةً على تطور وعي السينمائيين المصريين بقدرة الفن على تناول القضايا الاجتماعية والتاريخية والسياسية بأسلوب راقٍ ومبدع. أفلام مثل "شيء من الخوف" و"الزوجة الثانية"، التي تناولت قضايا الظلم الاجتماعي، كانت أعمالًا سينمائية حملت هموم الناس، وغاصت بجرأة في معاناة البسطاء والمظلومين. أين نجد اليوم مثل هذا الإقدام في معالجة القضايا؟ أين نجد تلك القوة في التعبير عن الألم والأمل؟
إن هذه الأعمال ما زالت خالدة في ذاكرتنا ... فمن المستحيل مثلاً نسيان المشاعر التي أثارها فيلم "بين الأطلال" فينا. ذلك العمل الذي عبّر عن عمق الفقدان والحب المأساوي، أو "أم العروسة" الذي حمل هموم الأسرة المصرية -بكل تفاصيلها- الدقيقة. حتى الأعمال الكوميدية، كأفلام إسماعيل ياسين، كانت تتضمن رسائل اجتماعية وإنسانية لا تفتقر إلى العمق، وإن جاءت في قالب ساخر. فمثلاً، فيلم 'إسماعيل ياسين في الجيش' يعالج أهمية الخدمة الوطنية والتجنيد، بينما تناول 'إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين' مسألة الفوارق الطبقية والسعي إلى العدالة الاجتماعية، أما 'إسماعيل ياسين في الأسطول" فقد سلط الضوء على قيمة العمل الجماعي وروح التعاون بين أفراد المجتمع بصورة غير مباشرة. إن هذه الأفلام، كانت تحرص على تقديم محتوى فني يترك أثرًا في النفوس، يطرح تساؤلات، ويُحرك العقول. فهي لم تكن مجرد قصص تُروى، بل كانت رسائل فنية تُكتب بالحوار والمشهد والموسيقى، وتُعبّر عن واقع الإنسان المصري ومعاناته وأحلامه.
لكن إذا نظرنا اليوم إلى ما تقدمه السينما المصرية في كثير من الأحيان، نجد أنها للأسف قد ابتعدت عن تلك المعايير الفنية الرفيعة. الأفلام التي تُنتج الآن، في الغالب، تُخاطب "الأنا البدائية" أكثر مما تُخاطب العقل المستنير المتطور، وتُلهي الجمهور عن مشاكله الاجتماعية الحقيقية بدلًا من أن تُعالجها. وفي حين كانت الأفلام القديمة تعكس واقع الشعب وتُناقش قضاياه، نجد الأفلام الحديثة تبتعد عن هذا الهمّ الاجتماعي والنفسي، وتغرق في سطحية مُستهلكة لا تترك في ذهن المشاهد أي أثر.. فأثرها ينتهي مع تتر النهاية!
إن الأمر يستدعي منا وقفة تأمل حقيقية، لنُعيد النظر في مسار السينما المصرية، ونتساءل: هل نستطيع أن نعيد لتلك الأفلام مجدها؟ وهل نستطيع أن ننتج أعمالًا سينمائية تحمل ذات الروح، وتجمع بين الجمال الفني والرسالة الهادفة؟ أم أننا سنبقى نتأمل في ماضينا المجيد بينما تتقدم صناعات سينمائية أخرى بخطوات ثابتة نحو المستقبل؟
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السینما المصریة إسماعیل یاسین الأفلام التی تلک الأفلام التی کانت ت ا الیوم أعمال ا
إقرأ أيضاً:
كيف تستعيد كلمة سر جيميل الموجود على هاتفك؟
أول خطوة مفيدة تفعلها عند شراء هاتف جديد يعمل بنظام أندرويد هي إنشاء حساب "جيميل" أو تسجيل دخول إلى حسابك ثم تلتفت لإعدادات الجهاز الأخرى، ولكن بعد ذلك قد تظل سنوات دون أن تُدخل كلمة سر حسابك وهذا ما يؤدي في النهاية إلى نسيانها، وشركة غوغل تعرف ذلك ولهذا قامت بإضافة خيار "مدير كلمات المرور" والذي يسمح لك بعرض جميع كلمات المرور المحفوظة في جهازك.
ومن الجدير بالذكر أن "مدير كلمات المرور" لا يعرض حساباتك على "جيميل" فقط، بل يُظهر جميع كلمات المرور المُدخلة على جهازك مثل "فيسبوك" و"إكس" و"إنستغرام" ومواقع الويب التي سجلت بها شريطة أن تكون وافقت على حفظ كلمة المرور فيها.
وإذا كنت قلقلا من وصول المتطفلين إلى كلمات السر خاصتك، فإن غوغل توفر حماية لحساباتك ولا يمكن الوصول إلى كلمات المرور دون إدخال بصمة الإصبع أو بصمة الوجه أو كلمة مرور الهاتف.
يوجد العديد من الطرق لعرض كلمة المرور لحساب الجيميل الخاص بك بالإضافة إلى الحسابات الأخرى، وسنذكر أبرز هذه الطرق:
تطبيق "جيميل": افتح تطبيق "جيميل" في هاتفك، وفي الزاوية العلوية اليسرى اضغط على صورة ملفك الشخصي أو رمز الدائرة في حال لم توجد صورة، ثم اضغط على "حساب غوغل"، ابحث عن خيار "الأمان" وانقر عليه، ثم انزل إلى أسفل الصفحة وستجد خيار "مدير كلمات المرور"، عند الضغط عليه ستجد جميع الحسابات المحفوظة على جهازك، ابحث عن حساب "غوغل.كوم" (google.com) وانقر عليه، سيطلب منك إدخال بصمة الإصبع لعرض حسابك وستجد كلمة المرور على شكل نقط، اضغط على رمز العين المجاور وستظهر كلمة مرور حساب "جيميل" الخاص بك. الإعدادات: يمكنك الوصول إلى "مدير كلمات المرور" وعرض كلمات مرور حساباتك من خلال الإعدادات والضغط على "غوغل" لتفتح لديك خدمات غوغل، وهنا ستجد "مدير كلمات غوغل" وما عليك سوى تنفيذ الخطوات السابقة. متصفح كروم: أسهل طريقة للوصول إلى كلمات سر حساب "جيميل" الخاص بك في الهاتف أو الحاسوب هي عن طريق متصفح "غوغل كروم" – افتح المتصفح وانتقل إلى الإعدادات ثم "مدير كلمات سر غوغل" وستظهر حساباتك كما في الطريقتين السابقتين. حساب الجيميل لا يظهر في مدير كلمات المرورأغلب المستخدمين عندما يريدون إضافة حساب "جيميل" إلى هواتفهم، فإنهم يستخدمون تطبيق "جيميل" المثبت على الهاتف، ولكن عند إدخال البريد الإلكتروني وكلمة المرور لا يقوم الهاتف بحفظ معلومات التسجيل في "مدير كلمة المرور" ولهذا لن تكون قادرا فيما بعد على إظهار كلمة المرور التي قد نسيتها.
إعلانوبالمقابل لو أنك سجلت الدخول إلى حساب "جيميل" عن طريق متصفح "كروم" واكملت إعدادات التسجيل ستظهر نافذة منبثقة لحفظ كلمة المرور، لو اخترت "موافق" فسيُحفظ البريد الإلكتروني وكلمة المرور داخل مدير كلمات المرور، ويمكنك إظهار كلمة مرور حسابك متى أردت.
ولكن قد تسأل نفسك "ماذا لو نسيت كلمة مرور حساب جيميل على هاتفي ولا يمكنني إظهاراها في مدير كلمات المرور؟"، هنا يمكنك القيام بحيلة لتجنب خسارة حسابك، وهي إعادة تعيين كلمة مرور حساب "جيميل".
ورغم أن عملية إعادة تعيين كلمة المرور في أغلب الحسابات تتطلب إدخال كلمة المرور القديمة، ولكن الأمر مختلف في حساب "جيميل"، فإذا كان حسابك موجود على الهاتف فيمكنك إعادة تعيين كلمة المرور دون الحاجة لتذكر كلمة المرور القديمة.
ويمكنك ذلك ببساطة من خلال الدخول إلى إعدادات الحساب واختيار "الأمان" ثم ابحث عن خيار "كلمة المرور" واضغط عليها، سيطلب منك بصمة الإصبع فقط وبعدها سيسمح لك بتعيين كلمة مرور جديدة.