الثورة نت:
2025-01-17@18:01:21 GMT

الطوفان الأكبر

تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT

الطوفان الأكبر

 

خليل المعلمي

أقل ما يمكن أن يقال عن عملية “طوفان الأقصى” التي اطلقها شرفاء وأبطال الأمة شباب حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية من أراضي الرباط في غزة في أكتوبر من العام الماضي، أنها “الطوفان الأكبر” الذي دق معاقل الصهاينة ومضاجعهم وسحل جنودهم وكشف عوراتهم، وأعاد للأمة هيبتها وجرأتها وقدرتها على التصدي للباطل وقيادة الحق ضد اليهود الصهاينة الغاصبين.

فالقضية الفلسطينية ليست قضية العرب والمسلمين فقط بل هي قضية جميع الأحرار في العالم، ومع مرور عام منذ انطلاقة هذا الطوفان يتفاعل معها الكثير منهم في جميع دول العالم، لقد تبين لهم مدى الظلم الذي طال الشعب الفلسطيني على مدى أكثر من 80عاماً وتحت راية ما يُسمى بالنظام العالمي الجديد الذي يدعي رعايته لحقوق الإنسان وأنه يريد تطبيق العدالة والمساواة والديمقراطية في كافة دول العالم، لكنه عندما يصل إلى القضية الفلسطينية لا يحرك ساكناً بل على العكس من ذلك يتم الحديث عما عاناه اليهود على يد الألمان في الحرب العالمية الثانية، وما كان ذلك إلا نتيجة أعمالهم التخريبية في المجتمعات التي كانوا يعيشون فيها، ومؤامراتهم ونفاقهم وأخلاقهم السيئة.

في الثمانينات من القرن الماضي ونحن في المرحلتين الابتدائية والاعدادية، كان الوعي يصل إلى ذروته فقد كانت مناهجنا تتضمن حيثيات القضية الفلسطينية بداية من المؤامرات الصهيونية على أرض فلسطين، والانتداب البريطاني غير العادل على أرض فلسطين وخطة بريطانيا عبر «وعد بلفور» الذي مكن يهود العالم من الهجرة إلى فلسطين وإقامة منظمات صهيونية إرهابية لترهيب السكان الفلسطينيين الأصليين لطردهم من أرضهم واغتصابها، وإقامة كيانهم المحتل في عام 1948م، بعد انسحاب بريطانيا من فلسطين، فأصبحت البلد الوحيد الذي لايزال يرضخ تحت نير الاحتلال، وتم ذلك بمشاركة الدول الاستعمارية في تنفيذ هذه المؤامرة الدنيئة لخلق هذا الكيان الغريب داخل هذا البلد العربي تحت اسطورة «أرض الميعاد» لحساب أحقر شرذمة عرفتها الإنسانية وهم اليهود الذين انحرفوا عن منهج الخالق سبحانه وتعالى وأصبحوا مشتتين في أصقاع الله عقابا لما ارتكبتها أياديهم خلال مراحل التاريخ المختلفة.

وجد العرب عامة والفلسطينيون خاصة أنهم واقعون تحت هذه المؤامرة التي خطط لها الغرب، ورعاها من بعدهم الأمريكان لغرس هذا الكائن الاستيطاني الغريب، معتمدين على خرافات أنتجتها الصهيونية من أجل السيطرة على الأراضي العربية في فلسطين، والتحكم في قدرات وثروات الدول العربية والإسلامية التي تمثل ثقلاً كبيراً في العالم، اقتصادياً وثقافياً وحضارياً، وتاريخها ودورها الحضاري خلال 14 قرناً من الزمن.

وخلال الأعوام الأخيرة كانت الأمور وفق الخطط والمؤامرات الأمريكية والغربية تسير إلى تمييع القضية الفلسطينية وتصفيتها وفرض مسلك التطبيع كخيار وحيد أمام الدول العربية والإسلامية وعلى رأسها الدول العربية التي لها تأثيرها في بقية الدول، دون أن يحصل الفلسطينيون على حقوقهم في العودة إلى أراضيهم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، بل يتم الاستيلاء على ما بقي من أراض في مناطق الضفة الغربية وإقامة مستوطنات جديدة عليها، والإبقاء على قطاع غزة محاصراً من قبل العرب أنفسهم قبل الغرب وقبل الصهاينة.

وبشهادة المفكرين والمحللين فإن طوفان الأقصى جاء كعملية انقاذ إلهي للقضية الفلسطينية وللفلسطينيين الثابتين على أرضهم الذين يتحملون كل أعباء الحياة وشتى أنواع الظلم خاصة بعد التجاهل الكبير لحل الدولتين التي تنشدها الأنظمة العربية في المنطقة منذ ما يقارب من عشرين عاماً، ولكنها تجد التجاهل الكبير من الدول العظمى وعلى رأسها أمريكا التي كانت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق صفقة القرن وفرض سياسة التطبيع على الدول العربية ومنها دول الخليج وعلى رأسها المملكة السعودية دون تحقيق لمطالب الفلسطينيين في إقامة دولتهم، بل والسماح للكيان الإسرائيلي المضي في عملية الاستيطان ومصادرة أراضي الفلسطينيين في المدن والقرى والسعي إلى مضايقتهم بشتي السبل والوسائل واعتقال الكثير منهم، ومنعهم من التنقل وحرمانهم من الصلاة في المسجد الأقصى، وتقييد حرياتهم وتحركاتهم عبر إقامة حواجز التفتيش في كل الطرقات، وأصبح الفلسطيني داخل سجن كبير لا يستطع الذهاب إلى متجره أو زيارة أقاربه، وهذه إحدى حالات الظلم التي يعانيها المواطن الفلسطيني.

لقد اعتمدت الصهيونية على الأسطورة التي تقول إن لهم الحق في فلسطين وأنها “أرض الميعاد” الأرض الموعودة لهم، وأنهم “شعب الله المختار”، فسادت هذه الفكرة العالم الغربي وأصبحت إحدى المسلمات لديهم، وبالتالي توجهت كل الرعاية والدعم لهذا الكيان الغاصب دون المراعاة لأدنى الحقوق لأصحاب الأرض الحقيقيين وهم الفلسطينيين الذين تعايشوا على مدى أكثر من 14 قرناً، مع الأقليات المسيحية واليهودية، باعتبارها مهبط الديانات وأرض الأنبياء والرسل.

لقد كان لطوفان الأقصى دور في إيصال القضية الفلسطينية إلى المحيط العالمي، بعد أن كانت محصورة في محيطها الإقليمي والعربي الضيق الذي أصبح مغلوباً على أمره وأصبح لا يمثل ثقلاً بعد أن تم تكبيله بالاتفاقيات والمعاهدات التي تخدم الكيان الصهيوني بدرجة أساسية.

لقد كشف طوفان الأقصى عن مدى الازدواجية في التعامل مع القضايا المختلفة، وظهر جلياً الزيف للحضارة الغربية التي تكيل بمكيالين وبحسب مصالحها فقط دون الالتفاف إلى حقوق أصحاب الأرض وحرياتهم وكرامتهم.

ونجد هذا الزيف والضلال في الانتخابات الرئاسية في أمريكا الراعي الأول والمستمر للإرهاب الصهيوني في العالم وخلال ما يقارب من عام من العدوان المستمر والتدمير والإبادة الجماعية التي شاهدها العالم، على القنوات الفضائية وعلى مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وبرعاية أمريكية بامتياز.

فالمتنافسان على كرسي الرئاسة في أمريكا، المرشحان عن الحزبين الديمقراطي والجمهوري، يؤكدان دعمهما للكيان الإسرائيلي بالدرجة الأساسية ولكن بطريقتين مختلفتين ويؤيدان الإبادة الجماعية ولكن بأسلوبين مختلفين، فخلال المناظرة الأولى التي جمعت المرشح الجمهوري “ترامب” والديمقراطي “بايدن” قبل أن ينسحب الأخير من السباق الرئاسي، يقول “ترامب” أنه لن يمارس أي ضغط على إسرائيل لتحد من تصرفاتها، وأضاف أنه يجب السماح للفلسطينيين بالرحيل كما يجب إعطاء الفرصة لإسرائيل لإنهاء مهمتها في غزة.

بينما يقول “بايدن”: أنه دائما يقوم بدعم إسرائيل وأنه يدعم حق إسرائيل في القضاء على حماس، وأنه قام فقط بحظر القنابل زنة ألف رطل لتخفيف حدة الحرب على المناطق السكنية.

إن هذه الحقائق والوقائع تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن العدو الأول للقضية الفلسطينية وللقضايا العربية بشكل عام هي أمريكا التي تدعي الحضارة والحرية والكرامة ومناصرة حقوق الإنسان فيما هي تقوم بعكس كل ذلك، وأنها أم الإرهاب في العالم.

وأمام كل ذلك نجد أن الأنظمة العربية لا تحرك ساكناً وخلال عام لم تعقد سوى قمة عربية وحيدة خرجت ببيان تطالب المجتمع الدولي بإيقاف الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة، ولازالت تلهث وراء المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة التي لا تستطيع أن تعمل شيئا سوى التنديد والقلق والاستنكار، وكأننا لا نعرف أن قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية حبيسة الأدراج، وأصبحت في أرشيف التاريخ وخارج الذاكرة العربية.

وما يحز في النفس أن هذه الأنظمة العربية لا تملك رؤية مستقبلية لحل مشاكلها الكثيرة والوقوف مع الحقوق العربية للفلسطينيين، والسعي لتكون مؤثرة في المجتمع الدولي خاصة وهي تملك القوة ليس فقط الناعمة بل القوة التي يمكن أن تفرض شروطها في إنهاء الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، ولكن برغم ذلك فإن دخول طوفان الأقصى عامه الثاني بصموده الاسطوري -ومن ورائه محور المقاومة- يجعلنا نؤمن بأن النصر قريب إن شاء الله.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

ايهاب مطر يؤكد على أهمية إعادة ترميم العلاقات مع الدول العربية

أكد النائب إيهاب مطر "ضرورة الابتعاد عن المحاصصة في التعيينات الحكومية، ودعم حكومة من خبراء بعيدًا من الفساد".
كما وشدد على "أهمية تطبيق اتفاق الطائف"، وحذر من "أي محاولة لتغيير الواقع السياسي عبر خطاب طائفي أو استخدام السلاح في الداخل"، مبديا الدعم لرئيس الحكومة نواف سلام، ورفض فكرة السلام مع إسرائيل مؤكدًا "أهمية إعادة ترميم العلاقات مع الدول العربية، والتعامل مع قضايا مزارع شبعا وترسيم الحدود مع سوريا في ظل الظروف الراهنة".
كما وأوضح مطر،  أن الخيار الأساسي لم يكن ترشيح نواف سلام، لكن بعد انسحاب فؤاد مخزومي وتبيّن أن سلام هو المرشح الوحيد في مواجهة نجيب ميقاتي، قرر تسميته،
أضاف أن سلام طمأنه بأن ترشيحه جدي، وأنه لم يكن هناك أي تدخل خارجي، كما أكد أنه لم يكن هناك كلمة سر سعودية وراء هذا الترشيح، على حد علمه.
وأشار مطر إلى أن الميثاقية ليست مرتبطة بالمذاهب بل هي بين المسلمين والمسيحيين، مؤكدًا أن غياب التصويت من بعض النواب الشيعة لن يؤثر على هذا المسار،
كما وتحدث عن شبه الإجماع الذي حصل حول اسم نواف سلام، مشيرًا إلى أن الشارع كان يطالب به بشكل واضح، ما منح ترشيحه الشرعية اللازمة.
وأكد مطر أنه مستقل ولا ينتمي لأي محور سياسي، مشيرًا إلى أن أسلوب التخوين الذي يستخدمه البعض لشد العصب الطائفي ليس مقبولًا، وأنه لا يوجد أي محاولة لكسر أو عزل المكون الشيعي، وأوضح أن الحزب الذي يحاول جذب الدعم من خلال خطاب يثير العصب الشيعي قد خدع نفسه، داعيًا إلى "ضرورة العمل على خطاب وطني جامع بعيدًا عن التحريض والتخوين".
وعن الوضع السياسي اللبناني، قال مطر إن السلاح أصبح عبئًا على الحزب، مشيرًا إلى أن "الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، يتحدث عن ضرورة تطبيق اتفاق الطائف الذي ينص على نزع سلاح الميليشيات"،
أضاف: "إذا رفض الثنائي الشيعي المشاركة في الحكومة، يمكن تعيين وزراء شيعة من خارج هذا الثنائي"، 
كما وأكد مطر أن "لا يمكن القبول بخرق الدستور أو محاولة استخدام السلاح في الداخل"، مشيرًا إلى أن لبنان في حاجة إلى حكومة تعمل لصالح الجميع دون الوقوع في فخ المحاصصة أو الفساد.
وتحدث مطر عن ضرورة أن تضغط الحكومة في اتجاه تنفيذ اتفاق وقف النار، لافتًا إلى أن الأسابيع الأولى من الاتفاق كانت ضائعة بسبب عدم تجهيز الجيش بالشكل المناسب لتنفيذه، وأكد أن "اتفاق وقف النار يركز على منطقة جنوب الليطاني"، وأن "من الممكن أن يتم تمديد هذا الاتفاق في المستقبل". (الوكالة الوطنية)

مقالات مشابهة

  • برازيلية تبلغ 119 عاما تقول إنها الأكبر في العالم
  • فاتن حمامة.. سيدة الشاشة العربية التي لم يطوِها الغياب
  • العربية لحقوق الإنسان: إنهاء الاحتلال الإسرائيلي هو الاستحقاق الذي يفرضه القانون
  • حماس: طوفان الأقصى سيظل منعطفًا في تاريخ القضية الفلسطينية وقطاع غزة يمرّ بمرحلة جديدة
  • حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة في الدول العربية اليوم 16-1-2025 |فيديو
  • حماس: ملتزمون باتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه الوسطاء
  • مهيرة عبدالعزيز: بعتبر نفسي جامعة الدول العربية.. فيديو
  • جماعة الإخوان المسلمين تبارك للشعب والمقاومة الفلسطينية.. هذا استحقاق غزة حاليا
  • ايهاب مطر يؤكد على أهمية إعادة ترميم العلاقات مع الدول العربية
  • العلاقات العمانية البحرينية.. النموذج الذي يحتاجه العرب