في زمن التفاهة: ابن زيدون يتوسل لعمرو دياب
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
"إن التفاهة تشجعنا بكل طريقة ممكنة على الإغفاء بدلا من التفكير، النظر إلى ما هو غير مقبول وكأنه حتمي، وإلى ما هو مقيت وكأنه ضروري: إنها تحيلنا إلى أغبياء".
تذكرت هذه الكلمات التي صاغها الكندي "آلان دونو" في كتابه الذائع الصيت "نظام التفاهة"؛ وأنا أشاهد بمحض الصدفة الكمية الهائلة من علامات التعجب والاستغراب وحتى "الاستنكار" التي طغت على محيا الإعلامية المصرية منى الشاذلي وهي تتحدث لضيفها الموسيقي عزيز الشافعي عن كلمات من المفترض أن القاصي والداني يعرف أنها للشاعر الأندلسي "ابن زيدون"، وهي أشهر قصائده على الإطلاق وظلت متناقلة حتى في المقررات الدراسية لأجيال متعددة في أغلب الدول العربية، لكنها "استهجنت" ونطقتها بشدة و"ازدراء" رافعة شعارا عريضا مفاده: كيف "تواضع" عمرو دياب وغنى قصيدة "أضحى التنائي بديلا من تدانينا"؟ وكيف أغدق بكرمه على "ابن زيدون" وجعله يكسب هذا الشرف العظيم؟
طبعا لم يشفع لعزيز الشافعي تكراره بأن القصيدة مشهورة جدا وأنه حفظها منذ دراسته الإعدادي؛ لكن ما سعت المذيعة لتكريسه والتركيز عليه هو الإصرار على تعميق الهوة بين شبابنا واللغة العربية الفصحى وكأنها "جسم دخيل ومكروه" ينبغي التوجس منه ومقابلته بالحذر، بدل السعي لتشجيع الخطوة وتعميمها عوضا عما نسمعه اليوم من كلام هابط وإسفاف مخجل في عالم الأغنية، لا سيما أننا نعيش في زمن "حسن شاكوش وحمو بيكا" ومن يدور في فلكهما من مغني المهرجانات وما يطرحونه من كوارث تهدد الناشئة وأخلاقهم.
لكن بما أننا في عصر التفاهة ونكتوي بنيرانه فقد صار مثيرا للسخرية سماع قصة حب ابن زيدون مع ولّادة بنت المستكفي، وبات مخجلا النهل من تراثنا الغني وإعادة تقديمه في قالب عصري حديث. وهنا لا بد من الإشادة بشجاعة الموسيقي عزيز الشافعي وبحثه عن التجدد واستثمار واحدة من أروع القصائد الأندلسية وتقديمها بصوت فنان له قاعدة جماهيرية واسعة، لا نقاش ولا جدال حول ذلك رغم اختلافنا معه في العديد من النقاط.
لست من هواة نظريات المؤامرة، غير أن المناخ العام في الإعلام العربي، وينعكس طبعا حتى على الواقع الفني الحالي، يحمل تفسيرات متعددة عنوانها الأول وجود رغبة "عارمة" لتغيير المفاهيم السائدة منذ عقود، والسير على نهج دخيل يتنفس عشق التفاهة والسطحية، وتغييب كل ما يشجع على التفكير السليم والنبش في دفاتر التاريخ العتيقة والاستفادة من دروس الماضي الغابر وتقديم النماذج المضيئة، وتشويه الحقائق وخلق معارك وهمية وصراعات ثانوية وإغراقنا في مستنقع الطائفية المقيت، واجترار أحداث غابرة تعزز التشرذم والفتن بين هذا وذاك. ومن المفارقات التي فضحت هذه الخطط القذرة يكفي استحضار ما أحدثته "طوفان الأقصى" من شرخ وفرز للغث والسمين، وتعرية للواقع الفاضح الذي أضحى عليه الإعلام العربي اليوم.
فعلى سبيل المثال لا الحصر طبعا؛ كنا في سنوات خلت نقابل الحراك السائد فنيا وإعلاميا بعد كل مجزرة صهيونية جديدة بالسخرية من التوجه العام؛ نحو طرح "أوبريتات فنية" تجمع فنانين من المحيط الى الخليج وهم يصدحون بأعلى صوت متحدين، ينشدون "الحلم العربي" المسلوب ويصرخون أحيانا باحثين عن "الضمير العربي" المفقود، على غرار مبادرات المنتج والمخرج أحمد العريان مثلا ومجهوداته الجبارة في لمّ شمل الفنانين والإعلاميين لتوحيد الصرخة؛ وحينها كانت أغلب الفضائيات العربية "تتناوب" على العرض وتستنكر وتشجب وتندد.
اليوم وارتباطا بما سبق وذكرناه، صارت حتى عبارات "الشجب" مغيبة واندثرت "الأوبريتات" وصار ممنوعا على الفنانين العرب إبداء مواقفهم إلا من خلال نشر "بوست عام" يدعو للسلام والمحبة والإخاء، وإلا فسيف العقاب مسلط على رقابهم ولهم في الفنان محمد سلام خير مثال. والمثير للسخرية أن البعض قرر قبل فترة إعادة تقديم نسخة جديدة "مشوهة" من "الحلم العربي" الجديد على ما يبدو حيث تغيرت كلمات من قبيل "أطفال الحجارة" وتعويضهم بأطفال يضحكون ويمرحون ويسرحون في عالم جديد وردي يملاه الحب والسعادة.
طبعا هذا غيض من فيض ما أصبح يحكم الواقع الإعلام العربي اليوم الذي يمكن اختصاره من خلال كتاب "نظام التفاهة"؛ ومن هذا المنطلق يمكن فهم واستيعاب سبب تغييب الأصوات الجادة وأصحاب المواقف والمبادئ وتعويضهم بالدمى والكراكيز. ونختم بتوجيه الشكر الجزيل لـ"الهضبة" عمرو دياب لأنه قدم طوق نجاة لـ"ابن زيدون" ومنحه شرف الخلود حين "تبرع" بالمساهمة في شهرته ولو قليلا..
حقا شر البلية ما يضحك..
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الإعلامية عمرو دياب الفني التاريخ الإعلام التاريخ الفن عمرو دياب مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تكنولوجيا رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ابن زیدون
إقرأ أيضاً:
بعد إصابته بالسرطان..نجوم يصالحون عمرو مصطفى
حصل المُلحن والمغني عمرو مصطفى، على دعم الجمهور وأصدقائه بعد إصابته بالسرطان، في أعلن البعض إنهاء الخلافات معه المستمرة منذ سنوات، مثل عمرو دياب.
ويرصد 24، تضامن النجوم مع عمرو مصطفى في محنته.
عمرو ديابأنهى عمرو دياب خلافاته التى مع عمرو مصطفى، فور علمه بأزمته الصحية، ووجه،رسالة مؤثرة وصورة تجمعهما عبر انستغرام، قائلاً: "أخي عمرو مصطفى، ألف سلامة عليك، ودائماً تفضل تمتع جمهورك بفنك". View this post on InstagramA post shared by Amr Diab (@amrdiab)
لاقى المنشور تفاعلًا واسعاً وفي مصر والعالم العربي، وأشاد المتابعون بموقف دياب.
كما حرص الملحن تامر حسين، على دعم عمرو مصطفى، مؤكداً قوة العلاقة التي تجمعهما رغم الخلافات السابقة.
وتمنى تامر حسين، الشفاء العاجل لعمرو، عبر فيس بوك، قائلاً: "بعيداً عن أى خلافات دنيوية مالهاش تلاته لازمه عمرو مصطفى أخويا وحبيبى وعشرة عُمر وإتصالحنا من شهر وصفينا كُل الزعل، وربنا يعافيه ويقومه بألف سلامة، ويحفظه من كُل سوء، يارب ويخليه لبيته وأولاده، ونسمع عنهُ كل خير دايماً".
وبدوره شدد الشاعر الغنائي أيمن بهجت قمر على ذكرياته مع عمرو مصطفى، مؤكداً أنه يكن له مشاعر طيبة.
وكتب أيمن عبر فيس بوك "البوست ده خلاني أفتكر شريط حياة كامل ورحلة كبيرة، هي في الآخر اللي بتتبقى لنا برغم أي مشاكل أو أي صراعات" .
ويتعاون الإثنان في المسلسل الجديد "عايشة الدور"، إلى جانب أغان التي ستظهر في العمل، الذي سيعرض في رمضان 2025.
ووجه محمد حماقي، رسالة دعم لعمرو مصطفى وأرفقها بصورة عبر إنستغرام، وعلّق قائلاً: "أخويا وصديقي وعشرة عمري عمرو مصطفى.. ألف سلامة عليك يا حبيبي، إن شاء الله بسيطة وانت عودتني إنك قوي ودايماً بتقدر على أي محنة بإرادتك الحديد اللي مافيش زيها سلامتك يا حبيبي ألف سلامة".
A post shared by Mohamed Hamaki (@hamaki)
من جهته وجه تامر حسني، رسالة طالب فيها مُحبّيه بالدعاء لصديقه عمرو، وقال: "بطمن عليه كل يوم، وبجد الرجاء من كل محبيني ومتابعيني ومن كل الناس الدعاء للملحن الكبير عمرو مصطفى بالشفاء العاجل".
وأعرب راغب علامة، عن حبه لعمرو مصطفى عبر أكس، فقال: "عزيزي وصديقي الملحن عمر مصطفى، من أعماق قلبي، أرسل لك أصدق تمنياتي بالشفاء العاجل، أرجو أن تتجاوز هذه الأزمة الصحية سريعاً، فصحتك وسعادتك هما الأهم بالنسبة للأهل وللأصدقاء والمحبين أتمنى لك القوة والشفاء، وأنت في أفكارنا وصلواتنا دائماً".
ونشر أحمد العوضى، أيضاً عبر فيس بوك، رسالة دعم لعمرو مصطفى، فقال: "أخويا الغالي والملحن الكبير عمرو مصطفى، شفاك الله وعفاك، وإن شاء الله ترجع لكل محبينك بالسلامة، وستظل أنت الملحن الأكثر نجاحا فى الوطن العربي".
أما مصطفى كامل، نقيب الموسيقيين، فكتب عبرفيس بوك "خالص دعواتى بالشفاء لأخي وحبيبى الملحن عمرو مصطفى، اللهم اشفه واعفو عنه يارب".