كيف تؤثر افتتاحية «النبأ» على تنامي الإرهاب في ظل الحرب على غزة؟
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
الافتتاحية التي قدمتها صحيفة "النبأ" في العدد ٤٦٤ تندرج ضمن خطاب دعائي حركي يتبنى رؤية معينة للعالم والسياسة الدولية.
وتعكس منهجية الجماعات المتشددة في تفسير التاريخ والسياسة وفق ثنائية "الإسلام مقابل الكفر"، وتظهر بوضوح الأيديولوجية الجهادية العالمية التي تتبنى أفكار الجهاد المسلح.
تحليل الخطاب
الخطاب الذى يتبناه تنظيم داعش وفقا لافتتاحية العدد الأخير من صحيفة النبأ، يستخدم ثنائية واضحة تقوم على "الخير" (المسلمين والمجاهدين) مقابل "الشر" (الغرب، القوى العالمية، والحكومات "المرتدة"). هذا التقسيم الصارم يعكس المنظور الأيديولوجي للجماعة، حيث تُصنَّف كل القوى غير الموافقة لرؤيتهم كأعداء حتى لو كانت هذه القوى إسلامية ومتشددة مثلها. ويعتم الخطاب بشكل كبير على التكرار والمبالغة في عرض "المؤامرات" ضد الإسلام، سواء من القوى الغربية أو القوى الإقليمية كإيران وتركيا. ويتم تقديم هذه القوى بوصفها موحدة في سعيها لتدمير الإسلام.
تتناول الافتتاحية أيضا أحداثًا تاريخية كـ"الغزو الصليبي" و"الفتح الإسلامي"، وتستخدمها كأدوات لإضفاء مشروعية على الجهاد المسلح الحالي. هذا الربط بين الماضي والحاضر يهدف إلى تعزيز شعور الجماعة بالاستمرارية التاريخية والحق الإلهي.
اللغة والأسلوب
الخطاب مليء بالاستشهادات القرآنية والأحاديث النبوية التي تُستخدم لدعم شرعية الجهاد المسلح وتأكيد "حتمية النصر" للمسلمين. هذا الاستخدام المتكرر للنصوص الدينية يعزز من تأثير الخطاب على الجمهور المستهدف، والذى يُعتبر ملتزمًا دينيًا. وتستخدم الافتتاحية كذلك لغة عنيفة وعدائية تجاه "الآخر"، سواء كان الغرب، الحكومات العربية، أو الجماعات الإسلامية المخالفة. ويتم وصفهم بـ"المرتدين"، "الخونة"، "الكفار"، و"الطواغيت". هذه اللغة تخلق شعورًا بالاستقطاب وتحفز مشاعر الكراهية والخوف تجاه الخارج.
الرسائل الأساسية
يعتمد الخطاب على مفهوم المؤامرة العالمية ضد الإسلام. القوى الدولية والإقليمية، من الغرب إلى إيران وتركيا، تُصوَّر على أنها تعمل بشكل ممنهج لتدمير الإسلام والسيطرة على أراضي المسلمين. هذه النظرية تخدم غرض تحفيز الجماعة على الدفاع "المشروع" عن الإسلام. ويؤكد خطاب داعش أن الحرب على الإسلام لم تتوقف منذ بداية البعثة النبوية، مما يضفي شرعية على الجهاد المسلح ويعزز شعور الجماعة بأنها فى حالة دفاع مستمر عن الدين والأرض. ومن هنا تقدم الافتتاحية الجهاد المسلح كحل وحيد لردع الأطماع العالمية والإقليمية. ويتم تصوير المجاهدين على أنهم الحماة الحقيقيون للإسلام الذين يعيدون رسم خارطة العالم بالتوحيد والجهاد.
الأيديولوجية المتضمنة
يتبنى خطاب داعش الرؤية الجهادية المتشددة التي ترى أن الحل لكل مشكلات الأمة الإسلامية هو الجهاد المسلح وإقامة الخلافة. كما يعكس الخطاب رفضًا تامًا لأى أشكال من "الاستقلال الوطني" المزعوم، واعتبار الحكومات القائمة في العالم الإسلامي "مرتدة" لأنها تتعاون مع الغرب أو قوى إقليمية أخرى. كما يسعى الخطاب إلى تعبئة أنصار الجماعة والمجتمع الإسلامي بشكل أوسع للانخراط في الصراع العالمي الذى تصوره الصحيفة. ويتم التركيز على أن هذا الصراع هو صراع وجود، وأنه لا مجال للتعايش أو المفاوضات.
رؤية نقدية
هناك عدة نقاط مهمة يجب التركيز عليها بعد قراءة الافتتاحية ومنها أن الخطاب يتعامل مع الواقع الجيوسياسي المعقد بشكل تبسيطي مفرط، حيث يتم تجريد كل الأحداث من تعقيداتها وتحويلها إلى مجرد مؤامرة عالمية ضد الإسلام. هذا التجريد يغفل عن التعقيدات السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية التي تحكم العلاقات الدولية والإقليمية. وكذلك يتجاهل الخطاب بشكل كامل أى حلول سياسية أو دبلوماسية للصراعات، ويصر على أن الحل الوحيد هو الجهاد المسلح. هذا المنظور يقود إلى تأجيج العنف وزيادة الاستقطاب، دون تقديم أى بديل سلمى قابل للتنفيذ. ويوظف خطاب داعش النصوص الدينية بطريقة انتقائية لتعزيز شرعية الجهاد المسلح، دون النظر إلى السياقات الأوسع التي يمكن أن تشير إلى أهمية الحوار أو التعايش السلمى في الإسلام. وبشكل عام فإن الافتتاحية تعكس خطابًا أيديولوجيًا متشددًا يستخدم أدوات دينية ولغوية لتبرير العنف المسلح والصراع المستمر ضد ما تصفه الصحيفة بالقوى الغازية والمخططات الكافرة.
يتم ترويج نظرية المؤامرة وتبسيط الصراع إلى ثنائية الخير مقابل الشر، مع تغييب كامل للحلول السلمية والدبلوماسية.
الدلالات الرئيسية
تحمل الافتتاحية دلالات واضحة تنبع من خطاب جماعات متطرفة، وتبرز عدة محاور أساسية يمكن تحليلها، وربطها بالصراع العربي الإسرائيلي الحالي، خاصة فيما يتعلق بغزة ولبنان، وتأثيرها المحتمل على تنامى العنف والإرهاب.
الرفض التام للأنظمة الحاكمة تهاجم الافتتاحية الأنظمة الحاكمة في العالم العربي والإسلامي، متهمة إياها بالعمالة والخيانة. هذا الخطاب يعزز فكرة أن جميع الحكومات الحالية غير شرعية، مما يشكل أرضية فكرية لتبرير التحريض على العنف ضد هذه الحكومات.
الرؤية الجغرافية للسيطرة
وتشير الافتتاحية إلى خطط توسعية للقوى الخارجية، منها "مشروع إسرائيل الكبرى" و"الهلال الشيعي الإيراني"، كدليل على أن هذه القوى تعمل على تقسيم العالم الإسلامي والاعتداء عليه. هذه الفكرة تُستخدم كدعوة لمزيد من العنف بحجة التصدي لهذه المخططات.
استراتيجية الجهاد والتمكين
تنتهى الافتتاحية بدعوة إلى استمرار الجهاد كوسيلة لتحقيق النصر والتمكين للمسلمين في الأرض. هذه الدعوة تحمل في طياتها رسالة واضحة للقيام بعمليات عنف وإرهاب تحت مظلة دينية.
العلاقة بالصراع العربي الإسرائيلي
الافتتاحية تربط بشكل مباشر بين الصراع الحالي في غزة ولبنان والمشاريع الإسرائيلية والإيرانية، مقدمة تصورًا بأن هذه الصراعات ما هي إلا جزء من حرب كبرى ضد الإسلام.
ويأتي التركيز على حرب غزة كدليل على أن إسرائيل تسعى لتوسيع سيطرتها، ما يجعل هذه الأحداث الحالية بمثابة شرارة لتصعيد العنف من قبل المجموعات المتطرفة التي ترى في هذا الصراع فرصة لتحقيق رؤاها الجهادية.
كما أن هذا الخطاب يعزز مشاعر الغضب والكراهية لدى القراء المستهدفين، ويؤطر الصراع العربى الإسرائيلي الحالي فى سياق أوسع من "الحرب على الإسلام".
مما قد يؤدى إلى تأجيج العنف الإرهابي باسم "الدفاع عن الإسلام" ليس فقط ضد إسرائيل وحلفائها ولكن أيضا ضد الحومات العربية والإسلامية والتي لا تتوافق رؤيتها مع رؤية تنظيم داعش.
أثر الافتتاحية على تنامى العنف والإرهاب
الخطاب المليء بالكراهية والتحريض على العنف ضد الأعداء (الداخل والخارج) يساهم فى خلق بيئة نفسية مهيأة لتقبل التطرف والتجنيد فى صفوف الجماعات الإرهابية.
ولا شك ان استخدام النصوص الدينية لتبرير العنف، يمنح الإرهابيين إحساسًا بالشرعية والتفويض الديني لتنفيذ عملياتهم.
وأن دعوات الجهاد لا تقتصر على الصراع المحلى بل تتجاوز ذلك إلى دعوة صريحة للمواجهة على مستوى عالمي، مما يُشجع على انتقال المقاتلين الأجانب والتوسع فى الأنشطة الإرهابية عبر الحدود.
الافتتاحية تهاجم الأنظمة الحاكمة باعتبارها مرتدة وعميلة، مما قد يشجع على شن هجمات ضد هذه الحكومات والمؤسسات التابعة لها في العالم الإسلامي، مما يفاقم عدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة.
الخلاصة
الافتتاحية تحمل دلالات خطيرة تعزز منطق الصراع الأبدى بين الإسلام والغرب، وتصور الصراع العربي الإسرائيلي على أنه جزء من حرب شاملة على الإسلام.
مثل هذا الخطاب لا يساهم فقط في تأجيج العنف والإرهاب، بل يغذى أيضًا مشاعر الاستياء والكراهية تجاه الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي، ويُستخدم كأداة لتبرير العنف المستمر ضد الأعداء الخارجيين والداخليين على حد سواء.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: العالم الإسلامی ضد الإسلام فی العالم التی ت على أن
إقرأ أيضاً:
مطارات دبي تؤكد جاهزيتها للتعامل مع تنامي أعداد المسافرين
أكد ماجد الجوكر، الرئيس التنفيذي للعمليات في مطارات دبي، جاهزية مطار دبي للتعامل مع موسم الأمطار، وحركة سفر استثنائية خلال الفترة المقبلة، وذلك بالتعاون الوثيق مع الشركاء الاستراتيجيين من خلال خطط مسبقة مدعومة بتحليل بيانات المسافرين لضمان التعامل مع النمو المتوقع.
وقال الجوكر لوكالة أنباء الإمارات “وام”، “دائما نبدأ بالتخطيط المسبق الذي يعتمد على تحليل بيانات أعداد المسافرين وأوقات وأيام الذروة، وعلى أساسها نتخذ الخطوات التي تمكننا من التعامل مع النمو المتوقع لتحقيق أكبر قدر من الانسيابية في حركة المسافرين وتسهيل إجراءاتهم والوصول إلى أعلى قدر من الرضا”.
وتابع “التنسيق مستمر مع الجهات الحكومية والشركاء الاستراتيجيين من خلال اجتماعات دورية للتعامل مع أي نمو، ولدينا خطط لتهيئة فريق العمل وضمان جاهزية المطار”.
وأكد جاهزية المطار للتعامل مع موسم الأمطار، من خلال خطط استباقية تشمل التنسيق مع بلدية دبي وهيئة الطرق والمواصلات والشركاء الآخرين للتعامل مع أي تأثير محتمل للحالة الجوية سواء عن طريق توفير مضخات ومعدات لسحب المياه وضمان استمرارية العمليات بانسيابية.
وأشار الجوكر إلى أن أداء الربع الأخير من كل عام يأتي مدعوماً بموسم الأعياد والإجازات وتحسن الطقس في دبي، ما يعزز تدفق الزوار، لافتاً إلى أن مطارات دبي تتوقع التعامل مع أكثر من 23.2 مليون مسافر خلال هذا الربع ليصل إجمالي المسافرين خلال العام إلى 91.9 مليون مسافر.
لكنه قال “دائماً نراجع التوقعات ونتفوق على توقعاتنا، وبالتالي فمن الممكن أن يختلف هذا الرقم خلال الربع الأخير بفعل الزخم في حركة الزوار”.
وتوقع الجوكر استمرار النمو في حركة المسافرين، ليتجاوز العدد 94 مليوناً في عام 2025 وأكثر من 97 مليوناً في عام 2026، ليكون الوصول إلى 100 مليون مسافر بين الأعوام 2027 و2028.
وتحدث الجوكر عن نتائج الربع الثالث من العام الجاري الذي شهد استقبال 23.7 مليون مسافر، وهو ما يعكس استمرار النمو الملحوظ مقارنة بالربع الثاني الذي سجل 21.8 مليون مسافر.
وقال “خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، بلغ إجمالي عدد المسافرين 68.6 مليون، بزيادة تقارب 6.3% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، كما شهدت عدد الرحلات الجوية زيادة بنسبة 6.4% ليصل إلى 327 ألف رحلة، وهو ما يعكس استمرار النمو المستدام”.
وتحدث الجوكر عن تقدم العمل في مشروع الطاقة الشمسية بمطار دبي الدولي بالتعاون مع شركة “الاتحاد لخدمات الطاقة”، حيث تم تنفيذ ما بين 30 إلى 40% من المشروع، الذي يشمل تركيب ألواح طاقة شمسية على المباني ومواقف السيارات.
وأضاف أن المطارات تعمل على تحسين كفاءة استهلاك الطاقة، بالعديد من الأمور الأخرى مثل استبدال المصابيح التقليدية بأخرى موفرة للطاقة.
وفيما يخص كفاءة العمليات، أفاد بأن مطارات دبي تواصل تحسين تجربة المسافرين، مؤكداً أن أكثر من 98% من المسافرين ينهون إجراءاتهم في نقاط الجوازات بأقل من 10 دقائق عند المغادرة و15 دقيقة عند الوصول، وأكثر من 95% ينهون إجراءاتهم في أقل من 3 دقائق.
وأشار إلى أن أكثر من 92% من الأمتعة والحقائب يتم تسليمها في أقل من 45 دقيقة من زمن وصول الطائرة.وام