المشهد اليمني:
2025-03-24@14:23:08 GMT
سرقة كيلو بطاط تتحول إلى مأساة.. اعتداء وحشي يهز عدن والامن يتحرك
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
سرقة كيلو بطاط تتحول إلى مأساة.. اعتداء وحشي يهز عدن والامن يتحرك.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
لماذا تتحول الثورات إلى مآس دموية؟ قراءة في كتاب
الكتاب: هل قلت تريد ثورة؟، المثالية الراديكالية وعواقبها الوخيمةالمؤلف: دانيال شيرو
ترجمة: مجد أبو عامر، يارا نصّار
الناشر: الشبكة العربية للأبحاث والنشر
السؤال المحوري الذي يدور حوله كتاب المؤرخ الأمريكي دانيال شيرو هو: لماذا انتهت الكثير من الثورات في عصرنا الحديث إلى مآس دموية؟. فمن الثورة الفرنسية، إلى ما تلاها من ثورات في المكسيك وروسيا وألمانيا والصين، والجزائر وإيران، وغيرها في الكثير من الدول في القرنين الماضيين، لم تتمكن الأيديولوجيات الراديكالية التي وعدت بإصلاحات جذرية من تحقيق مثلها العليا والمحافظة عليها، إذ انزلقت سريعا إلى ممارسات قمعية عنيفة، انتهت إلى حالة من الفساد السلطوي الذي قاد في أحيان كثيرة إلى ثورات جديدة. لكن شيرو، مع ذلك، يلفت إلى أن معظم هذه الثورات، رغم عواقبها الوخيمة، كانت تحمل مبرراتها القوية. ويشرح ديناميات هذه الثورات، ويقدم تفسيرات لأسباب انتهائها بشكل مأساوي، كما يقدم أمثلة مغايرة توضح أن هذه النهايات الراديكالية ليست حتمية بالضرورة، ويمكن تجنبها.
يرى شيرو أن "الثورات تُستوحى من المثل الداعية إلى بناء مجتمع أفضل من خلال التغيير المتعمّد والسريع، للقواعد والمؤسسات السياسية الرئيسية. وفي معظم الحالات تنطوي الثورة على رغبة في إجراء تحول في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية". ورغم أن الإصلاح التدريجي قد ينتهي بمرور الوقت إلى تغييرات جذرية، مثل التي تنشدها الثورات، إلا أنه لا يعد ثورة، ولذلك "لا يثق قادة الثورات كثيرا بالإصلاحات التدريجية والمجزأة".
أربع مراحل
يتناول شيرو في كتابه أربع مراحل ثورية رئيسية، يصفها بأنها تعكس "التسلسل المثير للتراجيديا الكلاسيكية" مستعينا بأمثلة من ثورات مختلفة، دون أن يعني ذلك مرور جميع الثورات بهذه المراحل الأربع، لكنها تمر كلها بمرحلتين أو ثلاثة منها. يقول شيرو إن الثورات تندلع بعدما تفشل النخب في حل المشكلات الكبرى، ما يؤدي إلى انهيار النظام، ليتقدم الفاعلون السياسيون ذوو الخبرة المحدودة في الحكم والإدارة ليصبحوا هم النخبة الجديدة، وهي عادة نخبة معتدلة نسبيا، ولهذا السبب تحديدا، بحسب شيرو، تفشل في تلبية مطالب وغضب كثيرين ممن ينشدون التغيير الجذري، أو حتى فهم تلك المطالب.
الثورات تُستوحى من المثل الداعية إلى بناء مجتمع أفضل من خلال التغيير المتعمّد والسريع، للقواعد والمؤسسات السياسية الرئيسية. وفي معظم الحالات تنطوي الثورة على رغبة في إجراء تحول في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية". ورغم أن الإصلاح التدريجي قد ينتهي بمرور الوقت إلى تغييرات جذرية، مثل التي تنشدها الثورات، إلا أنه لا يعد ثورة، ولذلك "لا يثق قادة الثورات كثيرا بالإصلاحات التدريجية والمجزأة..ويمهد هذا الفشل الطريق أمام موجة تالية من الثوريين الأكثر قسوة، لا يترددون في استخدام وسائل أكثر عنفا للاستيلاء على السلطة والاحتفاظ بها. وفي المرحلة الثانية تؤدي ردة الفعل المعادية للثورة إلى تنامي "السياسة التنازعية"، التي غالبا ما تقود إلى حرب أهلية أو تدخل أجنبي، وعندها يجد أصحاب السلطة الجدد أنه من أجل البقاء في السلطة لا بد من تعزيز المؤسسات القمعية، فتصبح الأجهزة العسكرية والشرطية التي "أنشأتها الأنظمة الراديكالية" متاحة للاستخدام من قبل الثوار الذين يمسكون بالسلطة.
ويضيف شيرو أنه نظرا لأن القادة الثوريين يميلون عادة إلى تبني وجهات نظر غير واقعية حول مدى مرونة الأفراد والمجتمعات، فإنهم يصرون على رفع مُثل غير قابلة للتطبيق. وعندما لا تتحقق توقعاتهم تدخل الثورة في مرحلة ثالثة حين يستخدم هؤلاء القادة العنف لإجبار الشعوب على الانصياع، في حال امتلكوا الأدوات القمعية اللازمة. وربما ألقوا اللوم على الدول والمنظمات الخارجية، أو حتى الخيانة الداخلية، وهم بذلك يتهربون من حقيقة عدم واقعية برامجهم. وهذه حالة تقود بالعادة إلى مزيد من القمع وحملات التطهير داخل صفوف النخبة.
وفي المرحلة الرابعة يبدأ الثوار بالتخلي عن أهدافهم المثالية من أجل الاحتفاظ بالسلطة، التي تتحول من سلطة قمعية إلى سلطة فاسدة لأنها تفتقر إلى المؤسسات التقويمية التي يفترض أن تكشف تجاوزاتها. يلفت شيرو إلى أنه في "أول ثورتين حديثتين؛ الأميركية والفرنسية، تجنبت الأولى النتائج المذكورة كلها، بينما وقعت الثانية في كل واحد من هذه الفخاخ، وهذا أحد الأسباب التي جعلت تاريخ الثورة الفرنسية منذ ذلك الحين نموذجا يستخدمه محللو الثورات الأحدث منها".
نموذج مختلف
من جهة أخرى يشير شيرو إلى أن بعض الدول التي شهدت تغييرات كبرى على مدى فترات زمنية ممتدة، وقادها زعماء محافظون اجتماعيا، تبين لاحقا أنها كانت تغييرات ثورية، وحدثت دون إراقة دماء أو إجراءات قمعية عنيفة. إذ أدرك هؤلاء الزعماء ضرورة القيام بإصلاحات تقدمية لتجنب نتائج أكثر خطورة. ويقول إنه في العام 1848 وقعت ثورة ليبرالية فاشلة في ألمانيا، وبقي الرجعيون المناهضون لليبرالية في السلطة.
لكن هذه السلطة المحافظة بقيادة أوتو فون بسمارك كانت أيضا مرنة، واستطاعت التكيف مع المتغيرات، فسمحت بمزيد من الديمقراطية، وأدمجت الطبقات العاملة تدريجيا، وسمحت بأن يكون للطبقات الوسطى صوت سياسي، ونهضت بمؤسسات البحث العلمي، وصعدت بالاقتصاد الألماني ليحتل المرتبة الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
بعض الدول التي شهدت تغييرات كبرى على مدى فترات زمنية ممتدة، وقادها زعماء محافظون اجتماعيا، تبين لاحقا أنها كانت تغييرات ثورية، وحدثت دون إراقة دماء أو إجراءات قمعية عنيفة.غير أن إغفال النخب السياسية والعسكرية فيما بعد لحقيقة أن استقرار ألمانيا وتقدمها اعتمد على العناصر السابقة الذكر، واعتقادها أن ذلك يعود إلى انتصارها في حروب الأعوام 1864،و1866،و1871، وإلى النزعة العسكرية البروسية العنيفة، جعلها تتجه لإذكاء الحس القومي والطموحات الإمبريالية. توجه زعزع استقرار أوروبا، لتأتي بعد ذلك الحرب العالمية التي مهدت لصعود النازية بشكل أكثر جذرية. ومثل ألمانيا كانت اليابان التي عرفت ابتداء من العام 1868 إصلاحات وعملية تحديث كبيرة نفذها بيروقراطيون ومحافظون اجتماعيا، بدلا من ثوار راديكاليين يسعون للإطاحة بالنظام الاجتماعي برمته.
لكن اليابان أيضا استغلت نجاحها هذا لتحويل نفسها إلى قوة إمبريالية عنيفة، الأمر الذي قادها إلى حروب مأساوية كادت أن تدمرها. يشير شيرو إلى أن التغيير التدريجي والمعتدل قد يقود إلى عواقب وخيمة على المدى الطويل، فعلى سبيل المثال كان لاسترضاء النخب المحافظة المالكة للعبيد في الجنوب الأمريكي عندما نشأت الولايات المتحدة، آثارا سلبية كبيرة، تمثلت بالحرب الأهلية الكبرى (1861ـ 1865)، والصراع العرقي المستمر حتى هذا اليوم.
ما يريد شيرو قوله هو أن كل الثورات سواء كانت راديكالية أو عبارة عن إصلاحات تدريجية محافظة، أو حتى ليبرالية معتدلة وسلمية تظل دائما منقوصة، غير قادرة على حل كل مشكلات المجتمع، والقضاء على مخلفات الماضي، وهي عادة ما تنتهي بخيبة أمل مؤيديها. وفي الوقت نفسه يرى أن التحديث لا يتطلب ثورة سياسية ما دامت الحكومات والنخب والمهيمنة مستعدة لإبداء المرونة الكافية لدعم التغييرات الثورية التدرجية على المدى الطويل، كما حدث في بريطانيا.
ما قبل الثورة
في استنتاجاته من دراسة هذه الثورات ينبّه شيرو إلى أن الليبراليين المعتدلين يحتلون، غالبا، مواقع متقدمة في المراحل الأولى من الثورات الحديثة، لكنهم يسيئون تقدير غضب الجماهير، والجاذبية المتزايدة لأولئك الذين يقترحون حلولا راديكالية، وبالتالي لا يدركون مدى السرعة التي قد تخرج فيها الثورات عن نطاق السيطرة بعد أن كانت تطالب بإصلاحات معتدلة. أما المحافظون المتعصبون فيخلطون بين الإصلاح المعتدل الذي يهدد مصالحهم والراديكالية الأشد خطورة التي تريد القضاء عليهم، ما يجعلهم مستعدين للجوء إلى القمع العنيف لوقف التغيير اللازم. وقد جلب السياسيون الألمان المحافظون هتلر إلى السلطة، لأنهم ظنوا أن التحالف مع النازيين أفضل من تقديم تنازلات لمصلحة الديمقراطيين الاشتراكيين المعتدلين.
روسيا والصين تتحولان، تقريبا، إلى قوى فاشية كلاسيكية معادية لليبرالية، كما أن أجزاء من أوروبا الشرقية الشيوعية سابقا تسير على الخطى ذاتها نحو الأوتوقراطية.يتساءل شيرو: هل ثمة أوضاع ما قبل ثورية خطرة في عالمنا المضطرب اليوم؟ ويقول إنه ربما لم يحدث ذلك بعد في الديمقراطيات، رغم الشلل السياسي المتنامي، وعدم القدرة على إجراء التغييرات اللازمة، بما في ذلك الولايات المتحدة وقسم كبير من أوروبا الغربية، وهو ما يرجح حدوث اضطرابات غير متوقعة في نهاية المطاف. لكن الوضع أكثر قابلية للانفجار في معظم أنحاء العالم ولا سيما في الشرق الأوسط، ووسط وجنوب آسيا.
ويضيف أن روسيا والصين تتحولان، تقريبا، إلى قوى فاشية كلاسيكية معادية لليبرالية، كما أن أجزاء من أوروبا الشرقية الشيوعية سابقا تسير على الخطى ذاتها نحو الأوتوقراطية. وفي هذا السياق يذكّر شيرو بضرورة الاهتمام بما يكتبه أو يقوله الزعماء السياسيون، وعدم التهوين من شأن الآراء المتطرفة والتعامل معها باعتبارها مبالغات انتهازية، أو تكتيكات لحشد أنصارهم. "هذا خطأ آخر يرتكبه الإصلاحيون الوسطيون وحتى الثوريون الأكثر اعتدالا" بحسب ما يقول.
بل يجب أن نفترض أن أي موافقة على العنف أو التشجيع عليه من قبلهم هي بمثابة تنبؤ بالسياسات المستقبلية. تماما كما لا يجب أبدا التقليل من دور النخب السياسية والثقافية في التمهيد، فكريا، للتغيير الثوري. "لقد مهد فلاسفة التنوير في فرنسا الطريق للثورة من خلال تغيير الأفكار قبل أواخر ثمانينيات القرن الثامن عشر، وكان التنوير البريطاني والفرنسي جزءا من فكر النخبة الأميركية قبل سبعينيات القرن الثامن عشر. وكانت المعارضة الروسية للحكم القيصري المطلق لعقود تتزايد بين المثقفين قبل ثورة 1917... وكان من المفترض أن يمثّل اختمار المعارضة بين المثقفين الإيرانيين إشارة إلى الشاه في أوائل سبعينيات القرن العشرين بأن الأمور ليست على ما يرام.. الأفكار قد تمهد الطريق لنزع شرعية الأنظمة السياسية القائمة". وأخيرا يقول شيرو إن التغيير المتدرج والحلول التوفيقية والمرونة هي أنجع السبل للتكيف مع مطالب الإصلاح. لكن إذا قامت الثورة فسوف يتطلب الأمر مهارة غير عادية وإصرارا من جانب الإصلاحيين المعتدلين لمنع تحولها إلى مأساة.