مقدمة تلفزيون "أم تي في"
بنيامين نتانياهو أعلن حربًه الثالثة. فبعد حربِه على حماس وعلى حزب الله، ها هو اليوم يعلن الحربَ على قوات اليونيفيل. فهو حثَّ في تصريح رسميٍّ الأمينَ العام للأمم المتحدة على نقل قواتِ السلام الدولية من مناطق القتال، معتبراً أنّ حزب الله يستخدم اليونيفيل كدرع بشري. موقفُ رئيسِ الحكومةِ الإسرائيلية يعني أمراً واحداً: تهيئةُ الظروفِ الموضوعيّةِ اللازمة لتَشُنَّ إسرائيل حربَها ضدَّ حزبِ الله متحرّرةً من أي قيد، وتحديداً من وجود قوّةٍ لحفظ السلام في مناطق القتال.
مقدمة تلفزيون "المنار"
عبواتٌ ناسفةٌ في رامية وتفجيرُ آليات، والتحامٌ في عيتا الشعب وبليدا وغيرِهِما، وصواريخُ الى زرعيت والمنارة وشوميرا، وحتى طيرةِ الكرمل الواقعةِ ما بعدَ حيفا..
ومعَ كلِّ الاِطباقِ العسكريِّ على الاعلامِ اعترافٌ صهيونيٌ بنحوِ ثلاثينَ جريحاً، وتسريباتٌ اعلاميةٌ لقنوات مقربة منهم كشفت عن خمسةِ قتلى، وحديثُ المستوطنينَ عن حادثٍ صعبٍ عندَ الحدودِ معَ لبنان..
هي ايامٌ صعبةٌ وليست حادثاً فقط – كما يؤكدُ رجالُ اللهِ في الميدان، الذين يُذيقونَ المحتلَّ بعضَ البأسِ منفذينَ الوعدَ الذي قطعَه القائدُ العظيمُ والشهيدُ الاقدس – سماحةُ السيد حسن نصر الله، من انَ الدخولَ الصهيونيَ الى الاراضي اللبنانيةِ فرصةٌ كبيرةٌ لنا..
والفرصةُ ببداياتِها وغنائمِها حتى الآنَ ما لم يَكُن يتوقَعُهُ المحتلُّ من قتلى وجرحى، وجيشٍ مشظًّى، يتلطَّى خلفَ مشاهدَ استعراضيةٍ لجنودِه بمنازلِ اللبنانيينَ عندَ الحافةِ الامامية، ليُستِّرَ على خسائرِه واصواتِ خوفِهم واعتراضِهم على قراراتِ حكومتِهم التي تورطُهم بالوحلِ اللبناني..
والوحلُ هذا سيتحولُ الى الكارثةِ بحسَبِ الاعلامِ الاميركي، الذي عنونَت صُحُفُه كـ “ناشيونال انترست” : تل ابيب امامَ مفترقِ طرق، محذرةً الصهاينةَ من الغطرسةِ كما اَسمتها، وتوسيعِ الحرب، فما يَنتظرُهم بحسَبِ الصحيفةِ صعبٌ جداً، والمعنوياتُ التي كَسِبُوها من الاغتيالاتِ لقياداتِ حزبِ الل سرعانَ ما ستُبدّدُها خسائرُ الميدانِ معَ توسيعِ الرُقعةِ الجغرافيةِ للاشتباك..
والاشتباهُ لدى البعضِ من اعداءِ المقاومةِ انَ الامورَ باتت بمتناولِ ايديهم، نُحيلُهم الى كلامِ الاميركي الذين لا يسمعون لغيره، والى اضطرارِ البنتاغون للحضورِ الى تل ابيب بعسكرِه ومنظوماتِ ثاد للصواريخِ دفاعاً عن الكيانِ المربَكِ عندَ مفترقِ طُرُق. ومعَ كلِّ القتل والاجرام والدمير الصهيوني على مساحة الوطن، ومع كل التهويلِ الداخلي والخارجي على المقاومينَ واهلِهم، فانَ حالَهُم التمسكُ بقولِ اللهِ تعالى: الذين قال لهمُ الناسُ إنَ الناسَ قد جَمَعوا لكم فاخشَوْهُم فزادَهم إيماناً وقالوا حَسبُنا اللهُ ونِعْمَ الوكيل..
وحسبُنا اللهُ، ورجالُ الله، الذين يصنعونَ اعظمَ ايامِ الله.
مقدمة تلفزيون "أو تي في"
لا حدود لعدوان اسرائيل واجرامها وحقدها، تماما كما لا حدود لجهل كثيرين من سياسيي لبنان واستخفافهم بمصير الوطن وقلة اكتراثهم بمستقبل الناس.
فوقاحة اسرائيل تجاوزت كل الحدود، لتبلغ اليوم حد تهديد اليونيفيل على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، فيما تبدو غالبية دول الاقليم والعالم عاجزة عن ضبط عدو مجنون تفلت من كل الضوابط، ولاسيما ما كان “يمون” عليه به حلفاؤه وداعموه الاساسيون من ضبط نفس.
ووقاحة بعض السياسيين اللبنانيين تجاوزت ايضا كل الحدود. فقبل الحرب وبعدها، لا رئيس. وقبل الحرب وبعدها، لا سلطة مكتملة دستورا وميثاقا، وقبل الحرب وبعدها لا تصور واضحا للمسار والافق والمستقبل.
اما التنافس السياسي ضيق الافق، فوحده يسود الساحة، فيما كلام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل امس في ذكرى 13 تشرين، وحده خرق جدار الصمت، من حيث تضمنه رؤية واضحة، وتوجها جامعا للبنانيين، يقدر ان يحول الكارثة الى أمل، والأزمة الى فرصة.
وفي المقابل، كتل تجتمع مع نفسها وتصدر بيانات لا توصل الى مكان، وتجمعات سياسية طائفية حرصها الوحيد هو على مكتسباتها المزمنة، وسط تضارب لامتناهي في الطوحات وتناقض مكشوف في الخلفيات.
اما شهداء الوطن، من 13 تشرين الاول 1990 الى 13 تشرين الاول 2024، فوحدهم منسيون مظلومون متروكون، طالما لم تبن دولة على قدر تضحياتهم، ولم تتأمن ديمومة الكيان اللبناني الواحد الحر السيد المستقل، بما يليق بالدماء المبذولة على مذبح البقاء.
مقدمة تلفزيون "أن بي أن"
لم تكد تنقضي دقائق على انعقاد حكومة العدو الإسرائيلي اليوم حتى غادر بنيامين نتنياهو ومستشاره العسكري الاجتماع على ما أوردت يديعوت أحرونوت. لم تذكر الصحيفة العبرية الأسباب التي فرضت هذه المغادرة المبكرة لكن الثابت أنها تمت على إيقاع الأنباء المتلاحقة الواردة من جبهة المواجهة الساخنة على الحدود اللبنانية. هناك كانت الساعات القليلة الماضية شاهدة على مواجهات عنيفة بين وحدات من جيش الاحتلال ومجموعات من المقاومة المدافعة عن الثغور.
أبرز هذه المعارك دارت رحاها على محاور بلدات راميا والقوزح وبليدا حيث تحاول قوات الاحتلال - على نحوٍ مستميت - التقدم ولو أمتارًا قليلة لالتقاط صورة لكنها تصطدم بمقاومة عنيدة إلى حد الالتحام من مسافة صفر.
أما الحصيلة الثقيلة للعدو فعكستها حركة الطائرات المروحية هبوطـًا وإقلاعـًا لنقل الضباط والجنود القتلى والجرحى إلى المستشفيات. وقد قدرت وسائل اعلام عبرية هؤلاء بما بين عشرين وثلاثين جنديـًا سقطوا في ما وصفته بدايةً بأنه حدث أمني صعب على حدود لبنان.
وبالتزامن مع هذا الحدث الصعب أعلن جيش الاحتلال توسيع ما وصفه بالمناورات البرية مشيرًا إلى أنه دفع بفرقة عسكرية جديدة إلى جبهة الجنوب اللبناني. غير أنه بالرغم من كل هذا الحشد العسكري يعجز جيش الاحتلال عن تحقيق خرق بري جوهري على الحدود. أضف إلى ذلك فشله ومنظوماته الحديدة في التصدي لموجات صواريخ المقاومة التي ما برحت تضرب بقوةٍ وكثافةٍ القواعد والثكنات والمواقع العسكرية والحيوية للعدو من الحدود حتى تخوم حيفا وتل أبيب.
وفي مواجهة كل هذا الاستعصاء يواصل العدو الإسرائيلي حربه الوحشية على المناطق اللبنانية الآمنة وتطارد طائراته الحربية والمسيّرة أهدافـًا مدنية في الجنوب والبقاع والضاحية وصولاً إلى مناطق أخرى في صيدا والشوف والبترون وكسروان على غرار ما حصل أمس.
وفي جديد مآثر العدو تدميره مساجد في كفرتبنيت والضهيرة والعباسية المجاورة للغجر واستهدافه الصليب الأحمر اللبناني قرب صربين واستخدامه صواريخ محشوّة بقنابل عنقودية محرمة دوليـًا في قصفه منطقةً بين حانين والطيري.
أما الاعتداءات الإسرائيلية على اليونيفيل فلم يتعهد بنيامين نتنياهو بوقفها رغم الدعوات الدولية وآخرها من جانب أربعين دولة لها جنود عاملون في هذه القوات. وقال نتنياهو متوجهـًا إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن رفضه إخراج هؤلاء الجنود يعرّض حياتهم للخطر.
على ان هذا التصعيد الإسرائيلي على جبهات متعددة يلقي المزيد من الشكوك والمخاطر على الجهود الدبلوماسية الرامية لوقف اطلاق النار والتي شهدت تزخيمـًا خلال الساعات القليلة الماضية.
وقد لفت الرئيس نبيه بري في تصريحات نـُشرت اليوم إلى أن الاتصالات الدولية مستمرة للوصول إلى وقف للنار. وأشار إلى ان الموقف الفرنسي في هذا الشأن ممتاز قائلاً إنه كرر عبارة (وقف إطلاق النار) عشر مرات خلال الاتصال الأخير مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
وإذ أعتبر ان الأميركيين يقولون ما لا يفعلون قال الرئيس بري إننا ننتظر منهم الضغط أكثر في سبيل وقف إطلاق النار. اما الكلام على القرار 1559 فهو كلام سياسي على ما أكد رئيس مجلس النواب لأن القرار 1701 قد ألغاه.
مقدمة تلفزيون "الجديد"
جبهة اسناد عسكرية أطلقتها الولايات المتحدة الى جانب اسرائيل التي أخفقت في صد الصواريخ الى عمق المدن، فيما تستعد لضرب ايران من دون تحديد الوجهة وزمانها فشلت قيادة تل ابيب في عودة المستوطنين الى الشمال.. وراوحت مكانها في التقدم البري واعتدت بضرب قرى ومستشفيات لبنانية وبتدمير ساحات واسواق تجارية وبأسر مقاوم وتصويره خلافا لكل شرائع الامم.. لكنها الآن تستجير باميركا طلبا لعتاد مع جنوده .. لأن جنودها اغبى من ادارة منظومة صاروخية واعلن البنتاغون انه سيرسل بطارية دفاع جوي للمناطق عالية الارتفاع وطاقما مرتبطا بها، ونشر المنظومة المضادة للصواريخ الباليستية يهدف لتعزيز دفاعات إسرائيل الجوية في اعقاب هجوم ايران التي قالت وزارة الدفاع الاميركية إنها غير مسبوقة واكد البنتاغون ان منظومة بطارية "ثاد" ستعزز الدفاع الجوي الاسرائيلي تحسبا لاي هجمات صاروخية بالستية اخرى من ايران وتؤشر هذه الجهوزية الى تحسب لرد قوي من ايران وتعكس في الوقت نفسه خسائر منيت بها اسرائيل في ضربتي نيسان الماضي والاول من اوكتوبر، وهو ما بدأت ضريبة الأملاك الإسرائيلية بنشره وتقديره وفي الأضرار عند الحدود مع لبنان فإن اسرائيل لا تنشر إلا ما يعزز صورتها امام جنودها ومستوطنيها الذين ما بارحوا الملاجئ وأضاف العدو.. قوات اليونيفيل الى لائحة اهدافه بتهديد واضح وجهه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتوجه الى الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش بالقول: "لقد طلب الجيش الإسرائيلي إخراج قوات اليونيفيل من منطقة الحرب، وقوبل برفض متكرر، وكلها امور تهدف إلى توفير درع بشري لإرهابيي حزب الله على حد تعبيره إن رفضكم إجلاء جنود اليونيفيل يحولهم إلى رهائن حزب الله ويعرض حياتهم وحياة جنودنا للخطر وردت قوات حفظ السلام بتفنيد الاعتداءات على جنودها. وقالت إن ولاية اليونيفيل تنص على حرية الحركة في منطقة عملياتها، وإن أي تقييد لهذا، يعد انتهاكا للقرار 1701، ولفتت الى انها طلبت من الجيش الإسرائيلي تفسيرا لهذه الانتهاكات المروعة ومع وضع القوات الدولية العاملة في الجنوب على خريطة النار، هدد وزير الحرب الاسرائيلي يواف غالانت من وراء الحدود اللبنانية بان جيشه لن يسمح لحزب الله بالعودة إلى القرى القريبة من الحدود بعد انتهاء العملية البرية في جنوب لبنان لكن صوتا خرج له من ارض وسماء يطلب الى المقاومين تحرير الارض.. وتم نشر رسالة بصوت الامين العام لحزب الله السيد الشهيد حسن نصرالله متوجها الى المقاومين بالقول: نراهن عليكم وعلى جهادكم للدفاع عن اهلكم وكرامتكم .. سائلا الله أن يجعلهم دائما "حماة ديار".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: بنیامین نتنیاهو مقدمة تلفزیون حزب الله
إقرأ أيضاً:
الحرب بالنقاط
حاتم الطائي
◄ المقاومة الفلسطينية أثبتت شجاعةً وصمودًا سيسجلهما التاريخ إلى الأبد
◄ لا يجب أن يتسلل اليأس إلى النفوس.. لأنَّ نصر الله قريب
◄ نحن أمام حرب تاريخية بين الحق والباطل.. والمُقاومة حققت انتصارًا استراتيجيًا
ربما لم يشهد التاريخ معركةً بين الحق والباطل، أوضح وأكثر جلاءً من معركة "طوفان الأقصى" التاريخية، بين حق الشعب الفلسطيني في المُقاومة والعيش على أرضه مُعززًا مُكرَّمًا، وبين باطل الصهيونية الإجرامية، التي تُنفذ أبشع حرب إبادة في تاريخنا المُعاصر، في ظل آلة القتل والدمار التي لا تتوقف بدعم أمريكي لا محدود، وخذلان إقليمي وعالمي مُؤسف.
المشاهد الدامية التي تُمزِّق قلوبنا منذ أكثر من سنة وشهرين، تُؤكد أننا أمام عدو بربري غاشم، يتعمَّد إبادة الشعب الفلسطيني، بهدف تصفية القضية وتنفيذ مخططه الإجرامي الذي بدأه قبل 76 عامًا، والاستيلاء على كامل التراب الفلسطيني وتوسيع كيانه الغاصب فيما يُعرف باسم "إسرائيل الكبرى". لكن المُقاومة الفلسطينية الشجاعة تقف لهذا العدو بالمرصاد، فبعد أن بادرت بمعركة "طوفان الأقصى" ونجاحها في اختراق صفوف العدو وأسر عدد كبير من الإسرائيليين، واصلت المقاومة- وعلى رأسها "كتائب القسام"- عملياتها من أجل صد العدوان ودحر العدو وتكبيده خسائر باهظة في الأرواح والعتاد والعُدة. ورغم عدم التكافؤ بين جيش إرهابي مُجرم يتلقى الدعم والتسليح من الولايات المتحدة، وبين المقاومة الفلسطينية التي تعتمد على جهودها الذاتية في التسليح بأبسط الإمكانيات والأدوات، وعلى رجالها المُخلصين المستعدين للتضحية بأرواحهم في سبيل تحرير الأرض، إلّا أنَّ المعارك لم تتوقف، والعمليات النوعية مُستمرة، والأرقام والإحصائيات تُبرهن على أنَّ المقاوِم الفلسطيني صامد في الميدان بعد 442 يومًا من العدوان.
وهذا يدفعنا للتساؤل: هل خسرنا المعركة؟ هل المقاومة مُهددة بالاندثار كما يظن البعض؟
نقول للجميع، إنِّه لا ينبغي أن يتسلل اليأس إلى نفوسنا، وأن نظل مُتمسكين بما تحقق من نصر استراتيجي على عدو خسيس جبان، وأن كُل ما استطاع تحقيقه بمشقّة وصعوبة، لا يعدو كونها تحولات تكتيكية لصالحه، لكنها ليست نصرًا ولن تكون، فأيُّ نصر يتحقق دون إنجاز الأهداف المُعلنة؟ وأي انتصار مزعوم يُمكن أن يدعيه العدو بينما لم يتمكن من تحرير أسير واحد حيّاً أو إجبار الشعب الفلسطيني على التهجير من أرضه؟
نعم، المُقاومة خسرت كثيرًا، وهذه طبيعة المعارك التاريخية. نعم المقاومة فقدت كبار قادتها؛ سواءً في جبهة غزة العزة أو لبنان الصمود؛ وعلى رأسهم القائد إسماعيل هنية وصالح العاروري، ويحيى السنوار، وفي لبنان: الشهيد السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله، والقيادي فؤاد شكر (الحاج محسن)، وإبراهيم عقيل، وإبراهيم قبيسي، وعلي كركي (مهندس الاستراتيجية العسكرية لحزب الله)، ونبيل قاووق، وغيرهم الكثير من الشهداء الذين سيُخلِّدهم التاريخ في صفحات البطولة والمُقاومة والشجاعة والعزة.
لذلك لا ينبغي أبدًا لكل مُؤمن بعدالة القضية أن يُعاني اليأس أو الإحباط، فهذا الدمار الهائل وذلك القتل المُمنهج والتصفيات الإجرامية للقادة التاريخيين للمقاومة، ليست سوى "رقصة المذبوح" لعدو تجرّع كؤوس الألم بكل مرارة، ويدعي زورًا وبهتانًا أنَّه انتصر!!
هذه حرب تاريخية بين الحق والباطل، وستظل مُستمرة لسنوات وعقود حتى تحين الضربة القاضية، ولن تحسمها معركة واحدة أو اثنتان؛ إنها حرب بالنقاط، وقد أحرزت المُقاومة الفلسطينية نقاطًا عدة، مكّنتها من تحقيق نتائج مُبهرة لم نكن يومًا نحلم بها؛ فلأول مرة تتوحد ساحات المُقاومة في لحظة تاريخية كُتبت فيها "ملحمة وحدة الساحات"، وانهالت الصواريخ والقذائف على عمق الكيان، من كل حدب وصوب، من غزة ومن لبنان ومن إيران ومن اليمن ومن العراق، وقد تحولت دولة الاحتلال إلى أكبر ملجأ تحت الأرض في العالم، يختبئ فيه في لحظة واحدة نحو 4 ملايين إسرائيلي.
لأوَّل مرة تبدأ الهجرة المُعاكسة؛ حيث فرَّت أعداد كبيرة من الصهاينة إلى خارج حدود دولة الاحتلال، ليعودوا من حيث جاءوا، وليتأكد العالم أجمع أن دولة الاحتلال الصهيوني ليست سوى مقر لمُتشردي العالم وليست ليهود العالم.
لأول مرة يُشاهد العالم أجمع حرب إبادة على الهواء مُباشرة، وعبر شاشات التلفزة ومنصات التواصل الاجتماعي.. ولأول مرة يخرج عشرات الملايين من البشر حول العالم للتنديد بجرائم الصهيونية تجاه الشعب الفلسطيني، وتسقط التهم الزائفة بما يُسمى بـ"معاداة السامية"، ويتكشف للجميع مدى عدوانية وبربرية وهمجية هذا العدو المُجرم.
لأوَّل مرة يُحاكم قادة إسرائيل المُجرمين أمام أكبر محكمتين في العالم: المحكمة الجنائية الدولية (المعروفة باسم محكمة جرائم الحرب)، ومحكمة العدل الدولية، وكلتاهما تحققان في تنفيذ إسرائيل لجريمة الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاك القانون الدولي الإنساني.
لأول مرة في تاريخ هذا الكيان البغيض، يصدر أمر اعتقال دولي بحق رئيس وزرائه المُجرم عتيد الإجرام بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت، ويصبحان منبوذين ومذعورين من الخروج من كيانهما الغاصب، خشية الاعتقال.
لأول مرة تنهار على أيدي المُقاومة، أسطورةُ الردع، وتتحطم مزاعم "الجيش الذي لا يُقهر"، ولم تفلح أي منظومة دفاع جوي في صد صواريخ المقاومة التي كانت- وما زالت- عليهم مثل الطير الأبابيل، فتُشعل النيران فيهم وتُجبرهم على الفرار إلى الملاجئ.
لا يجب أن ييأس أحدُنا لما يُصيب المقاومة من خسائر مؤقتة؛ إذ إنَّ اختلال موازين القوى في هذا العالم يمنح العدو أفضلية نسبية بفضل استحواذه على أحدث التقنيات والأسلحة، لكن أصحاب القضية في المقابل يُسجلون النقاط العظيمة واحدة تلو الأخرى، حتى تتحرر فلسطين الأبيّة.
لن تذهب دماء الشهداء الزكية سُدى، لأننا أمة تؤمن بأن "نصر الله قريب"، ويكفينا عزة وفخرًا أن هذا النصر مقترن بلفظ الجلالة "الله"، ليتأكد لنا حتمية تحقُّقه، خصوصًا وأنه " وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ "، وهذه الآية الكريمة في سورة آل عمران، يجب أن تكون شعارنا دائمًا، وأن نتدبر معانيها في كل مرة نمر عليها، لنتيقن أن النصر آتٍ آتٍ، وما هي إلا مسألة وقت، فهذا وعد الله للمؤمنين، والله لا يُخلف الميعاد.
لقد أثبت الشعب الفلسطيني البطل مدى شجاعته واستبساله واستعداده للفداء والتضحية، ذودًا عن أرضه ووطنه، بينما الصهيوني الجبّان يفر تحت الملاجئ وخارج الحدود، وهنا يكمن الفارق بين صاحب الأرض والمُحتل!
لقد أدرك العالم بأسره، أن إسرائيل كيان غاصب خارج عن القانون الدولي، وقادته مجرمون عُتاة الإجرام ينفذون المذابح واحدة تلو الأخرى بدم بارد، ويواصلون حرب إبادة تستهدف الحرث والنسل.
ولذلك نؤكد أن نهاية إسرائيل قادمة لا محالة، وقريبًا سيزول هذا الورم السرطاني الذي يُعربد في منطقتنا العربية، ويُدنس مقدساتنا الدينية، فالقاتل سيُقتل ولو بعد حين، ويكفي أنَّ أول الذين توقعوا انهيار الكيان وتلاشيه إلى الأبد هم الكُتّاب والمفكرون اليهود، مثل نعوم تشومسكي وألون ميزراحي والمفكر الأمريكي اليهودي جيفري ساكس، وغيرهم كُثُر، لأنه لا يُمكن لدولة توسعية- تمثل آخر بقعة استعمارية في العالم- أن تستمر وسط محيط عربي ومسلم، يناصبها العداء جرّاء كل الجرائم التي ارتكبتها في العديد من الأقطار العربية والإسلامية، أضف إلى ذلك التناحر الداخلي القائم على العنصرية اليهودية (مثل الأشكيناز والسفارديم ويهود الفلاشا) والطائفيّة الدينية (مثل الحاريديم والليبراليين والعلمانيين).
ويبقى القول.. إنَّ "طوفان الأقصى" أسهم في نسف كل وهم ارتبط بالكيان الصهيوني، وأصبح العالم يُدرك تمامًا حجم الظلم والعدوان الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة ودمار شامل، وبات قادة إسرائيل قاب قوسين أو أدنى من السجن، وقد فشلت كل مُخططاتهم لتهجير الفلسطينيين وتصفية القضية.. وعلى الجميع الإيمان بأنَّ المقاومة فكرة ستظل حيَّة في القلوب والعقول، قبل أن تتحول إلى حقيقة على أرض الواقع، وأنَّ الفكرة لا تموت مطلقًا، وأن النصر آتٍ، "وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ". وقد صدق الله العظيم.
رابط مختصر