فضل الصلاة في جوف الليل.. الإفتاء تٌجيب
تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية أن صلاة الليل مِن أجَلِّ العباداتِ وأعظَمِهَا، وأفضلِ القرباتِ وأحسَنِها، وهي دأبُ الصالحين، وسبيل الفالحين، امتدَحَها وامتَدَح أهلَها ربُّ العالمين؛ فقال في مُحكم آياته وهو أصْدقُ القائلين: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: 16-17].
فضل الصلاة في جوف الليل
صلاة القيام من السنة المؤكدة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقد مدح الله تعالى عباده الذين هم أهل الجنة بأنهم: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ [السجدة: 16]، وقال تعالى مادحًا لهم أيضًا: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: 17]، وروى مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ»، وهي تُصَلَّى مثنى مثنى، كما ورد بالسؤال؛ وذلك لرواية "الصحيحين" عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ».
فضل صلاة قيام الليل
قال الإمام الزَّمَخْشَرِيُّ في "الكشاف": [﴿تَتَجَافَى﴾ تَرتفع وتَتَنَحَّى عَنِ الْمَضاجِعِ عن الفُرُش ومواضِع النوم، داعِين ربهم، عابِدِين له، لأجْل خوفهم مِن سَخَطِه وطَمَعِهم في رحمته، وهم المُتَهَجِّدُون. وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تفسيرها: «قِيَاْمُ الْعَبْدِ مِنَ الْلَّيلِ».. والمعنى: لا تَعلم النُّفُوس -كلُّهنَّ ولا نَفْسٌ واحدةٌ منهنَّ لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ولا نبيٌّ مُرسَلٌ- أيَّ نوعٍ عظيمٍ مِن الثواب ادَّخَرَ اللهُ لأولئك وأَخْفَاهُ مِن جميع خلائقه، لا يَعلمه إلا هو مما تَقَرُّ به عيونُهم، ولا مَزيد على هذه العدة ولا مَطْمَحَ وراءها، ثم قال: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ فحَسَمَ أطماعَ المُتَمَنِّين] .
ولَمَّا كان الليلُ يَنقسم إلى أجزاءٍ يَختص بعضُها بِمَزِيَّةٍ عن غيرها مِن الفضل والأجر، احتاج المسلم أن يعرف هذه الأوقات ابتغاءَ نَيْلِ بَرَكَتِهَا وإحيائها بالعبادة مِن القيام، والتهجُّد، وقراءة القرآن، والْذِّكْرِ، والدعاء وقت السَّحَرِ، والحرص على إيقاع الأذكار في أوقاتها المحبوبة، فإنَّ خيرَ الناس مَن يراعي الأوقات لأجْل ذلك؛ فعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ خِيَارَ عِبَادِ اللهِ الَّذِينَ يُرَاعُونَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ وَالْأَظِلَّةَ لِذِكْرِ اللهِ» أخرجه مرفوعًا الأئمةُ: البيهقي في "السنن الكبرى"، والبغوي في "شرح السنة"، والطبراني في "الدعاء"، والحاكم في "المستدرك" ووثَّق إسناده.
قال زين الدين المُنَاوِيُّ في "فيض القدير: [«إِنَّ خِيَارَ عِبَادِ اللهِ» أي: مِن خيارهم «الَّذِينَ يُرَاعُونَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ وَالْأَظِلَّةَ» أي: يترصدون دخول الأوقات بها «لِذِكْرِ اللهِ» أي: لأجْل ذِكره تعالى مِن الأذان للصلاة ثم لإقامتها، ولإيقاع الأوراد في أوقاتها المحبوبة].
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: القيام قيام الليل صلاة القيام فضل الصلاة جوف الليل فضل صلاة قيام الليل صلى الله علیه وآله وسلم
إقرأ أيضاً:
كيف تأخذ أجر قيام الليل وأنت في سريرك؟
قيام الليل يُعد من أعظم الطاعات عند الله سبحانه وتعالى، ينزل الله كل ليلة في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا، فيقول: «هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من سائلٍ فأعطيه؟ هل من مستغفرٍ فأغفر له؟» حتى يطلع الفجر.
ورغم هذه الفضائل، فإن الكثير من الناس قد لا يستطيعون القيام، فكيف يمكنهم نيل أجر قيام الليل وهم في أسرّتهم؟
قيام الليل ليس مجرد صلاةفهم قيام الليل يقتصر لدى البعض على الصلاة، ولكن الواقع أنه أوسع من ذلك، فالاستغفار، والصلاة على النبي، والذكر، والتسبيح، وقراءة كتاب نافع، والدعاء لك ولأهلك وأحبتك، كلها تدخل في إطار قيام الليل، بمعنى آخر، يمكن للإنسان أن يحظى بأجر قيام الليل حتى وهو في سريره، عبر هذه العبادات المتنوعة.
كيف تحصل على الأجر بسهولة؟إذا واظبت على هذه العبادات البسيطة بانتظام، فسوف تُكتب من القائمين، وإن مرضت أو تعذرت عليك المواظبة بسبب ظروفك، فإن الله سبحانه وتعالى يوكل ملائكة تكتب لك الأجر كاملًا، بفضل رحمته.
أسهل الطرق لنيل أجر قيام الليلصرّح الشيخ عبدالله العجمي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن أداء صلاتي العشاء والفجر في جماعة يعادل أجر قيام الليل. واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من صلى العشاءَ في جماعةٍ فكأنما قام نصفَ الليلِ، ومن صلى الصبحَ في جماعةٍ فكأنما صلى الليلَ كلَّهُ» (رواه مسلم وابن حبان). كما أشار إلى أن الالتزام بالجماعة يمنح صاحبه مظلة من عرش الرحمن يوم القيامة.
أسرار قيام الليلقيام الليل هو مدرسة المخلصين وسر السعادة في الدنيا والآخرة. يقول العلماء إن الله يوزّع عطاياه في جوف الليل، فيصيب بها من تعرض لها بالقيام، ويُحرم منها الغافلون والنائمون. كما أن العبد الذي يمنع نفسه من ملذات النوم وراحة البدن ليناجي ربه يُجازى بالخير في دينه ودنياه. وذكر الإمام ابن القيم أن قيام الليل من أسباب جلب الرزق وحفظ الصحة ونشاط القلب والروح.
أهمية الاستمرارية في قيام الليلالنبي صلى الله عليه وسلم لم يترك قيام الليل قط في حياته، حتى في المرض. وفي حديث لعائشة رضي الله عنها، قالت: «لا تدَع قيامَ الليل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدًا» (رواه أبو داود). وقد حثّ النبي أصحابه على الحفاظ على هذه العبادة وعدم التذبذب فيها.
نصائح عملية لأداء قيام الليلقيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء ويستمر إلى قبل صلاة الفجر. يمكن للمسلم أن يصلي ركعتين أو أربعًا أو أكثر حسب استطاعته.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ المُقَنْطِرِينَ» (رواه أبو داود).
قيام الليل عبادة عظيمة، وسنة مؤكدة يسهل أداؤها. لا تحصر نفسك في صورة محددة لها، بل استفد من أنواع العبادات المتاحة.
تذكر قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} (النور: 54)، واجعل من ليلك وقتًا للذكر والطاعة حسب استطاعتك، لتنال بركة الدنيا والآخرة.