مقابر كوم الشقافة.. إحدى عجائب العصور الوسطى
تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تقع مقابر كوم الشقافة جنوب حى مينا البصل بالإسكندرية، في المنطقة التي قامت بها قرية راكوتيس، وهو الاسم الذي عرفت به عند الرومان إحياء للاسم الفرعوني القديم للقرية، وتعد مقابر كوم الشقافة من النوع المسمى "كاتا كومب"، الذي انتشر في القرون الثلاثة الأولى الميلادية، وقد أخذت هذه التسمية نظرا للتشابه في التخطيط والبناء بينها وبين مقابر "الكاتا كومب" المسيحية في روما، ويعد اسم "كاتا كومب" اصطلاحًا يُطلق على المقابر المحفورة تحت الأرض.
جبانة "الكاتا كومب" الجبانة الرئيسية بمنطقة كوم الشقافة، وتحتوى سلسلة من المقابر والتماثيل والزخارف التي تنتمى للثقافة اليونانية والرومانية والفرعونية، وجاء استخدام الطابع الفرعوني بقصد التقرب من الثقافة المصرية، ولكنها ظلت بالأساس تحمل خصائص الفن الروماني، وسميت كوم الشقافة بهذا الاسم نظرًا لكثرة البقايا الفخارية بها والتي كان يتركها زوارها قديمًا، إلا أنها ظلت لزمن طويل مكانا مهملا للنفايات .
بدأ التنقيب فى هذا المكان عام 1892م ولم يتم العثور على المقبرة إلا فى العام 1900م، واكتشاف المقبرة جاء نتيجة واقعة مدهشة، حيث سقط حمار عن طريق الصدفة في الفتحة الرئيسية للمقبرة على عمق 12 متر لتبدأ الحفائر واكتشاف هذا الأثر الفريد .
يعود تاريخ المقابر للفترة من آواخر القرن الأول وحتى منتصف القرن الثاني الميلادي، وتؤكد الدلائل الأثرية أن المقبرة لم يتم تدشينها دفعة واحدة، بل تعرضت لبعض التوسعات لاحقا، وظلت تستعمل حتى القرن الرابع الميلادي .
تخطيط الجبانة وتشعب مقابرها بالإضافة للزخارف تؤكد أنها في البداية كانت تخص إحدى العائلات الثرية، إلا أنها استخدمت لاحقا لدفن العديد من العائلات بعد توسعتها وإضافة حجرات ذات طوابع أربعة، وهو ما يُميز هذه الجبانة عن مثيلاتها من المقابر الرومانية في كل العالم، حيث لا يوجد هذا النمط الفريد الخاص بتعدد الطوابق إلا بها .
يتوسط المقبرة سلم حلزوني، يدور حول بئر اسطواني قطره ستة أمتار ويصل عمقه لعشرة أمتار، تحيط به السراديب المنحوتة في الصخر والتي تستخدم في الدفن بالإضافة للعديد من الجداريات المزخرفة بنحت بارز وألوان زاهية .
تضم منطقة كوم الشقافة أيضا بعض المقابر المنقولة إليها من أماكن مختلفة بالأسكندرية، والتي تم نقلها وإعادة بنائها في الفناء المكشوف للمنطقة، منها مقبرة شارع تيجران، التي عثر عليها أثناء بناء إحدى العمارات في منطقة كليوباترا، وكانت في حالة سيئة جدا، ليتم نقلها وإعادة بنائها بكوم الشقافة، وأيضا مقبرة سلفاجو التي تنسب لسلفجاو اليوناني الجنسية، وكذلك مقبرة الورديان التي تعود لعام 300 ق .م، وهي جزء من مقابر جبانة الورديان .
وتُعد منطقة كوم الشقافة أحد المقاصد السياحية الكبرى في محافظة الإسكندرية لكل المهتمين بالتاريخ المصري العريق من المصريين والأجانب.
WhatsApp Image 2024-10-12 at 5.48.33 PM WhatsApp Image 2024-10-12 at 5.50.38 PM (1) WhatsApp Image 2024-10-12 at 5.50.38 PM (2) WhatsApp Image 2024-10-12 at 5.50.38 PM WhatsApp Image 2024-10-12 at 5.53.15 PM WhatsApp Image 2024-10-12 at 5.54.06 PM WhatsApp Image 2024-10-12 at 5.55.23 PM WhatsApp Image 2024-10-12 at 5.55.27 PM WhatsApp Image 2024-10-12 at 5.56.45 PM WhatsApp Image 2024-10-12 at 5.56.46 PM (1) WhatsApp Image 2024-10-12 at 5.56.46 PMالمصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الإسكندرية كوم الشقافة الفن الروماني کوم الشقافة
إقرأ أيضاً:
حسين خوجلي يكتب: معزوفة درويش كئيب على أطلال الجزيرة
من مرويات الصحابة التي تدعو للتأمل والتدبر والاعتبار حكاية وقوف سيدنا علي بن ابي طالب كرم الله وجهه (أبو تراب) على تراب المقابر وحياها قائلا:
السلام عليكم يا أهل المقابر أما أموالكم فقد قسمت، وأما بيوتكم فقد سكنت، وأما أزواجكم فقد تزوجن غيركم هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم ؟
ثم سكت قليلاً وقال:
أما والله لو شاء الله لهم أن يتكلموا لقالوا:
إن خير الزّاد التقوى.
لقد ذكرتني هذه الحكاية الموحية حالنا في الجزيرة المنكوبة الجريحة المستباحة شمالا وجنوبا شرقا وغربا حواضرا وقرى. وفي ظني أن حال القرى المنهوبة المهجرة المغتصبة تماثل حال المقابر إن لم تكن المقابر أشد سلامة منها وطمأنينة.
فلعمري لو مر ود تكتوك هذا العصر بمخيمات النازحين واللاجئين من هذه القرى التي كانت حتى بالأمس تضج بالحياة والأمل والإشراق، وقد أمسى ساكنوها الآن في عراء الله يتامى وأرامل، وفي أطراف المدن حفاة وعراة وحزانى يتكففون الزاد والأمن والخيمة والأسبرين لمداواة جراح الجسد وجراح الروح.
ولكأني بصوت الرجل يرتفع عالياً حتى يتردد صداه في الأعالي والبطاح: (يا أهل الجزيرة إن الأموال قد نُهبت وإن الأعراض قد أُهينت وإن العزة والشرف القديم قد مرغ بالتراب)
وإن بقي في الرسالة بقية فهي للجيش وللشعب وللمقاومة وللمستنفرين والفدائيين، ختام ما قاله الشيخ فرح:
يا هؤلاء “ابحثوا عن مهمة أخرى” غير استعادة مدن وقرى الجزيرة، فماذا يفعل الناس ببقايا الأشياء وأطلال المساكن؟ ابحثوا عن مهمة أخرى فإن دخول القرى والمدن بعد أن أخليت تماماً من كل شيٍ حتى مواقد الطعام وسرائر الأطفال وباقي الدين والعجين، هي ضرب من العبث واللامعقول.
“ابحثوا عن مهمة أخرى” لن يصفق الشعب لانتصارات وهمية في أمكنةٍ خلاء، وقرى مهجورة، وملايين من الحيارى فقدوا كل شئ، نعم كل شئ حتى بقية الدموع في قاع الأعين، وبقية النشيج في قاع الصدور.
نعم “ابحثوا عن مهمة أخرى” فإن الشئ الوحيد الذي بقي هو ذاك (الهوى) المهشم على قارعة الطريق، والهواء الآسن والمعفر برائحة الجثث والإثم وقهقهات القتلة واللصوص.
كل شئٍ هناك ساكن، صامت إلا نحيب العاصفة الممزوج بأسى الأطلال ونزيف الغناء القديم.
كل شئٍ مضى نازحاً إلا زامر الحي الدرويش فقد ظل وحيداً يردد معزوفته في أسىً بصوته الذبيح ونفسه المتلاشية:
يا فؤادي رحم الله الهوى
كان صرحاً من خيال فهوى
اسقني واشرب على (أطلاله)
واروِ عني طالما (الدمع روى)
كيف ذاك الحب أمسى خبراً
وحديثاً من أحاديث الجوى
وبساطا من ندامى حلم
هم تواروا أبداً وهو انطوى
حسين خوجلي
إنضم لقناة النيلين على واتساب