القاهرة - جمال جوهر - يأمل الاتحاد الأفريقي، الذي وصل وفد منه إلى العاصمة طرابلس، وفي جعبته «أمنيات وطموحات» أن يُحدث اختراقاً في مسار «المصالحة الوطنية» المتعثر، يقرّب بين الأطراف المتصارعة، ويوفر على ليبيا إهدار مزيد من الوقت في فترات انتقالية.

وسبق أن لعب الاتحاد دوراً ملحوظاً مع «المجلس الرئاسي» الليبي لجهة تحريك هذا المسار من خلال المساعي التي بُذلت، بداية من اجتماعات شهدتها المدن الليبية، وصولاً إلى عقد لقاءات بالكونغو برازافيل، قبل أن تتجمد هذه الجهود لأسباب كثيرة.

وترأس وفد الاتحاد، الذي زار طرابلس الجمعة الماضي، الرئيس الحالي للاتحاد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، وضم رئيس مفوضية الاتحاد موسى فكي، وممثل رئيس الكونغو برازافيل، رئيس لجنة الاتحاد رفيعة المستوى المعنية بليبيا، وزير الخارجية جان كلود جاكوسو.

ومنذ رحيل الرئيس معمر القذافي عام 2011 شهدت ليبيا اشتباكات وخلافات مناطقية، بعضها يرتبط بتصفية حسابات مع النظام السابق، والبعض الآخر كرّسه الانقسام السياسي الذي عرفته ليبيا بداية من عام 2014، وهي الرؤية التي بات يميل إليها كثير من المتابعين لملف «المصالحة».

ويرى رئيس حزب «صوت الشعب» الليبي، فتحي عمر الشبلي، أن ملف «المصالحة الوطنية» بات يستخدم لـ«المزايدة السياسية، وتحقيق نقاط» من قبل «المجلس الرئاسي» ومجلس النواب؛ وفق قوله.

وقال الشبلي في حديث إلى «الشرق الأوسط» إن «أزمة ليبيا تتمثل في ساستها؛ نحن في حاجة إلى مصالحة بين السياسيين وليس المواطنين»، لافتاً إلى «أن طبيعة الليبيين لا تسمح بتدخل الغريب فيما بينهم».



وخلال العامين الماضيين، احتضنت أكثر من مدينة ليبية اجتماعات اللجنة التحضيرية لمؤتمر المصالحة، التي رعاها «المجلس الرئاسي»، وظلت المساعي تُبذل على أمل عقد «مؤتمر وطني جامع للمصالحة»، بمدينة سرت في 28 أبريل (نيسان) الماضي، لكنها تعثرت بعد تصاعد الأزمات.

وسبق أن انسحب ممثلو القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي من المشاركة في ملف المصالحة؛ رداً على سحب رئيس «المجلس الرئاسي» قرار ضم «قتلى وجرحى» قوات الجيش إلى «هيئة الشهداء».

وكان وفد الاتحاد الأفريقي، أكد خلال اجتماعه مع «المجلس الرئاسي»: «استمرار التزامه بمسار المصالحة الوطنية، وبوحدة ليبيا وسيادتها واستقرارها في مواجهة التدخلات الخارجية». وقال إن زيارته إلى طرابلس العاصمة «تأتي تجسيداً لقرار الاتحاد في دورته المنعقدة في فبراير (شباط) 2024، ولنداء برازافيل الصادر عن قمة لجنة الاتحاد رفيعة المستوى المعنية بليبيا».

ويعتقد أحد المعنيين بملف «المصالحة الوطنية»، بأن «الحسابات الشخصية، لغالبية ساسة البلاد، تحول دون نجاح عمليات المصالحة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الوطن يحتاج إلى رجال يُؤثرونه على أنفسهم؛ وليس لشخصيات تتصارع على المكاسب الخاصة والجهوية».

وكانت أطياف ليبية كثيرة شاركت في الاجتماعات التحضيرية لـ«المصالحة الوطنية»، من بينها الفريق الممثل لسيف الإسلام معمر القذافي، قبل أن تنسحب تباعاً لأسباب، من بينها عدم الإفراج عن بعض رموز النظام السابق من السجن، والدفاع عن «نسبة مشاركتهم» في اجتماعات اللجنة التحضيرية لـ«المؤتمر العام».

ويضرب رئيس حزب «صوت الشعب» مثلاً على اتفاق الليبيين بمواقفهم خلال الإعصار الذي ضرب مدينة درنة قبل عام من الآن، وقال: «عندما وقعت كارثة درنة تداعى جميع الليبيين من الأنحاء كافة، وهذا يوضح أنه ليست هناك أي مشاكل اجتماعية بين المواطنين، ولكنها بين قادتهم».

وسبق للمبعوث الأممي السابق عبد الله باتيلي، القول خلال اجتماع اللجنة الأفريقية في برازافيل، إن المصالحة الوطنية «مهمة طويلة الأمد، تتطلب الصبر والتصميم، والاستناد إلى منهجية عمل أثبتت نجاحها».

وأبرز باتيلي أن «إطلاق سراح المعتقلين من شأنه أن يشجع المشاركة الفعالة للعائلات السياسية، التي كانت حتى الآن مترددة في المشاركة في العملية»، وهو الرهان الذي يستند إليه أنصار النظام السابق للمشاركة مرة ثانية في عملية المصالحة.

وكانت بعثة الاتحاد الأفريقي أعلنت بعد مباحثاتها مع السلطة التنفيذية في طرابلس، أنها بصدد إجراء مشاورات مماثلة مع السلطة بمدينة بنغازي في أقرب وقت، دون تحديد موعد.

وتعلل فريق سيف القذافي، بالإبقاء على رموز من النظام السابق معتقلين، وقال: «لا يُعقل أن يستمر إنسان في السجن دون محاكمة، وتؤجل الجلسات 15 مرة دون سبب قانوني وجيه»، في إشارة إلى عبد الله السنوسي (73 عاماً)، صهر القذافي، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق.

وأمام تعثر ملف المصالحة في البلد المنقسم بين حكومتين، بدأ مجلس النواب في دراسة قانون للمصالحة. ودعا رئيسه عقيلة صالح، في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية، ودعمها بكل الإمكانيات لتشمل «جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ»؛ وفق قوله.

Your browser does not support the video tag.

المصدر: شبكة الأمة برس

كلمات دلالية: الاتحاد الأفریقی المصالحة الوطنیة المجلس الرئاسی النظام السابق

إقرأ أيضاً:

من الملاعب إلى السياسة.. نجم كرة القدم السابق ميخائيل كافيلاشفيلي رئيسًا لجورجيا

توج ميخائيل كافيلاشفيلي، لاعب كرة القدم السابق، رئيسًا لجورجيا يوم السبت، بعد فوز حزبه "الحلم الجورجي" في الانتخابات التي سيطر فيها على المجمع الانتخابي المكون من 300 مقعد، والذي حل محل الانتخابات الرئاسية المباشرة منذ عام 2017.

اعلان

جاء هذا الفوز في وقت حساس بالنسبة للبلاد، حيث اعتبرت المعارضة أن انتخاب كافيلاشفيلي يمثل ضربة لآمال جورجيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ويعزز من نفوذ روسيا في المنطقة.

في جلسة التصويت، التي حضرها 225 ناخبًا من أعضاء البرلمان والممثلين الحكوميين، حصل كافيلاشفيلي على 224 صوتًا من أصل 225. وكان هو المرشح الوحيد لهذا المنصب، مما جعل فوزه حتميًا.

من جانبها، قاطعت الرئيسة المنتهية ولايتها، سالومي زورابيتشفيلي، وبعض الأحزاب الموالية للغرب جلسات البرلمان احتجاجًا على الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر 2024، والتي اتهمت المعارضة بتزويرها بمساعدة روسيا. وتطالب المعارضة بإعادة الاقتراع، معتبرة أن الانتخابات البرلمانية كانت مشوبة بالتلاعب.

الرئيس الجورجي المنتخب ميخائيل كافيلاشفيلي، الثاني إلى اليمين في البرلمان الجورجي في تبليسي، جورجيا، يوم السبت. 14 ديسمبر 2024AP/The Press Service of the Georgian ParliamentRelatedدول البلطيق تفرض عقوبات على جورجيا: هل يتبع الاتحاد الأوروبي نفس الخطوة؟اعتقال المئات في جورجيا خلال الاحتجاجات المطالبة بالانضمام للاتحاد الأوروبيجورجيا بين الاحتجاجات والنفوذ الروسي: الآلاف يواجهون الحكومة في تبليسيجورجيا: اعتقال أكثر من 300 شخص بعد احتجاجات مؤيدة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبيحزب الحلم الجورجي وتوجهاته السياسية

يواصل حزب "الحلم الجورجي" الحاكم، الذي تأسس على يد الملياردير بيدزينا إيفانيشفيلي، تعزيز قبضته على السلطة، بعد فوزه في انتخابات أكتوبر 2024. ويُتهم الحزب من قبل المعارضة بالميل نحو موسكو، فيما تعهد الحزب بمواصلة الدفع نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مع التركيز أيضًا على إعادة ضبط العلاقات مع روسيا.

في خطوة أثارت الجدل، قرر الحزب تعليق عملية انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي حتى عام 2028، وهو ما أثار احتجاجات واسعة من قبل المعارضة في البلاد. كما تسبب هذا القرار في استنكار دولي، خاصة من قبل الاتحاد الأوروبي الذي أوقف الدعم المالي لجورجيا.

كافيلاشفيلي ومسيرته السياسية

قبل دخوله المعترك السياسي، كان كافيلاشفيلي لاعبًا بارزًا في كرة القدم، حيث لعب لفريق مانشستر سيتي الإنجليزي وعدد من الأندية السويسرية. دخل المجال السياسي في عام 2016 كعضو في حزب "الحلم الجورجي"، ثم أسس في 2022 حركة "قوة الشعب" التي تبنت خطابًا معاديًا للغرب.

كما كان كافيلاشفيلي أحد المبادرين لقانون "النفوذ الأجنبي" المثير للجدل، الذي يلزم المنظمات غير الحكومية التي تتلقى تمويلًا خارجيًا بتسجيل نفسها كمنظمات تسعى لتحقيق مصلحة دولة أجنبية. ويشابه هذا القانون نظيره الروسي الذي يستخدم لتشويه سمعة المنظمات المنتقدة للحكومة.

الرئيس الجورجي المنتخب ميخائيل كافيلاشفيلي يحضر جلسة للبرلمان الجورجي في تبليسي، جورجيا، السبت. 14 ديسمبر 2024APردود الأفعال المحلية والدولية

بعد تنصيب كافيلاشفيلي، تمسكت زورابيتشفيلي، بموقفها معتبرة أنها الرئيسة الشرعية للبلاد. ورغم انتهاء ولايتها، أصرّت على أن ولايتها "مستمرة" حتى إجراء انتخابات جديدة، حيث كتبت عبر منصة "إكس" قائلةً: "ما يُخطط له في البرلمان غدًا ليس إلا مجرد مهزلة. أنا هنا وسأبقى واقفة مع الجميع!".

وفي الوقت ذاته، انتقد الاتحاد الأوروبي قانون "النفوذ الأجنبي" الذي تم إقراره مؤخرًا في جورجيا، مما دفعه إلى تعليق الدعم المالي للبلاد بعد منحها وضع المرشح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2023.

بيدزينا إيفانيشفيلي، زعيم حزب الحلم الجورجي الذي أسسه هو، يصفق لميخائيل كافلاشفيلي خلال جلسة لمناقشة المرشحين للرئاسة في تبليسي، جورجيا، في 27 نوفمبر 2024AP/Georgian Dream party

فوز كافيلاشفيلي برئاسة جورجيا يعكس استمرار هيمنة حزب "الحلم الجورجي" على السلطة، في وقت يشهد فيه البلد توترات سياسية مع المعارضة والمجتمع الدولي. في ظل هذا الواقع، تزداد التحديات التي تواجه جورجيا في سعيها لتحقيق التوازن بين علاقاتها مع الغرب وروسيا.

المصادر الإضافية • أب

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "لن نخضع للابتزاز".. جورجيا تجمد محادثات الانضمام للاتحاد الأوروبي لمدة 4 سنوات جورجيا: مظاهرات ضد نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة واتهامات بالتزوير وتدخل روسيا في الاستحقاق احتفال يتحول إلى كارثة: انهيار جسر في جزيرة سابيلو في جورجيا يسفر عن مصرع 7 أشخاص برلمانانتخاباتروسياالاتحاد الأوروبيجورجيااعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. ارتفاع حصيلة القتلى والجرحى نتيجة تصاعد وتيرة القصف الإسرائيلي بغزة وتفاؤل أمريكي بشأن صفقة التبادل يعرض الآن Next عاجل. الجولاني: لسنا بصدد الخوض في صراع مع إسرائيل ولا نعتبرها جزءاً من معركتنا يعرض الآن Next من هو إيلي كوهين؟ الجاسوس الذي أعدمه النظام السوري وإسرائيل تسعى لاستعادة رفاته بعد 55 عامًا يعرض الآن Next دروز سوريا في رسالة إلى إسرائيل: "قوموا بضمنا إلى هضبة الجولان" يعرض الآن Next رغم سقوط الأسد.. موسكو على وشك ضمان وجودها العسكري في سوريا من خلال اتفاق مع القيادة الجديدة اعلانالاكثر قراءة الجولاني يدعو السوريين للنزول للميادين احتفالا بانتصار الثورة تحذير أمريكي: إنفلونزا الطيور قد تؤدي إلى وباء جديد مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز "لن تعودوا إلى دياركم حتى بعد سقوط الأسد".. شولتس يحاول طمأنة اللاجئين السوريين في ألمانيا اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومسوريابشار الأسدروسياإسرائيلالحرب في سورياهيئة تحرير الشام أوروباأمنأزمة إنسانيةقطاع غزةقصفالمملكة المتحدةالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • وزير الرياضة التونسي يستقبل رئيس الاتحاد الأفريقي والمصرى للجمباز لبحث التعاون المشترك
  • من الملاعب إلى السياسة.. نجم كرة القدم السابق ميخائيل كافيلاشفيلي رئيسًا لجورجيا
  • وزير الرياضة التونسي يستقبل رئيس الاتحاد الأفريقي والمصرى للجمباز لبحث التعاون
  • وزير الرياضة التونسي يستقبل رئيس الاتحاد الأفريقي و المصرى للجمباز لبحث التعاون المشترك لتطوير اللعبة
  • جدل حول المصالحة الوطنية: دعوة لإنهاء الصراعات وتحذير من الفساد
  • بالصور.. صادي يجتمع بالرؤساء الجدد للرابطات الجهوية والولائية
  • عضو مجلس الدولة: ليبيا بين دعوات المصالحة وصوت التأزيم وشعارات الاقتتال
  • عضو مجلس الدولة: ليبيا بين صوت المصالحة وصوت التأزيم وشعارات الاقتتال
  • الصول يثني على مبادرة المشير حفتر وخطوات البرلمان لتحقيق المصالحة الوطنية
  • أحميد: الاتحاد الأفريقي قادر على قيادة المصالحة الوطنية في ليبيا