لطالما كان دور الذهب في المحافظ الاستثمارية مثار جدل كبير، فمن ناحية، يشير مؤيدو الذهب إلى أهمية هذا المعدن الثمين باعتباره أحد أدوات التنويع الرئيسية التي تعمل أيضاً كملاذ آمن ضد التضخم والصراعات الدولية والأهلية. 

ومن ناحية أخرى، يرى منتقدو الذهب أنه "بقايا بربرية من حقبة ماضية"، فهو سلعة غير مدرة للدخل وذات فائدة محدودة وقيمة ملموسة ضئيلة.

سعر الذهب

وليس هناك شك في أن الذهب كان بمثابة معزز كبير للمحافظ الاستثمارية العالمية المتنوعة في السنوات الأخيرة. 

في الواقع، بلغ سعر الذهب 2,615 دولار أمريكي للأونصة، مسجلاً أعلى مستوياته على الإطلاق لعدة أشهر. 

ومنذ الجائحة، تفوق الذهب على معظم الأصول الرئيسية الأخرى، بما في ذلك الأسهم العالمية والسندات الحكومية والسلع.

 

وأثبت الذهب مؤخراً قيمته الدائمة كحصن من التضخم، وفي أعقاب جائحة كوفيد-19، واجهت السلطات النقدية في الاقتصادات المتقدمة تحديات كبيرة بسبب ارتفاع التضخم. 

وقد أدى هذا إلى مخاوف بشأن الوتيرة السريعة لتراجع "القيمة الحقيقية للنقود"، حيث ستكون هناك حاجة إلى المزيد من وحدات العملة لشراء نفس السلة من السلع والخدمات. 

وليس من المستغرب أنه خلال هذه الفترة التي اتسمت بارتفاع التضخم، قفزت أسعار الذهب بشكل كبير مقابل أغلب العملات الرئيسية، وعوّضت بفارق كبير عن تأثير الزيادات في أسعار المستهلك. 

وكان هذا بمثابة تأكيد للاعتقاد السائد منذ فترة طويلة بأن الذهب يشكل أداة تحوط فعالة ضد الضغوط التضخمية.

 

ولكن، مع تراجع التضخم بقوة على خلفية عودة سلاسل التوريد إلى طبيعتها، هل بمقدور الذهب الاستمرار في تحقيق أداء جيد على المدى المتوسط؟ 

وهل توشك أسعار المعدن الأصفر أن تشهد عملية تصحيح أم ستدخل في فترة من الأداء الضعيف جداً؟

ويري تقرير حديث لبنك قطر الوطني  QNB أنه على الرغم من عودة توقعات التضخم إلى طبيعتها على نطاق واسع في معظم الاقتصادات المتقدمة، فإن الأوضاع الكلية العالمية لا تزال مواتية بالنسبة للذهب. 

وهناك ثلاثة عوامل رئيسية تدعم الذهب

السياسة النقدية

يوضح QNB أن توجهات السياسة النقدية في الولايات المتحدة وأوروبا حالياً أصبحت داعمة لأسعار الذهب. 

في السنوات الأخيرة، قدم النقد أو الأوراق المالية الحكومية قصيرة الأجل عوائد اسمية عالية، مما زاد من تكاليف الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب. 

وفي حين لا تزال العائدات الاسمية أعلى بكثير مما كانت عليه قبل الجائحة في معظم الاقتصادات المتقدمة، فإن هذه الديناميكية من المقرر أن تتغير بشكل كبير على مدى الأشهر الـ 24 المقبلة. 

ومن المتوقع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 250 و150 نقطة أساس على التوالي. 

وهذا يعني أن النقد والأوراق المالية الحكومية قصيرة الأجل ستكون أقل جاذبية كخيارات استثمارية، مما سيكون مؤاتياً للاستثمارات البديلة مثل الذهب.

 

أسعار الصرف 

ومن المرجح أيضاً أن تلعب تحركات أسعار الصرف الأجنبي دورها في دعم أسعار الذهب.

تاريخياً، ترتبط أسعار الذهب سلباً بالدولار الأمريكي، حيث ترتفع أسعار الذهب عندما ينخفض الدولار والعكس صحيح. 

يشير تقييم الدولار الأمريكي إلى أن هذه العملة مبالغ في قيمتها بنحو 9%، مما يتطلب تعديلاً كبيراً. 

إن انخفاض قيمة الدولار الأمريكي يزيد من القوة الشرائية لبقية العالم للسلع المقومة بالدولار الأمريكي، مثل الذهب، مما يعزز الطلب الإجمالي ويدعم الأسعار.

عدم اليقين الجيوسياسي

والعامل الثالث وفقا لتقرير QNB  لا تزال البيئة الاقتصادية العالمية الحالية تعاني من عدم اليقين الجيوسياسي، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، والصراعات الجارية في الشرق الأوسط، وتزايد التوترات بين الولايات المتحدة والصين في المحيط الهادئ. 

ويمكن أن تساهم هذه العوامل في زيادة علاوة المخاطر على الأصول التقليدية، مما يدفع المستثمرين إلى التحوط بأدوات الملاذ الآمن البديلة. 

وقد تعززت جاذبية الذهب من خلال الاتجاهات طويلة الأجل، بما في ذلك تزايد شدة التنافس الاقتصادي بين الغرب والشرق، وتراجع التعاون الدولي، وتصاعد النزاعات التجارية، وزيادة الاستقطاب السياسي، و"تسليح" العلاقات الاقتصادية من خلال العقوبات. 

وفي عصر يتميز بمزيد من عدم الاستقرار الجيوسياسي، أصبحت مكانة الذهب ذات أهمية متزايدة كأصل ملموس ومحايد من حيث الولايات القضائية ويمكن استخدامه كضمان في أسواق مختلفة. 

وفي خضم هذه التطورات، ظلت البنوك المركزية على مستوى العالم تجمع الذهب بمعدل غير مسبوق منذ أجيال. 

وهذا يدعم الطلب المؤسسي الثابت على الذهب في الأمد البعيد. 

بشكل عام، يشير تقرير بنك قطر الوطني أنه وعلى الرغم من تراجع التضخم بشكل سريع عالمياً والمكاسب الكبيرة المتراكمة من الذهب في السنوات الأخيرة، فإن الأوضاع العالمية لا تزال مواتية للمعدن النفيس. 

ومن المتوقع أن تتلقى أسعار الذهب مزيداً من الدعم من عمليات تيسير السياسة النقدية من جانب البنوك المركزية الكبرى، وانخفاض قيمة الدولار الأمريكي، والنزاعات الجيوسياسية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدولار الأمریکی أسعار الذهب لا تزال

إقرأ أيضاً:

أسعار الذهب الآن: تقلبات وتأثيرات في الأسواق العالمية والمحلية

أسعار الذهب الآن: تقلبات وتأثيرات في الأسواق العالمية والمحلية.. شهدت أسواق الذهب في مصر اليوم، السبت 12 أكتوبر 2024، قفزة جديدة في الأسعار، مما أثار اهتمام العديد من المستهلكين والمستثمرين. وفقًا للتقارير الصادرة عن شعبة الذهب بالغرفة التجارية، فإن أسعار الذهب تشهد ارتفاعات ملحوظة في الأيام الأخيرة، مما يشير إلى تغييرات واضحة في الاتجاهات السوقية. يعتبر الذهب من المعادن النفيسة التي تتأثر بالعديد من العوامل، بما في ذلك العرض والطلب، والظروف الاقتصادية المحلية والعالمية.

أسعار الذهب الآن: تقلبات وتأثيرات في الأسواق العالمية والمحلية

تسجل أسعار الذهب ارتفاعات جديدة، وخاصة في عيار 21 الذي يعد الأكثر شيوعًا في السوق المصري. هذا النوع من الذهب يحظى بشعبية كبيرة بين المستهلكين، مما يزيد من الطلب عليه بشكل مستمر. حيث سجّل سعر جرام الذهب عيار 24، الذي يُعتبر من أنقى أنواع الذهب، نحو 4109 جنيهات للشراء و4096 جنيهًا للبيع. في الوقت نفسه، بلغ سعر جرام الذهب عيار 21، المستخدم بكثرة في المجوهرات، 3595 جنيهًا للشراء و3585 جنيهًا للبيع.

الأسعار تتجه نحو الأعلى: تفاصيل جديدة

لا تقتصر الارتفاعات على عيارات الذهب الأكثر شعبية فحسب، بل تشمل أيضًا العيارات الأخرى. فقد سجّل جرام الذهب عيار 18 سعر شراء يصل إلى 3081 جنيهًا وسعر بيع 3072 جنيهًا، بينما شهد سعر جرام الذهب عيار 14 أيضًا زيادة، حيث وصل سعر الشراء إلى 2397 جنيهًا وسعر البيع إلى 2389 جنيهًا. هذه الأسعار تشير إلى تغييرات كبيرة في تكاليف شراء الذهب، مما قد يؤثر على قرارات المستهلكين عند التفكير في شراء المجوهرات أو الاستثمار في الذهب.

وتتضمن المعلومات المتعلقة بأسعار الذهب أيضًا سعر الجنيه الذهب، الذي سجل 28760 جنيهًا للشراء و28750 جنيهًا للبيع. يُعتبر الجنيه الذهب خيارًا شائعًا بين المستثمرين، حيث يُنظر إليه كوسيلة للادخار ووسيلة للحماية من تقلبات العملة المحلية. ومع ذلك، يجدر بالذكر أن هذه الأسعار المعلنة لا تشمل تكلفة المصنعية والضرائب، مما يزيد من التكلفة النهائية للمنتجات الذهبية في السوق.

الذهب كأداة استثمارية: كيف يتأثر المستهلكون؟

تشير هذه الزيادة في أسعار الذهب إلى تفاعل العرض والطلب في السوق المحلي. تلعب عدة عوامل دورًا في تحديد سعر الذهب، من بينها السياسة الاقتصادية والتغيرات في السوق العالمي، مما يؤثر بشكل مباشر على الأسعار المحلية. في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، يبقى الذهب محط اهتمام العديد من الأفراد، نظرًا لدوره الهام كأداة للادخار والاستثمار.

يعتبر ارتفاع أسعار الذهب من المؤشرات الاقتصادية المهمة التي يعيرها المستثمرون والمستهلكون اهتمامًا خاصًا. حيث يعكس سعر الذهب الوضع الاقتصادي العام ويدل على مدى استقرار السوق. ولذلك، فإن ارتفاع الأسعار قد يؤدي إلى تغيير سلوك المستهلكين، حيث قد يتردد البعض في الشراء في ظل الأسعار المرتفعة، بينما قد يسعى الآخرون للاستثمار في الذهب كملاذ آمن.

وفي الختام، يُعتبر الذهب عنصرًا أساسيًا في ثقافة الادخار والاستثمار في مصر، وتستمر الزيادة الأخيرة في الأسعار في جذب الانتباه من قبل المستثمرين والمستهلكين على حد سواء. ومع تزايد القلق بشأن الوضع الاقتصادي، سيظل الذهب خيارًا رئيسيًا للكثيرين الذين يبحثون عن الاستقرار المالي.

مقالات مشابهة

  • خبير اقتصادي يحذر من تباطؤ اقتصادي عالمي حاد.. ويتوقع ارتفاعًا في أسعار الذهب
  • 500 جنيه | الذهب يتحرك لمستويات قياسية ومفاجأة بسعر الدولار
  • 500 جنيه| الذهب يتحرك إلى مستويات قياسية.. وعيار 21 مفاجأة
  • الذهب العالمي يمحو خسائره الأسبوعية بعد صدور بيانات التضخم الأمريكية
  • الذهب يمحو خسائره الأسبوعية وعيار 21 يعود إلى 3600 جنيه
  • التضخم في أمريكا يجبر البنوك على التخلي عن الأصول والعملات.. ما علاقة الذهب؟
  • أسعار الذهب الآن: تقلبات وتأثيرات في الأسواق العالمية والمحلية
  • قفزة جديدة في أسعار الذهب بمصر: عيار 21 يسجل أرقامًا قياسية
  • كيف أثرت توقعات بيانات التضخم الأمريكية على أسعار الذهب؟