هل يُتوقع أن تبلغ أسعار الذهب مستويات قياسية جديدة؟
تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT
لطالما كان دور الذهب في المحافظ الاستثمارية مثار جدل كبير، فمن ناحية، يشير مؤيدو الذهب إلى أهمية هذا المعدن الثمين باعتباره أحد أدوات التنويع الرئيسية التي تعمل أيضاً كملاذ آمن ضد التضخم والصراعات الدولية والأهلية.
ومن ناحية أخرى، يرى منتقدو الذهب أنه "بقايا بربرية من حقبة ماضية"، فهو سلعة غير مدرة للدخل وذات فائدة محدودة وقيمة ملموسة ضئيلة.
سعر الذهب
وليس هناك شك في أن الذهب كان بمثابة معزز كبير للمحافظ الاستثمارية العالمية المتنوعة في السنوات الأخيرة.
في الواقع، بلغ سعر الذهب 2,615 دولار أمريكي للأونصة، مسجلاً أعلى مستوياته على الإطلاق لعدة أشهر.
ومنذ الجائحة، تفوق الذهب على معظم الأصول الرئيسية الأخرى، بما في ذلك الأسهم العالمية والسندات الحكومية والسلع.
وأثبت الذهب مؤخراً قيمته الدائمة كحصن من التضخم، وفي أعقاب جائحة كوفيد-19، واجهت السلطات النقدية في الاقتصادات المتقدمة تحديات كبيرة بسبب ارتفاع التضخم.
وقد أدى هذا إلى مخاوف بشأن الوتيرة السريعة لتراجع "القيمة الحقيقية للنقود"، حيث ستكون هناك حاجة إلى المزيد من وحدات العملة لشراء نفس السلة من السلع والخدمات.
وليس من المستغرب أنه خلال هذه الفترة التي اتسمت بارتفاع التضخم، قفزت أسعار الذهب بشكل كبير مقابل أغلب العملات الرئيسية، وعوّضت بفارق كبير عن تأثير الزيادات في أسعار المستهلك.
وكان هذا بمثابة تأكيد للاعتقاد السائد منذ فترة طويلة بأن الذهب يشكل أداة تحوط فعالة ضد الضغوط التضخمية.
ولكن، مع تراجع التضخم بقوة على خلفية عودة سلاسل التوريد إلى طبيعتها، هل بمقدور الذهب الاستمرار في تحقيق أداء جيد على المدى المتوسط؟
وهل توشك أسعار المعدن الأصفر أن تشهد عملية تصحيح أم ستدخل في فترة من الأداء الضعيف جداً؟
ويري تقرير حديث لبنك قطر الوطني QNB أنه على الرغم من عودة توقعات التضخم إلى طبيعتها على نطاق واسع في معظم الاقتصادات المتقدمة، فإن الأوضاع الكلية العالمية لا تزال مواتية بالنسبة للذهب.
وهناك ثلاثة عوامل رئيسية تدعم الذهب
السياسة النقدية
يوضح QNB أن توجهات السياسة النقدية في الولايات المتحدة وأوروبا حالياً أصبحت داعمة لأسعار الذهب.
في السنوات الأخيرة، قدم النقد أو الأوراق المالية الحكومية قصيرة الأجل عوائد اسمية عالية، مما زاد من تكاليف الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب.
وفي حين لا تزال العائدات الاسمية أعلى بكثير مما كانت عليه قبل الجائحة في معظم الاقتصادات المتقدمة، فإن هذه الديناميكية من المقرر أن تتغير بشكل كبير على مدى الأشهر الـ 24 المقبلة.
ومن المتوقع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 250 و150 نقطة أساس على التوالي.
وهذا يعني أن النقد والأوراق المالية الحكومية قصيرة الأجل ستكون أقل جاذبية كخيارات استثمارية، مما سيكون مؤاتياً للاستثمارات البديلة مثل الذهب.
أسعار الصرف
ومن المرجح أيضاً أن تلعب تحركات أسعار الصرف الأجنبي دورها في دعم أسعار الذهب.
تاريخياً، ترتبط أسعار الذهب سلباً بالدولار الأمريكي، حيث ترتفع أسعار الذهب عندما ينخفض الدولار والعكس صحيح.
يشير تقييم الدولار الأمريكي إلى أن هذه العملة مبالغ في قيمتها بنحو 9%، مما يتطلب تعديلاً كبيراً.
إن انخفاض قيمة الدولار الأمريكي يزيد من القوة الشرائية لبقية العالم للسلع المقومة بالدولار الأمريكي، مثل الذهب، مما يعزز الطلب الإجمالي ويدعم الأسعار.
عدم اليقين الجيوسياسي
والعامل الثالث وفقا لتقرير QNB لا تزال البيئة الاقتصادية العالمية الحالية تعاني من عدم اليقين الجيوسياسي، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، والصراعات الجارية في الشرق الأوسط، وتزايد التوترات بين الولايات المتحدة والصين في المحيط الهادئ.
ويمكن أن تساهم هذه العوامل في زيادة علاوة المخاطر على الأصول التقليدية، مما يدفع المستثمرين إلى التحوط بأدوات الملاذ الآمن البديلة.
وقد تعززت جاذبية الذهب من خلال الاتجاهات طويلة الأجل، بما في ذلك تزايد شدة التنافس الاقتصادي بين الغرب والشرق، وتراجع التعاون الدولي، وتصاعد النزاعات التجارية، وزيادة الاستقطاب السياسي، و"تسليح" العلاقات الاقتصادية من خلال العقوبات.
وفي عصر يتميز بمزيد من عدم الاستقرار الجيوسياسي، أصبحت مكانة الذهب ذات أهمية متزايدة كأصل ملموس ومحايد من حيث الولايات القضائية ويمكن استخدامه كضمان في أسواق مختلفة.
وفي خضم هذه التطورات، ظلت البنوك المركزية على مستوى العالم تجمع الذهب بمعدل غير مسبوق منذ أجيال.
وهذا يدعم الطلب المؤسسي الثابت على الذهب في الأمد البعيد.
بشكل عام، يشير تقرير بنك قطر الوطني أنه وعلى الرغم من تراجع التضخم بشكل سريع عالمياً والمكاسب الكبيرة المتراكمة من الذهب في السنوات الأخيرة، فإن الأوضاع العالمية لا تزال مواتية للمعدن النفيس.
ومن المتوقع أن تتلقى أسعار الذهب مزيداً من الدعم من عمليات تيسير السياسة النقدية من جانب البنوك المركزية الكبرى، وانخفاض قيمة الدولار الأمريكي، والنزاعات الجيوسياسية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الدولار الأمریکی أسعار الذهب لا تزال
إقرأ أيضاً:
ارتفاع انبعاثات الكربون يهدد مستقبل الأرض.. وصلت إلى مستويات قياسية في 2024
في لحظة مفصلية من تاريخ كوكبنا تواصل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ارتفاعها بشكل مقلق، لتسجل مستويات غير مسبوقة، إذ شهد عام 2024 ارتفاعات قياسية لمستوى ثاني أكسيد الكربون حتى أصبحت أكثر ما يهدد الجهود العالمية لمكافحة التغيرات المناخية، حسبما جاء في قناة «القاهرة الإخبارية» عبر عرض تقرير تلفزيوني بعنوان «ثاني أكسيد الكربون.. التحدي الأكبر في مواجهة التغيرات المناخية».
ارتفاع انبعاثات الكربون يهدد بالتغير المناخيوأشار التقرير إلى أنّه وفقاً لتقرير ميزانية الكربون العالمي الذي نُشر خلال قمة المناخ «كوب29» في أذربيجان، ذكر أن انبعاثات الكربون وصلت إلى 41.6 مليار طن في 2024 بزيادة قدرها مليار طن مقارنة بعام 2023.
حرق الوقود الأحفوري من أسباب ارتفاع الانبعاثاتيعود معظم هذا الارتفاع إلى حرق الوقود الأحفوري كالفحم والنفط والغاز، بالإضافة إلى ذلك، تساهم إزالة وحرائق الغابات في زيادة انبعاثات استخدام الأراضي التي من المتوقع أن تصل إلى 4.2 مليار طن هذا العام، وذلك بسبب الجفاف الشديد في الأمازون.
الأرقام تدق ناقوس الخطر وضرورة التدخلولفت التقرير إلى أن هذه الأرقام تدق ناقوس الخطر، حيث حظر علماء البيئة والمناخ من أن عدم اتخاذ إجراءات فورية وجادة قد يقودنا لتجاوز عتبة درجة ونصف مئوية من ارتفاع درجة الحرارة، وهو الحد الذي تم تحديده في اتفاقية باريس للمناخ، وفي حال استمرار هذه الاتجاهات، فأننا قد نواجه آثار مناخية أكثر قسوة وشدة.