رامي بن سالم البوسعيدي

في السنوات الأخيرة حققت سلطنة عُمان تقدما كبيرا في تخفيض الدين العام للدولة، وذلك في إطار جهودها لمواجهة التحديات الاقتصادية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط والأثر السلبي لجائحة كورونا "كوفيد-19"، وكان ارتفاع الدين العام مصدر قلق كبير للحكومة منذ عام 2018، إلّا أن الإجراءات المالية التي اتخذتها ساهمت في تحسين الوضع المالي وتقليل حجم الدين بشكل ملحوظ.

وكثير من أسباب ارتفاع الدين العام في سلطنة عُمان كانت خارجة عن الإرادة، أولها تأثرها المباشر خلال العقد الماضي بانخفاض أسعار النفط؛ لأنَّ السلطنة تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط كمصدر رئيسي للإيرادات الحكومية. ومنذ بداية الانخفاض الحاد في أسعار النفط في عام 2014، واجهت الدولة تحديات كبيرة في تمويل الإنفاق الحكومي، مما اضطرها إلى الاقتراض لتغطية العجز المالي. ومع استمرار انخفاض أسعار النفط، ارتفعت مصروفات الدين، وزادت معها الفوائد. ومع التخفيض في التصنيف الائتماني للدولة، أصبحت السلطنة تقترض بنسب فوائد عالية، وهو ما تسبب في العجوزات المالية.

ولا ننسى أن السنوات التي سبقت أزمة النفط، زاد خلالها الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية الأساسية والخدمات الاجتماعية، وارتفع معدل التوظيف الحكومي في القطاعين المدني والعسكري في الأعوام 2011، و2012، و2013، وكان الإنفاق مرتفع جدًا دون وجود بدائل كافية للإيرادات، وهو ما ساهم لاحقًا في تفاقم الدين العام، الذي بدأ بالارتفاع تدريجيًا، حتى بلغ ذروته في عام 2020؛ حيث وصل إلى نسبة 79‎%‎ من الناتج المحلي الإجمالي؛ أي ما يقارب 24 مليار ريال عُماني، وشكَّل هذا الدين ضغطًا كبيرًا على المالية العامة للدولة ورفع من مستويات القلق بشأن الاستدامة المالية.

ولمُواجهة هذا التحدي وغيره، أطلقت الحكومة خطة اقتصادية شاملة وهي رؤية "عُمان 2040"، والتي تضمنت إصلاحات مالية وإجراءات تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط وتحسين الإيرادات الحكومية، بجانب الخطة قصيرة المدى التي أطلقت في 2020 بعد تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم؛ وهي خطة التوازن المالي (2020- 2024)، والتي تُعد بمثابة خطوة حاسمة في مواجهة التحديات المالية، وتضمنت إجراءات صارمة لإصلاح المالية العامة، منها زيادة الإيرادات غير النفطية من خلال تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، وتحسين كفاءة التحصيل الضريبي، بجانب خفض الإنفاق الحكومي وتخفيض الدعم الحكومي على الوقود والطاقة، وإعادة هيكلة نظام التوظيف الحكومي لتقليل الأعباء المالية.

ولا ننسى حزم تحفيز القطاع الخاص التي اعتمدتها الحكومة وخاصة بعد جائحة كورونا، وركزت فيها على تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد وتقليل الاعتماد على الحكومة كمحرك رئيسي للنمو، وتم تبني سياسات لجذب الاستثمارات الأجنبية وتحسين بيئة الأعمال

كل ذلك ساهم في مراجعة وإعادة هيكلة جزء من ديون السلطنة لتخفيف الضغوط المالية الناجمة عن خدمة الديون، وذلك من خلال تمديد آجال السداد وتخفيض الفوائد على بعض القروض، وبفضل هذه الإجراءات، بدأت نتائج إيجابية تظهر على الاقتصاد العُماني مباشرة في عام 2022؛ حيث انخفض الدين العام إلى 60% من الناتج المحلي الإجمالي، وتمكنت الدولة من تحقيق فائض في الميزانية بلغ 1.1 مليار ريال عُماني، وتزامن ذلك مع بداية استقرار أسعار النفط، وهذا التحسن ساهم في تعزيز الثقة في الاقتصاد العُماني وزيادة التصنيف الائتماني للدولة من قبل وكالات التصنيف العالمية.

كما ساعدت إجراءات ضبط الإنفاق على خفض العجز المالي بشكل كبير، على سبيل المثال نجحت الحكومة في تخفيض العجز من 12.8% من الناتج المحلي في عام 2020 إلى  1.6% في 2022، وهو تحسن ملحوظ يعكس فعالية خطة التوازن المالي.

ونستطيع القول إنَّ نجاحنا تحقق بفضل التخطيط المالي المُتوازِن بين تقليص الإنفاق وزيادة الإيرادات غير النفطية، كما إنَّ مواصلة الانضباط المالي أسهم بدور كبير في نجاح باقي الخطة، من خلال التزام الحكومة بالخطط الإصلاحية وتطبيقها بصرامة، رغم التحديات التي يجب أن نراعيها وأهمها ارتفاع تكاليف المعيشة والضغوط الاجتماعية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

السفير حسام الدين يزور مصريين في دار رعاية بـ “سانتا انا بكاليفورنيا”

زار السفير الدكتور حسام الدين على، قنصل عام مصر فى لوس انجلوس وولايات الساحل الغربى الأمريكى، فى ١٠ اكتوبر الجارى، مقر "دار ٣٦٠ لرعاية كبار السن"، وهى دار مصرية كبرى لرعاية كبار السن فى سانتا انا بكاليفورنيا، بناء على دعوة من المهندس رضا بشاى والدكتور يوسف بشاى القائمين على الدار.

وقد  رحب مرتادو الدار بالقنصل العام بالاعلام والاغانى المصرية، وعقد القنصل العام لقاءاً مطولاً معهم، بمشاركة القنصل سكرتير أول أحمد انور، للإجابة عن إستفساراتهم بشان مختلف الخدمات القنصلية التى تقدمها القنصلية العامة، ومناقشة مختلف مشاغلهم وإلتقاط الصور معهم.

كما أشاد السفير الدكتور حسام الدين على، بالمستوى المتطور والمشرف لمختلف خدمات دار الرعاية وما لمسه من تقدير مرتاديها لمستوى ونطاق تلك الخدمات، ووعد المصريين المرتادين لدار الرعاية بتكرار زيارتهم دورياً للإطمئنان عليهم والتواصل المستمر معهم.

مقالات مشابهة

  • أمير سعودي برد لاذع على سياسي لبناني وتدوينة مفيش شرف.. عربان بني نفط
  • هواوي تستعيد عرش سوق الهواتف الذكية.. تفوق تاريخي على آيفون بعد 3 سنوات
  • «المصدرين» تشيد بقرارات رد أعباء الصادرات: تحسن الوضع المالي للشركات
  • العقوبات الأمريكية الجديدة تستهدف زيادة الضغوط المالية على إيران | تفاصيل
  • 102 ألف رحلة طيران يومياً حول العالم منذ بداية 2024
  • سعودية تحصد جائزة أفضل قائدة في القطاع الحكومي على مستوى الخليج.. فيديو
  • رحلة إلى لبنان تضع مواطنا إماراتيا تحت طائلة القانون.. ماذا ينتظره؟
  • السفير حسام الدين يزور مصريين في دار رعاية بـ “سانتا انا بكاليفورنيا”
  • برنامج "فرصة" الحكومي خلق 37 ألف فرصة عمل وفق وزيرة السياحة رغم الانتقادات التي تلاحقه