فى العصر الحديث يمكن القول إن العلاقات المصرية الأفريقية مرت بثلاث مراحل؛ الأولى فى زمن الرئيس المصرى السابق جمال عبدالناصر، حيث ساند الثورات التحررية وبلغت الدبلوماسية المصرية شأناً عالياً فى ذلك الوقت، وحققت مصر مصالح استراتيجية فى العمق الأفريقيý.ý
ý ýثم جاء مرحلة الرئيس أنور
السادات والذى انشغل كثيراً
بمعركة تحرير الأرض ثم معركة
السلام، وقد آمن الرجل بأن
أوراق اللعبة برمتها فى يدى
الولايات المتحدة الأمريكية أو
99 فى المائة منها على الأقل.
ومع وصول الرئيس مبارك بدأت
العلاقات تفتر شيئاً فشيئاً، إلى
أن جاءت محاولة اغتياله فى
أديس أبابا فى يونيو 1995
ليتوارى الملف الأفريقى عن
اهتمامات مصر الرسمية،
وإذ تركنا عالم الجغرافيا، العلامة جمال حمدان ونظرته العميقة والاستراتيجية لجذور مصر الأفريقية، فإننا نجد أنفسنا أمام قامتين مصريتين أدركتا باكراً أهمية أفريقيا بالنسبة لمصر،
أما الأول فهو الدكتور بطرس غالى، الأمين العام السابق للأمم المتحدة والذى كتب فى مذكراته الشخصية أن أول رحلة سمح له والده الباشا الأكبر بالقيام بها فى حياته كانت إلى السودان، وليس إلى أوروبا ولا أمريكا ý.ý
ý ýوحين سأل بطرس عن السر
أخبره الأب عن أهمية أن تتفتح
عينه على القيمة والأهمية
الكبرى التى تمثلها أفريقيا
للمصريين ولحياتهم، وعليه لم
يكن غريبا فى وقت لاحق أن
يتجه اهتمام بطرس غالى الأول
والأكبر طوال عقود خدمته في
الدبلوماسية المصرية، صوب
أفريقيا، والأفارق هم الذين
رشحوه لمنصب الأمين العام
للأمم المتحدة.
أما العقلية المصرية الثانية التى رسخت لديها أهمية أفريقيا، فهى الصحفى والكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، والذى أشار أكثر من مرة إلى أن أمرين يمثلان أمن مصر القومى ولا مجال للتهاون فيهما؛ وهما « مياه النيل »، و«الوحدة الوطنية على أرض مصر بين الأقباط والمسلمين «، وبديهى أن مسالة مياه النيل تتقاطع مع العمق الأفريقى طولاً وعرضاً، وشكلا وموضوعاًý.ý
وبعد الثلاثين من يونيو 2013، بدأت مصر استفاقة حقيقية تجاه العالم الخارجى، وفى محاولة ناجحة لضبط المسافات مع بقية عواصم العالم، أولت القيادة السياسية، وعلى رأسها السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى أهمية كبرى لأفريقيا، والمحلل المتابع المحقق والمدقق لخطابات الرئيس يجده يؤكد مراراً وتكراراً على اعتزاز مصر بانتمائها الأفريقى فقد خطت مصر خطوات جذرية فى سياق إعادة ضبط المسافات من القاهرة إلى غالبية أو كل العواصم الأفريقية، والمؤكد أن الفضل الأكبر فى هذا الإطار يعزى إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أعاد تقييم المشهد.
واستبقت الرؤية المصرية الأحداث والمتغيرات العالمية التى تنبئ بولادة نظام عالمى متعدد الأقطاب قائم على الحيز الجغرافى لكل قطب، وبما أن القرن والشمال الأفريقى يمثلان الحيز الجغرافى لمصر وهو الأهم فى العالم لما يمثله من أهمية للملاحة الدولية بجانب الثروات والموارد الطبيعية، ولذا نلاحظ اشتعال تلك المنطقة حول مصر وفى القلب سد النهضة، لمحاولة جرها لصدام عسكرى يجعل تلك المنطقة المهمة مسرحاً لتواجد قوى عالمية للسيطرة عليها والاستفادة منها، مع عزل مصر عن محيطها الجغرافى، لكن نجحت القيادة المصرية ببراعة فى ترويض ذلك والتواجد داخل تلك المنطقة ليس بالتواصل السياسى فقط، بل اقتصادياً وعسكرياً وهو ما لم يحدث عبر التاريخ المصرى من قبل، وهذا ما تمخضت عنه القمة الثلاثية بين قادة مصر وأريتريا والصومال لتمثل توازناً استراتيجياً يمنع أى قوة أخرى تسيطر أو تتواجد على منابع النيل أو مداخل البحر الأحمر وخليج عدن.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصر والعمق العصر الحديث العلاقات المصرية جمال عبدالناصر
إقرأ أيضاً:
النائب العام يؤكد أهمية حماية الحريات وإنجاز التحقيقات في مواعيدها
الوطن| متابعات
عقد النائب العام، اجتماعًا مع أعضاء نيابة باب بن غشير الجزئية، بحضور رئيس نيابة جنوب طرابلس الابتدائية.
تناول الاجتماع أدوار وكلاء النيابة في حماية الحريات والحقوق، مع التأكيد على ضرورة إنجاز التحقيقات المرتبطة بها في أوقات تتناسب مع طبيعتها لضمان تحقيق العدالة الفورية.
وشدد النائب العام على أهمية متابعة النشاط الضبطي، ووضع خطط عملية لمعالجة أي عقبات قد تعرقل سير هذا النشاط.
كما دعا إلى تنسيق الجهود المتعلقة بتنفيذ الأحكام الجنائية فور صدورها مع جهات إنفاذ القانون لضمان فعالية التنفيذ واستمرارية العمل المؤسسي.
واختتم المستشار حديثه بالتأكيد على ضرورة التعامل مع أطراف القضايا الإجرائية بما يتماشى مع المعايير القانونية والأخلاقية الراسخة، مشددًا على أهمية احترام الحقوق في جميع مراحل الإجراءات.
الوسوم#اجتماعات #النائب العام الصديق الصور ليبيا