نستكمل حديثنا اليوم عزيزى القارئ مع المؤتمر الذى عقد فى القاهرة يونيو الماضى، ونجاحه فى إشراك عدد لابأس به من القوى السياسية والمدنية السودانية، والذى يعكس قدرة مصر وفاعلية دورها فى إشراك طوائف الشعب السودانى كافة تحت راية واحدة، وخلال مؤتمر القاهرة أكدت مصر أن أى حل سياسى حقيقى للأزمة فى السودان لا بد أن يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم، من دون إملاءات أو ضغوط خارجية، وأن أى عملية سياسية مستقبلية ينبغى أن تشمل الأطراف الوطنية الفاعلة كافة بالسودان، وفى إطار احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه وعدم التدخل فى شئونه الداخلية، فالوضع الكارثى فى السودان يتطلب الوقف الفورى والمستدام للحرب وتسهيل عمليات الاستجابة الإنسانية الجادة والسريعة من أطراف المجتمع الدولى كافة، لتخفيف معاناة السودانيين والتوصل إلى حل سياسى شامل، وأكدت مصر عبر على أهمية وحدة القوات المسلحة السودانية لدورها فى حماية السودان والحفاظ على سلامة مواطنيه، أكد فى الوقت نفسه معاناة السودانيين الذين فروا من الحرب إلى دول الجوار، داعياً «المجتمع الدولى للوفاء بتعهداته التى أعلن عنها فى مؤتمرى جينيف وباريس لإغاثة السودان، لسد الفجوة التمويلية القائمة والتى تناهز ٧٥ فى المائة من إجمالى الاحتياجات»، وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسى أن مصر لن تألو جهداً ولن تدخر أية محاولة فى سبيل رأب الصدع بين مختلف الأطراف السودانية، ووقف الحرب وضمان عودة الأمن والاستقرار والحفاظ على مقدرات الشعب السودانى.

وأكد السيسى خلال استقباله وفداً سودانياً من المشاركين فى مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية «ضرورة تكاتف المساعى للتوصل إلى حل سياسى شامل يحقق تطلعات شعب السودان، وينهى الأزمة العميقة متعددة الأبعاد التى يعيشها السودان بما تحمله من تداعيات كارثية على مختلف الصعد السياسية والاجتماعية والإنسانية».

السؤال الذى يطرح نفسه وبقوة هل مصر فى حاجة لتطوير منهج علاقتها مع السودان بصورة كلية واستعادة الفاعلية!!!؟، مد أشهر الحرب فى السودان لفترة طويلة خلق حالة استثنائية تمثلت فى لجوء مئات آلاف السودانيين إلى القاهرة من بينهم عشرات القيادات السياسية من مختلف ألوان الطيف السياسى السودانى، ما أسس لتواصل بين القاهرة والكتل السياسية وساعد فى التقارب والتفاهم فى السياسة المصرية تجاه السودان، وهنا أرى عزيزى القارئ أن قدرة التأثير لمصر على السودان فى أفضل درجاتها وعليها أن تستغل تلك اللحظة، ونؤكد دوماً أن الدور المصرى ما زال حاضراً وبقوة فى المشهد السودانى، وخير دليل أن مؤتمر القاهرة الأخير هو الوحيد من بين المسارات الإقليمية والدولية الأخرى الذى تمكن من تقديم رؤية شاملة وكاملة فى تناول الأزمة السودانية.. وللحديث بقية.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: من الإخوان الإرهابية السودان المؤتمر القاهرة القوى السياسية والمدنية السودانية مصر الشعب السوداني تحت راية واحدة

إقرأ أيضاً:

حزب الله.. مساراتٌ متوازيةٌ وتثبيتٌ للمعادلات السياسية والعسكرية

عبدالجبار الغراب

أظهرت كامل الأحداث الجارية في المنطقة جراء الحرب الصهيونية المدعومة أمريكيًّا وبصورة مباشرة وغربيًّا بوسائل وأدوات متعددة على قطاع غزة الفلسطيني المحاصر منذ سبعة عشر عاماً بمساحته الصغيرة ولأكثر من أربعة عشر شهراً والمُستمرّة بفظاعتها الإجرامية وقذراتهم القائمة على تدمير كامل وممنهج لكل نواحي ومظاهر الحياة الإنسانية، مخلفين وإلى الآن عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى؛ عجزهم الكامل على تحقيقهم للأهداف المعلنة أَو المخفية، فأصبحوا في شرود وتيهان ملحقين لأنفسهم الخزي والعار عالميًّا مطاردين من المحاكم الجنائية الدولية، والتي أصدرت مذكرات اعتقال بحق قادة كيان الاحتلال نتنياهو وغالانت بصفتهم مرتكبين لجرائم حرب وإبادة جماعية بحق سكان قطاع غزة، ومن كُـلّ شعوب العالم الحر الناظر والمشاهد لمختلف أنواع الإجرام والتي وصلت وانتشرت إليهم عبر مختلف وسائل الإعلام.

العزلة الكبيرة الدولية التي يعيشها كيان الاحتلال ونبذه شعبيًّا على المستوى العالمي قادته إلى اللجوء إلى طلب مساعدات الأمريكان لتحقيق أهدافه التي لم يستطع تحقيقها بقوة السلاح عن طرق الأطر السياسية في لبنان والتي كثيرًا ما سعوا إلى إيجادها وخلقها في قطاع غزة لأخذها سياسيًّا من المقاومة الفلسطينية، والتي كان للعجز المتراكم الإسرائيلي وضوحه المتصاعد؛ لإصرار الثبات الفلسطيني على حقه المشروع للدفاع وفرضه للشروط العادلة لإنجاز أية صفقة تبادل للأسرى بإيقاف للحرب وبانسحاب كامل للكيان من القطاع، وما دون ذلك فمن المستحيل لا أمريكيًّا أو صهيونيًّا على تحقيقه طالما والفاتورة المقدمة فلسطينيًّا والتضحيات عظيمة وبطولية والصمود أُسطوري غير مسبوق الذي قدمه المجاهدون الشجعان، ليشكلوا بنضالهم هدفاً لا يمكن التنازل عنه مهما كانت الظروف والتحديات؛ فقادم التضحيات هي لسابق كبير ومتواصل لا يمكن قياسه بالأثمان وهو امتداد لإكمال مسيرة الصمود حتى تحقيق الانتصار وزوال كيان الاحتلال الحتمي والأكيد.

أرهقت معركة غزة كيان الاحتلال وغاص في مستنقعاتها العميقة وتعثرت مختلف عملياته العسكرية، وشكل الضغط العسكري القادم إليه من الجبهة الشمالية بجنوب لبنان مصدراً للاستنزاف بفعل الإسناد الفعلي لحزب الله منذ انطلاق معركة (طوفان الأقصى)، وما إن تراكمت عليه الضغوطات وأصبح للانجرار نحو تحقيق ما تم إعداده ورسمه سابقًا ولسنوات لتنفيذ مخطّطه لارتكاب العمليات الإرهابية بحق اللبنانيين، وافتخاره الأولي بتصويره للنجاحات السريعة بالانتصار عندما أقدم بتفجير وسائل الاتصالات البيجر واغتيالاته لقادة حزب الله اللبناني وعلى رأسهم سيد الشهداء حسن نصرالله، شعوره بالقضاء على المقاومة، وهو ما فشل في كُـلّ توقعاته وغاص في أحلامه وأمانيه، ليصاب بالمفاجآت والإحباط من واقع ظهور وتطور وانتقال سريع خلال زمن قصير لا يتجاوز الأسبوعين لنهوض حزب الله من كبوة تعثر لجواد أصيل عربي إسلامي عريق متجذر الأَسَاس ومتفرع يحتضنه عشرات الملايين من الأحباب المخلصين المؤمنين، صاحب قاعدة جماهيرية عريضة لها صولات وجولات عديدة لتاريخ صراع وكفاح طويل ضد الأعداء فلم يتأثرون باغتيال قادتهم العظماء؛ فهم ولادون للمجاهدين، مصانع للرجال الأقوياء وبلا انتهاء، يتوارثها عشرات الأجيال القادمة ولقرون من الأزمان، لتزداد التراكمات ويتصاعد الفشل الصهيوني في شقيه السياسي والعسكري في لبنان فظهر محبطاً في متاهات بعد نفاد كامل وتام لكل بنك الأهداف.

التأكيد الجازم للأمين العام لحزب الله بوقف العدوان الشامل والحفظ الكامل للسيادة اللبنانية سقفين يبنى عليهما، والميدان هو لإنجاز الأهداف وليس بالقصف الهمجي على الإحياء والقتل المتعمد للسكان، وما عجز عن تحقيقه الكيان عسكريًّا وفشله بريًّا فمن الصعب عليه أن يأخذه سياسيًّا بالمفاوضات ووضعه للشروط غير القابلة للنقاش، وأنه من المستحيل لدولة القبول بانتهاك سيادتها فهي ورقة خيال صهيونية عليه أن يدركها، والمقاومة لها خطوط ومسارات متوازية نجحت من خلالهما على تثبيتها للمعادلات السياسية والعسكرية، فمسار تصاعدي واضح التأكيد للقدرة الكبيرة على إحداثه للتغيير في سير المعارك ميدانيًّا بضربها لكل المناطق، في أية بقعة يراد استهدافها، وُصُـولًا لوسط تل أبيب، وعجز الصهاينة عن صدها طالما استمروا في استهدافهم لبيروت، وتصاعد قوي فائق القدرة على المواصلة لمعركة طويلة الأمد، ومسار متواز آخر وهو التماشي مع كُـلّ الرغبات السياسية وهو ما يقوم بها حَـاليًّا المبعوث الأمريكي “هوكشتاين” لإيجاد مسارات لحلول دبلوماسية هي محلها المأخوذ ضمن أولويات الحزب والحكومة وفق القرار الأممي (1701) إذَا ما كانت للجدية الإسرائيلية تعاملها الصحيح لإيقاف شامل للعدوان وحفظ كامل لسيادة لبنان، وما غير ذلك فلا مجال للحديث عن مخارج وحلول إلَّا وفق الرؤى والمواقف التي تستند لها الدولة اللبنانية ومقاومتها الإسلامية لوقف كافة المخاطر الإسرائيلية.

مقالات مشابهة

  • حزب الله.. مساراتٌ متوازيةٌ وتثبيتٌ للمعادلات السياسية والعسكرية
  • خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة
  • دروشة بعض السياسيين السودانيين في التعامل مع مصر!
  • يا ايها السودانيين هبوا الى ما تبقى من سودانكم لأنه اصبح في مهب الريح
  • ماذا قال مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية بعد تحرير سنجة
  • فتح الحوار حول كيفية إعادة بناء الدولة السودانية
  • عالم “الجربندية” السياسية
  • مصطفى بكري: الجيش انتصر للشعب المصري ضد محاولات الإخوان الإرهابية القضاء على الدولة
  • حزب «المصريين»: إنجازات الدولة أربكت لجان الإخوان الإرهابية فلجأت إلى الشائعات
  • باحث: جماعة الإخوان الإرهابية تعتمد على وسائل التواصل لنشر معلومات مضللة