عربي21:
2025-03-10@08:30:01 GMT

في ذكرى يوم تطهير الذاكرة.. ها هنا وهناك

تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT

لجمال الدين الأفغاني رحمه الله (ت: 1879م) نداء مشهور وجّهه لأهل المشرق في وقت من أشد الأوقات الظلام حالكا في تاريخنا الحديث، وروعة النداء ستتمثل في معناه، بالقدر الذي سيجعله نداء ممتدا عابرا للزمان بالمعنى الوجودي الكامل، فسيتناول الحياة والموت، وما بعد الموت.. سيقول لنا موقظ الشرق: "عيشوا كباقي الأمم أحرارا سعداء، أو موتوا مأجورين شهداء".



هو بحق "موقظ الشرق" كما سماه سعد باشا زغلول رحمه الله (ت: 1927م)، ونداؤه هذا ما هو إلا عين ما رأيناه ونراه من "أهل العزائم والأنوار" في غزة. ويصح هنا أن نقول إن "طوفان الأقصى" هو أول تجسيد تاريخي حق لهذا النداء الذي ظل يتحرك عبر الأجيال، حتى تسلمه الجيل الذي وعاه بحق انخراطه في أعماق معناه بالفهم والمعاناة.. معاناة "حصار" لم ير له التاريخ الحديث مثيلا!

هل كانت من فائدة لـ"الحصار" الرهيب الذي فُرض على القطاع برا وبحرا وجوا 17 سنة، بتعاون واشتراك بين السلطة الفلسطينية التي لا يُعرف لها مكان في الصف الوطني الفلسطيني، وبين إسرائيل (أمريكا والغرب) في مشهد دولي وإقليمي بالغ الريبة! فلقد اتفق الجميع على حرمان غزة وأهلها من العيش كباقي الأمم (أحرارا سعداء)؟

* * *
لا يمكن فهم الكُليّ إلا في الجزئي، وهذا حقيقي، فحياة الخطر التي عاشها أهل غزة، وفي القلب منهم حماس، وفى القلب منها الكتائب المسلحة (القسام)، أنتجت ما رأيناه ونراه على مدى سنة بأكملها
فهل كان هذا الحصار هو الرحم الذي تكون فيه هذا "الميلاد العظيم"؟ نعم.. ويحق لنا وللأمة أن نتذكر يوم هذا الميلاد.. 7 تشرين الأول/ أكتوبر.

وصحيحة هي تلك المقولة: "عش في خطر"، التي قالها الفيلسوف الألماني المزعج نيتشة (ت: 1900م)، صحيحة تماما، وسننتبه بحكم ثقافتنا الأصيلة إلى أن لها بعدا دينيا هاما، يعرفه المؤمنون من القرآن العظيم (سورة الشورى)، إذ سنرى أن الذين يؤمنون بالآخرة "مشفقون" منها، رغم إيمانهم، ورغم عملهم الصالح، وسيظل الإحساس اليقظ في العزائم والهمم يرابط في قلوبهم، خوفا وحفظا وصونا من جهة، وعملا وسعيا ورجاء من جهة أخرى.

* * *

يقولون إنه لا يمكن فهم الكُليّ إلا في الجزئي، وهذا حقيقي، فحياة الخطر التي عاشها أهل غزة، وفي القلب منهم حماس، وفى القلب منها الكتائب المسلحة (القسام)، أنتجت ما رأيناه ونراه على مدى سنة بأكملها.

ولن نذهب بعيدا حين نقول إن جهاز "مجد" الأمني، الذي تم تأسيسه مبكرا بعد انتشار ظاهرة الاختراقات للصف الفلسطيني من الموساد والأجهزة الأمنية الغربية، ما هو إلا أحد نتائج الشعور بـ"الخطر". والطريف أن دوره اتسع بجانب إجراء التحقيقات مع عملاء إسرائيل، إلى اقتفاء آثار ضباط المخابرات وأجهزة الأمن الإسرائيلية نفسها.

* * *

ليس هذا فقط، بل إن حالة "الحصار" نفسها أحدثت حالة لا نظير لها من الالتحام بين المقاومة والناس، ولا يحتاج ذلك إلى دليل، وسبق وكتبت عنه صحفية إيطالية وقالت: لا يمكن تصور صمود الناس في غزة إلا من خلال نافذة تقول: إنهم كانوا متجهزين لهذه الأيام، وتجهيزا يفوق ما هو عادي.. وصدقت.

* * *

هذه الحالة سيتم العمل على منع تكونها وتجليها في "عالم الإسلام" من خمسينيات القرن الماضي على أيدي النظام العربي الرسمي.

سيتم محو وشطب كل المفردات الزائفة المزيفة وسيتم إبدالها بالحقيقي من كل حق.. ستُشطب "الرواية الغربية" عن إسرائيل وكل خرافات التاريخ المتداولة في فصول تلك الرواية، وستظهر وتعلو "رواية التاريخ الحق" الذي أصبح الآن حديثا عاديا في ساحات الجدل والنقاش الدائر في العالم كله، وليس أوروبا وأمريكا فقط!!
وما كان رعب بريطانيا من ظاهرة المجاهد الشهيد عز الدين القسام الذي حاربته هو و"العصبة القسامية" وقتها سنة 1935م بشراسة رهيبة، إلا لمنع تلك "الحالة" من التوسع والانتشار، والتي كانت كفيلة بإنهاء الوجود البريطاني نفسه، وليس فقط منع ما حدث بعدها وحتى نكبة 1948.

* * *

وسنرى أن اختيار حماس اسم الشهيد "عز الدين القسام" اسما للكتائب المسلحة بعدها، ما كان إلا تصحيحا لمسار التاريخ، الذي أعوج طويلا على أيدي كل معوج أثيم.

لكن "طوفان الأقصى" جاءت، ليس فقط لتصحيح مسار هذا التاريخ، ولكن وهو الأهم لـ"تطهير الذاكرة" من كل ما علق بها من رواسب وشوائب، سواء بفعل الأمد الذي طال، أو بفعل فاعل السوء، الذي كان أشد ما يكون حرصا على ملئها بالأوحال.

سيتم محو وشطب كل المفردات الزائفة المزيفة وسيتم إبدالها بالحقيقي من كل حق.. ستُشطب "الرواية الغربية" عن إسرائيل وكل خرافات التاريخ المتداولة في فصول تلك الرواية، وستظهر وتعلو "رواية التاريخ الحق" الذي أصبح الآن حديثا عاديا في ساحات الجدل والنقاش الدائر في العالم كله، وليس أوروبا وأمريكا فقط!!

* * *

ستكون فكرة أوسلو والتطبيع والشرق أوسط الجديد، والحل الانتقالي بعيد المدى، والسلام الاقتصادي، وكل هذه الأوهام، خارج هامش التاريخ، تمهيدا لإلقائها في مكانها المناسب من سلة المهملات.

ستسقط مقولات مثل: أمريكا تعلم كل شيء، مفاتيح المشكلة والحل في يد أمريكا، كل أوراق اللعبة في يد أمريكا، لتحل محلها أنا حقيقة: "أنا أجاهد إذن أنا موجود"، لأن الجهاد سنة ماضية في الوعي الأول بحقائق التاريخ الذي تكونت حوله تلك الأمة، التي هي خير أمة، بالنص القرآني الكريم أولا، وبمقتضيات الوفاء بحق هذه الخيرية ثانيا.

* * *

المقام يطول ويطول، لذكر وتذكر ما قامت به "طوفان الأقصى" من تطهير لـ"الذاكرة"، أهم مكون من مكونات الوعي بالذات التاريخية لأمتنا كلها، وفي القلب منها القدس والأقصى.

x.com/helhamamy

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الحصار المقاومة غزة ذكرى المقاومة الحصار طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تكنولوجيا رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

نورا ناجى لـ"البوابة نيوز": لا أنزعج بتصنيفي "نسوية".. وهناك نظرة دونية للكاتبات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكدت الكاتبة نورا ناجى، ان فكرة تصنيف الكتابة لا تزعجها  ولكنها ترى أنه يجب على الشخص الكتابة عن الإنسان بشكل عام، موضحة انها إمرأة وتريد التعبير عن المشاكل التى تواجهها شخصياً.

وقالت نورا ناجى فى تصريحات خاصة لـ "البوابة نيوز"، إن المرأة تخضع لضغط كبير وقهر أكبر، أكثر من الرجل، نرى ذلك من خلال الحوادث التى تحدث كل يوم إلى درجة أن الواقع أسوأ بكثير من الخيال.

وأضافت: "أنا لا أفضل التصنيفات وفى نفس الوقت تستفزنى ولكن لا أنزعج منها، وهناك اتجاه ما يتعامل مع الفكر النسوى على انه وصمة عار، وأرفض هذا الاتجاه".

وتابعت: "أنا أنتمى للحركة النسوية وأقدرها، فهى أعمق بكثير مما يبدو، وهناك مثقفات كثيرات تطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة بمعنى أن المرأة تنتزع من الرجل حقوقه، وهذا لا يُعقل لأن النسوية تعنى أن المرأة والرجل متساويان فى الحقوق والواجبات بشكل عام.".

تُعد نورا ناجى واحدة من أهم الكاتبات المصريات، تميزت أعمالها بالتركيز على قضايا المرأة والهموم الإنسانية، وصنفت ككاتبة نسوية، فهى تسلط الضوء على التحديات التى تواجه النساء فى المجتمع.

مقالات مشابهة

  • مسؤول أمريكي سابق: الوضع في سوريا هش.. وهناك فرصة للاستقرار بدعم دولي
  • نورا ناجى لـ"البوابة نيوز": لا أنزعج بتصنيفي "نسوية".. وهناك نظرة دونية للكاتبات
  • سموتريتش: نعمل على إنشاء إدارة للهجرة من غزة وهناك إمكانية لتغيير تاريخي
  • الشعب الجمهوري: يوم الشهيد ذكرى عطرة سجلها التاريخ بحروف من نور
  • إليك أغرب أشكال الاحتجاج التي شهدها العالم على مر التاريخ (صور)
  • شيخ الأزهر: التاريخ سيقف طويلًا وهو يحني الرأس للمرأة الفلسطينية التي تشبثت بوطنها
  • والي الخرطوم يبشر باقتراب ساعة النصر وإكمال تطهير ولاية الخرطوم من المليشيا المتمردة
  • في تطهير عرقي..مئات القتلى في الساحل السوري
  • نقص هذا الفيتامين .. قد يقودك للجنون وفقدان الذاكرة
  • البنتاغون يقرر تطهير قاعدة بياناته من أثر المثليين