عربي21:
2025-02-06@20:23:16 GMT

في ذكرى يوم تطهير الذاكرة.. ها هنا وهناك

تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT

لجمال الدين الأفغاني رحمه الله (ت: 1879م) نداء مشهور وجّهه لأهل المشرق في وقت من أشد الأوقات الظلام حالكا في تاريخنا الحديث، وروعة النداء ستتمثل في معناه، بالقدر الذي سيجعله نداء ممتدا عابرا للزمان بالمعنى الوجودي الكامل، فسيتناول الحياة والموت، وما بعد الموت.. سيقول لنا موقظ الشرق: "عيشوا كباقي الأمم أحرارا سعداء، أو موتوا مأجورين شهداء".



هو بحق "موقظ الشرق" كما سماه سعد باشا زغلول رحمه الله (ت: 1927م)، ونداؤه هذا ما هو إلا عين ما رأيناه ونراه من "أهل العزائم والأنوار" في غزة. ويصح هنا أن نقول إن "طوفان الأقصى" هو أول تجسيد تاريخي حق لهذا النداء الذي ظل يتحرك عبر الأجيال، حتى تسلمه الجيل الذي وعاه بحق انخراطه في أعماق معناه بالفهم والمعاناة.. معاناة "حصار" لم ير له التاريخ الحديث مثيلا!

هل كانت من فائدة لـ"الحصار" الرهيب الذي فُرض على القطاع برا وبحرا وجوا 17 سنة، بتعاون واشتراك بين السلطة الفلسطينية التي لا يُعرف لها مكان في الصف الوطني الفلسطيني، وبين إسرائيل (أمريكا والغرب) في مشهد دولي وإقليمي بالغ الريبة! فلقد اتفق الجميع على حرمان غزة وأهلها من العيش كباقي الأمم (أحرارا سعداء)؟

* * *
لا يمكن فهم الكُليّ إلا في الجزئي، وهذا حقيقي، فحياة الخطر التي عاشها أهل غزة، وفي القلب منهم حماس، وفى القلب منها الكتائب المسلحة (القسام)، أنتجت ما رأيناه ونراه على مدى سنة بأكملها
فهل كان هذا الحصار هو الرحم الذي تكون فيه هذا "الميلاد العظيم"؟ نعم.. ويحق لنا وللأمة أن نتذكر يوم هذا الميلاد.. 7 تشرين الأول/ أكتوبر.

وصحيحة هي تلك المقولة: "عش في خطر"، التي قالها الفيلسوف الألماني المزعج نيتشة (ت: 1900م)، صحيحة تماما، وسننتبه بحكم ثقافتنا الأصيلة إلى أن لها بعدا دينيا هاما، يعرفه المؤمنون من القرآن العظيم (سورة الشورى)، إذ سنرى أن الذين يؤمنون بالآخرة "مشفقون" منها، رغم إيمانهم، ورغم عملهم الصالح، وسيظل الإحساس اليقظ في العزائم والهمم يرابط في قلوبهم، خوفا وحفظا وصونا من جهة، وعملا وسعيا ورجاء من جهة أخرى.

* * *

يقولون إنه لا يمكن فهم الكُليّ إلا في الجزئي، وهذا حقيقي، فحياة الخطر التي عاشها أهل غزة، وفي القلب منهم حماس، وفى القلب منها الكتائب المسلحة (القسام)، أنتجت ما رأيناه ونراه على مدى سنة بأكملها.

ولن نذهب بعيدا حين نقول إن جهاز "مجد" الأمني، الذي تم تأسيسه مبكرا بعد انتشار ظاهرة الاختراقات للصف الفلسطيني من الموساد والأجهزة الأمنية الغربية، ما هو إلا أحد نتائج الشعور بـ"الخطر". والطريف أن دوره اتسع بجانب إجراء التحقيقات مع عملاء إسرائيل، إلى اقتفاء آثار ضباط المخابرات وأجهزة الأمن الإسرائيلية نفسها.

* * *

ليس هذا فقط، بل إن حالة "الحصار" نفسها أحدثت حالة لا نظير لها من الالتحام بين المقاومة والناس، ولا يحتاج ذلك إلى دليل، وسبق وكتبت عنه صحفية إيطالية وقالت: لا يمكن تصور صمود الناس في غزة إلا من خلال نافذة تقول: إنهم كانوا متجهزين لهذه الأيام، وتجهيزا يفوق ما هو عادي.. وصدقت.

* * *

هذه الحالة سيتم العمل على منع تكونها وتجليها في "عالم الإسلام" من خمسينيات القرن الماضي على أيدي النظام العربي الرسمي.

سيتم محو وشطب كل المفردات الزائفة المزيفة وسيتم إبدالها بالحقيقي من كل حق.. ستُشطب "الرواية الغربية" عن إسرائيل وكل خرافات التاريخ المتداولة في فصول تلك الرواية، وستظهر وتعلو "رواية التاريخ الحق" الذي أصبح الآن حديثا عاديا في ساحات الجدل والنقاش الدائر في العالم كله، وليس أوروبا وأمريكا فقط!!
وما كان رعب بريطانيا من ظاهرة المجاهد الشهيد عز الدين القسام الذي حاربته هو و"العصبة القسامية" وقتها سنة 1935م بشراسة رهيبة، إلا لمنع تلك "الحالة" من التوسع والانتشار، والتي كانت كفيلة بإنهاء الوجود البريطاني نفسه، وليس فقط منع ما حدث بعدها وحتى نكبة 1948.

* * *

وسنرى أن اختيار حماس اسم الشهيد "عز الدين القسام" اسما للكتائب المسلحة بعدها، ما كان إلا تصحيحا لمسار التاريخ، الذي أعوج طويلا على أيدي كل معوج أثيم.

لكن "طوفان الأقصى" جاءت، ليس فقط لتصحيح مسار هذا التاريخ، ولكن وهو الأهم لـ"تطهير الذاكرة" من كل ما علق بها من رواسب وشوائب، سواء بفعل الأمد الذي طال، أو بفعل فاعل السوء، الذي كان أشد ما يكون حرصا على ملئها بالأوحال.

سيتم محو وشطب كل المفردات الزائفة المزيفة وسيتم إبدالها بالحقيقي من كل حق.. ستُشطب "الرواية الغربية" عن إسرائيل وكل خرافات التاريخ المتداولة في فصول تلك الرواية، وستظهر وتعلو "رواية التاريخ الحق" الذي أصبح الآن حديثا عاديا في ساحات الجدل والنقاش الدائر في العالم كله، وليس أوروبا وأمريكا فقط!!

* * *

ستكون فكرة أوسلو والتطبيع والشرق أوسط الجديد، والحل الانتقالي بعيد المدى، والسلام الاقتصادي، وكل هذه الأوهام، خارج هامش التاريخ، تمهيدا لإلقائها في مكانها المناسب من سلة المهملات.

ستسقط مقولات مثل: أمريكا تعلم كل شيء، مفاتيح المشكلة والحل في يد أمريكا، كل أوراق اللعبة في يد أمريكا، لتحل محلها أنا حقيقة: "أنا أجاهد إذن أنا موجود"، لأن الجهاد سنة ماضية في الوعي الأول بحقائق التاريخ الذي تكونت حوله تلك الأمة، التي هي خير أمة، بالنص القرآني الكريم أولا، وبمقتضيات الوفاء بحق هذه الخيرية ثانيا.

* * *

المقام يطول ويطول، لذكر وتذكر ما قامت به "طوفان الأقصى" من تطهير لـ"الذاكرة"، أهم مكون من مكونات الوعي بالذات التاريخية لأمتنا كلها، وفي القلب منها القدس والأقصى.

x.com/helhamamy

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الحصار المقاومة غزة ذكرى المقاومة الحصار طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تكنولوجيا رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

خطة ترامب "للسيطرة على غزة".. مشروع سياسي أم تطهير عرقي؟

في مؤتمر صحفي فوضوي عُقد في الغرفة الشرقية للبيت الأبيض، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن خطة غير مسبوقة تتعلق بقطاع غزة.

أعلن ترامب عن نية الولايات المتحدة "السيطرة" على غزة، مقترحاً إنشاء مناطق مختلفة لإعادة توطين الفلسطينيين، بتمويل من الدول المجاورة الغنية.

يهدف ترامب من خلال هذا الاقتراح إلى تحويل غزة إلى منطقة مزدهرة، مستوحاة من مشاريعه العقارية، مما يثير مخاوف من التطهير العرقي والتوسع العدواني.

وأشاد نتانياهو برؤية ترامب، بينما أعرب منتقدون مثل السيناتور كريس مورفي عن دهشتهم من هذا الاقتراح، بحسب شبكة سي إن إن. وتُعتبر هذه الخطوة تصعيداً كبيراً في سياسة ترامب الخارجية خلال ولايته الثانية.

ردود فعل رافضة

قوبل هذا الإعلان بإدانة شديدة من قبل الفلسطينيين والقادة الدوليين. فقد رفضت حركة حماس، التي تحكم غزة، والسلطة الوطنية الفلسطينية هذه الخطة بشدة، واصفة إياها بالعدوانية وانتهاكاً للقانون الدولي.

وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن غزة جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، معرباً عن امتنانه لدعم دول مثل الأردن والمملكة العربية السعودية.

ويرى المحللون والمواطنون الفلسطينيون أن نقل سكان غزة ليس حلاً قابلاً للتطبيق، ويحذرون من العواقب المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

وتُعتبر خطة ترامب محاولة لضم غزة وتعزيز المصالح الاقتصادية والسياسية، متجاهلة تاريخ وحقوق الشعب الفلسطيني.

"The U.S. will take over the Gaza Strip, and we will do a job with it, too." –President Donald J. Trump pic.twitter.com/aCqLl9Gwwn

— President Donald J. Trump (@POTUS) February 5, 2025 تنسيق مسبق بين ترامب وإسرائيل؟

في مقابلة مع شبكة CNN، أشار المحلل الإسرائيلي أميت سيغال إلى أن خطوة ترامب ليست زلة لسان، بل جزء من تحرك أوسع تم التنسيق له مع إسرائيل.

وأكد مصدر مطلع على الأمر هذه المعلومات لـCNN من دون تقديم مزيد من التفاصيل. حاولت CNN التواصل مع وزارة الخارجية الأمريكية للتعليق، لكنها لم تتلق رداً حتى الآن.

خطة "التطهير" السابقة.. هل تعود للواجهة؟

في يناير (كانون الثاني) 2025، اقترح ترامب خطة لـ"تطهير" غزة، مشيراً إلى رغبته في أن تقوم مصر والأردن بإخراج الفلسطينيين من القطاع كجزء من محاولة لإحلال السلام في الشرق الأوسط. وأدانت حركة الجهاد هذه التصريحات بشدة، ودعت جميع الدول، خاصة مصر والأردن، إلى رفض ما وصفته بـ"خطة ترامب".

وأكدت الحركة أن الشعب الفلسطيني بصموده ومقاومته سيفشل هذا المخطط كما أفشل مخططات سابقة كثيرة.

US President Donald Trump says the United States "will take over" the Gaza Strip, after earlier saying he doesn't think there is a permanent future for Palestinians in Gaza https://t.co/it1wKNmLlv

— CNN International (@cnni) February 5, 2025 دعم مطلق لإسرائيل

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، تناولت CNN سياسات ترامب المحتملة في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن إنهاء الحروب في غزة ولبنان ودمج إسرائيل في المنطقة قد يكونان على رأس أجندته.

وأعرب محللون عن مخاوفهم من أن يسمح ترامب لإسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية، مما قد يعني نهاية حل الدولتين.

وخلال ولايته الأولى، اتخذ ترامب عدة خطوات لصالح إسرائيل، بما في ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والاعتراف بسيادتها على مرتفعات الجولان.

تصعيد خطير؟

تُعتبر خطة ترامب المقترحة لغزة خروجاً جذرياً عن السياسة الأمريكية التقليدية في الشرق الأوسط.

ويرى النقاد أن هذه الخطة تتجاهل الحقوق التاريخية والقانونية للشعب الفلسطيني، وتُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.

There is 'no precedent' for US President Donald Trump's Gaza plan. Trump’s plan to take over the war-ravaged Gaza Strip and develop it economically after Palestinians are resettled elsewhere leaves a political scientist in shock https://t.co/oZNH6FiOZt pic.twitter.com/6LrmwFZuoS

— Reuters (@Reuters) February 5, 2025

ويشير البعض إلى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل أكبر، وتفاقم التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين.

ومع استمرار التوترات والاضطرابات في الشرق الأوسط، يبقى من غير الواضح كيف ستتطور هذه الخطة، وما إذا كانت ستُنفذ أم ستُواجه بمعارضة شديدة من المجتمع الدولي والشعب الفلسطيني.

في ظل عدم اليقين السياسي، تظل غزة محوراً للصراع الدولي، بينما ينتظر العالم كيف سيتعامل ترامب مع التحديات القادمة.خطة ترامب "السيطرة على غزة".. مشروع سياسي أم تطهير عرقي؟

مقالات مشابهة

  • خطة ترامب "للسيطرة على غزة".. مشروع سياسي أم تطهير عرقي؟
  • “مكمل طبيعي” يحسّن الذاكرة ويعزز التركيز
  • فوائد وأضرار عشبة الباكوبا.. تعزز الذاكرة وتقضي على التوتر والقلق
  • في ذكرى ميلاده.. ما الكلمة التي جعلت فارق الفيشاوي يتخلى عن حلمه؟
  • خبير جيولوجيّ لبنانيّ ينشر خريطة للزلازل التي ضربت شرق المتوسط عبر التاريخ... هكذا علّق عليها
  • سيكتب التاريخ ان الصياد هو المتحرك الذي أفترس متمردي الدعم السريع وسلبهم الحياة
  • نادية لطفي تتصدر التريند في ذكرى رحيلها.. حكايات أيقونة السينما التي لا تُنسى
  • عقار تجريبي يصلح الذاكرة التي أتلفها الزهايمر
  • الابن الأكبر للرئيس الأميركي في مرمى الاتهام وهناك دعوات للمحاسبة
  • في ذكرى وفاتها.. نادية لطفي أيقونة السينما المصرية التي لا تغيب (بروفايل)