يعتزم الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترامب في حال فوزه إعادة الصناعات إلى الولايات المتحدة وخفض كلفة الإنتاج، معولا على الرسوم الجمركية لتعزيز خزائن الدولة، غير أن هذه الخطط قد تصطدم بواقع أكثر تعقيدا.

ومع اقتراب الاستحقاق الرئاسي في نوفمبر/تشرين الثاني، يحذر خبراء اقتصاديون من أن سياسات الرئيس السابق قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار على المستهلكين وتنعكس سلبا على التجارة الدولية، من غير أن تجني الولايات المتحدة منها فوائد مؤكدة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أكسيوس: تغيير سري بفريق ترامبlist 2 of 2كيف يزيد تصعيد إسرائيل بالمنطقة حظوظ ترامب الانتخابية؟end of list

والهدف المعلن لسياسات ترامب هو الاعتماد على الرسوم الجمركية لزيادة عائدات الدولة واستخدام ذلك كورقة للضغط على بلدان مثل الصين، مع تشجيع الشركات على إعادة مراكز إنتاجها إلى الولايات المتحدة.

وقال ترامب خلال مناظرته التلفزيونية مع منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في سبتمبر/أيلول "سيتحتم أخيرا على الدول الأخرى بعد مضي 75 عاما أن تسدد لنا ثمن كل ما فعلناه من أجل العالم". وأعلن الأسبوع الماضي خلال تجمع انتخابي في ميشيغان "الرسوم الضريبية هي برأيي أجمل عبارة".

الرسوم الجمركية

ويعتزم ترامب زيادة الرسوم الجمركية على مجمل الواردات بنسبة 10 إلى 20% بحسب المنتجات، وصولا إلى 60% للواردات الصينية وحتى 200% للسيارات المصنوعة في المكسيك.

وبالنسبة للرسوم الجمركية أيضا، يعتزم ترامب تمديد التخفيضات الضريبية التي أقرت خلال ولايته والتي تنتهي مدتها قريبا، وخفض الضرائب على عائدات الشركات بشكل إضافي.

غير أن مكتب "تاكس فاونديشن" للدراسات حذر من أن هذه الرسوم الجمركية المزمعة قد "تبدد فوائد تخفيضاته الضريبية من غير أن تعوض الخسائر على صعيد العائدات الضريبية".

واعتبر برنارد ياروس الخبير الاقتصادي لدى "أوكسفورد إيكونوميكس" أن مثل هذه السياسة قد تتسبب بزيادة التضخم بنحو 0.6 نقطة مئوية أو حتى أكثر إن تم تطبيق الرسوم في مهلة قصيرة.

وسبق أن عانت الشركات من زيادة الرسوم الجمركية التي أقرها ترامب خلال ولايته، غير أن الزيادة المزمعة قد تكون أكبر.

وأوضح كايل هاندلي أستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنا في سان دييغو أن "الشركات رأت أسعار وارداتها تزداد، وتكيفت" لكن "إذا أقرت زيادة معممة بنسبة 10 إلى 20%، فمن غير الوارد أن لا ينعكس ذلك على الأسعار في المتاجر"، ومن المستبعد أن ينجح ترامب في إعادة الإنتاج إلى الولايات المتحدة في المستقبل القريب.

ويشير ترامب إلى أن زياداته الضريبية السابقة لم يكن لها تأثير على التضخم، لكن هاندلي اعتبر أن الضغوط التي تسببت بها على سلاسل الإمداد توازي في نهاية المطاف زيادة بنسبة 2 إلى 4% في الرسوم الجمركية على الواردات، وأقرت عدة شركات لوكالة الصحافة الفرنسية بأنها اضطرت نتيجة لذلك إلى زيادة أسعارها.

وقدرت دراسة نشرت عام 2019 في صحيفة "جورنال أوف إيكونوميل بيرسبكتيفز" أن الرسوم الجمركية كلفت المستهلكين الأميركيين في السنة السابقة 3,2 مليارات دولار في الشهر.

التجارة مع الصين

وقد تتسبب خطة ترامب في حال تطبيقها بتقليص حجم التجارة بين الولايات المتحدة والصين 70%، مع إعادة توجيه مئات مليارات الدولارات من المبادلات أو إلغائها تماما.

وبحسب آدام سليتر من مكتب أوكسفورد إيكونوميكس فقد أدت التخفيضات الضريبية السابقة عام 2018 إلى إعادة توجيه الصادرات الصينية إلى أسواق أخرى، مما أثار "ضغوطا حمائية إضافية في الدول التي تلقت المزيد من المنتجات الصينية المنخفضة الأسعار".

وأوضح المكتب أن المبادلات التجارية الأميركية قد تنخفض بنسبة 10% وتتركز أكثر على دول أميركا الشمالية وغيرها من الشركاء التجاريين.

وأورد معهد بيترسون أن تدابير أخرى في خطة ترامب مثل إلغاء قانون "العلاقات التجارية الطبيعية الدائمة" الذي حظيت به بكين عام 2000، قد تؤدي إلى زيادة التضخم بنسبة 0.4 نقطة مئوية. إلا أن ترامب تعهد بالقضاء على التضخم، وهو موضوع يتصدر اهتمامات الناخبين، واعدا بصورة خاصة بخفض فواتير الطاقة إلى النصف منذ عامه الأول في البيت الأبيض.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة الرسوم الجمرکیة غیر أن

إقرأ أيضاً:

مخاوف من اندلاع حرب تجارية طويلة الأمد.. كيف ستؤثر على الاقتصاد العالمي؟

الاقتصاد نيوز - متابعة

أكد تقرير نشره موقع "دايلي إيكونومي" على أنّ اندلاع حرب تجارية طويلة الأمد، قد يسبب كارثة على الاقتصاد العالمي، مخلفا عواقب وخيمة تؤثر سلبًا على جميع الأطراف.

 

وقال التقرير، إنّ الرئيس دونالد ترامب نفّذ وعوده الانتخابية أخيرًا بفرض تعريفات جمركية شاملة، ما يعكس تحولا جذريا نحو سياسات الحماية الاقتصادية، موضحا أنه أعلن عن فرض تعريفات بنسبة 25 بالمئة على الواردات من كندا والمكسيك، و10 بالمئة على الصين.   وشدد على أن فرص التوصل إلى اتفاق قد انتهت. ولم يتوقف ترامب عند هذا الحد، بل وسّع نطاق التعريفات لتشمل نسبة 25 بالمئة على منتجات الصلب والألمنيوم الأوروبية ودول أخرى، مهددًا حلفاء آخرين بإجراءات مماثلة.

وبيّن التقرير، أن "رد الفعل ظهر بشكل فوري؛ حيث ردت كندا بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على المنتجات الأمريكية، واتخذت خطوات تصعيدية، مثل سحب الخمور الأمريكية من الأسواق، وتهديدها بقطع الكهرباء عن الولايات المتحدة. وهذا التصعيد دفع الرئيس ترامب إلى التفكير في مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم الكنديين".

في الوقت ذاته، ردت الصين والاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية على منتجات أمريكية مثل الملابس والويسكي. وردًا على ذلك، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية ضخمة تصل إلى 200 بالمئة على النبيذ والشمبانيا الأوروبيين، ما ينذر بتصعيد أكبر للتوترات التجارية.

ووفق الموقع، فإن الاقتصاديين وقادة الأعمال يرون أن هذه السياسات قد تسفر عن ارتفاع ملحوظ في الأسعار، واضطرابات في سلاسل التوريد، وردود فعل انتقامية من الأطراف المتضررة. ومثل هذه التفاعلات قد تُفضي إلى اندلاع حرب تجارية شاملة، مع ما يترتب على ذلك من اضطرابات اقتصادية واسعة النطاق على المستوى العالمي.

وأشار الموقع إلى أنه يرغم ادعاء ترامب أن الرسوم الجمركية تُحمّل الدول الأجنبية التكاليف، إلا أن الواقع يكشف أنها تُثقل كاهل الأسر الأمريكية؛ حيث تُشير الدراسات إلى أن هذه الحواجز التجارية قد تؤدي إلى زيادة نفقات الأسر بمعدل يتراوح بين 2600 و3900 دولار سنويًا، مع ارتفاع أسعار المستهلكين بنسبة تصل إلى 2.8 بالمئة. ومن اللافت أن الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط تتحمل العبء الأكبر، ما يجعل هذه السياسة ذات تأثير رجعي وضار على الفئات الأكثر ضعفًا.

ومن بين أكثر الادعاءات إثارة للدهشة التي قدمها ترامب هو أن الرسوم الجمركية قد تسهم في خفض أسعار البقالة، لكن الواقع يعكس صورة مغايرة تمامًا، فالولايات المتحدة تعتمد بصورة كبيرة على الواردات لتلبية احتياجاتها من 55 بالمئة من الفواكه الطازجة، و32 بالمئة من الخضراوات الطازجة، و94 بالمئة من المأكولات البحرية.

تنوع الخيارات الغذائية

وأفاد الموقع بأن هذه الواردات تضمن تنوع الخيارات الغذائية واستقرار الأسعار على مدار العام. ومع فرض رسوم جمركية جديدة، سيصبح الوصول إلى هذه المنتجات أكثر صعوبة، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتقليل الخيارات المتاحة. والرسوم الجمركية الحالية على لحوم البقر والمأكولات البحرية والسكر تزيد بالفعل من التكاليف، ومع إضافة مزيد من التكاليف سيتفاقم الوضع تفاقمًا أكبر.

ويزعم ترامب أن الرسوم الجمركية تحمي الشركات والمزارعين الأمريكيين، لكن الوقائع التاريخية تشير إلى عكس ذلك. فخلال ولايته الأولى، تسببت الرسوم الجمركية على السلع الصينية في أضرار كبيرة للمستهلكين والمزارعين الأمريكيين. وأدت الإجراءات الانتقامية من الشركاء التجاريين إلى انخفاض مبيعات المزارع إلى الصين بأكثر من 50 بالمئة، وزيادة حالات إفلاس المزارع بنسبة 20 بالمئة، وهذا الانهيار دفع الحكومة إلى تقديم عمليات إنقاذ بمليارات الدولارات.

وذكر الموقع أنه بالإضافة إلى ذلك؛ تؤدي الرسوم الجمركية الأمريكية إلى رفع تكاليف الإنتاج على الشركات المصنعة. ففرض رسوم بنسبة 25 بالمئة على الواردات من المكسيك وكندا سيزيد من تكاليف الإنتاج بصورة كبيرة، وقد يرفع أسعار السيارات بما يصل إلى 3000 دولار، ويخفض أرباح الأسهم بنسبة تصل إلى 50 بالمئة لشركات مثل جنرال موتورز وستيلانتس، و25 بالمئة لشركة فورد. وهذه السياسات قد تعطل سلاسل التوريد، وتحد من الابتكار، وتؤدي إلى فقدان الوظائف.

وتشير دراسة حديثة إلى أن الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الوسيطة -وهي مكونات أساسية تُستخدم في التصنيع المحلي- تُضعف القدرة التنافسية للشركات الأمريكية من خلال زيادة تكاليف الإنتاج. وحتى مع إعفاء المنتجات النهائية لحماية الفئات ذات الدخل المنخفض، فإن ارتفاع تكاليف المدخلات يُثقل كاهل الشركات، التي غالبًا ما تنقل هذه التكاليف إلى المستهلكين.

وشدد الموقع على أن الأدلة واضحة؛ فالرسوم الجمركية لا تدعم الصناعات الأمريكية، بل تُضعفها. فهي تؤدي إلى تضخم الأسعار، وتحد من المنافسة، وتُضعف العلاقات التجارية الدولية. ووفقًا لتقرير صادر عن وزارة الزراعة الأمريكية في عام 2021، فإن إلغاء الرسوم الجمركية على الواردات الزراعية قد يُحسن رفاهية المستهلك الأمريكي بمقدار 3.5 مليارات دولار سنويًا. كما خلصت دراسة أجراها معهد بيترسون للاقتصاد الدولي إلى أن الرسوم الجمركية المقترحة قد ترفع الأسعار بنسبة 2 بالمئة وتُخفض النمو الاقتصادي الأمريكي بأكثر من 1 بالمئة بحلول عام 2026.

ونوه الموقع إلى لن تقتصر تداعيات أجندة ترامب الحمائية على الأسر الأمريكية فحسب، بل ستمتد لتُرهق التحالفات الدولية وتُعيق النمو الاقتصادي العالمي، فقد وصفه الاتحاد الأوروبي بـ"صين مصغرة" وتهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 10 بالمئة على السلع الأوروبية قد يُفاقم من الأزمة الاقتصادية في ألمانيا، خاصة في قطاع السيارات الذي يُعد العمود الفقري لاقتصادها. ومع وجود 780 ألف وظيفة مهددة بسبب تراجع الأرباح والمنافسة المتزايدة من السيارات الكهربائية الصينية، تواجه الصناعة الألمانية تحديات هائلة.

تخفيض نمو التجارة العالمية

إن استمرار الحرب التجارية لمدة طويلة قد يُلحق أضرارًا جسيمة بالاقتصاد العالمي. ويُحذر المحللون من أن هذه الحرب قد تُخفض نمو التجارة العالمية بمقدار 2.4 نقطة مئوية، وتُهدد صادرات بقيمة 510 مليارات دولار، وتُقلص نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بما يصل إلى 2.3 نقطة مئوية. ستكون العواقب وخيمة وتؤثر سلبًا على جميع الأطراف.

وبحسب الموقع؛ فالتاريخ يُؤكد أن ازدهار الأمم يعتمد على الانفتاح، لا العزلة. ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية وازدياد الدعوات إلى "تفكيك العولمة"، تُخاطر الولايات المتحدة بالوقوع في فخ أخطاء الماضي؛ حيث إن التوجه نحو السياسة الحمائية سيُضعف الاقتصاد الأمريكي ويُعرقل النمو الاقتصادي على مستوى العالم.

ومن إحدى القضايا النادرة التي يُجمع عليها خبراء الاقتصاد أن التجارة الحرة تُعد محركاً للابتكار ومصدراً رئيسياً لتحقيق فوائد ملموسة للمستهلكين. فمن خلال توسيع الخيارات المتاحة، وتعزيز التنافسية، وتسريع وتيرة التطور التكنولوجي، لعبت التجارة الحرة دورًا كبيرًا في تحفيز النمو الاقتصادي. في المقابل، تُظهر التجارب أن السياسات الحمائية - كفرض الرسوم الجمركية والحواجز التجارية - تؤدي حتمًا إلى زيادة الأسعار، وتراجع الكفاءة، وتقليص فرص العمل.

على الرغم من وعود التجديد الاقتصادي، فإن السياسات الجمركية التي يتبناها ترامب قد تُلحق أضرارًا تفوق فوائدها، ما يؤدي إلى الركود بدلًا من الانتعاش، بينما العودة إلى التجارة الحرة، بدءًا من الإلغاء الأحادي للرسوم الجمركية، يمكن أن تُعيد القدرة التنافسية، وتُخفّض تكاليف المستهلك، وتُصلح العلاقات التجارية الدولية المتوترة.

واختتم الموقع بالقول إنه لتحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد، ينبغي للولايات المتحدة مقاومة إغراء السياسة الحمائية، فالطريق إلى النمو المستدام والازدهار الدائم يكمن في الانفتاح الاقتصادي، لا في العزلة، ولقد أثبتت التجارة الحرة عبر التاريخ أنها ركيزة أساسية لاقتصاد عالمي أكثر ديناميكية وترابطًا.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • رسوم ترامب الجمركية على الأخشاب تدفع تكاليف بناء المنازل الجديدة للارتفاع
  • ترامب يؤكد عدم نيته تخفيف الرسوم الجمركية على الصلب والألمونيوم
  • حروب ترامب التجارية تؤدي إلى تباطؤ النمو العالمي وزيادة التضخم حسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية
  • حرب الإقتصاد… زيادة الرسوم الجمركية بين أميركا وأوروبا تهدد بـ9.5 تريليون دولار سنوياً
  • رسالة صارمة من ترامب: لا نية لتخفيف الرسوم الجمركية
  • مخاوف من اندلاع حرب تجارية طويلة الأمد.. كيف ستؤثر على الاقتصاد العالمي؟
  • الشمبانيا الفرنسية في مرمى نيران حرب الرسوم بين أوروبا وواشنطن
  • تحذيرات من كارثة على الاقتصاد العالمي بحال اندلاع حرب تجارية
  • كيف يفكر ترامب في موضوع الرسوم الجمركية؟
  • بتكلفة 13 مليار جنيه.. زيادة الدعم النقدي لبرنامج «تكافل وكرامة» بنسبة 25% بداية من أبريل