الجامع الأقمر شاهد على الفن الاسلامى العريق .. معلومات قبل افتتاحه
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
تشتهر القاهرة بالآلف مئذنة تنوعت أشكال المآذن من عصر إلى آخر ، ولكن مساجد الفن المعمارى الإسلامى الفريد تتنافس فى الجمال وذات طابع خاص ، وحيث تتزين به قاهرة المعز.
مسجد مصطفى سرمد البيه بمنيا القمح شاهد على عصر الخديوي إسماعيل افتتاح مسجد عزبة حمادة الشرقية بدمنهورولكن عند الوصول لشارع المعز لدين الله الفاطمي، على مدخل شارع النحاسين، بجوار بئر العظام الذي كان يخص أحد الأديرة القديمة في تلك المنطقة، ورغم انتشار العديد من المساجد بشارع المعز إلا أنه يتمتع بمكانة فريدة لموقعه المميز وتصميمه الفريد من نوعه "جامع الأقمر".
وتمكنت الدولة ممثلة في المجلس الأعلى للآثار، من بذل مجهودًا كبيرًا في ترميم المساجد التاريخية في مختلف المحافظات، وإحداث سلسلة من التطوير والترميم الذي يجري العمل به على قدم وساق استعدادًا لافتتاح مسجد الأقمر بمنطقة النحاسين بشارع المعز بقلب القاهرة الفاطمية اليوم الأحد.
وتستعد وزارة السياحة والآثار، اليوم الأحد، لافتتاح الجامع الأقمر بشارع المعز لدين الله الفاطمي، وذلك بحضور قيادات المجلس الأعلى للآثار.
ونشرت إدارة شارع المعز لدين الله الفاطمي، عبر صفحتها الرسيمة على فيس بوك، صورة الجامع الأقمر بعد الانتهاء من ترميمه ، وقبل ساعات من افتتاح، تستعرض الوفد فى السطور التالية معلومات هامة عن مسجد الأقمر التحفة التاريخية :
أنشأ في عهد الخليفة الأمر بأحكام الله أبو علي منصور بن أحمد، علي يد وزيره محمد بن فاتك بن مختار بن حسن بن تمام المعروف تاريخيًا بـ"أبوعبدالله المأمون بن البطائحي"، وعرف بالبطائحي نسبة إلى أصوله التي تنتمي إلى البطائح بالعراق، والواقعة بين البصرة والكوفة.
أحضر المأمون البطائحي أفضل البنائيين والمهندسين في عهد الدولة الفاطمية في ذلك الوقت لبناء مسجد الأقمر في عام 519هجرية / 1125ميلادية، ليتحول المسجد إلى تحفة معمارية عابرة للأزمان، فقد صممت واجهة المسجد بطريقة هندسية مختلفة مقارنة بما بناه الفاطميون قبل وبعد ذلك، فتتزين الواجهة بزخارف ونقوش خطية ونباتية محفورة بالحجر، لتبدو للناظرين ساطعة كالشمس، تحمل داخلها اسم الإمام على بن أبي طالب، تحيط بها حلقات نقش عليها بالخط الكوفي: بسم الله الرحمن الرحيم"إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً".
وقال عنه المؤرخ تقي الدين المقريزي: "أن المسجد بني في مكان أحد الأديرة التي كانت تسمي بئر العظمة، لأنها كانت تحوي عظام بعض شهداء الأقباط"، وقد جاءت تسمية المسجد بالأقمر لاستخدام الحجارة البيضاء للمرة الأولى في بناء المساجد، وكانت تشبه في المساء ضوء لون القمر، وتتزين الواجهة بسبعة أشكال لشموس مختلفة الأحجام، كما أن هناك بروز يتخذ هيئة برجين يتوسطهما ممر يؤدي إلى الباب روعي في تصميمهما أن يصغر حجمهما ليتناسق المظهر مع الواجهة.
وقد بنيت القبلة الخاصة بالمسجد موازية لخط تنظيم الشارع بدلُا من أن تكون موازية لصحن المسجد، وذلك حتى تصبح القبلة في وضع صحيح، ويتكون المسجد من صحن صغير مربع، يحيط به رواق واحد من ثلاثة جوانب وثلاثة أروقة في الجانب الجنوبي الشرقي، وعقود الأروقة محلاه بكتابات كوفية مزخرفة ومحمولة على أعمدة رخامية قديمة ذات قواعد مصبوبة.
وبعد انتهاء الدولة الفاطمية عانى جامع الأقمر الإهمال شأنه شأن العديد من المساجد التي أهملتها الدولة الأيوبية متعمدة، حتى عاد لدائرة الاهتمام مرة أخرى في عهد دولة المماليك، وبالتحديد في عهد السلطان الظافر سيف الدين برقوق عام799هجرية / 1397ميلادية، بواسطة الأمير أبو المعلى بلبغا بن عبدالله السالمي، والذي عرف عنه التصوف وحب آل البيت، فأعاد الحياة لجامع الأقمر، وجدد المئذنة والمنبر وحوض الدواب المجاور له، وأقام بركة مياه معلقة في الصحن، وسجل ما فعله من تجديدات أعلى محراب الجامع ومنبره.
ثم شهد المسجد عدة مراحل ترميم بعد ذلك منها عبر لجنة حفظ الآثار العربية التي حافظت على زخارفه عام 1928، وأجري المجلس الأعلى للآثار ترميم أخر للمسجد وأزال المباني التي حجبت واجهته عن المارة، وقد صممت واجهة المتحف القبطي في القرن الواحد والعشرون على نسق واجهة جامع الأقمر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فی عهد
إقرأ أيضاً:
خطيب الجامع الأزهر: الوقت نعمة وسنحاسب عليها ما لم نستثمره جيدا
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور إبراهيم الهدهد، أستاذ البلاغة والنقد ورئيس جامعة الأزهر الأسبق ودار موضوعها حول "نعمة الوقت".
وقال الدكتور إبراهيم الهدهد، إن الله تبارك وتعالى خلق الإنسان وسخر له الكون، وهو تكريم للإنسان الذي وهبه الله كل هذه الكرامة على الأرض من أجل أن يكون خليفة لله عليها، وهو دليل على مكانة هذا المخلوق من قبل الخالق، ورغم كونها تشريف لكنها في حقيقتها أمانة وتكليف تقتضي من الإنسان أن يسعى جاهدا لأن يكون أهلا لهذه المنحة الربانية التي جعلته مفضلا على سائر المخلوقات، ولكن هذا الأمر لم يكن عبثا وإنما لغاية وهي عبادة الله عبادة متكاملة في كل جوانب حياتنا ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.
وأوضح خطيب الجامع الأزهر أن الحق تبارك وتعالى خلق كل إنسان ووهب له عمره، يقول ﷺ: (لا تَزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ، حتَّى يُسأَلَ عن عُمُرِه؛ فيمَ أفناه؟ وعن عِلْمِه؛ فيم فعَلَ فيه؟ وعن مالِه؛ من أين اكتسَبَه؟ وفيم أنفَقَه؟ وعن جِسمِه؛ فيمَ أبلاه؟)، وأهم هذه الأسئلة هو: عن عمره فيما أفناه؟ علينا جميعاً أن نضع هذا السؤال نصب أعيننا لأن الله سوف يسألنا عن كل لحظة وهبها لنا. وهب لنا الحياة ورزقنا، وهي لنا كل شيء، لا لعبث وإنما لغاية مهمة. فهل أعد كل منا نفسه للإجابة على هذا السؤال في موقف الحساب الذي لن نتحرك منه حتى نسأل عنها؟ فلا تشغل نفسك في الحياة بما سيسأل عنه غيرك، لأنه استهلاك للوقت فيما يضر ولا ينفع. فضاعت أوقاتنا في النظر في أوقات غيرنا.
وشدد الدكتور الهدهد على أهمية استثمار أوقاتنا فيما يفيدنا، لأن ضياع الوقت سنحاسب عليه، ونسأل عنه وماذا قدمنا فيه، وماذا قدمنا من الطاعات؟ وفيما قصرنا؟ ثم نسأل الله الهداية ألا تضيع منا لحظة واحدة. ضرب الله لنا مثالاً بسيدنا إبراهيم، الخليل عليه السلام، حينما دعا ربه قائلاً: "واجعل لي لسان صدق في الآخرين"، فهي أعظم دعوة. كما بيَّن أن القرآن الكريم علمنا أن نستغل ونستثمر الوقت فيما ينفع. من أجل ذلك يقول ﷺ: (نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ منَ النَّاسِ الصِّحَّةُ والفراغُ)، فالله أعطانا هذه الثروة "الصحة والفراغ" ولكننا عملنا على إنقاصها لا على زيادتها، مضيفا أن المجتمعات التي ارتقت هي المجتمعات التي عرفت قيمة الوقت واستثمرته على أكمل وجه.
وبيّن عضو مجمع البحوث الإسلامية أن العلماء والصالحين والأولياء كانوا يحاسبون أنفسهم إذا ضاعت منهم لحظة واحدة دون ذكر الله. فهؤلاء منَّ الله عليهم في حال نومهم أن انطلقت قلوبهم بذكر الله، فكانوا لا يرون إلا خيراً لأن قلوبهم عاشت مع الله. فالدنيا مزرعة للآخرة، والآخرة هي الربح فعليك بالزرع الطيب في دنياك لتنال ثماره فى الآخرة، واجعل لسانك دائماً رطبا بذكر الله.
وتابع بقوله: كان العلماء يجتهدون في العلم اجتهادا ما بعده اجتهاد. فلا يضيعون وقتاً، وكانوا يعمرون وقتهم بما سيحاسبون عليه أمام الله. فعلموا جميعاً أنه لن يجيب عن سؤالهم أحد سواهم. وسوف يسأل الجميع عن كل لحظة في الحياة منحها الله إياهم. فالمولى عزّ وجلَّ خلق في كونه ما نضبط أوقاتنا عليه، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾. خلق كل شيء لغاية إما تعود على العبد بالرزق أو ضبط الوقت واستثماره. مبيناً أنه قد أقسم المولى عزّ وجلَّ بالأوقات: بالفجر وبالشمس، وبالليل والضحى، ثم أقسم بسورة خاتمة لو عمل بها العبد في حياته لكفته، وهى سورة العصر يقول تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾، جاء الخطاب بلفظ الإنسان للتذكير بما نحن عليه من نسيان نعم الله وفضله علينا. وتدل السورة الكريمة على أن الموفق في استثمار الوقت، القليل من عباد الله، وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. فهي أربعة أشياء تجعل الإنسان رابحاً ليس خاسراً.
وختم خطيب الجامع بقوله: شدائد الحياة كثيرة ونحن نزيدها شدة ودعا الجميع إلى عدم النظر إلى الحياة بسخط ونقص، وأن ننظر إليها في جانب العطاء، وأن نتواصى بالصبر والحق، وأن نعمل صالحاً للنجاة من حكم الخسران. فقد خلقنا الله للعبادة، وهدانا النجدين، وألهم النفس فجورها وتقواها، ومع كل هذا فالقليل من العباد هو الرابح. وإذا ربح العبد في الدنيا كان الربح في الآخرة قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. وحث على أن نعيش مع الله في الحياة، وأن تتعلق قلوبنا به، وأن ننظر إليه في النعم وفي كل شيء حتى ننال رضوانه وجناته.