الذكرى 77 لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني «2- 2»

تاج السر عثمان بابو

1

إضافة إلى أن الحزب الشيوعي في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي كان أول من أشار إلى ضرورة الاعتراف بالفوارق الثقافية والعرقية بين الشمال والجنوب وتطور التجمعات القومية في الجنوب نحو الحكم الذاتي في نطاق وحدة السودان، ولم يكتف الحزب الشيوعي بذلك الطرح المتقدم وحده وتكراره، بل دعمه بالتركيز على القضايا الاجتماعية التي كان فيها قهر وتمييز عنصري أو إثني ضد الجنوبيين مثل:-

– المطالبة بالأجر المتساوي للعمل المتساوي بين العاملين الشماليين والجنوبيين.

– الاهتمام بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوسيع التعليم والعلاج والخدمات في الجنوب.

– إلغاء ضريبة الدقنية.

– إلغاء قانون المناطق المقفولة الذي كان من الأسباب التي عرقلت التطور المتوازن بين الشمال والجنوب.

– إلغاء نشاط المبشرين الأجانب المرتبطين بالتجسس وتأجيج الخلافات العرقية بين الشمال والجنوب.

– وحدة الحركة النقابية في الشمال والجنوب.

– استبعاد الحل العسكري وضرورة الحل السلمي الديمقراطي والعض على وحدة السودان بالنواجذ.

– رفض القهر الثقافي والإثني والديني واللغوي.

– أثناء تمرد 1955م دعا الحزب الشيوعي لمعالجة الموضوع بالحكمة والصبر بدلاً من الاتجاهات الداعية للعنف والانتقام.

واصل الحزب الشيوعي تأكيد تلك المواقف في مؤتمره الثالث في فبراير 1956م، ومقاومة سياسة ديكتاتورية الفريق عبود لفرض الحل العسكري والقهر الديني واللغوي والاثني، وفي مؤتمر المائدة المستديرة (1965) وخطاب عبد الخالق محجوب في المؤتمر.

2

دافع الحزب عن المساواة الفعلية بين المرأة والرجل وضد التقاليد البالية التي كانت تحول دون تعليم المرأة وحقها في العمل، والأجر المتساوي للعمل المتساوي، وحقها في التصويت والترشح للبرلمان، وكان الحزب الشيوعي أول الأحزاب التي اهتمت بقضية المرأة وجذبها الى صفوف الحزب انطلاقاً من أن قضية المرأة ترتبط بتحرير المجتمع من كل أشكال الاستغلال الاقتصادي والثقافي والجنسي والطبقي، وكانت الدكتورة خالدة زاهر أول أمرأة تنضم للحزب الشيوعي، كما عمل الحزب الشيوعي على تنظيم النساء للمسك بقضاياهن ومطالبهن، وتم تأسيس رابطة النساء الشيوعيات عام 1949م، التي استمرت حتي اكتوبر 1964م، وبعد ثورة اكتوبر واتساع دور المرأة في التغيير الاجتماعي وانتزاع حقها في الترشيح في الانتخابات وفوز فاطمة احمد ابراهيم كأول نائبة برلمانية عن دوائر الخريجين، تم حل رابطة النساء الشيوعيات كتنظيم منفصل، واصبح هناك فرع الحزب الموحد الذي يضم الرجال والنساء، كما ساهم الحزب في تأسيس الاتحاد النسائي عام 1952م..

3

كما ساهم الحزب في دعم وتطوير حركة الفن والإبداع “شعر، موسيقى، مسرح، فن، كتابة…”. كما هو واضح من البصمات التي تركها الشيوعيون في هذا الجانب.

دافع الحزب عن السيادة الوطنية وقيام علاقات خارجية متوازنة لمصلحة شعب السودان، ورفض المعونات والمساعدات المشروطة التي تؤدي لاحتلال البلاد ونهب ثرواتها المعدنية والزراعية، وأراضيها، والتضامن مع كل حركات التحرر الوطني من أجل الاستقلال.

كما دافع عن الحقوق والحريات والديمقراطية، وطالب بإلغاء القوانين المقيدة للحريات مثل: قانون النشاط الهدام حتى تم إلغاؤه في أول برلمان سوداني التي كانت بنداً ثابتاً في نضاله اليومي ضد الأنظمة الديكتاتوية العسكرية والمدنية التي صادرت تلك الحقوق.

لم يكتف الشيوعيون بالاستقلال السياسي عام 1956م، بل طرحوا ضرورة إستكمال الاستقلال السياسي، بالاستقلال الاقتصادي والثقافي، بإنجاز المشروع الوطني أو مهام الثورة الوطنية الديمقراطية التي تنجز المجتمع الصناعي الزراعي المتقدم، وتحقيق مجانية التعليم والعلاج، وتحسين أوضاع الجماهير المعيشية، والثورة الثقافية الديمقراطية التي تستند على أفضل ما في تراثنا السوداني وفنونه وإبداعاته، وتفتح الطريق للدخول في البناء الاشتراكي.

ساهم الحزب في قيام أوسع التحالفات والجبهات ضد الاستعمار حتى خروجه، وضد ديكتاتوريات “عبود والنميري والبشير” حتى إسقاطها في ثورة اكتوبر 1964م وانتفاضة مارس- ابريل 1985م، وثورة ديسمبر 2018م، التي مازالت مستمرة رغم الحرب اللعينة الجارية التي تحاول عبثاً طمسها..

هذا إضافة لمساهمة الحزب الشيوعي في قيام الجبهة المعادية للاستعمار، التي يخلط كثير من المؤرخين بينها وبين الحركة السودانية للتحرر الوطني “حستو”، أو الحزب الشيوعي، علماً بأن الحركة السودانية قامت قبلها، والواقع أن الجبهة المعادية للاستعمار كانت تنظيماً جماهيرياً ضم الشيوعيين والقوى الديمقراطية والوطنية، والتي تكونت أثناء معركة أول انتخابات برلمانية في نوفمبر 1953م، وفازت بدائرة عن الخريجين نالها مرشحها حسن الطاهر زروق، وكما أشار عبد الخالق محجوب في كتابه لمحات من تاريخ الحزب أن “الجبهة المعادية للاستعمار لم تكن حزباً شيوعياً على مبادئ الماركسية اللينينية، بل كانت حزباً ديمقراطياً يتصل بالجماهير في أكثر من افق، ويحتل فيه الشيوعيون مركز الصدارة”، “وكانت محاولة لبناء الجبهة الوطنية الديمقراطية في شكل حزب”، وكان هدفها “نشر الفكر الديمقراطي المناهض للاستعمار” (للمزيد من التفاصيل عن تجربة الجبهة المعادية للاستعمار: راجع عبد الخالق محجوب: لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني، طبعة دار الوسيلة، 1987، ص 100 – 101).

4

كما شهدت مرحلة التأسيس حتى 1956م قيام مؤتمرات الحزب الآتية:

المؤتمر التداولي 1949م الذي مهد لقيام المؤتمر الأول وعالج المشاكل التنظيمية التي واجهها الحزب بعد التأسيس.

المؤتمر الأول اكتوبر 1950م:

طرحت اللجنة المركزية في ذلك المؤتمر قضايا سياسية وفكرية وتنظيمية أمام المؤتمر لاتخاذ قرارات بشأنها، كانت تلك أول مرة يحدث فيها ذلك في تاريخ الحزب، كما أجاز المؤتمر الدستور الذي ساهم في الاستقرار التنظيمي، والذي تطور في مؤتمرات الحزب اللاحقة: الثاني 1951م والثالث 1956 والرابع 1967، والخامس 2009م، وكان من نتائج المؤتمر أيضاً انتخاب اللجنة المركزية والتي قبل ذلك كانت عضويتها تكتسب بالتصعيد (أي بقرار منها بضم أعضاء لها)، وتلك كانت أيضاً خطوة حاسمة في ترسيخ الديمقراطية داخل الحزب. كما أشار المؤتمر إلى ضرورة ربط العمل الفكري بالعمل الجماهيري واستقلال الحزب في نشاطه بين الجماهير وإعلان موقفه المستقل في كل المسائل من منابره المختلفة، بعد المؤتمر الأول وقع الصراع الداخلي، وكان الرد بفتح المناقشة العامة على صفحات مجلة الكادر (الشيوعي فيما بعد). طارحاً على الأعضاء القضايا مدار الصراع. ورفض المؤتمر إتجاه عوض عبد الرازق الذي كان يرى أن وجود الطبقة العاملة الصناعية ضعيف في السودان، وبالتالي لا داعي للتسرع بتكوين حزب شيوعي مستقل.

المؤتمر الثاني اكتوبر 1951:-

وانعقد المؤتمر الثاني في اكتوبر 1951م، وحسم المؤتمر الصراع الداخلي لمصلحة وجود الحزب المستقل، وأن النظرية ترشد الممارسة والممارسة تغني وتطور النظرية، وأقر المؤتمر أول دستور لتنظيم حياة الحزب الداخلية وتحديد هويته كحزب ماركسي، وبعد المؤتمر وقع انقسام مجموعة عوض عبد الرازق، وقررت اللجنة المركزية فصل المنشقين، واضح أن اتجاه مجموعة عوض عبد الرازق كان اتجاه عزلة وجمود (دراسة النظرية بمعزل عن الواقع، إخفاء هوية الحزب المستقلة).

هكذا من خلال صراع الأفكار، بدأت تكون هناك حيوية داخل الحزب، ومن خلال الصراع ضد الجمود بدأت تتسع الديمقراطية داخل الحزب (المجلة الداخلية، المؤتمرات، الاجتماعات الموسعة، انتخاب اللجنة المركزية، فتح المناقشة العامة.. حسم الصراع ديمقراطيا بالتصويت،.. إلخ)، ولكن مجموعة عوض عبد الرازق لم تقبل رأي الأغلبية بروح ديمقراطية، ومواصلة ابداء وجهة نظرها من داخل الحزب، ولجأت إلى التآمر والانقسام، وفشلت في تكوين تنظيم جديد.

بناء الحزب في كل الظروف مدها وجزرها:-

وفي عملية بناء الحزب، كانت أبرز الخطوات هى التي جاءت في اجتماع اللجنة المركزية في مارس 1953م، الذي أشار إلى ضرورة بناء الحزب كعملية ثابتة وفي كل الظروف مدها وجزرها، كما طرح ضرورة بناء الحزب على النطاق الوطني ليصبح حزباً شعبياً وتحويل الحزب إلى قوى اجتماعية كبرى. وكذلك طرحت وثيقة “خطتنا في الظروف الجديدة”، الصادرة في يناير 1954م، السؤال: كيف يتم تحويل الحزب الي قوة اجتماعية كبري؟. كما أشارت إلى ضرورة تقوية الحزب سياسياً وفكرياً وتنظيمياً، كما أشارت إلى أن عملية بناء الحزب تتم في كل الظروف جزرها ومدها. وتعميق جذور الحزب وسط الطبقة العاملة.

كما أشارت وثائق تلك الفترة إلى الاهتمام بالمرشحين وفترة الترشيح، والارتباط بالجماهير وفهم مشاكلها وقيادتها قيادة يومية، إضافة إلى تأمين الحزب ومحاربة روح الغفلة، وضرورة الاهتمام بالعمل الإصلاحي: الجمعيات التعاونية، محو الأمية، الأندية الرياضية والثقافية.. إلخ. ونجح الحزب في استنهاض حركة جماهيرية واسعة (بناء الحركة النقابية وحركة المزارعين، والحركة الطلابية، حركة الشباب والنساء،.. إلخ)، وقيام الجبهة المعادية للاستعمار، التي لخص عبد الخالق تجربتها في كتاب لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني.

المؤتمر الثالث فبراير 1956:-

*وعلى ضوء حصيلة المناقشة العامة التي استمرت منذ بداية اتفاقية الحكم الذاتي في فبراير 1953م، تم عقد المؤتمر الثالث للحزب في فبراير 1956م، وأجاز المؤتمر برنامج الحزب الجديد بعنوان “سبيل السودان للديمقراطية والاستقلال والسلم”، وأجاز التعديلات على دستور الحزب، وأجاز تغيير اسم “الحركة السودانية للتحرر الوطني” إلى “الحزب الشيوعي السوداني”، وطرح المؤتمر شعار “اجعلوا من الحزب الشيوعي قوة اجتماعية كبرى”.

وأخيراً، لقد تركت لحظة التأسيس والصراع السياسي والفكري الذي خاضه الحزب من أجل استقلاله بصماتها على تطور الحزب اللاحق ومواصلة الصراع من أجل تأكيد وجوده المستقل، وقدم الشهداء في سبيل ذلك، إضافة لتحمل أعضائه السجون والتشريد والتعذيب والقمع والنفي وصموده ضد الأنظمة الديكتاتورية المدنية والعسكرية حتى يومنا هذا وحتى انعقاد ونجاح مؤتمره الخامس في يناير 2009م، والسادس في 2016، ومواصلة الصراع من أجل وقف الحرب والتحول الديمقراطي وتحسين الأحوال المعيشية، والحل العادل والشامل لقضية دارفور وترسيخ السلام ووحدة البلاد.

alsirbabo@yahoo.co.uk

الذكرى 77 لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني «1- 2»

الوسومالاستقلال البرلمان الحزب الشيوعي السوداني الماركسية تاج السر عثمان بابو عبد الخالق محجوب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الاستقلال البرلمان الحزب الشيوعي السوداني الماركسية اللجنة المرکزیة داخل الحزب إلى ضرورة الحزب فی من أجل

إقرأ أيضاً:

"الصوت الباكي".. الذكرى الـ 56 لرحيل الشيخ محمد صديق المنشاوي

تحل اليوم الاثنين، الذكرى السادسة والخمسون على رحيل الشيخ محمد صديق المنشاوى، أحد أبرز قراء القرآن الكريم فى مصر والعالم أجمع، وأحد عمالقة دولة التلاوة المصرية، وهو واحد من رواد التلاوة فى عصره، أمثال الشيخ محمد رفعت والشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ محمود علي البنا وآخرين ممن أثروا الإذاعة المصرية بالتلاوات القرآنية، ويعد الشيخ المنشاوي من أشهر القراء في العالم الإسلامي.

سفير القرآن.. ذكرى ميلاد الشيخ محمود علي البنا

التحق الشيخ محمد صديق المنشاوي بكتـّاب القرية، وأتم ختم القرآن الكريم فى سن مبكرة.

ألقاب الشيخ المنشاوي:

 

لُقب الشيخ محمد صديق المنشاوي بالصوت الباكي ،وكروان قراءة القرآن الكريم والصوت الملائكي والصوت الخاشع والقلب الضارع  ومقرئ الجمهورية العربية المتحدة ، وعبقري التلاو.

محمد صديق المنشاوى
 

نشأته وحياته:

 ولد القارئ الشيخ محمد صدِّيق المنشاوي بقرية البواريك بمدينة المنشأة بمحافظة سوهاج بصعيد مصر في 20 يناير 1920م، ورحل عن دنيانا 20 يونيو 1969، وما بين مولده ورحيله فقد نشأ في أسرة معظم قرائها من حملة القرآن، حيث حفظ القرآن الكريم وعمره أحد عشر عامًا على يد الشيخ محمد النمكي،  قبل أن يدرس أحكام التلاوة على يد الشيخ محمد أبو العلا، ونال إجازة في القراءات العشر على يد الشيخ محمد سعودي.

شهرته:

ذاع صيته ولقي قبولاً حسنًا لعذوبة صوته وجماله وانفراده بذلك، إضافة إلى إتقانه لـمقامات القراءة، وانفعاله العميق بالمعاني والألفاظ القرآنية.

 

البلاد التي سافر إليها المنشاوي:

 

 زار الشيخ المنشاوي، الابن، العديد من البلاد العربية والإسلامية وحظي بتكريم بعضها، حيث منحته إندونيسيا وسامًا رفيعًا في منتصف الخمسينيات، كما حصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية من سوريا عام 1965م، وزار باكستان والأردن وليبيا والجزائر والكويت والعراق والسعودية، وقد ترك الشيخ أكثر من مائة وخمسين تسجيلًا بإذاعة جمهورية مصر العربية والإذاعات الأخرى، كما سجل ختمة قرآنية مرتلة كاملة تذاع بإذاعة القرآن الكريم وتلاوته.

محمد صديق المنشاوى
 

وتلى الشيخ محمد صديق المنشاوي، القرآن في المساجد الرئيسية في العالم الإسلامي، كالمسجد الحرام في مكة المكرمة، والمسجد النبوي في المدينة المنورة، والمسجد الأقصى في القدس، وذاع صيته لعذوبة صوته وجماله وانفراده بذلك، إضافة إلى إتقانه لـمقامات القراءة، وانفعاله العميق بالمعاني والألفاظ القرآنية، وكان أحد روّاد التلاوة المتميزين بتلاوته المرتلة، وسجل المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم، وكان أحد القراء في الإذاعة المصرية. 

 

لقد نشأ الشيخ صديق المنشاوي وعاش في صعيد مصر وذاع صيته فيها وفي الأقاليم المجاورة واتصل في شبابه بالشيخ أبو الوفا الشرقاوي فطرب بصوته وجعله من خاصته.

 

رفض دخول الإذاعة فجاءت تسجيلاتها إليه:

 

رفض الذهاب إلى اختبارات الإذاعة حتى بعد أن أرسل إليه المسئولون طلباً ليتقدم إليها ويتم اعتماده وبرر ذلك قائلاً: (لا أريد القراءة بالإذاعة فلست في حاجة إلى شهرتها ولا أقبل أن يعقد لي هذا الامتحان أبداً)، فقرر مدير الإذاعة أن تنتقل الإذاعة حيث يقرأ الشيخ المنشاوي الذي فوجئ بها أثناء إحياء ليلة رمضانية في قرية إسنا، وسجل مندوبها تلاوته، وفي نفس الوقت تم إرسال مندوب آخر؛ حيث يتلو والده بمحافظة سوهاج، وهذه هي المرة الأولى في تاريخ الإذاعة التي تنتقل بمعداتها وعامليها ومهندسيها للتسجيل، وبالرغم من كل هذا أصر الشيخ محمد صديق المنشاوي على رفضه لولا تدخل اللواء عبدالفتاح الباشا وإلحاحه وافق الشيخ.

محمد صديق المنشاوى
 

مقرئ الجمورية:

 

واعتمد قارئا بالإذاعة المصرية في 1953م، وكان أول قارئ يتم الاجتماع على اعتماده قبل الاختبارات، وعُين قارئاً بمسجد الزمالك، وسجل القرآن كاملاً فى ختمة مرتلة برواية حفص عن عاصم، بالإضافة إلى ما يزيد على 150 تسجيلاً، واعتادت إذاعة القرآن الكريم أن تبدأ بتلاوة الشيخ المنشاوي فى أول أيام شهر رمضان وقت أذان المغرب، هذا إلى جانب تسجيلات فى المسجد الأقصى وسوريا والسعودية، وأصبح فخرًا للعالم الإسلامى والعربى .

وكان للشيخ المنشاوي ولدان أكبرهما الشيخ محمد صديق المنشاوي، والثاني كان ذا صوت جميل وموهبة حسنة ولكنه مات وهو في مقتبل العمر في حادث، وظل الشيخ المنشاوي حتى مماته وفيًّا لعهده فلا يقرأ خارج حدود مديريته ولا يساوم على أجر ولا يتفق عليه، ولكنه هجر إقليمه مرتين؛ الأولى عندما جاء القاهرة ليقرأ ثلاثة أيام متتالية في مأتم الشيخ رفعت والثانية عندما أقنعه الإعلامي الكبير فهمي عمر، بلدياته بالحضور إلى القاهرة لإجراء اختبار لصوته في الميكروفون، لكن النتيجة جاءت للأسف بالسلب لأن هناك من الأصوات ولسوء الحظ كالوجوه، فبعض الوجوه الجميلة لا تصلح للتصوير وينطبق هذا على الأصوات ولسوء حظنا أن الشيخ المنشاوي من هذا النوع.

 

إعجاب الرئيس جمال عبد الناصر بصوته:

 

ويُروى أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان يحب صوت المنشاوي، وطلبه للقراءة في مأتم والده بالإسكندرية، وبعد انتهاء العزاء دعا عبد الناصر الشيخ للمبيت في الغرفة المجاورة، وفي الصباح دعاه لترتيل آيات من الذكر الحكيم

المنشاوي وعبد الناصر 

تكريمات المنشاوي :

 

كرمته عدة دول من الدول الإسلامية منها إندونسيا؛ حيث قلده الرئيس أحمد سوكارنو وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى في منتصف الخمسينات، ووسام الاستحقاق من الطبقة الثانية من سوريا في منتصف الستينيات، كما منح وسامًا فى احتفال ليلة القدر عام 1992، وبنُي مسجد باسمه في منطقة عين شمس.

محمد صديق المنشاوى
 

 

حياته الاسرية :

 

تزوج مرتين الأولى ابنة عمه وأنجب منها أربعة أولاد وبنتين ومن الثانية خمسة أولاد وأربع بنات، وحرص على حفظهم للقرآن، وفى عام 1966 أصيب بمرض دوالي المريء  وعالجه الأطباء بالمسكنات ونصحوه بعدم الإجهاد وخاصة الحنجرة، إلا أنه رغم مرضه ظل يقرأ القرآن بصوت مرتفع.

محمد صديق المنشاوى
 

المنشاوي والشعراوي :

 

قال عنه الشيخ محمد متولى الشعراوى: "من أراد أن يستمع إلى خشوع القرآن فليستمع لصوت المنشاوي. إنه ورفاقه الأربعة مصطفى إسماعيل، وعبد الباسط، والبنَّا، والحصرى، يركبون مركباً، ويُبحرون في بحار القرآن الكريم، ولنْ تتوقف هذه المركب عن الإبحار حتى يرث الله الأرض ومن عليها".

 

وفاته:

 

 في عام 1966، أصيب الشيخ المنشاوي بمرض في المريء نصحه فيه الأطباء بعدم إجهاد حنجرته، إلا أنه أبى إلا أن يكمل رحلته في تلاوة القرآن الكريم، وظل يتلو القرآن الكريم حتى رحل عن عالمنا في يوم الجمعة 5 ربيع الثاني 1389 هـ، الموافق 20 يونيو 1969.

 

مقالات مشابهة

  • "الصوت الباكي".. الذكرى الـ 56 لرحيل الشيخ محمد صديق المنشاوي
  • العدالة والتنمية المغربي يحدد موعد مؤتمره المقبل وينتخب رئيسا له
  • رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم لتأسيس حرم رائد لجامعة إكستر البريطانية في مصر
  • توقيع مذكرة تفاهم لتأسيس حرم رائد لجامعة إكستر البريطانية في مصر
  • مذكرة تفاهم لتأسيس حرم لجامعة إكستر البريطانية في مصر الأول من نوعه بإفريقيا
  • يجب حل وحظر حزب المؤتمر السوداني باعتباره حزباً مهدداً للأمن القومي وداعماً للتمرد
  • المؤتمر يختار نموذج مجلس العموم البريطاني لعقد أول ورش انتخاباته.. اليوم
  • الحزب الشيوعي السوداني بالمملكة المتحدة وآيرلندا: بيان إلى جماهير الشعب السوداني حول الانتهاكات الوحشية بولاية الجزيرة
  • الأسس النظرية والعملية لحوار العلوم.. محاولة لتأسيس علم فقه نِسَب العلوم
  • الجيش السوداني: العقوبات التي فرضت على البرهان ظالمة