دبيب غريب يسري في أوصال أديب نوبل!
تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حضرت جلسات كثيرة للأستاذ نجيب محفوظ كانت تعقد فى كازينو قصر النيل مع عدد كبير من المهتمين بالأدب ومن محبيه وخاصة الأستاذ جمال الغيطانى الذى كان يداوم على حضور جلساته، وفى كل الندوات كان يتسع صدر الأستاذ نجيب محفوظ للاستماع للآراء ويجيب عن أسئلة الحضور، وأتذكر أن من ضمن الأسئلة التى كانت توجه كثيرا مكررة فى ندوات مختلفة كان سؤالا عن العمل الأدبى الذى يحبه أو يفضله فكانت ابتسامته تسبق إجابته وهو يقول:
أن كل كتبه مثل أبنائه لا يفرق بينهم، ويضيف لكن أشهر شيء هو الثلاثية، وقد يحبها أكثر ومعها أيضًا الحرافيش لأنها قصص الحوارى.
وللحق فإن الثلاثية وهى بين القصرين وقصر الشوق والسكرية تعتبر من الروائع الأدبية المتفردة، وتعتبر عموما الأفضل فى تاريخ الأدب العربى، واما ملحمة الحرافيش فهى تحكى بتميز وببراعة عشر قصص لأجيال عائلة سكنت حارة مصرية، ولم يحدد الروائى المبدع نجيب محفوظ فيها الزمان والمكان بدقة، وفي هذه الملحمة يختلط الخير والشر والأمل واليأس والقوة والضعف.
الغريب انه بعد صدور الثلاثية انقطع الأستاذ نجيب محفوظ خمس سنوات عن الكتابة، وتحديدًا بين عامى ١٩٥٢ و١٩٥٧، وقد ذكر ذلك بالتفصيل فى كتاب "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ" وهو مجموعة حوارات أجراها معه الأديب والناقد الفنى رجاء النقاش وفيه قال عن سبب انقطاعه:
هذه الفترات هى من أشق الفترات التى عشتها في حياتى وأصعبها على نفسى. والحقيقة أننى لم أعرف سببًا واضحًا لهذا الانقطاع، بعض الأصدقاء قالوا لى إنه نتيجة إجهاد حدث لى بعد كتابة «الثلاثية»، والتى استغرقت في كتابتها اربع سنوات متصلة ابتداء من عام ١٩٤٨ وحتى ١٩٥٢. ولكن ربما كان السبب هو أن قيام ثورة يوليو ١٩٥٢ قتلت الرغبة عندى في الكتابة، فقد كنت أعتبر الهدف الرئيسى لكتاباتى هو نقد المجتمع المصرى ودفعه للتغيير والتطور، وبعد قيام الثورة واتجاهها لتحقيق ما كنت أنادى به، كان السؤال الذى يلح عليّ:
ما جدوى الكتابة حينئذ؟!
ثم أضاف: الطريف أنه كان في مكتبى سبعة مشروعات لروايات كنت أنوى كتابتها، منها رواية اسمها «العتبة الخضراء»، وقد حكيت فكرتها لعبدالرحمن الشرقاوى فأعجبته جدًا، وقال لى يومها إنه تمنى أن يكتب في هذا الموضوع واستنكر عدم إكمال الرواية، ولما طالت فترة التوقف وأصبحت كالتائه، استقر في وجدانى أننى انتهيت كروائى، وأنه لم يعد عندى جديد أقدمه للناس، لدرجة أننى ذهبت إلى نقابة الممثلين وقيدت اسمى ككاتب محترف «للسيناريو»، وكنت قبل ذلك أعمل كهاوٍ في كتابة «السيناريو» مع المخرج صلاح أبوسيف وتصورت أن كتابة «السيناريو» سوف تكون هى عملى الوحيد الذى يمثل لى العزاء ويسد الفراغ الذى تركه الأدب في حياتى، وكنت في تلك الأيام مقبلًا على الزواج، وتزوجت بالفعل في عام ١٩٥٤، وكان لا بد لى من عمل أحصل منه على دخل إضافي أواجه به مسئوليات الزواج والأسرة الجديدة. وفي أيام عملى كسيناريست محترف زاد دخلى بشكل ملحوظ مقارنة بأيام عملى كروائى، والحقيقة أن فترة عملى في كتابة «السيناريو» كانت من أحسن فترات حياتى من الناحية المادية.
في عام ١٩٥٧ شعرت بدبيب غريب يسرى فى أوصالى، ووجدت نفسى منجذبًا مرة أخرى نحو الأدب وكانت فرحتى غامرة عندما أمسكت بالقلم مرة أخرى، ولم أصدق نفسى عندما جلست أمام الورق من جديد لأعاود الكتابة وكانت كل الأفكار المسيطرة عليّ في ذلك الوقت تميل ناحية الدين والتصوف والفلسفة. فجاءت فكرة رواية «أولاد حارتنا» لتحيى في داخلى الأديب الذى كنت ظننته قد مات.
ولذلك لاحظ النقاد تغييرًا في أسلوبى واتجاهاتى الأدبية وهم يقارنون رواية «أولاد حارتنا» بما سبقها من أعمال، فهى لم تناقش مشكلة اجتماعية واضحة كما اعتدت في أعمالى قبلها، بل هى أقرب إلى النظرة الكونية الإنسانية العامة، ومع ذلك فرواية «أولاد حارتنا» لا تخلو من خلفية اجتماعية واضحة.
لكن ماذا حدث مع الرئيس جمال عبد الناصر عندما قابل أديب نوبل نجيب محفوظ وكيف نشرت رواية أولاد حارتنا الأسبوع القادم بإذن الله نعرف تفاصيل ذلك.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أديب نوبل الثلاثية أولاد حارتنا أولاد حارتنا نجیب محفوظ
إقرأ أيضاً:
هل رأى سيدنا النبي الله عزو جل؟.. يسري عزام يوضح
أكد الدكتور يسري عزام، إمام جامع عمرو بن العاص، أن كل نبي كان يعكس نموذجًا مختلفًا في العلاقة مع الله، فبينما كان سيدنا موسى عليه السلام يطلب رؤية الله في الدنيا، كان سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم يتمتع برؤية خاصة في السماء، حيث قال الله تعالى في شأنه "فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا"، وهو ما يعكس عناية الله الخاصة به منذ لحظة ولادته وحتى رحلته إلى السماء.
وأضاف إمام جامع عمرو بن العاص، خلال تصريح اليوم الاثنين، أن سيدنا موسى عليه السلام كان محبًا لله، وكان يسعى بكل ما أوتي من قوة للاقتراب من الله، وعندما طلب رؤية الله، قال له الله سبحانه وتعالى: "لن تراني ولكن انظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف تراني"، وعندما نظر سيدنا موسى إلى الجبل، تحطم الجبل وسقط مغشيًا عليه، وفي ذلك درس عظيم للمؤمنين في كيفية فهم التجلي الإلهي، حيث تجلى الله على الجبل بشكل يعجز البشر عن تحمله، إذ لو كشف الحجاب لحُرِق كل شيء.
وتابع بأن الشيخ الشعراوي رحمه الله فسر هذه الواقعة بقولهم: "إذا كان الجبل لم يستطع تحمل تجلي الله، فكيف للبشر أن يتحملوا؟" مشيرًا إلى أن هذا التجلي كان لحظة عظيمة تعكس عظمة الله وقدرته، حيث لم يتحمل الجبل الرؤية وكان محطّمًا بسبب هذه القوة الإلهية.
كما ذكر الدكتور يسري عزام أن هذه المعجزة تبرز كيفية تعامل الأنبياء مع رحمة الله وعنايته الخاصة، حيث كان سيدنا موسى عليه السلام، رغم حبّه الكبير لله، لا يستطيع تحمل رؤية الله في الدنيا، أما سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قُدر له أن يكون في أعلى مراتب القرب من الله في رحلة الإسراء والمعراج، إذ تجلت عناية الله به في السماء.