بعدما كانت لقرون علامة على الجمال أو الانتماء القبلي، لم تعد الوشوم التقليدية تغري النساء القرويات في المناطق الأمازيغية بالمغرب، وذلك بفعل أنماط الزينة الحديثة أو أسباب أخرى.

تتذكر حنو مولود (67 عاما) المقيمة في قرية إملشيل على جبال الأطلس (وسط) "عندما كنت في السادسة من العمر، كان يقال لنا إن الوشم زينة جميلة، كنا نستعمل الفحم لنرسمه على وجوهنا قبل أن نقصد سيدة متخصصة لتخطه بإبرة".

وتتابع مسترجعة ذكريات من طفولتها "بعدها ننظف الجرح يوميا باستعمال نبتة خضراء حتى يتشكل الوشم"، وتشير في حديثها إلى الرسم الذي يزين ذقنها.

الوشم نفسه تحمله حنو آيت مجان (71 عاما) المقيمة في البلدة عينها، وتستذكر هي الأخرى: "لم نكن نقوى على حبس دموعنا، لكن الأمهات كن يعمدن إلى ضم بناتهن الصغيرات حتى الانتهاء من دق الوشم، إنه تقليد ورثناه من آبائنا".

ينتشر الأمازيغ في معظم أرجاء المغرب لكن لغتهم متداولة عموما بشكل واسع في المناطق الجبلية (شترستوك)

تتميز كل قبيلة في هذه المناطق الناطقة بالأمازيغية بزخرفة خاصة للوشوم التي تزين نساءها، وهي "تدل على الانتماء لجماعة معينة وهوية خاصة"، كما يوضح الناشط في جمعية "أخيام" للتنمية المحلية باسو أوجبور.

ويضيف أن "النساء في قبيلة آيت حديدو بمنطقة إملشيل تتميز بالوشم المشكل من خطين أو 3 على الذقن، وغالبا ما تضاف إليها زخارف مثل نقط، في حين تزين نساء قبائل أخرى بزخارف مختلفة".

وكان أوجبور يتحدث خلال مهرجان "موسم الخطوبة"، الذي يقام كل عام في إملشيل، للاحتفاء بحفلات زفاف جماعية للشباب المحليين، وتتخلله رقصات على إيقاع أهازيج تقليدية.

"رمز للزينة"

تُعدّ اللغة والثقافة الأمازيغية مكونا أساسيا للهوية الوطنية في المغرب بجانب اللغة العربية والإسلام، كما في باقي بلدان المغرب الكبير. وينتشر الأمازيغ في معظم أرجاء المملكة، لكن اللغة الأمازيغية متداولة عموما بشكل واسع في المناطق الجبلية.

من جهته، يوضح الأستاذ الباحث في الجغرافيا عبد الواحد فينك المولود في إملشيل أن "النساء الأمازيغيات في شمال أفريقيا يتميّزن بنوع من الوشوم يحمل دلالات متعددة".

كانت الوشوم التقليدية لقرون علامة على الجمال أو الانتماء القبلي لدى شرائح واسعة من المجتمع الأمازيغي (شترستوك)

ويضيف "فهي رمز للزينة، إذ تعبر المرأة من خلال الوشم عن جمالها وقيمتها كفرد مستقل عن الرجل".

ويرى فينك أن زخرفات الوشم تنطوي أيضا على جوانب روحية، "فالدوائر مثلا تشير إلى الكون والجمال، أو القمر والشمس التي كانت مهمة في الطقوس المحلية".

كما يلفت إلى أن هذه الوشوم كانت تُنحت على الذقن أو الجبهة أو اليدين.

من جانبه، يختم أوجبور -الناشط في جمعية "أخيام" للتنمية المحلية- بالقول إن الجانب الديني له دور في "تراجع عديد من الفتيات عن استعمال الوشم"، التقليدي في المناطق الريفية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی المناطق

إقرأ أيضاً:

ملتقى مقشن الثقافي يوصي بتوثيق الموروث الحرفي والمهارات التقليدية

مقشن: أوصى ملتقى مقشن الثقافي بمحافظة ظفار الذي ينظمه النادي الثقافي بالولاية بالتعاون مع شركة تنمية نفط عمان بتوثيق الموروث الحرفي والمهارات التقليدية توثيقا علميا مُمنهَجا من خلال مشروع بحثي متكامل لرصد الحرف التقليدية في ولاية مقشن وتوثيقها بصيغ مكتوبة ومرئية، يشمل أدواتها وأساليبها وسياقها الاجتماعي، وذلك بالشراكة مع الجهات العلمية والمراكز البحثية، لضمان حفظ هذا الموروث ونقله للأجيال القادمة وتمكينه من الدخول في منظومات الصناعات الإبداعية.

كما أوصى الملتقى بإدراج الفنون الشعبية والممارسات التراثية ضمن قواعد البيانات الوطنية والسعي لتسجيلها دوليا، حيث أكد المشاركون على أهمية إدراج فنون الولاية ضمن قواعد بيانات التراث الثقافي غير المادي في سلطنة عمان، والعمل على إعداد ملف علمي لترشيح أبرز هذه الفنون إلى القائمة التمثيلية للتراث غير المادي العالمي، لما يحققه التسجيل من حماية عالمية وتعزيز للاعتراف الدولي بالتراث العُماني.

وأوصى بإنشاء مركز ثقافي-سياحي في مقشن، يُقدّم سردية شاملة عن تاريخ مقشن وبيئتها وثقافتها، ويضم قاعة للمعارض التراثية، ومكتبة صغيرة، وموقعًا للتعريف بمسارات الرحلات الصحراوية، مع توفير برامج تعليمية للمدارس والزوار، مستفيدًا من موقع الولاية على طريق المسافرين إلى صلالة وكونها إحدى بوابات الربع الخالي، بالإضافة إلى إطلاق برنامج بحثي مستدام لدراسة التراث الطبيعي والثقافي للولاية، تُنفَّذ في إطاره مشروعات سنوية بالتعاون مع الجامعات والمختصين لدراسة البيئة الصحراوية الفريدة لمقشن، ومواردها المائية الجوفية، ومسارات القوافل القديمة، وفنون البادية، بما يثري المعرفة الوطنية ويدعم مبادرات السياحة الثقافية والبيئية في المنطقة.

بالإضافة إلى إنشاء مختبر سنوي موجّه لطلبة الولاية وشبابها، يجمع بين الفنون الصحراوية التقليدية والتقنيات الحديثة (كالذكاء الاصطناعي والتصميم الرقمي وصناعة الأفلام القصيرة)، ليُشكّل جسرًا بين التراث والابتكار، ويعزز قدرات الشباب على إنتاج مشاريع ثقافية وريادية مستلهمة من هوية المكان.

وتضمن الملتقى الذي خُتمت أعماله برعاية سعادة الشيخ هلال بن علي المعمري والي مقشن، وحضور عدد من المهتمين بالشأن الثقافي والفني في محافظة ظفار.

وقال الدكتور محمد بن علي البلوشي رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي إن الملتقى جاء ثمرة تعاون بين النادي الثقافي وشركة تنمية نفط عمان، وتجسيدًا لقناعة راسخة بأن الثقافة لا ينبغي أن تبقى حبيسة المركز، بل أن تتحرك إلى حيث تنبض الحياة في ولايات سلطنة عُمان كافة.

وأضاف: إن اختيار ولاية مقشن، بما لها من موقع فريد على أطراف الربع الخالي، وبما تحتضنه من كثبان رملية مهيبة، وموارد مائية جوفية، وإرث بدوي عريق في الفنون والترحال ومسابقات الإبل، لم يكن قرارًا عابرًا؛ فهذه الولاية تمثل نموذجًا حيًّا للتنوع البيئي والثقافي في عمان، وتجسد كيف يمكن للصحراء أن تكون فضاء للعمران والتنمية الحديثة، كما نراه اليوم في الطرق والخدمات والمرافق التي امتدت إليها في ظل النهضة المتجددة.

وقال محمد بن علي الأغبري مدير الشؤون الخارجية والعلاقات الحكومية والاتصالات بشركة تنمية نفط عُمان: الثقافة هي الذاكرة الحية للأمم، ومنها تتشكل طبائع الشعوب وهويتها، ولا تزال سلطنة عُمان تنعم بإرث ثقافي عريق وتنوع غني يستحق الاحتفاء به والبناء عليه.

وأوضح أن هذا الملتقى، بما يضمه من فعاليات، يسعى إلى اكتشاف المواهب الشابة وصقل مهاراتها، فكم من مبدع كانت انطلاقة مشواره نتيجة موقف عابر أو فرصة تهيأت له فأحسن استغلالها. ومن هنا يشكل الملتقى منصة فاعلة لاحتضان هذه الطاقات وتشجيعها على الإسهام في المشهد الثقافي الوطني.

وقدم حفل الختام برؤية مسرحية للمخرج أسعد بن سالم السيابي، وتضمنت قصيدة وطنية للشاعر عبدالعزيز بن سعيد مسن، وعرضا مرئيا قدم رؤية الملتقى ورسالته الثقافية.

وتمت إقامة ندوة بعنوان "تكوين الحياة الثقافية في مقشن”، قدمها الكاتب محمد بن مستهيل الشحري وشارك فيها الشيخ محمد بن مبارك مسن ومحمد بن عبدالله جداد، واقتربت الندوة من استكشاف العمق الإنساني للمكان ورصد التحولات التي مر بها المجتمع المحلي عبر الزمن في ولاية مقشن. وسعى المشاركون في الندوة إلى إبراز ملامح الثقافة بوصفها جزءًا أصيلًا من الهوية في سلطنة عُمان، ونافذة لقراءة تاريخ الصحراء وذاكرة أهلها الذين عملوا على نقل الثقافة المجتمعية بكل تفاصيلها.

وركزت الندوة على الحياة الثقافية في مقشن قديمًا، والجوانب المرتبطة بمراحل حياة الإنسان وما يصاحبها من تفاصيل يومية، كما تم تناول مختلف الفنون التقليدية مثل "سقي الإبل” و”التغرود”، والألعاب الشعبية، والمعتقدات المحلية. وتم التركيز على المسميات القديمة في البادية والمناطق الصحراوية، إلى جانب القصص والحكايات الشعبية التي تعد جزءا أساسيا من التاريخ الشفوي للولاية.

وتناولت الندوة المعالم والوجوه الثقافية في الولاية من شعراء وأدباء، مرورًا بالحياة الثقافية واستعراض التحولات المؤسسية التي شهدتها الولاية، بما في ذلك ظهور المدارس وتأسيس المراكز الرياضية والثقافية، وتوسع الأنشطة الثقافية والتعليمية.

وشهدت أيضًا إقامة أمسية شعرية بمشاركة شعراء الولاية وهم عبدالعزيز بن سعيد مسن وأحمد عبدالله هول مسن، وبإدارة من علي بن مسلم المسهلي.

مقالات مشابهة

  • أين يرتفع وينخفض إقبال الأوروبيين على لقاح الإنفلونزا؟
  • ملتقى مقشن الثقافي يوصي بتوثيق الموروث الحرفي والمهارات التقليدية
  • رسميا.. موعد امتحانات الثانوية العامة 2026
  • نوع شائع من التوابل التقليدية يحارب السمنة ويحمي القلب
  • عرض أزياء للملابس العُمانية التقليدية في واشنطن
  • برشلونة يتجه لإلغاء مباراته الودية بالمغرب
  • جدل محتدم بالمغرب حول مشروع قانون يُجرّم التشكيك بنزاهة الانتخابات
  • «الحِرف والصناعات التقليدية» يُختتم غداً في «سوق القطارة»
  • رابط التسجيل في مباراة التعليم 2025-2026 بالمغرب
  • رئيس الوطني الاتحادي يهنئ رئيسي النواب والمستشارين بالمغرب بذكرى الاستقلال