الموقع بوست:
2025-03-18@07:03:43 GMT

العائدون من النزوح في اليمن: كل شيء تغيّر

تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT

العائدون من النزوح في اليمن: كل شيء تغيّر

"الناس تغيروا، والفقر صعب، وزوجي لا يعمل، بالكاد نعيش"، تقول اليمنية رؤى ثلاثينية وأم لثلاثة أطفال، أجبرتها الحرب في مدينة تعز جنوبي البلاد، على النزوح سبع سنوات، وعندما أتيح لأسرتها العودة إلى منطقة سكنها الأصلية، وجدت نفسها في ظروف لا تقل قسوة، وهي واحدة من بين ما يقدر بأكثر من مليوني نازح داخلياً عادوا إلى ديارهم، لكنها في الغالب لم تعد تلك التي ألفتها، في ضوء الأوضاع الإنسانية المتفاقمة، والتي زادت سوءاً في العامين الأخيرين، في ظل تراجع وتيرة   الأعمال الإغاثية، وانسداد الأفق أمام أي حلول سياسية من شأنها الحد من الوضع المعيشي المتدهور بشكل مضطرد.

 

تسكن رؤى في منطقة "حوض الأشرف"، التي بقيت خالية من السكان لسنوات، لوقوعها بين مناطق سيطرة القوات الموالية للحكومة المعترف بها دولياً وتلك الموالية   لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، ومنذ أشهر قليلة، نجحت جهود ومطالبات استمرت سنوات بهدف فتح المنفذ الرئيسي للمدينة. ما أمكن لرؤى وأسر أخرى من العودة، إلى منازل تضررت في الغالب نتيجة اشتباكات، والأهم من ذلك، أن الظروف والمصالح فقدها السكان في الغالب. وفي حديثها لـDW عربية، تقول رؤى "نعيش في غرفة صغيرة بلا كهرباء، ونكاد نعتمد على وجبة واحدة في اليوم"، حيث فقدت الأسرة مصدر دخلها بسبب الحرب.

 

هذه الظروف التي تعانيها أسرة رؤى، هي جزء من تفاصيل لا تختلف كثيراً عن  الحياة القاسية التي تعيشها أسر أخرى بنسب متفاوتة، ففي ذات المنطقة، تسكن أم أيمن، هي الأخرى، وتواجه صعوبات نفسية ومادية كبيرة منذ عودتها إلى منطقتها، وتقول إنها ما زالت تعتبر نفسها نازحة، حيث لم تستقر حياتها بعد. تعاني من صعوبات في توفير العلاج لابنها، وتواجه ضغوطًا كبيرة في تلبية احتياجاتها الأساسية.

 

الأسر النازحة/العائدة، تمثل من زاوية أخرى مرآة لفاتورة الحرب التي دفتها الأسر المتضررة بشكل مباشر، فهناك من فقدوا أفراداً من أسرهم خلالها، كما هو حال أسرة، سبأ سعيد عثمان، أم لأربعة أطفال، فقدوا والدهم خلال الحرب، وبعد سنوات من النزوح عادوا إلى مسكنهم الأصلي، رغم كونه ليس ملكاً لهم، ولا توجد فيه سوى غرفة واحدة صالحة للسكن، تعاني احدى بنات سبأ من مرض الروماتيزم، وتجد صعوبة بالغة في تأمين الرعاية الصحية لها وتوفير الأدوية بسبب وضعهم المادي الصعب.

 

أزمة نزوح.. وحتى العودة

 

أدت الحرب في اليمن، إلى واحدة من أسوأ  الأزمات الإنسانية  في العالم، حيث تقول أحدث الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة إن أكثر من 18 مليون شخص، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية ملحة، بما في ذلك، 4.5 مليون نازح، وبالإضافة إلى التحديات يواجهها هؤلاء، كأحد أبرز الفئات المتضررة، فإن أولئك الذين وجدوا فرصة بالعودة، وقدرتهم إحصائية حكومية بما يقرب من مليوني و200 ألف عائد، في 12 محافظة.

 

وأظهرت المعلومات التي أعلنتها الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين الشهر الماضي، أن أكثر من نصف المنازل في مناطق العودة بحاجة إلى بناء وترميم، في حين أن 30 بالمائة منها، يحتاج فيها العائدون إلى أثاث ومواد إيوائية، فضلاً عن أن ما يزيد عن 43 بالمائة من مناطق العودة، لا تتوفر فيها مشاريع مياه، ونحو 58 بالمائة لا تتوفر فيها مرافق صحية، وقدّرت الدراسة بوجود أكثر من 76 ألف بحاجة إلى دعم نفسي، فضلاً عن كون أكثر من ثلثي مناطق العودة تفتقر إلى مدارس، حيث تحتاج المئات من المدارس إلى صيانة وإعادة تأهيل أو بناء.

 

بيئة متضررة وفقدان

 

وتوضح المنظمة الدولية للهجرة، في حديث خاص لـDW عربية، أن عودة النازحين، على الرغم من هدنة هشة منذ أكثر من عامين، كانت بطيئة ومعقدة بسبب العديد من التحديات. إذ يواجه العديد من العائدين "بنية تحتية متضررة، ومنازل مدمرة، ومخاوف أمنية"، كما أن الوصول إلى  الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والتعليم والمياه النظيفة، لا يزال محدودًا، مما يعيق عملية العودة بشكل أكبر. وتزيد الصعوبات الاقتصادية، بما في ذلك البطالة المرتفعة والتضخم، من صعوبة قدرة الأسر على تحمل تكاليف الاحتياجات الأساسية وإعادة بناء حياتهم. كل "هذه العوامل مجتمعة تجعل من الصعب على العديد من الأسر النازحة العودة على نطاق واسع".

 

تحديات العودة، أيضاً تأتي، وفقاً رئيس الوحدة التنفيذية للنازحين نجيب السعدي، كون السكان لدى نزوحهم فقدوا وظائفهم وأعمالهم، وتعرضت منازلهم للتدمير الكلي أو الجزئي، حيث البعض فقد وثائقه الشخصية ووثائق الملكية. وبعد العودة من النزوح "وجدوا أنفسهم في بيئة مدمرة، فلا خدمات صحية ولا تعليمية، ولا يستطيعون الحصول على الوثائق كما أنهم لا يستطيعون الحصول على حقهم في الإنصاف نتيجة تعطل الجهات المعنية المحاكم.

 

كل ذلك، يقول السعدي لـDW عربية، يضاف إليه مواجهة خطر الألغام المزروعة أثناء الحرب، وبالتالي "يعيش العائدون ظروفًا سيئة  تشبه ظروف النازحين"، بل إن وضعهم أسوأ لكونهم يعيشون بعيداً عن أعين المنظمات الإغاثية ومساعدة المجتمع. وينوه إلى أن إهمال أوضاع العائدين، يعد حرماناً لهم الحقوق المكفولة في لسياسة الوطنية لمعالجة النزوح وكذلك وفق المبادئ التوجيهية للنزوح الداخلي التي أقرتها الأمم المتحدة. كذلك ذلك فضلاً عن التأثيرات السلبية على معالجة النزوح بشكل عام؛ لأن النازحين، وفق المتحدث، عندما يرون حالة الإهمال التي يعاني منها العائدون، يدفعهم ذلك إلى رفض العودة والاندماج.

 

استجابة ثانوية.. وحلول مطلوبة

 

تتزعم الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الإغاثية، الاستجابة للأزمة الإنسانية منذ سنوات، غير أن الدعم المخصص للإغاثة تراجع إلى حد كبير في العامين الأخيرين، وتقول المنظمة الدولية للهجرة إنها نفذت المنظمة الدولية للهجرة برامج متنوعة تهدف إلى دعم كل من النازحين والعائدين. تركز على توفير المأوى الطارئ، واستعادة سبل العيش، وقضايا الإسكان والأراضي والممتلكات (HLP)، وتوفير الوصول إلى الوثائق المدنية وضمان الحصول على الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم، لكن الاهتمام يظل منصبًا على الأفراد النازحين في المخيمات.

 

على الرغم من أن الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمناطق الحكومة المعترف بها، تقول إنها بدأت مشروعاً تجريبياً مع أربع وكالات أممية، في طريق تبني حلول استجابة لاحتياجات العائدين، إلا أن  التحدي الكبير، وفقاً لرئيس الوحدة، يتمثل في غياب التوجه إلى مشاريع تتجاوز الاستجابة الطارئة إلى الحلول المستدامة، التي تعالج النزوح.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: أکثر من

إقرأ أيضاً:

قصة الطفلة وسام.. رمز لأمل يتحدى النزوح ويعيد الحياة إلى مدارس السودان

بقلب ينبض بالأمل، ترسم الطفلة السودانية وسام زهرة في دفترها، وهي تتوسط زميلاتها داخل فصل يعج بأحلام العودة. بفضل لوازم مدرسية تمس الحاجة إليها وزعتها منظمة اليونيسف بدعم من صندوق “التعليم لا ينتظر”، استعاد أكثر من مئة ألف تلميذ سوداني حقهم في التعليم.

التغيير: وكالات

وسط همسات زميلاتها وهن يلملمن أغراضهن، غرقت وسام ذات التسع سنوات في عالم خيالها، ترسم صورة تنبض بالحياة. وعندما انتهت، أعادت أقلامها الملونة إلى حقيبتها، التي تحمل معها أملا لا ينضب، رغم قسوة النزوح التي عصفت بملايين الأطفال.

تقول وسام: “تركت ألعابي وكتبي وزيي المدرسي وحقيبتي وأقلامي. كان زيي جميلا”.

تواجه البلاد أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم، حيث يوجد أكثر من 17 مليون طفل في سن الدراسة خارج أسوار المدارس حاليا.

تضررت أو دمرت مئات المباني المدرسية منذ بداية الحرب في السودان في أبريل 2023. ويتم استخدام العديد من المباني الأخرى كملاجئ للنازحين.

مع إعادة فتح 489 مدرسة، عاد ما يقرب من 120 ألف طفل إلى الفصول الدراسية في ولاية البحر الأحمر الساحلية. يواصل صندوق التعليم لا ينتظر – وهو صندوق الأمم المتحدة العالمي المعني بالتعليم في حالات الطوارئ والأزمات الممتدة –  وشركاء مثل اليونيسف دعم الفتيات والصبيان في جميع أنحاء السودان لضمان مواصلة تعليمهم حتى في أصعب الظروف.

مرت وسام بمصاعب وأهوال تستعصي على الوصف، حيث اضطرت هي وعائلتها إلى الفرار من منزلهم في سنار طلبا للأمان في مدينة بورتسودان على السحل الشرقي للسودان، تاركين وراءهم جميع ممتلكاتهم تقريبا، بما في ذلك الزي المدرسي.

حقائب لمستقبل أكثر إشراقا

عندما أُعيد فتح المدارس أخيرا في بورتسودان، لم تستطع عائلة وسام تحمل تكاليف اللوازم المدرسية اللازمة.

مع كل خطوة تخطوها وسام وأشقاؤها نحو مدرستهم الجديدة في بورتسودان، كان شغفهم بالتعلم يتجدد، لكن ظلال النزوح ألقت بعبء نقص اللوازم المدرسية، مما حال دون اكتمال فرحتهم بالعودة إلى مقاعد الدراسة.

لحسن الحظ أن مدرسة وسام هي واحدة من العديد من المدارس في السودان التي تتلقى لوازم مدرسية حيوية بفضل دعم صندوق التعليم لا ينتظر.

من خلال هذه المبادرة، التي تهدف إلى ضمان حصول جميع الأطفال على الأدوات التي يحتاجونها للعودة إلى التعلم، تلقت وسام وأشقاؤها زيا مدرسيا جديدا وحقائب ظهر مليئة بالأدوات مثل الدفاتر وأقلام التلوين والطباشير والمساطر.

وعن ذلك تقول وسام: “أحب حقيبتي الجديدة. إنها أكبر بكثير من الحقيبة التي تركتها في المنزل”.

أكثر من مجرد حقيبة مدرسية

حقيبة الظهر الجديدة هذه تعني أكثر من مجرد كتب ولوازم مدرسية بالنسبة لوسام. إنها تحمل أحلامها بمستقبل أكثر إشراقا وسلاما في وطنها يسمح لها بالتعلم والنمو وتحقيق كامل إمكاناتها.

تدرس وسام حاليا في الصف الثالث، وهي تشارك بحماس في مناقشات الفصل وترفع يدها بثقة للإجابة عن الأسئلة. زيها الجديد يضيف معنى إلى شعورها بالفخر والانتماء.

لكن في لحظات عزلتها الهادئة، في خضم الفوضى التي أحاطت بها منذ بداية الحرب، تنبض وسام بالحياة. فبعد انتهاء اليوم الدراسي، تبقى وسام في الفصل الدراسي، منغمسة في رسوماتها.

الزهور الملونة، المرسومة بعناية فائقة، هي شهادة على إبداعها وتصميمها على البحث عن الجمال حتى في الظروف الصعبة.

بفضل مجموعة أقلام التلوين الجديدة التي تلقتها، يمكن لوسام الآن التعبير عن نفسها بطرق لم تكن قادرة عليها من قبل. وعن ذلك تقول: “سأشارك الألوان مع أشقائي”.

التعليم أمر بالغ الأهمية في أوقات الأزمات، ليس فقط للتعلم الأكاديمي، ولكن أيضا لتوفير شعور بالوضع الطبيعي والاستقرار والأمان.

في الواقع، مبادرة اللوازم المدرسية هي جزء من استجابة صندوق التعليم لا ينتظر الشاملة في السودان والدول المجاورة، والتي تدعم إنشاء مساحات آمنة للأطفال ومراكز تعليم مؤقتة وتدريب المعلمين وتوفير مواد تعليمية ودعم الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي والمزيد.

توفر المدارس للأطفال النازحين مثل وسام مساحة آمنة للتعافي من صدمة الصراع. كما أنها تساعد في حماية الأطفال من الممارسات الضارة مثل زواج الأطفال وعمالة الأطفال والتجنيد القسري في الجماعات المسلحة، مما يمنحهم الفرصة لتحقيق أحلامهم وبناء مستقبل أفضل.

تقول وسام: “المنزل أفضل من هنا، لكن لا يمكننا العودة بسبب الحرب. الحرب سيئة للغاية”. ومع ذلك، تظل وسام متفائلة. فبفضل الدعم الذي تلقته، تشعر الآن أن التعليم هو سبيلها للمضي للأمام.

الاحتياجات تتنامى

حتى الآن، وصل دعم صندوق التعليم لا ينتظر إلى 135 ألف فتاة وصبي متضررين من الأزمة في السودان.

وبلغ إجمالي استثمارات الصندوق في السودان 33.7 مليون دولار ويدعم بناء وإعادة تأهيل الفصول الدراسية وتوفير مواد التعلم والتدريس وتدريب المعلمين وتحسين الوصول إلى مياه الشرب والمرافق الصحية والمرافق الصحية المراعية للنوع الاجتماعي وتحسين الوصول إلى تعليم جيد وشامل وصديق للأطفال.

قدم الصندوق الأممي أيضا أكثر من 20 مليون دولار استجابة لاحتياجات تعليم اللاجئين الإقليمية، مع منح تم الإعلان عنها في جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وليبيا وجنوب السودان وأوغندا.

لكن الاحتياجات في السودان، وفي الأزمات حول العالم، مستمرة في التنامي. فقد وجد تقرير حديث صادر عن صندوق التعليم لا ينتظر أن 234 مليون فتاة وصبي في سن الدراسة يتأثرون بالأزمات ويحتاجون إلى دعم عاجل للوصول إلى التعليم الجيد، هذا يمثل زيادة لا تقل عن 35 مليونا خلال السنوات الثلاث الماضية.

حقيبة الظهر الجديدة تمثل بالنسبة لوسام تذكيرا بكل ما اضطرت إلى تركه وراءها، وهي تحمل الآن ثقل كل ما تأمل في تحقيقه. ومع كل درس، تقترب خطوة من المستقبل الذي تستحقه، وهو المستقبل الذي تصمم الطفلة البالغة من العمر تسع سنوات على خلقه.

 

الوسومآثار الحرب في السودان أطفال السودان والتعليم اليونسيف

مقالات مشابهة

  • وسائل إعلام تكشف القواعد التي أقلعت منها الطائرات الأمريكية في عدوانها على اليمن
  • 16 مارس خلال 9 أعوام.. أكثر من 100 شهيد وجريح في جرائم العدوان السعودي الأمريكي على اليمن
  • ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية بسبب الحرب التجارية التي أطلقها ترمب
  • الكشف عن القواعد التي أقلعت منها الطائرات الأمريكية لاستهداف اليمن
  • أكثر من 30 شهيدا بينهم أطفال ونساء في العدوان الأمريكي على اليمن (شاهد)
  • الطريق لا يزال طويلا.. غياب خطط الحكومة السورية لإعادة الإعمار يجعل كثيرين يفكرون قبل العودة للوطن
  • بينها اليمن.. قائمة الجنسيات التي ستفرض عليها إدارة ترامب حظر سفر
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • قصة الطفلة وسام.. رمز لأمل يتحدى النزوح ويعيد الحياة إلى مدارس السودان
  • إسقاط أكثر من 250 طائرة مسيرة خلال مواجهات بين القوات الروسية والأوكرانية