وزيرٌ يُطالِب بضربةٍ نوويّةٍ .. مصادرٌ عبرية رفيعةٌ: خطط ضرب إيران لن تُنفَّذ دون مساعدة واشنطن
تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT
سرايا - كشفت مصادر أمنية واستخباراتية إسرائيليّة، وُصِفَت بالمطلعة، النقاب عن أنّ جيش الاحتلال يستعِّد وبوتيرةٍ عاليةٍ لتوجيه الضربة العسكريّة الإيران، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ الدولة العبريّة لن تتراجع عن قرارها حتى مقابل الحصول على تعويضاتٍ من الولايات المًتحدة الأمريكيّة، على حدّ تعبيرها.
وتابعت المصادر عينها، وفق المُحلِّل للشؤون الاستخباراتيّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، رونين بيرغمان، أنّه بات مؤكّدًا للجميع أنّ الخطط التي قام بإعدادها الجيش، وعلى نحوٍ خاصٍّ سلاح الجوّ، لا يُمكِن إخراجها إلى حيِّز التنفيذ دون التنسيق والمُساعدة الأمريكيّة، فإنّ زيارة وزير الأمن يوآف غالانط إلى واشنطن أصبحت مهمةً أكثر من ذي قبل، لأنّه بصحبة كبار قادة الجيش ووزارة الحرب، سيجتمعون هناك مع نظرائهم الأمريكيين في البنتاغون ويعرضون أمامهم الخطط والخرائط حول الضربة المُرتقبة لإيران، طبقًا لأقوال المصادر.
علاوة على ما ذُكِر أعلاه، قال المُحلِّل إنّه من خلال أقوالٍ استمع إليها من كبار رجال الأمن والاستخبارات في تل أبيب فإنّه من غير المعروف ماذا تريد إسرائيل من الهجوم واسع النطاق ضدّ إيران، مُشدّدًا، نقلاً عنهم، على أنّ تقديرات المؤسسة الأمنيّة-الاستخباراتيّة في دولة الاحتلال تؤكِّد أنّ إيران سترُدّ على الضربة الإسرائيليّة، وأنّ الأخيرة ستُعاوِد الردّ على طهران، وهذه الضربات المُتبادلة بين الدولتيْن تُسّمى بحسب كبار القادة حربًا، على حدّ قولهم.
بالإضافة إلى ذلك، نقل المُحلِّل عن مصدرٍ أمنيٍّ إسرائيليٍّ رفيعٍ قوله إنّ “إسرائيل تُحاوِل أنْ تقطف النجاحات عن طريق الإخفاقات، فهي أطلقت الحرب على غزّة وقامت الحكومة بتحديد هدفيْن اثنيْن: القضاء على حماس وإعادة الرهائن، وبعد أنْ فشِلت في تحقيق أيًّا من الهدفيْن المذكوريْن، قامت الحكومة بإضافة هدفٍ ثالثٍ للحرب وهو إعادة المُهجرّين الإسرائيليين إلى مستوطناتهم في شمال الكيان، ولا أعرف كيف من المُمكِن تحقيق هذا الهدف أيضًا”، على حدّ تعبيره.
على صلةٍ بما سلف، دفع وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق، عومر بارليف نحو توجيه ضربة استراتيجية نوعية ضد إيران، وتحديدًا برنامجها النووي، رافضًا أيّ هجومٍ تكتيكيٍّ في هذه المرحلة.
ودعا بارليف في مقال بصحيفة (هآرتس) إلى تأجيل الرد الاستراتيجيّ إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية، والتنسيق مع الإدارة الجديدة لتوجيه ضربةٍ نوعيّةٍ وكبيرةٍ للبرنامج النووي الإيرانيّ، وإزالة خطره تمامًا.
ورأى أنّ “الموضوع الوحيد الذي ينبغي أنْ يكون على الطاولة هو برنامج النووي الإيراني، والذي يمثل التهديد الوجودي الوحيد على إسرائيل”، داعيًا الحكومة والجيش إلى التركيز على هذا فقط، بشكلٍ استراتيجيٍّ شاملٍ وليس بشكلٍ تكتيكيٍّ.
وشدّدّ على أنّه “إذا هاجم الجيش الإسرائيلي إيران بشكلٍ مقننٍ ومحدودٍ كي يمنع التصعيد، فإنّ الإنجاز الدفاعي سيضيع، وإذا هاجم بشكلٍ واسعٍ بنى تحتية عسكرية ومدنية فستكون إيران ملزمة بالرد، وإسرائيل ستجد نفسها في نوع آخر من حرب الاستنزاف الطويلة، الضارة والخطيرة، لهجمات وهجمات مضادة، وهذا من شأنه أنْ يسحق الإنجاز الإسرائيلي المتمثل بتعزيز الردع”.
وقال بارليف في الختام: “لأجل إلحاق ضرر ذي مغزى بالقدرة النووية لإيران هناك حاجة إلى تعاونٍ وثيقٍ مع الولايات المتحدة. مؤكِّدًا أنّه “ليس واضحًا ما إذا كانت الولايات المتحدة بعد الانتخابات ستنضم إلى هجومٍ على المنشآت النووية في إيران، لكن واجب على إسرائيل أنْ تحاول هذا، وحتى ذلك الحين، فإنّ كلّ خطوةٍ هجوميّةٍ أخرى لنا ضد إيران ستكون جوابًا تكتيكيًا فقط على هجومها الفاشل”، وفق قوله.
أمّا فيما يتعلّق بالجبهة اللبنانيّة، فقالت شبكة (CNN) الأمريكيّة إنّ حرب إسرائيل الأخيرة ضد حزب الله وصلت إلى طريق مسدود إذ تشير الاشتباكات الحدودية العنيفة إلى أنّ الفوز لن يكون سهلاً، وشدّدّ المُراسِل الذي رافق الصحافيين الإسرائيليين لدى دخولهم إلى لبنان على أنّ مستوى المقاومة من جانب حزب الله فاجأ العديد من المراقبين، فيما قال العديد من الجنود الإسرائيليين لمُراسل الشبكة الأمريكيّة، شرط عدم أسمائهم، الذين يقاتلون حاليًا في لبنان، إنّ التضاريس الجبلية المفتوحة تجعل العملية صعبة، على حدّ تعبيرهم.
وفي الختام عودٌ على بدء: مصدرٌ إسرائيليٌّ رفيعٌ قال لصحيفة (يديعوت أحرونوت) إنّ لدولة الاحتلال لا توجد إستراتيجيّة، إذْ أنّ الإنجازات التكتيكيّة لا تُترجم إلى اتفاقاتٍ سياسيّة مع دولٍ أخرى في الشرق الأوسط، بل تستثمر تل أبيب قدراتها على الاستخباراتيّة لتنفيذ اغتيالٍ هنا وهناك، مُختتمًا أنّ كلّ ما يجري في الحرب الأخيرة هو عمليًا مجمعةٍ من نزواتٍ لا تُسمِن ولا تُغني عن جوع، على حدّ وصفه.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الاحتلال الدولة الاحتلال إيران الحكومة الحكومة الحكومة إيران إيران إيران الله لبنان الله الاحتلال إيران لبنان إصابة الحكومة الدولة الله الاحتلال الأمریکی ة على حد
إقرأ أيضاً:
كيف نجا نووي باكستان من مخططات إسرائيل والهند؟
في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي فوجئ العالم بهجوم إسرائيلي على المفاعل النووي العراقي، الذي أسفر عن تدمير المشروع بشكل كامل بعد سنوات طويلة من العمل عليه وإعادته إلى نقطة الصفر.
واليوم تهدد إسرائيل البرنامج النووي الإيراني بمصير نظيره العراقي وهو أحد الأسباب الرئيسية للتوتر في المنطقة منذ عقود، ولكن في المقابل استطاع البرنامج النووي الباكستاني بعد كثير من المخاطر أن ينجو من الهجمات الإسرائيلية، التي اقترب بعضها من المفاعل النووي في كاهوتا القريبة من الحدود الهندية، وكاد أن يدمر المشروع 706.
فما قصة هذا المشروع؟ وكيف تمكن الباكستانيون من إفشال مخططات الإسرائيليين لتحقيق هدفهم؟
المعارف النووية الباكستانية المبكرةبدأت باكستان اهتمامها بالعلوم والمعارف النووية منذ أواخر عام 1948 بعد عام واحد عن استقلالها وانفصالها عن الهند، وذلك عندما انتقل عدد من العلماء الباكستانيين من الهند بناء على طلب رئيس الوزراء لياقت علي خان.
وكان من أبرز هؤلاء العلماء رافي محمد تشودري الذي أسس مختبر التوتر العالي في 1952، وفي العام التالي أطلق الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور برنامج "الذرة من أجل السلام"، وكانت باكستان من أوائل الدول التي وقعت على المعاهدة المتعلقة به، رغم أن وزير خارجيتها آنذاك محمد ظافر الله خان صرح بأنه لا توجد نيّة باكستانية تجاه امتلاك القنبلة الذرية.
وفي عام 1956، تأسست الهيئة الباكستانية للطاقة الذرية "بي إيه إي سي" (PAEC)، وكان نذير أحمد أول رئيس لها، وفي عام 1958 اقترحت هيئة الطاقة الباكستانية إنشاء مفاعل نووي يعمل بالماء الثقيل، لكن الحكومة العسكرية حينها بقيادة المشير أيوب خان رفضت هذا المقترح.
وعقب الحرب الباكستانية الهندية -التي اشتعلت عام 1971، وأسفرت عن انفصال بنغلاديش عن باكستان وتولي ذو الفقار علي بوتو رئاسة الحكومة- فقد شرع في العام التالي مباشرة تطوير البرنامج النووي الباكستاني وتسريع خطواته، ولا سيما حين علمت المخابرات الباكستانية أن الهند على وشك تطوير قنبلة نووية.
ذو الفقار علي بوتو (يسار) بعد توليه رئاسة الحكومة شرع في تطوير البرنامج النووي الباكستاني وتسريع خطواته (شترستوك) المشروع 706وقد انبثقت هذه الجهود عن مشروع 706، وهو المشروع الذي يمثل البرنامج الباكستاني السري والمركزي لتطوير الأسلحة النووية، وقد تولى تنفيذ هذا البرنامج علماء بارزون مثل منير أحمد خان وعبد القدير خان الذي سيُوصف فيما بعد بـ"أبو القنبلة النووية الباكستانية".
وشهد هذا المشروع جهدا علميا ضخما وتطورا مستمرا في الفترة ما بين عامي 1974 حتى 1983، وتزامن ذلك مع تحركات سياسية داخلية حيث تولى الجنرال محمد ضياء الحق السلطة بعد انقلاب عسكري أطاح بحكومة بوتو وهو ما أدى إلى تسريع هذا البرنامج.
وأسفر المشروع عن إنشاء العديد من المراكز والمنشآت البحثية والإنتاجية النووية التي عملت في سرية تامة، وبالفعل تحقق نجاح أول اختبار بارد لجهاز نووي في 11 مارس/آذار 1983، ونال العلماء والضباط العسكريون الذين شاركوا فيه تقدير الحكومة الباكستانية عبر منحهم أوسمة مدنية رفيعة تقديرا لجهودهم في تحقيق هذا الإنجاز الإستراتيجي المهم.
واعتبرت مجلة "تايم" الأميركية أن مشروع 706 بمثابة المكافئ لمشروع مانهاتن الأميركي لإنتاج القنبلة النووية في الأربعينيات من القرن الـ20، نظرا للحجم الهائل من البحث والتطوير الذي شهدته باكستان في هذا المجال.
عبد القدير خان أبو القنبلة النووية الباكستانية (الفرنسية) حرب المخابراتأدركت الحكومة الباكستانية اهتمام الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي ووكالات استخبارات دولية أخرى بهذا البرنامج، فجعلت مواقع المنشآت النووية في سرية مطلقة وتحت حراسة مشددة.
ووفقا لبعض العسكريين الباكستانيين مثل العميد امتياز أحمد، فإن الولايات المتحدة كانت لديها معلومات استخباراتية على الأرض في باكستان، وفي المقابل نجحت الاستخبارات الباكستانية في اعتقال عدد من الجواسيس الأميركيين والسوفيات وذلك عام 1976.
وأشار أحمد في مقابلة صحفية إلى تنفيذه شخصيا عملية سرية عام 1979، التي تم فيها إحباط خطة لوكالة المخابرات المركزية لاستهداف العلماء والمهندسين المرتبطين بالبرنامج النووي الباكستاني، وأسفرت العملية عن اعتقال مهندس نووي باكستاني اسمه رفيق صافي مونشي، كان يُشتبه في محاولته نقل وثائق سرية إلى القنصلية الأميركية بكراتشي.
وفي العام نفسه، قامت الاستخبارات الباكستانية باعتقال السفير الفرنسي في باكستان بول لوغوريريك، وسكرتيره الأول جان فورلوت، بالقرب من منشأة كاهوتا النووية، حيث صودرت منهما كاميرات ومعدات حساسة أخرى، وأشارت وثائق لاحقة إلى أنهما كانا يعملان لصالح وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه).
في تلك الأثناء، كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن إلى نظيرته البريطانية مارغريت تاتشر معبّرا عن مخاوفه بشأن تطوير باكستان لأسلحة نووية، وأشار إلى العلاقات الوثيقة بين إسلام آباد والرئيس الليبي العقيد معمر القذافي الذي كانت تعتبره إسرائيل تهديدا مباشرا لها.
كما حذَّر بيغن تاتشر مما قد يحدث في الشرق الأوسط، وخاصة للرجال والنساء والأطفال في إسرائيل، لا سيما إذا وقعت الأسلحة النووية في أي وقت في أيدي حاكم مطلق مثل العقيد القذافي.
بيغن حذر تاتشر مما قد يحدث لإسرائيل إذا وقعت الأسلحة النووية في أيدي حاكم مثل القذافي (غيتي)وفي كتابه الصادر عام 2012 بعنوان "أكل العشب، صنع القنبلة الباكستانية"، استعرض العميد السابق في الجيش الباكستاني فيروز حسن خان رحلة باكستان نحو امتلاك الأسلحة النووية، واستوحى عنوان الكتاب من كلمات السياسي الباكستاني ذو الفقار علي بوتو الذي قال "إذا صنعت الهند القنبلة، سنأكل العشب أو أوراق الشجر، حتى لو جعنا، لكننا سنحصل على واحدة خاصة بنا".
وأشار خان في الكتاب إلى أن مخاوف باكستان من هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية تصاعدت بسبب حادثة هجوم الطائرات المقاتلة الإسرائيلية من طراز "إف 16" على المفاعل النووي العراقي الذي كان قيد الإنشاء بالقرب من بغداد، وأُطلق عليه اسم أوزيراك، مما عرقل طموحات الرئيس العراقي الراحل صدام حسين النووية بشكل لا رجعة فيه.
وأشار خان في كتابه إلى خطط كانت قد أُعدّت بين الهند وإسرائيل لمهاجمة المنشآت النووية الباكستانية، وخصوصا منشأة تخصيب اليورانيوم والأبحاث في كاهوتا في أوائل الثمانينيات.
كما ذكر تفاصيل مهمة أخرى، إذ اكتشفت الاستخبارات الباكستانية أن سلاح الجو الهندي كان قد بدأ في التخطيط لهجوم على المنشآت النووية الباكستانية، وأجرت الهند خطة مفصّلة حول تنفيذ هجوم مشابه لهجوم أوزيراك ضد باكستان في كلية الحرب الهندية.
وأضاف أن سلاح الجو الهندي نفذ سلسلة من التمارين المتعلقة بهذا التخطيط، بعضها باستخدام طائرات جاكوار المتطورة، وفي غضون ذلك قدمت إسرائيل اقتراحا جديدا يحقّق أهداف نيودلهي.
ووفقا لتلك الخطة كانت الطائرات الإسرائيلية ستقلع من قاعدة تابعة لسلاح الجو الهندي في جامناجار بولاية كجرات، وتعيد التزود بالوقود في مطار فرعي في شمال الهند، وفي المرحلة الأخيرة ستتبع الطائرات مسار جبال الهيمالايا لتجنب اكتشاف الرادار المبكر قبل دخولها المجال الجوي الباكستاني.
وذكر خان أن رئيسة الوزراء الهندية آنذاك أنديرا غاندي وافقت على العملية، لكن الحكومة الأميركية بقيادة الرئيس رونالد ريغان حذرت الهند وإسرائيل من المضي قدما، ولكن يبدو أن سلاح الجو الإسرائيلي تجاهل تلك التحذيرات واقترب بالفعل من الحدود الباكستانية، على أن سلاح الجو الباكستاني كان يقظا ومستعدا لهذا الهجوم المرتقب وأجبر "السرب 11" الباكستاني الطائرات الإسرائيلية على التراجع.
إسرائيل اقترحت مرارا تنفيذ ضربة مشتركة ضد المنشآت النووية الباكستانية (هيئة الطاقة الذرية الباكستانية)وفي منشور على موقعه الإلكتروني عام 2016، فيما تنقله عنه صحيفة "تايم أوف إسرائيل"، أبدى المحلل الإستراتيجي الهندي بهارات كارناد تأكيدا على صحة معلومات خان، وكتب أن خطة الهجوم على كاهوتا عام 1982 تضمَّنت استخدام مقاتلات إسرائيلية من طراز "إف-16" محملة بالقنابل، مع طائرات "إف-15" لتوفير الحماية الجوية للطائرات الهجومية.
وأضاف أن "المعلومات عن العملية جاءت من اللواء الإسرائيلي المتقاعد أهارون ياريف الذي أخبره أن رئيسة وزراء الهند وقتها أنديرا غاندي وافقت لأول مرة على ضربة إسرائيلية ضد مجمع تخصيب اليورانيوم الباكستاني في كاهوتا عام 1982 بمساعدة هندية، لكنها ألغت الهجوم قبيل تنفيذه".
ورغم ذلك، تشير تقارير متداولة في لندن منذ عام 1987 إلى أن إسرائيل اقترحت مرارا تنفيذ ضربة مشتركة ضد المنشآت النووية الباكستانية، ففي منتصف الثمانينيات دار في الغرف المغلقة أن إسرائيل حاولت 3 مرات إثارة اهتمام الهند بهجوم مشترك على موقع كاهوتا النووي في شمال شرق باكستان بالقرب من الحدود مع الهند.
وفي إحدى المناسبات في يوليو/تموز 1985، أجرى المسؤولون الإسرائيليون محادثات حول هذا الملف في باريس مع مبعوث شخصي لرئيس الوزراء الهندي آنذاك راجيف غاندي.
وتشير التقارير إلى أن إسرائيل تلقّت صورا فضائية مفصلة للموقع ومعلومات استخباراتية أميركية سرية أخرى تتعلق بالعمليات هناك عبر جاسوسها جوناثان جاي بولارد، وهو محلل دفاعي أميركي عمل لصالح إسرائيل، كشفته المخابرات الأميركية وألقي السجن طوال 30 عاما.
ولكن أخيرا، وفي عام 1988، أعلنت الهند بقيادة راجيف غاندي وباكستان بقيادة بينظير بوتو عن اتفاق يحظر الهجمات على المنشآت النووية لكل منهما، ومنذ ذلك الحين، تتبادل الدولتان كل عام في الأول من يناير/كانون الثاني قوائم منشآتهما النووية في إطار التزامهما باتفاقية حظر الهجوم على المنشآت والمرافق النووية.
التجارب النووية العلنيةلكن، لم يمنع هذا الاتفاق من الاستفزازات المتبادلة، ففي يومي 13 و14 مايو/أيار 1998 أعلنت الهند عن إجراء تجربة نووية ناجحة، الأمر الذي سبب ضغطا شعبيا هائلا على رئيس الوزراء الباكستاني حينئذ نواز شريف، حتى إن زعيمة المعارضة بينظير بوتو قامت برمي أساورها الذهبية في تجمع عام، للسخرية والغضب من رئيس الوزراء الذي لم يُبدِ ردة فعل على التجربة النووية الهندية.
وأخيرا في 28 مايو/أيار 1998م أجرت باكستان في "يوم التفوق" أول اختبار في تاريخها للأسلحة النووية في جبال تشاغاي في منطقة بلوشستان.
وكان التأخر في الرد الباكستاني لأسبوعين تقريبا، بسبب المخاوف التي أعرب عنها المسؤولون الباكستانيون بشأن هجوم إسرائيلي محتمل على منشآتها النووية لمنع ظهور "قنبلة نووية إسلامية"، وقد تضمّن ذلك حديثا عن رصد طائرات "إف-16" إسرائيلية في الأجواء الباكستانية قبل الاختبارات النووية.
وحينها التقى سفير باكستان لدى الأمم المتحدة حينذاك أحمد كمال بالأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، وأيضا تواصلت باكستان مع إدارة الرئيس الأميركي وقتها بيل كلينتون لنقل مخاوفها بشأن احتمال شن هجوم إسرائيلي.
تلك هي قصة المشروع 706 الباكستاني لإنشاء أول قنبلة نووية لدولة مسلمة، وقد أبدت باكستان في سبيل هذا المشروع يقظة كبيرة على المستويين الاستخباري والعسكري، ومن قبل ذلك عزم بعض رؤساء الوزراء مثل ذو الفقار بوتو على تحقيق الأمر بكل السُّبل الممكنة، الأمر الذي كلّل المشروع بالنجاح بعد عقود من المحاولات.