جريدة زمان التركية:
2025-02-05@09:32:19 GMT

الرباط الإنساني

تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT

بقلم: دانيال حنفي

القاهرة (زمان التركية)- أعجبني كثيرًا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر من هذا العام، والتي كانت كلمة قوية واضحة الموقف والألفاظ وواضحة الدلالات. أعجبتني لأنها كانت شجاعة الاتهامات وظاهرة الضمير فيما يتعلق بالعدوان الظالم المدمر على غزة وعلى أهلها، ولم تتوار ولم تخجل من أحد على الإطلاق.

فهناك كلام لا بد وأن يقال، ولو ذرًّا للرماد في العيون. هناك كلام لا بد وأن يقال ولو بدأ سبًّا وشتمّا ولعنًا في حق شخصيات تجاوزت كل الحدود والقوانين والدساتير والنظم الوطنية والإقليمية والدولية في طريقها الى تنفيذ مخططاتها المستفزة المجافية لروح العدالة، والمنكرة لروح القانون وروح الإنسانية، والمنكرة لسلامة الضمير وأهمية احترام الرباط الانساني بين مختلف الشعوب والدول. من المهم بمكان -بالنسبة الى جميع الدول- أن ترفع صوتها بإدانة الهمجية والوحشية المختبئتين وراء قناع الدفاع عن النفس، على الأقل لتأنى بنفسها عن مواقع الشبهة الآن، ولتدفع عن نفسها مخاطر الوقوع في مثل هذا الموقف الضعيف يوما ما. فالأيام دوال ولا يحسبن أحد أنه بمنأى عن كل الشرور، ولو كان بعيدًا محاطًا بالحبال والبحار ومحصنا بالمسافات المرهقة التكلفة والجهد. فعندما تدق طبول المواجهات، تصبح المسافات أقصر كثيرًا وتصبح الرؤية أوضح كثيرًا، كما رأينا في سالف الأزمان وفي حديث الأزمان.

من المهم أن يأخذ المرء – متى كان مسؤولًا- كل المساحات المتاحة أمامه عندما يحين الوقت اللازم لمثل هذا التصرف، ليحقق هدفًا وطنيا قد لا يمكن تحقيقه الا عبر استخدام كل تلك المساحات التي قد يخشى الكثيرون أن يطأؤها وهي لهم في كل وقت، ولكنهم يؤثرون السلامة. وليست السلامة في أيثار النفس، ولكن في ايثار الغير على النفس وفى ايثار المصلحة الوطنية على المصلحة الخاصة وفي إيثار الأقدام والشجاعة على طمأنينة السكوت والرضوخ غير المبررين. كل عمل شجاع هو عمل أولى بالإنسان وأجدر وأحب إلى الكل من النكوص والتراجع والقعود. إن طمأنينة السكوت وهم، لأن الأمان الحقيقي يكمن في التقدم الواثق بالحق نحو الحق وبالقدر الحق. لا زيادة ولا نقصان ولا جنوح الى التشدد في غير محله، ولكن لكل شيء قدر.

Tags: اردوغانكلمة اردوغان

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: اردوغان كلمة اردوغان

إقرأ أيضاً:

مؤمن الجندي يكتب: جراحة دقيقة

في لحظة ما، يجد الإنسان نفسه على حافة مفترق طرق، بين درب العاطفة الحار المتقد، ودرب المصلحة الباردة الحاسبة.. حين تتعارض الفائدة العقلانية مع المشاعر الجياشة، يصبح القرار أشبه بجراحة دقيقة لا مجال فيها لخطأ، لأن كل ميلان نحو أحد الطرفين قد يُحدث جرحًا لا يندمل في الروح أو في الواقع.

مؤمن الجندي يكتب: رقصة الممكن والمستحيل مؤمن الجندي يكتب: بين العرق والذهب وصمت الكادحين مؤمن الجندي يكتب: أزرار السوشيالجية مؤمن الجندي يكتب: الحقونا

الإنسان بطبعه كائن عاطفي، تتحرك دواخله بدوافع الحب، الولاء، الخوف، والتعاطف.. لكنه، في ذات الوقت، يسير في عالم لا يعترف بالقلوب وحدها، بل يضع المعايير والمصالح فوق كل اعتبار.. هنا، تتجلى المعضلة الكبرى أيهما أقوى؟ صوت القلب أم صوت المنطق؟ ومن يربح عندما يحتدم الصراع بينهما؟

المسؤول، أيًا كان موقعه، يواجه هذه المعادلة كل يوم.. فهو ليس مجرد إنسان يتأثر بالمشاعر، بل قائد يجب أن يحكم الميزان بين العاطفة والضرورة، بين ما يريده الناس وما تحتاجه الحقيقة.. قراراته ليست شخصية، بل ذات تبعات تطال الكثيرين! وحين يأتي القرار مخالفًا للعاطفة العامة، يصبح سيف النقد مسلطًا عليه، وهنا يكون الامتحان الأصعب كيف يواجه العاصفة دون أن تهتز يده؟

ومن وجهة نظري، أرى مجلس إدارة الأهلي في مأزق معقد منذ فترة، بين منطق المصلحة ونداء العاطفة في مسألة الاستغناء عن التونسي علي معلول.. فمن ناحية، يفرض الواقع الرياضي والاقتصادي ضرورة توجيه الشكر له بعد سنوات من العطاء، لكن على الجانب الآخر، يقف التاريخ شاهدًا على ما قدمه معلول للقلعة الحمراء، لاعبًا استثنائيًا صنع الفارق في لحظات حاسمة، وبينما يرى القرار الإداري أن التجديد سنة الحياة، ينبض الشارع الأهلاوي برغبة الإبقاء عليه، وفاءً لمسيرته وتقديرًا لما قدمه. وهكذا، يتحول القرار من مجرد خطوة رياضية إلى اختبار لقدرة الإدارة على الموازنة بين ما تفرضه المصلحة وما يطالب به الجمهور، في معادلة شديدة التعقيد لا تخلو من العاطفة والتحدي.

على صخرة العقل

الجماهير عاطفية بطبيعتها.. تحكم من قلبها، تنفعل بسرعة، وترى الأمور من زاويتها الخاصة! قد ترى في القرار ظلمًا، غدرًا، أو خيانة، دون أن تدرك الأبعاد الأوسع.. فكيف يتحكم صاحب القرار في نفسه عندما يعرف أن حكمه، رغم صوابه، سيجلب عليه سخط الناس؟

القائد الناجح ليس من ينحني أمام العاصفة، بل من يثبت على صخرة العقل، حتى وإن علا هدير الجماهير.. فهو يعلم أن الزمن كفيل بكشف الحقائق، وأن من يهاجمونه اليوم قد يحيونه غدًا على حكمته.

لكن المعركة الأصعب ليست مع الجماهير، بل مع النفس.. فحتى المسؤول القوي يملك قلبًا يخفق، وروحًا تميل للتعاطف! أن تنتصر على العاطفة لا يعني أن تقتلها، بل أن تهذبها، أن تجعلها تابعة للحكمة لا قائدة لها.

في النهاية، إنها معادلة دقيقة، فحين يسود العقل وحده، يصبح القرار بلا روح، وحين تحكم العاطفة وحدها، يصبح القرار بلا منطق! الفوز الحقيقي هو تحقيق التوازن، حيث لا تُطغى الرحمة على العدل، ولا يقتل المنطق الإحساس.. القرار الأثقل هو القرار الذي يحمل العاطفة في قلبه، لكنه لا ينحني لها.

للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا

مقالات مشابهة

  • إيران رداً ترامب: نتحرك وفق المصلحة والحكمة
  • متى يكون ‫التحدث مع النفس مرضيّا؟
  • “الدموية في نظام بشار الأسد: قراءة في ضوء علم النفس السياسي”
  • بدء مقرأة كبار القراء برواية «البزي عن ابن كثير» في مسجد الحسين
  • استاذ شريعة يوضح فضل العبادة في شهر شعبان وتأثيرها على النفس
  • رونالدو يتحدث عن مبابي.. أحبه كثير ولو كنت في الريال لساعدته
  • الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب السودان
  • مؤمن الجندي يكتب: جراحة دقيقة
  • شبانة : صفقة بن شرقي أرضت جماهير الأهلي كثيرًا
  • جمعة: شُعَب الإيمان مدخل دقيق لفهم النفس الإنسانية