سودانايل:
2025-04-01@06:55:07 GMT

ظاهرة استخدام المليشيات القبلية في السودان !

تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT

مناظير الأحد 13 اكتوبر، 2024
زهير السراج

manazzeer@yahoo.com

* تعود ظاهرة استخدام المليشيات القبلية في (التاريخ السوداني الحديث) لاداء مهام عسكرية لاسماعيل كامل باشا ابن خديوى مصر محمد على باشا وقائد جيشه لفتح السودان فى عام 1821م!

* كانت القبيلة الوحيدة التى تصدت لمقاومة الجيش الفاتح في بداية دخوله الى البلاد قبيلة (الشايقية)، بينما فضلت بقية القبائل النأى عن المقاومة، مما ادى لاعجاب اسماعيل باشا بشجاعة وقوة ومهارة فرسان (الشايقية) فاستوعبهم فى جيشه، ثم صاروا رأس الرمح فى معاركه، وإليهم يرجع الفضل في حماية الاترك عندما ثار عليهم الجعليون وحلفاؤهم واحرقوا اسماعيل وقادته أثناء نومهم بسبب سياساتهم التعسفية، وظل الشايقية على ولائهم للاتراك طيلة وجودهم فى السودان، وصارت لهم اليد الطولى فى جباية الضرائب وتصريف الامور الادارية البسيطة، بالاضافة الى المهام العسكرية التى كانوا يقومون بها كفيلق مستقل فى الجيش التركى، اشتهر بالقسوة والغلظة الشديدة خاصة فى حروب الرق بجنوب السودان وإرسال الأسرى إلى مصر لاستخدامهم كجند فى الجيش المصرى او بيعهم كرقيق.



* وشكلت قبائل (البقارة) القوة الضاربة فى جيش الامام (محمد احمد المهدى) ضد الحكم التركي المصري في الفترة بين 1881 – 1885 والذي تكون من ثلاثة عناصر: اولا، الريفيون البسطاء الذى استجابوا لدعوته الدينية وكان جلهم ينتمى الى الحركات الصوفية، وانتمى المهدى نفسه للطائفة الصوفية السمانية قبل ان يتخلى عنها ويعتنق الفكر الاسلامى الأزهرى الذى أدخله الاتراك والمصريون الى السودان، وانبثق منه الفكر السلفى فيما بعد، ثانيا، تجار الرقيق الذين حاربهم خديوى مصر اسماعيل باشا (ليس إسماعيل باشا إبن محمد على باشا) أثناء فترة حكمه فى ستينيات وسبعينيات القرن التاسع عشر وحدَّ كثيرا من نشاطهم التجارى، وثالثا، (البقارة) الذين ارهقتهم الضرائب الباهظة للحكم التركى، وكانوا مقاتلين شرسين يجيدون لعبة الحرب لحماية ابقارهم ونهب أبقارغيرهم، فانضموا للمهدى وشكلوا رأس الرمح فى (جيش الانصار) الذى حارب الوجود الأجنبى، ولكن تغير الامر بعد وفاة (المهدى) حيث استخدمهم الخليفة عبدالله التعايشى (1885 - 1898 ) لقمع خصومه وإخضاع القبائل الأخرى لسلطته.

* كانت تلك بداية استخدام المليشيات القبلية فى المعارك الحربية في التاريخ السوداني الحديث، وكانت السابقة الأولى بعد استقلال السودان (عام 1956 ) تسليح نظام الفريق (ابراهيم عبود) الذي انقلب على الحكم الديمقراطي في عام 1958 لسلاطين قبيلة (النوير) في مراكز الناصر وأكولو وفنجاك بانتيو، وقبيلة المورلي في البيبور وقبيلة (الدينكا) في مركز بور وقبيلة (الشلك) في مركز كدوك، للدفاع عن انفسهم وماشيتهم ضد المتمردين الجنوبيين، ولكنها كانت تجربة محدودة.

* بين عامى 1986 و1986استخدم الصادق المهدى رئيس الوزراء في الفترة الديمقراطية الثالثة، ومن بعده نظام الانقاذ (حكم الجبهة الاسلامية القومية) الذي استولى على الحكم بانقلاب عسكري في يونيو 1989 قوات المراحيل (قببيلة المسيرية وبعض القبائل الأخرى) للقتال بجانب الجيش الحكومى ضد جيش الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق!

* كما استخدم نظام الانقاذ بين عامى 2003 و 2004 والأعوام التى تلتهما عناصر من قبائل (المحاميد، الرزيقات ..إلخ) فى دارفور بقيادة (موسى هلال) عُرفت باسم (الجنجويد) ولاحقا (حرس الحدود)، للقتال ضد الحركات الدارفورية المسلحة التى تكونت من قبائل (الزغاوة والفور والمساليت)، ثم انتقلت القيادة ل(حميدتى) وتغير اسم المليشيا التي يقودها ل(قوات الدعم السريع) لقتال المتمردين فى دارفور وجنوب كردفان ومكافحة الهجرة غير الشرعية لاوروبا عبر الحدود السودانية الليبية، وصار لحميدتي الذى منحه الرئيس المخلوع رتبة (اللواء) وأطلق عليه لقب (حمايتي)، كلمة نافذة ابان العهد البائد، وكانت تلك القوات هى التى قمعت مظاهرات سبتمبر (2013 ) الجماهيرية الاحتجاجية بعنف دموى شديد أسفر عن مقتل مئات الشهداء وجرح الالاف، كما شاركت مع الجيش وكتائب الأخوان المسلمين في فض اعتصام القيادة العامة وقتل وجرح آلاف المعتصمين المدنيين العُزَّل في يونيو 2019 ، وهى التي تقاتل الآن (بدايةً من 15 ابريل 2023 ) ضد الجيش ومليشيات الحركة الاسلامية ومليشيات الحركات العسكرية الدارفورية التي يتكون جلها من عناصر قبلية !

* قد تكون المليشيات القبلية وسيلة ناجعة لتنفيذ بعض المهام العسكرية، غير ان مشكلتها الكبيرة تكمن فى الملل بسبب طبيعتها الرعوية التي تتطلب الانتقال من مكان لآخر جريا وراء الكلأ والماء، وانعدام الانضباط العسكري وعدم تقيدها بالنظم والقوانين، فضلا عن طلباتها المستمرة مما يجعلها سلاحا ذا حدين إذا لم تُسمع كلمتها ويُستجاب لطلباتها، وقد تتحول الى شوكة حادة في خاصرة من يستخدمها إذا لم يحقق لها ما تريد، ولقد تمرد قائدها السابق (موسى هلال) على النظام البائد في عام 2015 ، بينما انقلب (حميدتي) على الحكم المدني بالاشتراك مع قائد الجيش في اكتوبر 2021 قبل ان يحترب الاثنان على السلطة والنفوذ في ابريل 2023 !  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني ومفترق الطرق

بعد إعلان القوات المسلحة السودانية عن تحرير عاصمة البلاد يتساءل الجميع عن الخيارات التي سوف يلجأ إليها الجيش علي المستويين العسكري والسياسي ، وما تأثير هذه الخيارات علي مستقبل السودان وقدرته علي مواجهة التحديات الوجودية الماِثلة .

أمامنا مجموعة من الرسائل الصادرة عن الفريق عبد الفتاح البرهان وزير الدفاع ورئيس أركانه ياسر العطا وأيضا وزير الخارجية علي يوسف، كذلك لدينا معطيات علي الأرض مطلوب التعامل معها فضلا عن طبيعة التوجهات الدولية إزاء السودان والتي صدرت بعد تحقيق الجيش لانتصارات فارقة علي الأرض جعلت قوات الدعم السريع تنسحب نحو حواضنها الاجتماعية التقليدية في غرب البلاد .

علي المستوى العسكري سيكون أول الخيارات المطروحة علي الجيش في هذه المرحلة هي الاستمرار في العمليات العسكرية والتوجه نحو دارفور تحت مظلة خطاب سياسي وإعلامي يتبني فكرة تحرير كامل التراب الوطني السوداني وهو خيار عبر عنه الفريق عبد الفتاح البرهان. الآلية المستخدمة سوف تكون سلاح الطيران عبر الغارات الجوية يقوم بها الجيش علي دارفور بالتوازي مع عملياته لتحرير الخرطوم. ومن المتوقع أن تستمر هذه الآلية نظرا للعجز الذي يعانيه الجيش في سلاح المشاة من ناحية، وإعتماده خلال فترة حكم البشير علي وكلاء دارفوريين يتحالفون معه من ناحية أخري، بما يوسع من إمكانية الصراعات العسكرية في دارفور علي أسس قبلية وعرقية، حيث تكون مهددة في هذه الحالة لدولة تشاد المجاورة.

الإنعكاسات السياسية المتوقعة لعسكرة السلطة السودانية هي هندسة التفاعلات الداخلية في إطار أن البلاد في حالة حرب وهو مايتيح سيطرة للجيش علي السلطة، لفترة زمنية تمتد لـ ٣٩ شهرا كما تم الإعلان عنها في الوثيقة التي تم تعديلها من جانب الجيش مؤخرا وتعود بجذروها إلى عام ٢٠١٩ حين كان شركاء الجيش هم القوى الثائرة على نظام البشير والمعروفة في هذا التوقيت بتحالف قوي الحرية والتغيير .

هذه الإجراءات سوف تتيح للجيش تكوين حكومة موالاة من التكنوقراط ، صلاحياتها التنفيذية من المنتظر أن تنحسر في الإطارين الأمني والخدمي للمواطنيين، وسيكون متاحا في هذه الحالة الإعتماد علي كوادر الجبهة القومية الإسلامية من الوجوه غير المحسوبة علي نظام البشير ولم تكن فاعلة فيه، وربما يتم الإستعانة في هذا السياق بوجوه من مجموعة الـ 52 من الذين تحركوا ضد نظام البشير في مراحله الأخيرة وحذروه عبر بيانات منشورة من الإستمرار في الحكم في إطار الاحتقانات السياسية التي برزت ضده بعد عام ٢٠١٣ .

هذه الحالة مرجحة في تقديري وستكون مبررة بطبيعة التحديات الأمنية التي تواجهها البلاد وهي التحديات غير المرتبطة بالدعم السريع فقط، ولكن أيضا بحالة التشظي العسكري الفصائلي والجهوي، وحالة التشظي في النسيج الاجتماعي السوداني والتي عمقتها هذه الحرب.

التداعيات المرجحة لهذا الخيار علي إقليم دارفور هي إستمرار الصراعات المسلحة في كل من دارفور ومناطق من ولاية كردفان، بما يتيح فرصا إضافية لعبد العزيز الحلو في التوسع، وهو أمر سوف يجُب الخلافات الراهنة بين قادة حركته بجبال النوبة.

هذا الخيار سوف يفتح الباب لقلائل في شرق السودان حيث سوف يحرك الدعم السريع حلفاءه هناك، كما سيتيح فرصا لميليشات من جنوب السودان بعيدة عن سيطرة سلفا كير للتدخل في صراعات دارفور وكردفان علي النحو الذي أشار إاليه وحذر منه رئيس أركان الجيش السوداني ياسر العطا. وربما الأخطر من ذلك كله هو السعي لإستثمار التناقضات الناتجة عن التحالف بين الجيش وفصائل مدنية متحالفة معه.

هذا المسار من التطورات سوف يفتح الباب أمام تدخلات المجتمع الدولي والتي سوف تتبلور في تحركات كل من لندن وواشنطن بالتحديد، وهي قد برزت مؤخرا بترتيب مؤتمر للمساعدات الإنسانية في لندن دون دعوة ممثلي الحكومة السودانية الحالية، وكذلك البيان الصادر عن الخارجية الأمريكية والداعي إلى إلقاء السلاح، وعدم وجود حل عسكري للصراع السوداني.

تحركات المجتمع الدولي سوف تعمل تحت مظلة الوضع الإنساني المتردي في السودان، وتدعو الي إنهاء معاناة المدنيين عبر تفاوض ربما يفضي الي حكم ذاتي لدارفور ومناطق من كردفان، أو علاقة فيدرالية بالمركز علي النمط الذي هندسه الغربيون في الصومال مثلا، هذا التوجه من جانب كل من لندن وواشنطن والذي من المتوقع أن يبلور تحالفا دوليا لدعمه، سوف يجد مؤازرة من جانب أطراف سياسية سودانية، والتي تعبر عن هذا التوجه في أدبياتها الإعلامية علي وسائل التواصل الاجتماعي، كما عبر عنه وزير الخارجية السوداني علي يوسف بأن التفاوض مع الدعم السريع لن يكون الا بعد إنتهاء الحرب.

الخيار الثاني أمام الجيش السوداني هو خيار المصالحة الوطنية الشاملة والوقوف علي مسافة واحدة من كل الأطراف السياسية السودانية، وهو خيار يعني الابتعاد عن السلطة مع وجود فرصة للقوات المسلحة السودانية لبلورة توافقات مع المكون المدني بشأن طبيعة دورها في المرحلة الانتقالية للحفاظ على أمن البلاد وإستقرارها، وهو الخيار الأكثر صعوبة في التنفيذ، حيث سيكون علي الجيش التدخل لإنهاء حالة الاستقطاب السياسي الراهنة، ومواجهة التحديات المرتبطة بشركائه وحلفائه في تحقيق الإنتصارات العسكرية من الفصائل المسلحة، والذين يرون في سيطرة الجيش علي الحكم وتولي الفريق البرهان حكم البلاد في الفترة الإنتقالية هو الضمانة الحقيقية لتحقيق أمنهم واستمرارهم السياسي، حيث تقدموا قبل شهرين تقريبا بوثيقة للفريق البرهان تتضمن معظم التعديلات التي جرت على الوثيقة الدستورية الأم الموقعة في أغسطس 2019.

على المستوى المصري خيار المصالحة الوطنية الشاملة في السودان هو الخيار الذي يلبي متطلبات ومصالح الأمن القومي المصري على المستوى الاستراتيجي في تقديري، وإذا انخرطت القاهرة في دعمه وتنشيطه سوف تضمن الآتي:

دورا في دعم الجيش السوداني بلا حساسيات ولا عقبات كبيرة والمشاركة في إعادة تكوينه بمعايير قومية سودانية طبقا للنموذج المصري في الاندماج الوطني ووجود الجيش الوطني القومي وهو النموذج الملهِم لشعوب المنطقة.
ضمان وجود واستمرار القوات المسلحة السودانية بمعايير مهنية، تساهم في الحفاظ على استقرار السودان السياسي، عبر عدم التدخل في السلطة، وهو الشرط الملبي لطبيعة المعطيات السياسية والاجتماعية السودانية المغايرة للمعطيات المصرية.
تقليص فرص الصعود السياسي للإخوان المسلمين، وحزب المؤتمر الوطني السوداني حيث سيكونون أحد المكونات السياسية علي الصعيد المتوسط، ولن يتمتعوا بكونهم القوى الحاكمة والقائدة، وهو الثمن الذي يتوقعونه لمشاركتهم في الحرب السودانية ضد الدعم السريع.
تغيير الصورة التي يتم ترويجها علي نحو سلبي من المنافسيين الإقليميين بأن مصر معادية للحكم المدني في السودان، وضمان صياغة علاقات جديدة مع غالبية التيار المدني من قوى سياسية ومجتمع مدني ونخب مستقلة، وبالتالي سيكون دورها وازنا في عمليات إعادة الإعمار وذلك بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية.
استثمار أولا الاحتضان المصري لنازحي الحرب السودانية والذي يتمتع بالإيجابية في مجمله علي الصعيدين الرسمي والشعبي، واستثمار ثانيا الخبرة الكبيرة للمكون المدني السوداني التي تكونت خلال السنوات التالية للثورة بشأن ضرورة الانحياز لفكرة تصفير المشكلات مع مصر للمضي قدما في تنمية وتقدم السودان، وإستثمار ثالثا التواصل المصري مع القوى السياسية السودانية والذي تم في صيف ٢٠٢٤ بمؤتمر ضم كل الأطراف السياسية السودانية.
توفير مناخ إيجابي من التفاهم بشأن حل المشكلات الحدودية بين مصر والسودان، والحفاظ على أمن البحر الأحمر، والتعاون في أطر حوض النيل على نحو يضمن توافق القوي السياسية السودانية إلى حد معقول بشأن بلورة وهندسة عملية توازن للمصالح بين مصر والسودان تضمن شراكة متوازنة .
بالتأكيد المجهود المصري في دعم هذا التصور الإستراتيجي للعلاقات المصرية السودانية لن يكون سهلا، ويحتاج إلى مجهود كبير وإعتماد آليات متنوعة بعضها جديد، وسوف يجد أطرافا مصرية غير داعمة له منطلقة من حالة القوى السياسية السودانية من حيث الانقسام، وإنتهازية وأنانية قطاع منها ، ولكني أظن أن الانخراط المصري في عمليات شاملة من بناء الثقة مع المكون المدني، والتبشير بالمصالحة الوطنية كطريق لرتق النسيج الاجتماعي السوداني، من شأنها أن تحجم الإنتهازيين وداعميهم من المنافسين الإقليميين، وتساهم في دور لمصر يليق بها وبشعبها.

مصر 360  

مقالات مشابهة

  • كهرباء السودان تحذر من ظاهرة خطيرة وترسل إنذار أخير
  • السودان بعد استعادة الخرطوم.. تحديات استقرار البلاد وسط استمرار التوترات والفصائل المسلحة
  • فصول من كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى».. (4) عملية السويس وتفاصيل العبور الذى كاد يودى بحياة بنتنياهو
  • وعدت يا "عيد"
  • من هي الجهة التي وجهت بقطع تغذية الجيش وعرقلة صرف مرتباتهم.؟
  • بعض الأسئلة التي تخص قادة الجيش
  • الجيش السوداني ومفترق الطرق
  • نصر السودان هو نفسه ظاهرة عظيمة، شيء سيكتب عنه التاريخ كلحظة مجيدة
  • لو صدر ضدك حكم غيابى.. إجراءات عمل معارضة على الحكم
  • السيف والنار لسلاطين باشا: الخليفة عن قرب، أو: في ذكر ما أخفته الروايات الرسمية (1-3)