سودانايل:
2024-10-13@12:18:02 GMT

عودة إلى إشكاليات رواية المقريزي للبقط 4

تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT

د. أحمد الياس حسين

ahmed.elyas@gmail.com

الأوضاع في صعيد مصر عند الفتح الإسلامي

نظراً لعدم توفر معلومات عن حملة عبد الله بن سعد على النوبة ووصوله مدينة دنقلة، ولكي نتمكن من التعرف على تلك الحملة بصورة أكثر وضوحا أرى أن الإجابة على سؤالين مهمين تساعد على إلقاء بعض الضوء عليها.

السؤال الأول: كيف كانت الأوضاع في صعيد مصر عندما بدأت غزوات المسلمين المبكرة على منطقة أسوان؟
والسؤال الثاني: يتعلق بالطريق المفترض الذي سلكته حملة عبد الله بن سعد من صعيد مصر حتى وصلت دنقلة
*********
تعرفنا في الموضوع السابق على وجود البليميين كعنصر فاعل ومشاركتهم البيزنطيين السلطة في منطقة ما بين الأقصر وأسوان في صعيد مصر.

ونتابع هنا التعرف على أوضاع الصعيد. فإلى جانب البليميين ذكرت المصادر العربية عدداً من الأجناس عند دخول المسلمين مصر.

كان سكان مصر إبان الفتح الإسلامي خليط من الأجناس، كما عبر المقريزي (ت 845 هـ/ 1445 م):
"أعلم أن أرض مصر لما دخلها المسلمون كانت بأجمعها مشحونة بالنصارى، وهم على جنسين متباينين في أجناسهم وعقائدهم. أحدهما أهل الدولة وكلهم الروم ... وديانتهم بأجمعهم ديانة الملكية. والقسم الآخر عامة أهل مصر، ويقال لهم القبط، وأنسابهم مختلفة، لا يكاد يتميز منهم القبطي، من الحبشي، من النوبي، من الإسرائيلي الأصل، من عيره، وكلهم يعاقبة ... وبينهم وبين الملكية العداوة" (المقريزي، تاريخ الأقباط ص 89)
وتناول الوافدي (ت 207ه/823 م) سكان الصعيد بقوله: "لما فتح عمر بن الخطاب مصر والاسكندرية والبحيرة والوجه البحري كله كان بالصعيد نوبة وبربر وديلم وصقالبة وروم وقبط." فالمصادر العربية بينت بوضوح وجود النوبة في صعيد مصر إلى جانب الأجناس الأخرى.

ويلاحظ أن المقريزي أشار إلى الحبش بين سكان مصر. ومدلول كلمة حبش في المصادر العربية واسع لا يقتصر فقط على بلاد الحبشة (اثيوبيا الحالية) فالمقريزي (المواعظ، الوراق، ج 1 ص 248) ذكر أن البجة "قبيلة من الحبش" ويبدو مقبولاً أن يكون البليميون في صعيد مصر جزء من الحبش الذين ذكرهم المقريزي.

المريــس
ذكرت المصادر العربية أن صعيد مصر كلن يعرف باسم "مريس" فقد ذكر المسعودي أن "أهل مصر يسمون أعالي الصعيد إلى بلاد النوبة" مَرِيس. (ج 2 ص 18 و22) وكان أسم "مريس يطلق على المنطقة وسكانها. فقد أوضح اليعقوبي "ان عجم مصر جميعاً القبط، فمن كان بالصعيد يسمون المريس،" وعن مدينة اسنا، التي تقع على بعد 55 كم جنوب الأقصر، في صعيد مصر ذكر أنه "يقال إن أهلها المريس." (اليعقوبي، كتاب البلدان، ج 2 ص 40 و42) ووردت نفس الاشارات تقريبا عند المقريزي حيث فقال: "كان أهل مصر يسمون من سكن من القبط بالصعيد المريس" وعن مدينة الأقصر ذكر "هذه المدينة من مدائن الصعيد العظيمة، يقال: إنّ أهلها المريس، إنّ أهلها المريس" (المواعظ ج 1 ص161 و254)

ولم يكن إطلاق اسم "مريس" منحصراً فقط على صعيد مصر بل كان ممتدّاً إلى الجنوب من أسوان حتى قرية بستو شمال مدينة دنقلة كما أوضح ذلك ابن سليم (في المقريزي، ج 1 / ص 537) حيث ذكر أن قرية: "بيستو هي آخر قرى مريس، وأوّل بلد مقرة." فإقليم مريس جغرافيّاً وسكانيّاً يمتد من صعيد مصر شمالاً حتى الشلال الثالث جنوباً، وسكان هذا الإقليم من القبط والنوبة يعرفون بالمريس.
فبلاد مريس كانت منقسمة إلى قسمين: القسم الشمالي تحت الادارة البيزنطية يقاسمهم البليميين (البجة) إدارة بعض المناطق ويعيش فيه النوبة مع غيرهم من الأجناس. والقسم الجنوبي من بلاد مريس هو مملكة النوباد التي تمتد حدودها حتى الشلال الثالث
النوباد (Nubatae)
ورد أول ذكر لكلمة Nubae أوNūba (النوبة) في القرن الثالث قبل الميلاد حيث ذكره إراتوستين Eratosthene (276-196ق م) الذي كان أمينا لمكتبة الإسكندرية، وعنه نقل سترابو (63 ق م– 24م) ذكر أن Nūba النوبة يسكنون الضفة اليسرى من النيل، وأوضح أنهم قبيلة كبيرة تمتد من مروي جنوباً (مروي القدية شمال مدينة شندي) وحتى انحناءة النيل شمالاً. وأنهم ليسوا تحت حكم المرويين بل ينقسمون إلى ممالك مستقلة متعددة.
وقد تمكن إراتوستين – بحكم عمله – من الاطلاع على المؤلفات السابقة له والتي كتبت عن مروي والمناطق الواقعة جنوبي مصر مثل كتابات داليون وسيمونيد الذي يقال انه زار مروي ومكث فيها عدة سنوات. لذلك يمكن اعتبار أن ما كتبه إراتوستين عن الأوضاع في السودان راجعاً إلى ما قبل القرن الثالث ق.م. وقد وصلت إلينا كتاباته عبر ما نقل عنها كما فعل سترابو. ولذا يمكن اعتبار وجود كلمة "نوبة" في منطقة غرب السودان أقدم من القرن الثالث ق م.
ويرى بدج ، كما نقل عنه ماكمايكل ، أن النوباد Nubatae قبيلة بدوية قوية، موطنها الأصلي كردفان ودارفور، وكانوا قد انتشروا شمالاً حتى الواحة الخارجة. وفي القرن الثالث الميلادي استقروا على النيل في أرض مريس في النوبة السفلي جنوب منطقة البليميين. (Michael, vol. 1 p 25) وقد رجح بعض المؤرخين أن يكون النوباد هم نفس سلالة النوبا الذين هجموا على مروي في القرن الرابع قبل الميلاد وأضعفوها. وعند الاشارة إلى النوباد تستخدم الكلمات: Nobades وNubae وNobatae وNoba كمترادفات وصف بها سكان الصحراء الغربية.
ونمت قوة النوباد إلى جانب البليميين وتحالفوا معاً ضد الرومان. فقد ورد في بردية ترجع إلي الربع الثاني من القرن الخامس الميلادي أن أسقف فيلة وجه نداءً للإمبراطور البيزنطي لحماية كنائسه من غارات البليميين والنوباد. فأرسل الامبراطور Marcianus (450-457 م) حملة كبيرة انتصرت على الحليفين ووقعت معهما معاهدة عدم اعتداء لمائة عام، وسمح لهم بمقتضاها زيارة آلهتهم في معبد جزيرة فيلة بجوار أسوان. وانسحب البليميون جنوبا واتخذوا من كلابشة (Talmis) عاصمة لهم، بينما انسحب النوباد إلى الجنوب من البليميين متخذين من إبريم شمال وادي حلفا عاصمة لهم.) مصطفي مسعد ص19 و36 و(Torok, 1989, 404; Mac Michael, vol. 1 p 25
أسس النوباد مملكتهم في القرن السادس الميلادي على يد زعيمهم سلكو واتخذوا مدينة باخورس (فرس) عاصمة. وتوسعت المملكة بعد هزيمة البليميين في الشمال ومنافسيهم في الجنوب، وتلقب سلكو بلقب "ملك النوباد والاثيوبيين (Mac Michael, vol. 1 p 27) وأصبحت حدود مملكته ممتدة من أسوان شمالآ حتى الشلال الثالث جنوبا.
وبدأ دور النوباد المهم في المنطقة منذ منتصف القرن السادس الميلادي حيث بدأت الأوضاع في النوبة السفلى في التغير عندما اعتنق النوباد المسيحية على المذهب اليعقوبي على يد ثيودور أسقف فيلة وأسوان 526 – 581 معام 543 م. (مصطفى مسعد 57 - 63) وتحسنت علاقة النوباد بالبيزنطيين، فقد وعد الامبراطور البيزنطي جستنيان عام 524 م ملك اكسوم بإرسال جنود بليميين ونوباد من صعيد مصر لمساعدته في حروبه ضد مملكة حمير. (Torok, 1987, p 240) ويدل ذلك أيضاً على أن حدود النوباد في صعيد مصر فقد كانت حدودهم السياسية في منطقة أسوان، أما من ناحية السكان فقد امتدت حدودهم شمالاً في أرض مريس في جنوب مصر.

النوبة
بدأ تواصل المسلمين بالنوباد مع بداية فتح مصر في معاهد عمرو بين العاص لأهل مصر. فقد جاء في المعاهدة: "هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر ... ولا يساكنهم النُّوب ... ومن دخل في صلحهم [صلح أهل مصر] من الرّوم والنّوب فله مثل ما لهم، وعليه مثل ما عليهم، ومن أبى واختار الذّهاب فهو آمن حتى يبلغ مأمنه، أو يخرج من سلطاننا ... وعلى النوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا وكذا رأساً، وكذا وكذا فرساً، على ألاّ يغزوا ولا يمنعوا من تجارة صادرة ولا واردة" (الطبري، ج 2 / ص 363)
ويبدو أن الروم والنوبة كان لهم وجود وأثر واضح في مصر لدرجة تضمنهم المعاهدة. الروم المقصود بهم اليونانيين والرومان. فقد بدأ استقرار اليونانيين في مصر منذ غزو الاسكندر المقدوني لمصر عام 332 ق م، ثم خضعت مصر لحكم الأسرة البطلمية اليونانية حتى عام 31 ق م حيث خضعت مصر للإمبراطورية الرومانية ثم للإمبراطورية البيزنطية ذات التوجه اليوناني. وفي هذه الفترة الطويلة، نحو ألف سنة، بين القرن الثالث ق م والقرن السابع الميلادي ظل استيطان اليونانيين والرومان مستمرّاً وهم الذين عرفوا في المصادر العربية باسم الروم.
أما "النوب" فهم النوبة، إذ جاء في لسان العرب: "قال أبو حنيفة: ومريس أدنى بلاد النوب التي تلي أرض أسوان" كما ذكر الجاحظ أن "النوبة هم المريس المجاورون لأرض الإسلام." ويوضح هذا أن "النوبَ" بفتح الباء وبدون تاء في آخر الكلمة كما ضبطها الزبيدي أعلاه هم النوبة. وقد جاءت كلمة النوب مرادفة النوبة في آخر نص صلح أهل مصر.
ويرُدّ هذا بوضوح على ما وقع فيه لين بول من لبس إذ اعتقد أن "النوب" في نص الاتفاق يراد بهم الجنود الرومان. وقد ناقش بتلر ذلك باستفاضة وبين خطأ لين بول الذي رأى أن "نوب" في النص تشير إلى الجنود الرومان. وتوصل بتلر مستنداً إلى أدلة تاريخية أن "النوب" في النص يراد بهم النوبة. لكنه لم يتعرض لما ورد في المصادر العربية من ترادف كلمتي النوب والنوبة. (Butler, p 39 – 43)
ويلاحظ أن صلح أهل مصر تضمن عدداً من البنود تخص النوبة, فقد تضمن الآتي:
أ‌- ولا يساكنهم النوب (لا يساكن النوبة المصريين)
ب‌- من دخل في صلحهم [صلح أهل مصر] من الرّوم والنّوب فله مثل ما لهم، وعليه مثل ما عليهم
ت‌- ومن أبى [الدخول في الصلح] واختار الذّهاب فهو آمن حتى يبلغ مأمنه، أو يخرج من سلطاننا.
ث‌- وعلى النوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا وكذا رأساً، وكذا وكذا فرساً
ج‌- على ألاّ يغزوا ولا يمنعوا من تجارة صادرة ولا واردة.
فما ورد عن النوبة في معاهدة أهل مصر يوضح الوجود النوبي الواضح في مصر. ونحن هنا لسنا بصدد التوقف مع هذه البنود للتعرف على حقيقة ذلك الوجود النوبي والإجابة على الكثير من الأسئلة المتعلقة بهم مثل: هل شارك النوبة البيزنطيين في مفاوضات الصلح مع المسلمين؟ ومن هم النوبة الذين "لا يساكنون أهل مصر؟" ومن هم النوبة الذين إذا دخلوا في الصلح يعينوا المسلمين بالخيل والبقر ويأمنوا طرق التجار ولا يغزوا المسلمين؟ مثل هذه الأسئلة تتطلب دراسة منفصلة وقد تمت الإشارة إليها مع بعض التفضيل في (أحمد الياس 2012 ج 2 ص 157 - 168)
فالمسلمون تعاملوا مع النوباد مبكراً في صلح أهل مصر، وأطلقوا عليهم اسمهم الذي وجدوه في المنطقة والذي أصبح “النوبة” في اللسان العربي. فيكون اسم "النوبة" في المصادر العربية المبكرة راجعاً إلى النوباد الذين دخلوا منطقة النيل قبل أربعة قرون من فتح المسلمين مصر، وانتشروا في المنطقة الواقعة بين الشلال الثالث جنوباً وصعيد مصر شمالاً وأصبحوا يشكلون ثقلاً سكانيّاً واضحاً في جنوب مصر حتى اختلط الأمر على رواة الطبري حيث ذكر: " أنّ المسلمين لما فتحوا مصر غزوا نوبة مصر، فقفل المسلمون بالجراحات" (الطبري: 310ه/932)

ونواصل

المراجـع
- أحمد الياس حسين، السودان: الوعي بالذات وتأصيل الهوية، الخرطوم: مركز بناء الأمة للبحوث والدراسات، 2012.
- اليعقوبي، كتاب البلدان، موقع الوراق
- الزبيدي، لسان العرب، موقع الوراق.
- الطبري، تاريخ الرسل والملوك، موقع الوراق
- مصطفى محمد مسعد، المكتبة السودانية العربية: مجموعة النصوص والوثائق الحاصة بتاريخ السودان في العصور الوسطى، الخرطوم: جامعة الفاهرة بالخرطوم 1973.
- مصطفى محمد مسعد، الإسلام والنوبة في العصور الوسطى: بحث في تاريخ السودان وحضارته حتى أولئل القرن السادس عشر الميلادي، القاهرة: مكتبة الانجلو المصرية، 1961.
- المقريزي، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، تحقيق محمد زينهم ومديحة الشرقاوي، القاهرة: مكتبة مدبولي 1998
- المقريزي، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، موقع الوراق
- المقريزي، تاريخ الأقباط المعروف اثيوبيا الحالية بالقول الإبريزي للعلامة المقريزي، دراسو وتحقيق عبد المجيد عابدين بيروت: دار صادر ب. ت
- الواقدي، فتوح الشام، بيروت: دار الجيل ب. ت.
- Arkell, A.J., A History of the Sudan from the Earliest times to 1821, London: The Athlone Press 1961.
- Butler, Alfred J., 1913, The Treaty of Misr in Tabary an Essay in Historical Criticism, Oxford
- Strabo, Geography Book xvii, Cambridge, 19 17. (online) Mac Michael, H. A., A History of the Arabs in the Sudan. London: Frang Cass & com. Ltd. 1976.
- Torok, L., 1989, “Notes on the Kingdom of the Blymmyes” Studia Aegyptiaca. XII, p 397-412.
- Wacher, John, ed., The Roman World, London: Rutledge, 2002.

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی المصادر العربیة القرن الثالث ق النوبة الذین فی صعید مصر الأوضاع فی النوبة فی فی القرن مثل ما ذکر أن

إقرأ أيضاً:

حرب أكتوبر في رواية أخرى.. ملحمة وطنية جسدتها النساء.. قصص تبلور أسمى معاني التضحية لبطلات مصريات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

هن.. بطلات خلف الجبهة
دائما ما تبهرنا المرأة المصرية وتؤكد أنها تملك قدر عالى من الشجاعة والمثابرة وعلى مر العصور، يبرز دور المرأة في الحروب والصراعات كرمز للقوة والتضحية من أجل الوطن، وخاصة فى اوقات الشدة والحروب، خلال حرب أكتوبر 1973، كانت النساء المصريات في مقدمة الأحداث.

حيث أظهرن شجاعة كبيرة في مختلف المجالات، وكانوا بطلات خلف الجبهة و لم تقتصر مساهمات هؤلاء النساء على الدعم الطبي أو توفير المعلومات العسكرية فقط، بل أثبتن أن الوطنية ليست حكراً على الرجال، بل تشمل النساء أيضا، تبقى شجاعتهن وتضحياتهن محفورة في ذاكرة الوطن.

وتستحق أن تروى للأجيال القادمة كدليل على قدرة المرأة المصرية على مواجهة التحديات والصعوبات وصنع التاريخ والحفاظ على وطنها وقدرتها للدفاع عنه 

ولذلك تسلط «البوابة» الضوء على أبرز النساء، اللاتي لم يترددن في تقديم تضحياتهن من أجل الوطن وتركن بصمة فى تاريخ البلاد.
 
سيدة حسن الكمشوشى.. نموذج مشرف للتضحية والإخلاص فى زمن الحرب

تعتبر واحدة من الأبطال الذين جسدوا معاني التضحية والإخلاص خلال فترة عصيبة من تاريخ مصر، بعد أن أنهت دراستها في التمريض في منوف، تم تعيينها في مستشفى السويس، حيث كانت بداية رحلة إنسانية مميزة.

عندما اندلعت الحرب، لم تتردد  للحظة في قطع إجازتها والعودة إلى الميدان، لتكون بجانب الجرحى والمصابين، وتتولى رعايتهم، ورغم الظروف القاسية التي واجهتها، عملت بلا كلل أو ملل، محاطة بأجواء الحرب وضغوطها، حيث كانت تخدم المصابين حافية القدمين، مما يعكس قوة إرادتها والتزامها بمساعدة الآخرين.

تظهر قصتها  كيف يمكن للفرد أن يحدث فرقا حقيقيا في حياة الآخرين، حيث استمرت في تقديم الرعاية والعناية للجرحى، مانحة لهم الأمل في ظل اليأس، وجسدت تضحياتها الروح الحقيقية للإنسانية، كما انها تعد مثال يحتذى به للأجيال القادمة في قيم التضحية والإيثار.

إصلاح محمد.. قصة عطاء لا حدود لها فى مستشفى السويس الأميرى.
هى ممرضة في مستشفى السويس الأميري، حيث انها تمثل تجسيدا حقيقيا للعطاء والتضحية، وأثبتت أنها ليست مجرد ممرضة، بل بطلة حقيقية في صفوف فرق العمل الطبية.

عملت إصلاح مع فريق من الأطباء والممرضات على مدار 24 ساعة، متفانية في تقديم الرعاية للجرحى والمصابين، وعندما نقصت الإمدادات من الدم، لم تتردد في التبرع بدمائها، مقدمة مثالا نادرا على الإيثار والشجاعة.

وتميزت بقدرتها على مواجهة التحديات، حيث كانت حاضرة في كل لحظة، وكانت تمتلك إرادة قوية ورغبة في إنقاذ الأرواح. فعندما يذكر اسمها نتذكر أن في كل أزمة، هناك دائما أبطال يظهرون ليكونوا صوت الأمل والدعم.

الطبيبة ليلى عبد المولي.. رمز العطاء في مواجهة الأزمات.
تعد ليلى من ابرز الأطباء المتواجدين اثناء الحرب حيث عملت في عدة مستشفيات في القاهرة والإسماعيلية والإسكندرية، مكرسة حياتها وجهودها لإنقاذ حياة الآخرين.

تميزت ليلى بشغفها العميق لمهنتها، حيث كانت تعمل ليل نهار، وتسعى دائما لتقديم أفضل رعاية ممكنة للجرحى، مما يعكس إيمانها القوي بضرورة العمل الجماعي وروح الفريق، كما انها كانت قادرة على تنسيق الجهود مع زملائها، مما ساعد على تحسين مستوى الرعاية المقدمة للمصابين.

تفانيها وإخلاصها في العمل لم يتوقفان عند حدود المستشفى، بل يتجاوزان ذلك إلى تقديم الدعم النفسي والمعنوي للمرضى وعائلاتهم.

 

آمال وحيد.. رمز الشجاعة والتفانى

آمال وحيد، فتاة في السادسة عشرة من عمرها، ومثال للشجاعة والتضحية في أوقات الأزمات، حيث كانت طالبة تمريض في مستشفى الزقازيق، ورغم صغر سنها وقلة خبرتها اختارت أن تتواجد بشكل دائم  لمساعدة الجرحى والمصابين، متجاهلة بذلك كل المخاطر التي تحيط بها.

على مدى ثلاثة أشهر متواصلة، عملت آمال دون انقطاع، حيث كانت تدير الأزمات وتقدم الرعاية للمرضى، رغم الضغوط والتحديات الكبيرة التى واجهتها، أصبحت قصتها مصدر إلهام للكثيرين، ورغم صغر سنها لم تقتصر جهودها على تقديم الرعاية الصحية فقط، بل كانت أيضا مصدر دعم نفسي للجرحى وذويهم، مما أظهر إنسانيتها.

 
السيدة فهمية.. رمز التحدى والإرادة في المخابرات الحربية

تعتبر السيدة فهمية واحدة من أبرز الشخصيات في تاريخ المخابرات الحربية، حيث انها كانت أول امرأة يتم تجنيدها لرصد المواقع الإسرائيلية، وتجسد قصتها مثالا ملهما للتحدي والإرادة القوية، إذ واجهت العديد من العقبات والتحديات لتؤكد على دور المرأة في المجالات العسكرية.

وساهمت بشكل كبير في توفير معلومات حيوية عن مواقع العدو، مما كان له أثر بالغ في نجاح العديد من العمليات العسكرية، وقد أثبتت كفاءتها واحترافها، حيث أصبحت نموذجا يحتذى به لجميع النساء، مما ساهم في تغيير الصورة النمطية حول دور المرأة في القوات المسلحة.

وبرغم الصعوبات التي واجهتها، لم تتخلى عن أداء واجبها، بل كانت مثالا للجرأة والذكاء في جمع المعلومات وتحليلها.


الست فوزية.. بطلة الرسائل المجهولة نموذج للشجاعة والتفانى

برزت فوزية اثناء الحرب كإحدى البطلات اللواتي قدمن نماذج ملهمة من الشجاعة والتفاني، حيث تلقت تدريبا من ضباط المخابرات، وأثبتت جدارتها في مهمة حساسة تمثلت في نقل الرسائل بين الضباط في القاهرة وقيادات سيناء.

وكانت من بين النساء القليلات اللاتي تحملن هذه المسئولية الكبرى، متجاوزة كل المخاطر المحتملة، فقد دفعها حبها العميق لوطنها إلى مواجهة التحديات بشجاعة، حيث اعتبرت كل مهمة تقوم بها واجبا مقدسا.

كما انها تمكنت من التكيف مع الظروف الصعبة، ونجحت في الحفاظ على سرية المعلومات، مما ساهم في تعزيز جهود القوات المسلحة في تلك المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد.

تمثل فوزية مثالا حيا على أن المرأة قادرة على الإسهام الفعال في ميادين النضال الوطني، حيث تتجاوز أدوارها التقليدية لتصبح جزءا أساسيا من العمل الوطني والدفاع عن الوطن .

سهير حافظ.. نموذج للإصرار والتحدى 

تعد سهير حافظ مثالا يحتذى به للإصرار والقوة، حيث تأثرت بشدة بفقدان زوجها الشهيد بعد زواجهما بستة أشهر، لكن بدلا من الاستسلام لليأس، قررت أن تتجاوز ألم الفقد وتستكمل تعليمها، مدركة أن العلم هو سلاحها في مواجهة الصعوبات.

لم تكتف بالتعلم فحسب، بل انخرطت أيضا  في العمل التطوعي مع الهلال الأحمر، ومن خلال هذا الدور، قدمت نموذجا للمرأة التي تتحمل المسؤولية وتواجه المخاطر من أجل خدمة وطنها ومساعدة الآخرين في أوقات الأزمات.

كما انها واجهت العديد من التحديات، لكنها تمكنت من تحويل الألم إلى قوة ، لتأكيد أن العزيمة والإرادة يمكن أن تتغلب على أصعب الظروف.

 
السيدة مريم.. بطلة رصد القوات وتأمين الفدائيين فى سيناء


تبرز السيدة مريم كواحدة من أهم الشخصيات التي لعبت دورا حيويا في رصد حجم القوات الإسرائيلية في سيناء، كانت جهودها الجبارة تجسد التفاني والإخلاص في خدمة الوطن، حيث تم تكليفها بمهمة شاقة تتمثل في تأمين الطرق للفدائيين وتوفير المعلومات الاستراتيجية.

وقد عملت في ظروف صعبة، متجاوزة كل التحديات التي واجهتها، وكان لها دورا كبيرا فى دعم الفدائيين الذين كانوا في خط المواجهة، من خلال تقديم المعلومات الدقيقة عن تحركات العدو، وساهمت ايضا في تمهيد الطريق للنجاحات التي حققتها القوات المسلحة.

تعتبر السيدة مريم مثالا للإرادة الصلبة القوية، حيث أظهرت كيف يمكن للمرأة أن تكون قوة دافعة في وقت الحرب والدفاع عن الوطن. 


السيدة جيهان السادات.. رمز التضامن الوطنى

تعد جيهان السادات إحدى أبرز الشخصيات في تاريخ مصر ، حيث تجسدت فيها قيم التضامن والعطاء الوطني خلال فترة الحرب، تجمعت مع آلاف النساء للقيام بخدمات عامة لدعم أبطال الوطن والمجاهدين، مما عكس روح الوحدة والتعاون بين فئات المجتمع.

وساهمت بشكل فعال في تعزيز الروح الوطنية، من خلال تنظيم حملات إغاثة وتقديم الدعم للمقاتلين وعائلاتهم، لم يقتصر دورها على المساعدة المباشرة فحسب، بل كانت أيضا صوتا يدعو إلى الوحدة والتكاتف بين المواطنين، مما ساعد في رفع معنويات الجميع خلال الأوقات الصعبة.

وكان لها اثر كبير على المجتمع المصري ككل، حيث ألهمت العديد من النساء للانخراط في العمل التطوعي والمشاركة الفعالة في الحياة العامة، وأصبحت رمزا للمرأة القوية التي تسهم في بناء الوطن ودعمه، مما جعلها جزءا لا يتجزأ من تاريخ النضال المصري.


فرحانة البدوية.. شيخة المجاهدين

تعتبر فرحانة البدوية واحدة من أبرز الشخصيات في تاريخ المقاومة الوطنية المصرية، حيث أُطلق عليها لقب «شيخة المجاهدين» تقديرا لدورها البطولي في صفوف المخابرات الحربية، برغم التحديات والصعوبات التي واجهتها، تمكنت فرحانة من تقديم إسهامات بارزة في مسيرة النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي.

من خلال قدرتها الفائقة على رصد تحركات العدو، كانت فرحانة تجوب الصحراء وتقوم بنقل الرسائل الحساسة بين المجاهدين، مما ساهم في توجيه العمليات العسكرية بشكل فعال، شجاعتها وإصرارها على مواصلة الكفاح تحت أصعب الظروف جعلت منها رمزاً من رموز المقاومة، وتركت بصمة لا تنسى في تاريخ مصر.

لقد عاشت فرحانة تجربة مليئة بالمخاطر، ومع ذلك كانت تتمتع بعزيمة قوية وإيمان راسخ بقضيتها. 

 
سيدة مبارك.. تجسيد الروح الوطنية فى خدمة المصابين

تعرف سيدة مبارك بأنها رمزا للتفاني والعطاء، حيث كلفت بمهمة تمريض مصابي الحرب خلال فترة الحرب ،و عملت بلا توقف او راحة لمدة ثلاثة أشهر، مؤكده بذلك رغبتها الحقيقية في تقديم المساعدة للجرحى والمصابين.

ولم يقتصر دورها على التمريض فحسب، بل كانت تسهم في رفع معنويات المصابين، وتقديم الدعم النفسي لهم، مما كان له أثر كبير على حالتهم النفسية.

من خلال جهودها المتواصلة، أثبتت أن المرأة لها دور كبير في مختلف مجالات الحياة، خاصة في أوقات الأزمات.

الست وداد.. أيقونة العطاء فى زمن الحرب

قامت الست وداد باستغلال شبكة علاقاتها الواسعة لجمع التبرعات للجرحى المصريين، حيث إنها كانت تلعب دورًا بارزًا في تقديم المساعدة للمصابين، مما جعلها رمزا للإنسانية والعطاء في أوقات الشدائد.

عبر تنظيم حملات لجمع التبرعات، تمكنت الست وداد من توفير الدعم المادي للمتضررين من الحرب، سواء من خلال تأمين العلاج للجرحى أو تقديم المساعدات للعائلات المتضررة و كانت تشرف بنفسها على توزيع المساعدات، مما عكس التزامها العميق بالقضية الوطنية وحرصها على تحسين أوضاع الآخرين.

بالإضافة الى ذلك، ساهمت في رفع الروح المعنوية للمتضررين، حيث كانت تشجعهم على الصمود في مواجهة التحديات، لقد أظهرت قدرة فائقة على العمل الجماعي وتعبئة الجهود المحلية لدعم أبناء الوطن.

نادية عبد العظيم.. بطلة التطوع في حرب أكتوبر

تعتبر نادية عبد العظيم رمزا من رموز العطاء والإرادة، حيث بدأت مسيرتها التطوعية بعد نكسة 1967، في وقت كانت فيه البلاد تمر بأوقات عصيبة، اختارت أن تكون جزءا من الجهد الوطني، برغم صغر سنها.

وخلال حرب أكتوبر 1973، برزت نادية بشكل كبير، حيث قدمت الرعاية الصحية للمصابين في الجبهات، ولقد أثبتت أن العمل التطوعي لا يتطلب سنا معينا، بل يحتاج إلى شجاعة وإيمان قوي بالقضية، كانت تعمل بلا راحة في المستشفيات الميدانية، وتقدم الدعم النفسي والجسدي للجنود.

واستطاعت  أن تترك أثرا عميقا في قلوب زملائها والمصابين، حيث كانت مصدر قوة وشجاعة  للجميع.

 
الست فاطوم.. رمز الذكاء والتضحية

 برزت الست فاطوم كنموذج يحتذى به في الشجاعة والتضحية فقد تم تكليفها بمهمة حساسة تتعلق برصد آليات العدو الإسرائيلي، وهي مهمة تتطلب دقة وجرأة.

بذكاء وحيلة، استطاعت  استخدام ابنتها كوسيلة للتمويه، مما ساعدها في إتمام مهمتها بنجاح، هذه الخطوة لم تكن مجرد حيلة بسيطة، بل كانت تعبيرا عن ذكائها وقدرتها على التفكير الإبداعي في ظل الظروف الصعبة.

وأصبحت رمزا للقوة والتحدي في مواجهة الاحتلال ،كما تبرز قصتها الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة في مواجهة التحديات

 

IMG_20241011_140819

مقالات مشابهة

  • مناقشة رواية "دار ميسون" بمكتبة مصر الجديدة.. غدًا
  • يخت مؤلفة رواية هاري بوتر يرسو في ساحل فتحية
  • الثلاثاء.. منتدى المستقبل للفكر والإبداع يناقش رواية "الهامسون" للكاتبة هالة البدري
  • رواية (فورور ).. ملاحقة الماضي واسترجاع الأم
  • حرب أكتوبر في رواية أخرى.. ملحمة وطنية جسدتها النساء.. قصص تبلور أسمى معاني التضحية لبطلات مصريات
  • «تقدم» تستنكر احتجاز نازحين من أبناء النوبة بشكل تعسفي في شندي
  • رئيس جمعية صرافي شبوة يطالب بحل إشكاليات تحويل الأموال للشمال
  • في عيد ميلاد محمد منير.. ابن النوبة المتربع على عرش الغناء
  • لعنة الخواجة.. أحداث واقعية ووثائق نادرة في رواية وائل السمري الجديدة