د. عبد المنعم مختار

أستاذ جامعي متخصص في السياسات الصحية القائمة على الأدلة العلمية

تم إعداد هذا المقال بمساعدة فعالة من برنامج الذكاء الاصطناعي Chat GPT-4.

مقدمة عن التعاونيات في السودان: التعريف، الأنواع، التاريخ، والتطور

تُعتبر التعاونيات مؤسسات اقتصادية واجتماعية تجمع بين مجموعة من الأفراد الذين يتعاونون لتحقيق أهداف مشتركة، مثل تحسين الإنتاجية أو تحقيق منافع اقتصادية أو اجتماعية أخرى.

تعتمد هذه المؤسسات على مبدأ المشاركة الديمقراطية بين الأعضاء، حيث يتم اتخاذ القرارات بشكل جماعي لتحقيق مصالح الجميع. تُساهم التعاونيات في تعزيز الكفاءة الإنتاجية، تسهيل الوصول إلى الموارد، وتحسين الوضع الاقتصادي لأعضائها. في السودان، تتركز التعاونيات بشكل رئيسي في القطاع الاستهلاكي، لكنها تشمل أيضًا تعاونيات زراعية وإنتاجية وتمويلية.

تشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن عدد التعاونيات المسجلة في السودان بلغ حوالي 20,000 تعاونية حتى عام 2019. تتوزع هذه التعاونيات بشكل رئيسي في المناطق الريفية، مثل ولايات النيل الأزرق وكردفان ودارفور، مما يعكس دورها الحيوي في تحقيق التنمية الاقتصادية المحلية. ومع ذلك، فإن العديد من هذه التعاونيات ليست فعالة بشكل كامل، ويرجع ذلك إلى مجموعة من التحديات.

تتضمن التحديات الرئيسية التي تواجه التعاونيات في السودان نقص الموارد المالية، وضعف البنية التحتية، بالإضافة إلى القوانين واللوائح التي قد تعيق عملياتها. كذلك، تواجه التعاونيات صعوبة في الوصول إلى الأسواق، مما يحد من قدرتها على المنافسة وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي أنشئت من أجلها.

من المهم تعزيز الوعي حول فوائد التعاونيات وتشجيع إنشاء تعاونيات جديدة، خاصة في القطاعات الزراعية والخدمية. يمكن أن تلعب التعاونيات دوراً محورياً في تحسين ظروف المعيشة، وتوفير فرص العمل، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي في المجتمعات الريفية.

لمزيد من المعلومات حول التعاونيات وأثرها، يمكنك الاطلاع على التقارير الصادر عن الحلف التعاوني الدولي International Cooperative Alliance .

أنواع التعاونيات في السودان

تتعدد أنواع التعاونيات في السودان بناءً على المجال الذي تعمل فيه. تُعد التعاونيات الزراعية الأكثر شيوعًا، حيث تساهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتوفير الموارد اللازمة للمزارعين. بالإضافة إلى ذلك، توجد تعاونيات استهلاكية تعمل على توفير السلع والخدمات بأسعار مخفضة للأعضاء، وتعاونيات تمويلية تقدم قروضًا ميسرة لتلبية احتياجات الأعضاء. كما تبرز التعاونيات النسائية كجزء مهم من المشهد التعاوني في السودان، حيث تهدف إلى تمكين المرأة اقتصاديًا وتحسين مستوى معيشتها.

لم تتناول الدراسات المستخدمة في هذا المقال بشكل مباشر معلومات تفصيلية عن التعاونيات الاستهلاكية أو "كرت التموين". كان التركيز معظمًا على أدوار التعاونيات الزراعية، وزيادة الإنتاجية، وتحسين الوصول إلى التمويل، ودور السياسات الحكومية في دعم التعاونيات، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه هذه المؤسسات.

ومع ذلك، فإن ذكر "كرت التموين" يستدعي الدور التاريخي الذي لعبته التعاونيات الاستهلاكية في توزيع السلع الأساسية بأسعار مدعومة، وهو دور مرتبط بفترات الأزمات الاقتصادية في السودان. وقد برز هذا الدور بشكل خاص خلال فترة حكم الرئيس جعفر النميري، حيث كانت التعاونيات الاستهلاكية وسيلة أساسية لتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين بأسعار معقولة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، مما جعلها جزءًا من الذاكرة الشعبية للعديد من السودانيين.

تاريخ التعاونيات في السودان

بدأت الحركة التعاونية في السودان خلال فترة الاستعمار البريطاني كجزء من جهود المستعمرين لتنظيم المجتمعات الريفية، لكنها توسعت بشكل ملحوظ بعد الاستقلال. في الستينيات، شهدت التعاونيات الزراعية نموًا كبيرًا نتيجة لدعم الحكومة، ولكن مع مرور الوقت بدأت هذه المؤسسات تواجه تحديات كبيرة بسبب سوء الإدارة وضعف الدعم المالي. في فترتي السبعينيات والثمانينيات، اعتمدت الحكومة السودانية بشكل أكبر على التعاونيات كوسيلة لتحسين الإنتاج الزراعي وتوفير الخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية، إلا أن هذا النمو تباطأ مع تراجع الاقتصاد الوطني خلال التسعينيات.

معالم تطور وتراجع التعاونيات

شهدت التعاونيات في السودان مراحل متعددة من التطور والتراجع. في السبعينيات، لعبت دورًا رئيسيًا في دعم الإنتاج الزراعي وتوفير المواد الاستهلاكية بأسعار معقولة. ومع ذلك، في التسعينيات، تعرضت التعاونيات لتحديات كبيرة نتيجة لتدهور الاقتصاد الوطني وانخفاض الدعم الحكومي، مما أدى إلى تراجعها بشكل ملحوظ. مع بداية الألفية الجديدة، بدأ الاهتمام بالتعاونيات يتجدد مرة أخرى، حيث قامت بعض المنظمات غير الحكومية بدعم هذه المؤسسات من خلال توفير التدريب والتمويل، مما ساعد على استعادة دورها في تحسين الإنتاج الزراعي والاقتصاد المحلي. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة وقبل الحرب الأهلية السودانية الرابعة، أطلقت الحكومة الانتقالية جهودًا لإحياء الحركة التعاونية، بما في ذلك استعادة بنك النيل الذي كان مخصصًا لتمويل التعاونيات، كجزء من إعادة هيكلة شاملة لتعزيز دورها في الاقتصاد المحلي.

لعبت التعاونيات في السودان دورًا حيويًا في تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في القطاع الزراعي. ورغم التحديات المرتبطة بالتمويل والإدارة، لا تزال التعاونيات تمتلك القدرة على تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، بشرط توفير الدعم المناسب لها من الحكومة والمنظمات المحلية والدولية.

التعاونيات في السودان: أدوارها، فعاليتها، وتأثيراتها

تعتبر التعاونيات في السودان من الأدوات الاقتصادية والاجتماعية الحيوية التي تسهم في دعم التنمية وتحسين مستويات المعيشة، لاسيما في المناطق الريفية. تعتمد هذه المؤسسات على التعاون بين الأعضاء لتحقيق أهداف مشتركة، مثل تحسين الإنتاج الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي وتقديم خدمات تمويل ميسرة. يستعرض هذا المقال أدوار التعاونيات، فعاليتها وتأثيراتها في السودان بناءً على الدراسات السابقة.

أدوار التعاونيات

زيادة الإنتاجية والدخل

تلعب التعاونيات دورًا حيويًا في تحسين الإنتاجية الزراعية وزيادة الدخل لأعضائها. تشير الدراسات إلى أن التعاونيات تسهم في زيادة الإنتاجية بنسب تتراوح بين 20% و40% مقارنة بالمزارعين غير الأعضاء. على سبيل المثال، يقدر أن التعاونيات تساعد المزارعين في تحسين تقنيات الزراعة وتبادل الخبرات، مما يؤدي إلى رفع كفاءة الإنتاج. بالإضافة إلى ذلك، قد يرتفع دخل أعضاء التعاونيات بنسبة تتراوح بين 15% و30% نتيجة تحسين الوصول إلى الأسواق وتقليل تكاليف الإنتاج. تشير البيانات الحديثة إلى أن التعاونيات الزراعية في السودان قد أسهمت في زيادة الإنتاجية بنسبة تصل إلى 20% من خلال تحسين الوصول إلى المدخلات الزراعية، مثل البذور والأسمدة والأسواق. على سبيل المثال، أظهرت دراسة حالة أجريت مؤخرًا لتعاونية زراعية في منطقة النيل الأزرق أن متوسط دخل الأعضاء زاد بنسبة 30% بعد انضمامهم إلى التعاونية، مما أدى إلى تحسين مستوى معيشتهم.

تحسين الأمن الغذائي

تساهم التعاونيات بشكل كبير في تحسين مستوى الأمن الغذائي لأعضائها. فقد أفادت غالبية الأسر المشاركة في التعاونيات بتحسن ملحوظ في أمنهم الغذائي بعد انضمامهم إلى هذه المؤسسات. كما شهدت المناطق التي تفتقر إلى تقنيات الزراعة الحديثة زيادة في إنتاج المحاصيل الأساسية مثل الذرة والقمح. ساهمت التعاونيات الزراعية، مثل جمعيات منتجي صمغ الأكاسيا، في تعزيز الأمن الغذائي في غرب السودان. حيث تمثل صمغ الأكاسيا مصدرًا رئيسيًا للدخل للأسر الزراعية، ونتيجة لتطوير أساليب الإنتاج وزيادة القدرة التنافسية، ارتفع إنتاج صمغ الأكاسيا، وفق دراسة أجريت مؤخرًا، بنسبة 40% في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى تأمين دخل مستدام للأسر وتقليل الفقر.

الوصول إلى التمويل

على الرغم من الأدوار المهمة التي تلعبها التعاونيات، يبقى التمويل أحد التحديات الكبرى. تشير التقديرات إلى أن حوالي 60% من التعاونيات تواجه صعوبات في الحصول على التمويل اللازم لتشغيلها. ومع ذلك، فإن التعاونيات التي استفادت من دعم منظمات غير حكومية أو برامج حكومية شهدت تحسنًا كبيرًا في أدائها وزيادة في إنتاجها بنسبة تصل إلى 50%. تشير البيانات إلى أن حوالي 60% من التعاونيات في السودان تواجه صعوبات كبيرة في الحصول على التمويل اللازم لتطوير أعمالها. ومع ذلك، فإن بعض التعاونيات التي حصلت على دعم من البنك التعاوني السوداني حققت نجاحات ملحوظة. على سبيل المثال، استفادت تعاونية زراعية في ولاية القضارف في ثمانينيات القرن الماضي من تمويل بقيمة 100,000 دولار، مما أدى إلى زيادة إنتاج الحبوب بنسبة 50% خلال موسم واحد.

دور التدريب والتنمية

يلعب التدريب المستمر دورًا حاسمًا في تحسين كفاءة التعاونيات. فقد قدرت التقييمات أن التعاونيات التي استفادت من برامج تدريبية في مجالات الإدارة المالية والزراعة المستدامة شهدت زيادة في الإنتاجية بنسبة تصل إلى 40%. هذه البرامج ساهمت في تحسين إدارة الموارد وتوسيع نطاق الإنتاج. أظهرت الأبحاث أن التدريب والتأهيل كان لهما دور محوري في تحسين أداء التعاونيات. حيث أُجري تدريب مكثف لـ 500 عضو في التعاونيات الزراعية في ثمانينيات القرن الماضي، مما أدى إلى زيادة الإنتاجية بنسبة 40% نتيجة لاستخدام تقنيات زراعية مستدامة.

فعالية التعاونيات

تلعب التعاونيات دورًا مهمًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في السودان. في المناطق الريفية، تعتبر تعاونيات النساء أداة فعالة لتحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء، حيث ساهمت في رفع مستويات الدخل بفضل القروض الميسرة والتدريب على المهارات الإدارية والزراعية. ومع ذلك، فإن ضعف التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ غالبًا ما يؤثر سلبًا على استدامتها وفعاليتها. تساهم التعاونيات في تمكين النساء وتحسين الظروف الاقتصادية في السودان، حيث زادت مشاركة النساء في القوى العاملة بنسبة 35% بعد الانخراط في هذه الكيانات. ومع ذلك، فإن التعاونيات التي تعاني من ضعف الإدارة أو تفتقر إلى التمويل تواجه تحديات كبيرة في تحقيق استدامة طويلة الأمد.

تأثير التعاونيات

تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية

تساهم التعاونيات في تحسين مستويات المعيشة لأعضائها وتقليل معدلات الفقر، خاصة في المناطق الريفية. تلعب التعاونيات النسائية دورًا محوريًا في تحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء، مما يعزز من دور المرأة في المجتمع المحلي. أظهرت الدراسات أن التعاونيات لها تأثير إيجابي كبير على التنمية الاقتصادية والاجتماعية. حيث ساهمت التعاونيات الزراعية في تخفيض معدلات الفقر في مناطق معينة بنسبة تصل إلى 25%، مما يعكس الدور الحيوي الذي تلعبه في تحسين الظروف المعيشية.

دور السياسات الحكومية

كان الدعم الحكومي للتعاونيات محدودًا بسبب نقص التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ الفعال. بعض التعاونيات التي حصلت على دعم حكومي لم تستمر لفترة طويلة بسبب نقص التمويل والدعم الفني المستمر. وهذا يشير إلى الحاجة إلى استراتيجيات حكومية أفضل لتحسين أداء التعاونيات، بما في ذلك تخصيص موارد مالية أكبر وتوفير برامج تدريبية مستدامة. تفتقر التعاونيات في السودان إلى الدعم الكافي من الحكومة، فعلى الرغم من وجود بعض السياسات التي تهدف إلى دعم التعاونيات، فإن عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي أثر بشكل سلبي على قدرتها على الاستمرار.

الدروس المستفادة

أهمية التعليم والتدريب

كان التدريب أحد العوامل الأساسية التي ساعدت في تحسين كفاءة التعاونيات. التعاون مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية لتقديم التدريب المستمر ساعد على تحسين الأداء العام للتعاونيات. كان للتدريب المستمر والمشاركة في برامج تطويرية أثر إيجابي كبير على استدامة التعاونيات، حيث أظهر تقييم للبرامج التدريبية في ثمانينيات القرن الماضي أن التعاونيات التي حصلت على تدريب مستمر شهدت زيادة في الإنتاجية بمعدل 40%.

تعزيز الشفافية والمشاركة

التعاونيات التي تبنت ممارسات شفافة في المحاسبة والإدارة شهدت تحسنًا في الأداء بنسبة تصل إلى 25%. زيادة مشاركة الأعضاء في عملية اتخاذ القرارات عززت من التعاون والعمل الجماعي، مما ساعد على تحسين الأداء العام للتعاونيات. تبنت التعاونيات التي اعتمدت ممارسات شفافة في إدارة شؤونها ممارسات ناجحة، حيث زادت نسبة المشاركة المجتمعية فيها، وفق دراسة نشرت مؤخرًا، بنسبة 30%، مما يعزز الثقة بين الأعضاء ويعزز من قدرتهم على تحقيق الأهداف المشتركة.

التحديات

رغم النجاحات التي حققتها التعاونيات، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة. أبرز هذه التحديات هو نقص البيانات الدقيقة التي تسمح بتقييم شامل لأداء التعاونيات. كما أن حوالي 20% من التعاونيات التي حصلت على دعم حكومي لم تستمر لأكثر من خمس سنوات بسبب نقص التمويل والإدارة الضعيفة. كذلك، تعاني التعاونيات من ارتفاع تكاليف الإنتاج، بالإضافة إلى ذلك، تتأثر التعاونيات الزراعية بشكل كبير بالتغيرات المناخية، مما يزيد من صعوبة عملها واستدامتها.

الخاتمة

تعد التعاونيات في السودان إحدى الآليات المهمة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في المناطق الريفية. رغم التحديات العديدة التي تواجهها، إلا أنها تظل قادرة على تحقيق تأثيرات إيجابية من خلال دعم الحكومة والمجتمع المدني. من الضروري أن تتبنى السياسات الحكومية استراتيجيات شاملة لدعم التعاونيات وتعزيز دورها في الاقتصاد الوطني، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة والرفاهية للأفراد والمجتمعات.

دور التعاونيات في تعزيز التعليم المدني والديمقراطية وتقليل النزاعات المجتمعية وتعزيز الهوية المشتركة والوحدة الوطنية

التعاونيات تلعب دورًا محوريًا في تعزيز التعليم المدني والديمقراطية وتقليل النزاعات المجتمعية وتعزيز الهوية المشتركة والوحدة الوطنية، خاصة في سياقات مثل السودان. من خلال توفير منصة للأفراد للمشاركة بشكل جماعي، تعزز التعاونيات قيم التعاون والمشاركة وتُعتبر مدارس حقيقية لتعليم القيم الديمقراطية.

أولاً، تسهم التعاونيات في التعليم المدني من خلال توفير بيئة تعليمية تشجع على النقاشات حول حقوق الأفراد والمشاركة الفعالة في اتخاذ القرارات. تساهم هذه العمليات في بناء وعي مدني قوي لدى الأعضاء، مما يعزز من قدرتهم على المشاركة في الأنشطة الديمقراطية ويدفعهم للمطالبة بحقوقهم بفعالية.

ثانيًا، تلعب التعاونيات دورًا في تقليل النزاعات المجتمعية من خلال إنشاء روابط اجتماعية متينة بين الأفراد. عندما يعمل الناس معًا نحو هدف مشترك، فإنهم يتعلمون كيفية التفاوض والتعاون، مما يقلل من النزاعات التي قد تنشأ نتيجة الاختلافات الثقافية أو الاقتصادية. في السياقات التي تكون فيها التوترات العرقية أو القبلية موجودة، يمكن أن تساهم التعاونيات في تعزيز التفاهم المتبادل والوحدة.

علاوة على ذلك، تسهم التعاونيات في تعزيز الهوية الوطنية من خلال توفير منصة للأفراد من خلفيات مختلفة للتعاون. هذا التعاون يشجع على بناء هوية مشتركة تنبع من العمل الجماعي نحو الأهداف المشتركة، مما يسهم في تعزيز الوحدة الوطنية ويقلل من النزعات الانفصالية أو الفئوية. من خلال تشجيع العمل المشترك، تُصبح التعاونيات مكونًا أساسيًا في النسيج الاجتماعي الوطني.

بالتالي، يمكن القول إن التعاونيات تلعب دورًا حيويًا في تعزيز التعليم المدني والديمقراطية وتقليل النزاعات وتعزيز الهوية الوطنية. إن تعزيز هذه المؤسسات يساعد على بناء مجتمع مدني قوي ومتماسك يسهم في الاستقرار والتنمية المستدامة في البلاد.

*مستقبل التعاونيات في السودان: التحديات والفرص*

التعاونيات في السودان تحمل إمكانات كبيرة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لكن مستقبلها يعتمد بشكل كبير على قدرتها في مواجهة التحديات واستغلال الفرص المتاحة. تتوزع هذه المؤسسات في مجالات حيوية مثل الزراعة، التمويل، والخدمات الاستهلاكية، مما يجعلها ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد المحلي، خاصة في المناطق الريفية.

التحديات التي تواجه التعاونيات في السودان:

1. ضعف التمويل: رغم أهمية التعاونيات في دعم المزارعين والمجتمعات المحلية، يظل التمويل أحد أكبر التحديات التي تواجهها. تشير الإحصاءات إلى أن حوالي 60% من التعاونيات في السودان تعاني من نقص في التمويل اللازم لتشغيلها بفعالية. هذا النقص يؤثر على قدرتها على توسيع نطاق أنشطتها أو تحسين البنية التحتية الخاصة بها، مما يقلل من قدرتها على تحقيق أهدافها.

2. القدرة الإدارية الضعيفة: ضعف المهارات الإدارية في العديد من التعاونيات يعرقل تطورها ويؤدي إلى سوء توزيع الموارد وفشل في تحقيق الاستدامة. نقص التدريب على الإدارة، خاصة في المناطق الريفية، يجعل التعاونيات أقل كفاءة في إدارة الأعمال وتحقيق الأهداف المشتركة.

3. التحديات القانونية والتنظيمية: البيئة القانونية والتنظيمية الحالية لا تدعم التعاونيات بشكل كافٍ. هناك غياب واضح لسياسات حكومية مستدامة تركز على دعم هذه المؤسسات، ما يجعلها تعاني من عدم الاستقرار والتنظيم السليم. كما أن الفجوة بين السياسات الحكومية والتنفيذ الفعلي لها يؤدي إلى بطء في تطوير التعاونيات.

4. نقص التكنولوجيا والابتكار: التعاونيات الزراعية، التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد التعاوني في السودان، تعاني من عدم الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة في الزراعة، مما يؤثر على كفاءة الإنتاج. استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الري المتطور والزراعة المستدامة يمكن أن يزيد من الإنتاجية بنسبة كبيرة.

الفرص المتاحة لتطوير التعاونيات:

1. دعم المنظمات غير الحكومية والجهات الدولية: توفر المنظمات الأممية وغير الحكومية دعماً مالياً وفنياً للتعاونيات السودانية، مما يمكنها من تحسين أدائها وزيادة تأثيرها على المجتمعات المحلية. هذا الدعم يسهم في تحسين الوصول إلى التمويل والتدريب الفني لأعضاء التعاونيات.

2. تطوير الشراكات مع القطاع الخاص: يمكن أن تلعب الشراكات مع الشركات المحلية والدولية دورًا كبيرًا في تعزيز التعاونيات، من خلال توفير فرص للتسويق والوصول إلى أسواق جديدة. هذه الشراكات قد تفتح الباب أمام التعاونيات لتسويق منتجاتها بشكل أوسع وتحقيق ربح أكبر.

3. تعزيز دور المرأة والشباب: تعاونيات النساء والشباب تحمل فرصاً كبيرة للنمو. دعم هذه الفئات من خلال التدريب وتمكينها اقتصاديًا يمكن أن يعزز من التنمية الاجتماعية والاقتصادية في السودان. التعاونيات النسائية على وجه الخصوص أثبتت نجاحها في تحسين مستوى المعيشة والحد من الفقر في العديد من المجتمعات المحلية.

4. الابتكار التكنولوجي: على الرغم من التحديات، فإن هناك فرصاً كبيرة لاستخدام التكنولوجيا في تعزيز كفاءة التعاونيات، سواء في الزراعة أو التمويل. تحسين الوصول إلى تقنيات الري الحديث، والتسويق الإلكتروني، والخدمات المصرفية عبر الإنترنت يمكن أن يساعد في تحسين الأداء وزيادة الإنتاجية.

الخاتمة

مستقبل التعاونيات في السودان يعتمد بشكل كبير على مدى قدرتها على التغلب على التحديات المتعلقة بالتمويل، الإدارة، والبيئة القانونية. في المقابل، يمكن لهذه المؤسسات أن تستفيد من الدعم الدولي، والشراكات مع القطاع الخاص، واستخدام التكنولوجيا لتعزيز دورها في التنمية المستدامة. دعم المرأة والشباب داخل التعاونيات قد يكون أحد العوامل الحاسمة في تحسين أدائها وتحقيق تأثير إيجابي على المجتمعات المحلية.

المراجع الرئيسية

1. Challenges of Cooperative Movement in Sudan. Salah Mahdi. Available at SSRN 4761417, 2023

2. An overview of the development of agricultural cooperatives in Sudan over decades with special emphasis on Gum Arabic Producers’ Associations (GAPAs). EM Asma, Elamin Sanjak, Dafa-Alla MD Ahmed, Dietrich Darr. Journal of Co-operative Organization and Management 12 (1), 100217, 2024

3. ISLAMIC COOPERATIVES: BASIC CONCEPTS AND EVIDENCE FROM ORGANIZATION OF ISLAMIC COOPERATION (OIC) COUNTRIES. Hamida Mohamed Osman Ahamed Elfaki, Nor Azizan Che Embib. ISLAMIC BUSINESS AND COVID 19 RECOVERY: TOWARDS ATTAINING FINANCIAL AND SOCIAL WELLBEING, 33

4. State, Foreign Aid and Coopera-tives: The Sudanese Cooperative Development Bank Approach. M Hashim Awad. Cooperatives Revisited, 93, 1988

5. Agricultural cooperatives as a means for agricultural development: the case of western Sudan small farmers’ cooperatives. Siddig El Tayeb Muneer. Iowa State University, 1989

6. Sudan Tribune: "Sudan government revives cooperative movement to boost economy.". Accessed on 10.10.2024 at: Sudan Tribune

7. International Labour Organization (ILO): "The Role of Cooperatives in Development in Sudan: Report of the ILO.". Accessed on 10.10.2024 at: ILO.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة التعاونیات الزراعیة التعاونیات فی تعزیز المجتمعات المحلیة السیاسات الحکومیة تحسین الوصول إلى زیادة الإنتاجیة الإنتاجیة بنسبة دعم التعاونیات التعلیم المدنی من التعاونیات الأمن الغذائی تحقیق التنمیة من خلال توفیر بنسبة تصل إلى تعزیز الهویة بالإضافة إلى هذه المؤسسات إلى التمویل تحسین مستوى مما أدى إلى من التعاون التی تواجه قدرتها على ا فی تحسین ا فی تعزیز زراعیة فی بشکل کبیر تعزیز دور على تحقیق تعانی من دورها فی زیادة فی أن حوالی کبیر على فی تحقیق یعزز من على دعم یمکن أن ومع ذلک یسهم فی إلى أن فی دعم

إقرأ أيضاً:

تدريب 31 ممرضا في تحسين صحة اليافعين

نظمت وزارة الصحة ممثلة بدائرة الصحة المدرسية والجامعية ووحدة طب المراهقين بالمستشفى السلطاني اليوم حلقة عمل تدريبية حول دليل صحة اليافعين، وذلك بالقاعة الرئيسة بالمستشفى السلطاني، شهدت الحلقة التدريبية مشاركة 31 ممرضًا من فريق الصحة المدرسية، إضافة إلى عدد من المدربين والمهتمين بمجال الصحة العامة.

وتهدف الحلقة التدريبية إلى تحسين صحة اليافعين وتوعيتهم بالممارسات الصحية السليمة، وتعزيز صحتهم كونها جزءا أساسيا من التنمية المستدامة مما يسهم في تحسين حياتهم.

وأكد الدكتور ناصر السليماني مدير دائرة الصحة المدرسية والجامعية خلال كلمته على أهمية تطوير مهارات موظفي الصحة المدرسية لمواكبة احتياجات اليافعين.

تضمنت الحلقة عدة جلسات تفاعلية، حيث قدمت الدكتورة ناهد جابر استشارية أولى في طب المراهقين ورقة عمل تناولت فيها شرحا تفصيليا لدليل المراهقين الذي يهدف إلى تعزيز مهارات الممرضين في التعامل مع فئة اليافعين بصفته أداة فعالة يمكن أن يستخدمها المدربون في المدارس والمراكز الشبابية.

تأتي الحلقة التدريبية لتطوير مهارات موظفي الصحة المدرسية بما يضمن تقديم رعاية صحية متكاملة للطلاب والمراهقين.

مقالات مشابهة

  • خطوة جديدة نحو تحسين التعليم: تعيين معلمين جدد في المدارس الحكومية
  • محافظ البحيرة: مشروعات البنية التحتية تساهم بشكل مباشر في تحسين جودة الحياة للمواطنين
  • هل تُسهم منهجية كايزن في تحسين مؤشر الابتكار؟
  • وراق يري الكيزان والCIA خلف كل موقف وحتي تحت كباية الشاي التي يرتشفها !!
  • لجمال البشرة..طرق تحسين الكولاجين وإبطاء التجاعيد
  • خطوات تساعد ابنك على تحسين مهارات المذاكرة بشكل مميز
  • فوائد الثوم للجسم.. من تعزيز المناعة إلى تحسين صحة القلب
  • تدريب 31 ممرضا في تحسين صحة اليافعين
  • حسام حسن: لا أزمات فنية في منتخب مصر وعلينا تحسين ترتيبنا الدولي