قراءة في أبعاد الحراك الشبابي السوداني ومساعيه لتجاوز الاتفاق الإطاري
تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT
أن مسالة سعي القوى الشبابية في تجاوز الاتفاق الإطاري وصناعة مستقبل سياسي للدولة السودانية هذه من القضايا الجوهرية الهامة لابد أن نناقش هذا الامر بحيادية وإعادة هذا المر الي الواجهة , في ظل التحديات المعقدة التي تواجه السودان اليوم، تسعى القوى الشبابية إلى تجاوز الاتفاق الإطاري، معتبرة أنه لا يعبر بشكل كامل عن تطلعات الشعب ولا يحقق العدالة التي ثار من أجلها الشباب خلال السنوات الماضية.
الشباب السوداني بات مدركًا بأن الاعتماد على نفس اللاعبين السياسيين القدامى، أو على الناشطين قليلي التجربة الذين ظهروا في ظل الحراك الثوري، لا يمكن أن يقود إلى التغيير الحقيقي الذي يطمحون إليه. الصراعات التقليدية التي سبقت الحرب كانت دائمًا تدور في فلك المصالح الشخصية والنفوذ القبلي والإثني، وهو ما جعل السودان يغرق في دوامة من التخوين المتبادل والفشل في بناء دولة حقيقية تعتمد على السلام المستدام والاستقرار السياسي.
التحديات التي تواجه الحراك الشبابي
أمام هذه القوى الشبابية عقبات كبيرة، ليس أقلها القمع الذي تمارسه القوى المتحاربة، والضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تجعل الحياة اليومية تحديًا مستمرًا. إلا أن الشباب الذين لم يخرجوا من السودان خلال الحرب، والذين يعيشون واقع المعاناة بشكل يومي، يمتلكون رؤية حقيقية للمستقبل تستند إلى تجربتهم المباشرة مع القمع والفقر، ويؤمنون أن لديهم القدرة على قيادة البلاد نحو مستقبل أفضل.
كيف يتجاوز الشباب الاتفاق الإطاري؟
بناء حركة شعبية مستقلة: تعتمد القوى الشبابية على تنظيم أنفسهم كحركة شعبية مستقلة عن التحالفات السياسية التقليدية. يسعى هؤلاء الشباب إلى تقديم أنفسهم كصوت بديل للشعب، معتمدين على خبرتهم المباشرة في مواجهة التحديات اليومية، من خلال صياغة مطالبهم بشكل واضح وفعال. على عكس الأحزاب المتكلسة، التي غالبًا ما تكون منشغلة بالمناورات السياسية، يركز الشباب على القضايا الجوهرية مثل العدالة الانتقالية ومحاربة الفساد وتحقيق التنمية المستدامة.
استخدام الإعلام البديل: تعتبر منصات الإعلام الرقمي وسيلة فعّالة لهذه التجمعات لطرح رؤيتها المغايرة عن الخطاب الرسمي أو المناقشات السياسية التقليدية. من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمدونات والمنصات الإعلامية المستقلة، يمكن للشباب توصيل صوتهم إلى الجمهور السوداني بشكل مباشر دون الحاجة إلى المرور عبر الوسائل الإعلامية المملوكة للنخب السياسية.
. المطالبة بالعدالة الانتقالية: يسعى الشباب إلى إعادة تعريف مفهوم العدالة في السودان، بحيث لا تقتصر على المساءلة الجنائية فقط، بل تشمل العدالة الاجتماعية والاقتصادية. يطالبون بعملية عدالة انتقالية شاملة، تتناول جميع انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت خلال العقود الماضية، وتضمن محاسبة كل من تورط في الفساد أو القمع، بغض النظر عن انتمائه السياسي.
إعادة تشكيل النقاش حول التحول الديمقراطي: لا يقبل الشباب بالتحول الديمقراطي الذي يعتمد على تقاسم السلطة بين القوى التقليدية، بل يدفعون نحو نموذج جديد للتحول السياسي، يقوم على اللامركزية والتمثيل الشعبي الحقيقي. هذه القوى تؤمن بأن الديمقراطية الحقيقية يجب أن تبدأ من القواعد الشعبية، وتمكين المجتمعات المحلية في عملية صنع القرار السياسي.
دفع عملية السلام نحو الاستدامة: السلام الذي يتطلع إليه الشباب لا يعتمد على اتفاقيات سياسية بين الأطراف المتحاربة فقط، بل يهدف إلى السلام المجتمعي والتنمية الشاملة التي تعالج الجذور العميقة للصراع. تجمعات الشباب تسعى إلى إنشاء حوار مجتمعي يشمل جميع السودانيين، خاصة المتضررين من النزاعات، لإيجاد حلول عملية ومستدامة لقضايا الفقر والتهميش والتمييز العرقي.
إبراز القيادات الشابة
من بين أهم أولويات هذه الحركات الشبابية هو إبراز قيادات جديدة، تعرف الواقع السوداني جيدًا ولم تترك البلاد رغم كل الظروف الصعبة. هذه القيادات تنبثق من صلب المجتمع المحلي وتعبر عن تطلعاته بشكل حقيقي. هذه الشخصيات القيادية الشابة يمكنها أن تعيد الثقة بين الشعب والحكومة، وتضع أسسًا جديدة للإدارة والحكم تعتمد على النزاهة والشفافية، وتنبذ المحاصصة التي كانت دائمًا سببًا في الفشل السياسي.
التحالفات الجديدة والدبلوماسية الشعبية
تسعى التجمعات الشبابية إلى بناء تحالفات مرنة مع منظمات المجتمع المدني والنقابات والحركات الاحتجاجية الأخرى التي تتبنى نفس القيم والمبادئ. كما تعمل على تقديم قضيتها في المحافل الدولية والإقليمية كجزء من الدبلوماسية الشعبية، التي تهدف إلى تعزيز الدعم الدولي لعملية التحول الديمقراطي في السودان بعيدًا عن التدخلات الخارجية الضارة.
نحو مستقبل سياسي جديد للسودان
الشباب السوداني اليوم لا يسعى فقط إلى تجاوز الاتفاق الإطاري، بل يتطلع إلى صياغة مستقبل سياسي جديد للبلاد يقوم على التنمية الشاملة، العدالة الحقيقية، والتمثيل السياسي النزيه. هذا المستقبل لا يعتمد على تسويات النخب التقليدية، بل يبنى من خلال قوة الحراك الشعبي الذي يضع في صميمه مصالح الشعب السوداني ككل، ويرفض أن تكون السلطة أداة لتقسيم الغنائم بين الأطراف السياسية.
ومن خلال تجاوز الصراعات التقليدية التي استنزفت البلاد، يمكن للشباب السوداني أن يحقق السلام المستدام والاستقرار الذي طالما حلموا به، ويبني دولة سودانية قوية وديمقراطية، تعتمد على قيادة شبابية جديدة تضع الشعب في المقدمة، بعيدًا عن الصراعات الشخصية والمصالح الضيقة.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
مجلس النواب يؤكد التزامه بإنهاء الانقسام السياسي
التقى رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، نائبة الممثل الخاص للأمين العام القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني خوري.
وأكد رئيس مجلس النواب، خلال اللقاء الذي عقده بمكتبه في مدينة القبة، “على ضرورة استمرار التعاون والتواصل مع البعثة الأممية والمجتمع الدولي، وعلى التزام مجلس النواب بالاتفاق السياسي ومخرجات لجنة 6+6 وكل ما من شأنه إنهاء الانقسام السياسي”.
من جانبها، أكدت خوري، “على سعيها المتواصل والجاد لإعادة بناء الثقة بين مختلف الأطراف عبر تقريب وجهات النظر”.
هذا وقد تم خلال اللقاء، “الاتفاق على ضرورة توحيد السلطة التنفيذية وتشكيل حكومة موحدة للمضي قدما نحو تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب الآجال”.