كيف تقام إمتحانات الشهادة الثانوية في ظل الحرب؟
تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT
بقلم: موسى بشرى محمود
المتتبع لمجريات الأمور في الساحة السودانية يلاحظ تسليط الضوء هذه الأيام حول الإستعدادات لقيام إمتحانات الشهادة الثانوية السودانية للعام 2023-2024«للدفعة المؤجلة» المتوقع إنعقاده في الثامن والعشرين من ديسمبر المقبل في ظروف بالغة التعقيد من حالة الحرب التي إندلعت في الخامس عشر من أبريل 2023 بين «القوات المسلحة وقوات الدعم السريع».
تسبب الحرب بالتأثير الشديد في النواحي الأمنية،السياسية، الأكاديمية،الإقتصادية، الإجتماعية والنفسية للطلاب وأسرهم مما جعلهم غير مستقرين أكاديميا" ولا سيما الولايات التي وصلتها الحرب وخاصة«ولاية الخرطوم-العاصمة المثلثة،الجزيرة،سنار،بعض أطراف ولاية النيل الأزرق ولايات دارفور الخمس وبالأخص ولاية شمال دارفور»المحاصرة من قبل الدعم السريع زهاء العام ونيف.
يعاني طلاب الولايات الواقعة تحت سيطرة «الدعم السريع» من أبسط المقومات الدراسية للطلاب حيث لا أمن،لا إتصالات،لا مستشفيات،لا مدارس أو خدمات تعليمية تمكنهم من الإنفتاح على التعليم ويعيشون في ظروف قاهرة لا يستطيعون التعليم فيها أو الترتيب للإمتحانات ناهيك عن المهجرين في معسكرات النزوح واللجوء وغياب سلطة الدولة المركزية في تلك البقاع حتى إذا أسعفتهم الظروف للجلوس للإمتحانات والتي تعتبر من المستحيلات في هذه الحالة!
يقال أن هناك فرصة للطلاب الذين يودون الجلوس للإمتحان وهم تحت سيطرة «الدعم السريع» بالذهاب إلى الولايات الآمنه من أجل الترتيب للإمتحانات هناك ولكن السؤال هو كيف يستطيع هؤلاء الطلاب السفر؟
-من يضمن سلامة وصولهم إلى تلك الولايات؟
-من يتكفل برعايتهم وإعاشتهم وسكنهم وترحيلهم ذهابا" وإيابا"؟
-من يضمن سلامتهم من عدم إعتقالهم وتعريضهم للتعذيب والإنتقام والقتل الممنهج على أيدي المليشيات الحكومية من كتائب ما تسمى ب«البراء،جماعات متفلته أو حتى من قبل جهاز الأمن والإستخبارات العسكرية» خاصة وأن القتل على أساس اللون والعرق والإنتماء الجغرافي أصبح أسهل ما يكون ودم السوداني مستباح في كل مكان من دون رقيب ولا حسيب ولا إحترام لقدسية الإنسان المكرم من فوق السماوات التي أسجد الله ملائكته له؟
شاهدنا قبل أيام فيديو منسوب لمجموعة مدنية من ولاية نهر النيل يفتشون المارة والمسافرين الأبرياء ويضربونهم ضرب غرائب الإبل بالسياط والعصي على أساس اللون والعرق وفق ما أطلق عليه بقانون«الوجوة الغريبة»! مع كامل إحترامي وتقديري اللا محدود لأهل ولاية نهر النيل لأن فيهم معادن نفيسة من الرجال والنساء ولا أعمم الإتهام لأن التعميم يخل بالمصداقية ولكن صدقوني هناك ممارسات من هذا القبيل تجري في تلك الولاية ولا يمكن السكوت عنها أو دفن الرؤوس في الرمال!
الولايات التي لم تصلها الحرب من باقي ولايات السودان الثمانية عشر يختلف وضعية طلابها وترتيباتها وهم بلا شك في أتم الإستعداد بعد أن اكملوا عامهم الدراسي بنجاح وإستفادوا من الوقت الإضافي حوالي«07» أشهر للمزيد من المذاكرة حتى الان لأن إمتحانات الشهادة كعادتها تكون بين أبريل أو مارس من كل عام وفق التقويم الدراسي وأمامهم شهران إضافيان يمكنهم من مراجعة المقررات من الصفحة للصفحة لكل مقرر/مادة مرتان إلى ثلاث مرات بأقل تقدير!
هناك مراكز إمتحانات مخصصة في الخارج بإشراف السفارات السودانية في تلك البلاد وتم تعميمها من قبل ولم يرد مركز للإمتحانات في جمهورية تشاد الإ من خلال قصاصة خبرية قرأتها البارحة 11.10.24 مع أنها من أكثر البلاد إكتظاظا" باللاجئين السودانيين الذين فروا بسبب حرب 15 أبريل واللاجئين السابقين من العام 2003 بسبب أزمة دارفور التي إستمرت لعقدين من الزمان قبل الأزمة الأخيرة لعموم السودان.
يبدو أن الإعلان عن مركز لإمتحان الشهادة في تشاد جاء متأخرا" مع أنه في الأصل يجب أن يكون في مقدمة الإعلانات ولكن ربما جاء متأخرا" نسبة لبروتوكولات دبلوماسية متعلقة بالعمل الدبلوماسي بين البلدان ولكن يقولون«أن تأتي متأخرا" خيرا" من أن لا تأتي».
المتفحص جيداً لحالات الطلاب المذكورين يلاحظ فرقا" واسعا" في التفوق الأكاديمي،الإستعداد الروحي،البدني،النفسي ووجود تمايز طبقي واضح بالإضافة إلى«فرز إجتماعي» للعملية التعليمية في السودان ما بين طلاب الولايات الآمنة والطلاب المتواجدين في دول الجوار الذين وفقوا أوضاعهم الدراسية منذ بداية هجرتهم إبان إندلاع الحرب وبين طلاب الولايات الواقعة تحت سيطرة «الدعم السريع» الذين لا حول ولا قوة لهم الإ الله وهذا ظلم فادح ومؤشر خطير بأن السودانيين لا يبالون ببعضهم البعض ولا يهمهم الآم الآخرين من إخوتهم في الدم والبلد إذا لم تسمح لهم الظروف بمواصلة تعليمهم حتى لو قضى عليهم آله الموت لأن الجسد غير واحد ولا وجود لتوادد أو تراحم بينهم ولا يهتمون لأمر شكوى ذاك الجسد إذا تداعى لهم بالسهر والحمى وهو ما يؤكده قرائن الأحوال واقع معاش بيننا ويبدو أن هذا الجلد من قبيل ذاك الذي يجر فيه الشوك!
إذا كان هناك وحدة ضمير مشترك كان الحري بحكومة الأمر الواقع إنتهاج سياسة تعليمية متوازنة مع مراعاة ظروف من هم خارج سيطرتها بإعتبار أنهم طلاب سودانيون مثلهم ومثل إخوتهم في الولايات الآمنة ولكن ليس بيدهم قارب النجاح فالأولى للحكومة عمل قوارب نجاة لهم لترسو بهم في المرافيء/الشواطيء الآمنة وعندها سيكون لكل حادث حديث!
رسائل مهمة لوزير التربية و التعليم
بما أنك وزيرا" للتربية والتعليم لكل السودان وليس لولايات بعينها وبما أن المقرر الدراسي واحد والإمتحان مركزي لكل السودان وليس على مستوى الولايات أرى عمل الآتي لتحقيق قدر من المساواة ورد الإعتبار للطلاب المتواجدين في مناطق خارج سيطرة الحكومة المركزية حتى يتمكنوا من توفيق أوضاعهم من دراسة المقرر ولو على عجالة حتى يلحقوا برفاقهم:-
1-تأجيل إنعقاد الإمتحانات حتى يونيو 2025.
2-تسهيل ترحيل الطلاب المتواجدين في دائرة «الدعم السريع» إلى الولايات الآمنة وعمل الترتيب اللازم لهم من الإعاشة,السكن,توفير بيئة دراسية مناسبة لهم وإعادتهم سالمين إلى ذويهم.
3-عمل التنسيق اللازم مع لجان الأمن والإستخبارات بالولايات الآمنة التي يمكثون فيها للجلوس للإمتحانات بإعتبارهم طلاب أبرياء لا ناقة ولا جمل لهم بالحرب ومجرياته ويجب عدم التعرض لهم من قبل القوات النظامية أو المليشيات شبه النظامية والمتفلتين من المدنيين.
3-إسقاط كافة الرسوم الدراسية عنهم بسبب ما ألحقه الحرب وأهوالها من أضرار ماحقة بهم.
4-إذا لم تتحقق هذه الشروط فعند هذه الحالة يجب تجميد الإمتحانات ورفعها لأجل غير مسمى حتى يكون الجميع على مسافة متساوية من الفرص التعليمية في البلاد.
«لنا لقاء»
musabushmusa@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الولایات الآمنة الدعم السریع من قبل
إقرأ أيضاً:
أكثر من 50 قتيلاً في قصف لقوات الدعم السريع على سوق بضواحي الخرطوم
لقي أكثر من 50 شخصًا مصرعهم، السبت، جراء قصف استهدف سوقًا في أم درمان، إحدى ضواحي العاصمة السودانية الخرطوم، في هجوم نسب إلى قوات الدعم السريع، وفق ما أفاد به مصدر طبي لوكالة فرانس برس.
وأوضح المصدر في مستشفى النو، طالبًا عدم الكشف عن هويته، أن عدد الجرحى في تزايد مستمر مع استمرار وصول المصابين إلى المستشفى، مشيرًا إلى أن حصيلة الضحايا ارتفعت إلى 54 قتيلًا، بعدما كانت 40 في وقت سابق.
وفي تطور آخر، لقي مدنيان مصرعهما في جنوب العاصمة جراء ضربة جوية استهدفت محورًا خاضعًا لسيطرة قوات الدعم السريع، بحسب ما أفادت به شبكة متطوعين.
ومنذ اندلاع النزاع في السودان في أبريل 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”, يواجه الطرفان اتهامات بارتكاب جرائم حرب، تشمل استهداف المدنيين، القصف العشوائي، عرقلة المساعدات الإنسانية، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وأدى هذا النزاع إلى كارثة إنسانية مدمرة، حيث قُتل عشرات الآلاف، فيما اضطر أكثر من 12 مليون شخص للنزوح، وسط تفاقم أزمة الغذاء التي تهدد الملايين بالمجاعة.
أحد الناجين من القصف في أم درمان روى تفاصيل الهجوم لـ فرانس برس، قائلًا: “القذائف سقطت وسط سوق الخضار في صابرين، ما يفسر العدد الكبير من الضحايا”.
من جانبه، أكد أحد المتطوعين في مستشفى النو الحاجة الماسة إلى أكفان، متبرعين بالدم، ونقالات لنقل الجرحى، في ظل الضغوط الهائلة التي يواجهها المستشفى، الذي يُعد من آخر المرافق الطبية العاملة في المنطقة، رغم تعرضه لهجمات متكررة.
في تطور ميداني لافت، نجح الجيش السوداني الأسبوع الماضي في كسر الحصار الذي فرضته قوات الدعم السريع على مقر قيادته العامة في الخرطوم، كما استعاد السيطرة على مقر سلاح الإشارة ومصفاة الجيلي النفطية شمال العاصمة.
وفي المقابل، توعد قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، بطرد الجيش من الخرطوم، مقراً – ولأول مرة – بالانتكاسات التي تعرضت لها قواته مؤخرًا، مؤكدًا في خطاب متلفز أن الجيش “لن يتمكن من الاحتفاظ بهذه المواقع طويلًا”.
وتحولت العاصمة السودانية إلى ساحة معركة مفتوحة منذ اندلاع النزاع، حيث تعرضت أحياء سكنية بأكملها للتدمير، بينما فرّ 3.6 ملايين شخص من المدينة، وفق إحصاءات الأمم المتحدة.
وتشير التقارير إلى أن 26 ألف شخص قتلوا في ولاية الخرطوم وحدها بين أبريل 2023 ويونيو 2024، بحسب دراسة أجرتها كلية لندن للصحة والطب الاستوائي.
وفي ظل الحصار المستمر والمعارك المتواصلة، يعيش ما لا يقل عن 106 آلاف شخص في العاصمة تحت وطأة المجاعة، بينما يواجه 3.2 ملايين آخرين الجوع عند مستويات حرجة، وفقًا لنظام تصنيف تدعمه وكالات الأمم المتحدة.
وخارج الخرطوم، أعلنت المجاعة رسميًا في خمس مناطق، معظمها في إقليم دارفور، وسط تحذيرات من اتساع نطاق الأزمة ليشمل خمس مناطق إضافية بحلول مايو المقبل.
في تحرك دولي ضد تصاعد الانتهاكات، فرضت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن عقوبات على عبد الفتاح البرهان، متهمة الجيش السوداني بشن هجمات على مدارس وأسواق ومستشفيات، واستخدام سلاح التجويع ضد المدنيين.
وسبق ذلك، فرض واشنطن عقوبات على محمد حمدان دقلو، متهمة قواته بارتكاب “إبادة جماعية” وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، لا سيما في دارفور، حيث تحظى قوات الدعم السريع بنفوذ واسع.