غيّرت الحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع مسار حياة العديد من السودانيين من أجل تأمين قوتهم اليومي، فهذا مهندس يصنع الصابون وتلك معلمة تبيع الخبز، إذ تبدو الحاجة بالنسبة الى كثيرين أم الاختراع.

أسفرت الحرب في السودان والتي تتركز في العاصمة الخرطوم وضواحيها وفي إقليم دارفور في غرب البلاد وبعض المناطق الجنوبية، عن مقتل 3.

900 شخص على الأقل، ودفعت أكثر من أربعة ملايين آخرين الى النزوح، وفق الأمم المتحدة.

في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة التي تعدّ بين أكبر مراكز استقبال الفارّين من العاصمة، إذ تبعد عنها جنوبا نحو 200 كلم، يقول أستاذ الهندسة الجامعي علي سيف “المعاناة تخلق منك مبدعًا.. لقد لاحظت عدم توفّر الصابون في السوق واحتياج الجميع له، فقرّرت صنعه”. وسيف واحد من ثلاثة ملايين نازح من الخرطوم بسبب الحرب التي اندلعت بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو في 15 نيسان/ أبريل. وفرّ كثيرون إلى ولايات أخرى بمنأى عن القتال والبعض الآخر عبر الحدود إلى البلدان المجاورة.

بين الأواني التي يُخلط فيها سائل الصابون قبل أن يتمّ إفراغه في قوالب مكعبة الشكل من أجل المنتج النهائي، يجلس سيف في غرفته في مخيم مؤقت للنازحين، ويقول “لم أتقاضَ راتبا منذ آذار/ مارس”، مشيرا إلى تعطّل معظم المصارف والشركات بسبب الحرب.

في كشك صغير لبيع الطعام في ود مدني، يحضّر محمد علي القادم من الخرطوموالذي كان موظفا في مؤسسة عامة، الطعام لتقديمه للزبائن. ويقول “اضُطررنا لإيجاد بدائل. لذلك قررت مع بعض الأصدقاء فتح كشك صغير يقدم أصناف طعام من العاصمة غير منتشرة في مدني”. يقدّم علي في محلّه الصغير الفلافل ووجبة “البوش” التي يتناولها سكان العاصمة بشكل شائع وعلى مدار اليوم وهي عبارة عن خبز مقطع في صحن كبير مضاف إليه الفول المدمس وبيض وجبن وبهارات.

داخل كشك صغير آخر في سوق مدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة، تجلس السودانية ميشيل إيليا التي كانت تعمل معلمة في مدرسة في أمّ درمان، ضاحية غرب الخرطوم الكبرى، تصنع وتبيع رقائق الخبز. وتقول إيليا من وراء نظاراتها الطبية “بعدما كنت أطمح الى أن أكون أستاذة كبيرة ينتهي بي الحال هنا.. لأول مرة أعمل في السوق”. وتتابع “لقد فقدت الأمل في الحياة.. ولكن أنا مجبرة على ذلك حتى أتكفّل بأسرتي وطعامي”، مضيفة “لست خجولة أو حزينة مما أقوم به، ولكنها ظروف الحرب”.

على مسافة من كشك إيليا الصغير، تقف إشراقة موسى التي غادرت منزلها في العاصمة أيضا من جراء الحرب، وراء عربة صغيرة اشترتها لتبيع عليها المشروبات الساخنة لتدبير دخل يومها. وتقول “أتيت إلى هنا واشتريت هذه العربة لصنع الشاي حتى أتمكن من تحمل تكاليف المعيشة.. كبدتنا الحرب أضرارا كثيرة وتركنا منازلنا وكل ما نملك. وتتابع بحسرة “الآن.. إذا تمكنت من إفطار أطفالي، قد لا أتمكن من تدبير وجبة الغداء”. قبل الحرب، لم تمارس موسى هذا العمل بتاتا في مجتمعها المحافظ.

ويعدّ السودان من أكثر دول العالم فقرا حتى قبل اندلاع النزاع الحالي. ويستمر العاملون في المجال الإنساني في المطالبة من دون جدوى بالوصول إلى مناطق القتال، ويقولون إنّ السلطات تمنع وصول المساعدات إلى الجمارك ولا تُصدر تأشيرات دخول لطواقم الإغاثة.

ويشهد الوضع الصحي في البلاد مزيداً من التدهور يوماً بعد يوم. فإضافة الى الحرب، يتعيّن على الـ48 مليون سوداني التعامل مع الجوع والفيضاناتوما تجلبه معها من أوبئة من الملاريا الى الكوليرا.

وتشير منظمة الصحة الدولية إلى أنّ “أكثر من 40% من السكان يعانون من الجوع، أي ضعف عدد العام الماضي”، هذا فضلا عن “نقص الأدوية والتجهيزات الصحية والكهرباء والماء”.

(أ.ف.ب)

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

شراكة بين شركة انطلاق وسافانا لدعم رواد الأعمال المهاجرين السودانيين في مصر

وقّعت شركة انطلاق المؤسسة الفكرية التي تقدم خدمات الاستشارات وبرامج بناء القدرات لدعم قطاع ريادة الأعمال في مصر شراكة مع شركة سافانا وهي حاضنة أعمال وشركة استشارات سودانية تهدف لتعزيز إمكانيات قطاع ريادة الأعمال السوداني، مذكرة تفاهم لدعم رواد الأعمال المهاجرين السودانيين في مصر. وتهدف هذه الشراكة إلى مساعدة رواد الأعمال السودانيين ودمج شركاتهم في الاقتصاد الرسمي من خلال الدعم الشامل، والتدريب، والاستشارات.

تهدف الشراكة لوضع العديد من التدخلات التي من شأنها تعزيز الوضع الاجتماعي والاقتصادي لرواد الأعمال السودانيين في مصر. وتركز الأهداف الرئيسية التي تم تحديدها في الاتفاقية على دمج رواد الأعمال السودانيين في قطاع ريادة الأعمال المصري، وتقديم الدعم التدريبي والمالي، وتعزيز التكامل الاقتصادي عن طريق دمجهم للاقتصاد الرسمي. كما ستقوم انطلاق وسافانا بعمل بحث شامل للوصول إلى التحديات وطرح مقترحات لسياسات تساهم في سهولة دمجهم وتعالج احتياجات رواد الأعمال المهاجرين، مما يخلق مسارًا أكثر سهولة لهم للنجاح في بيئة الأعمال المصرية.

بالإضافة إلى ذلك، سيقوم الطرفان بتصميم  برنامج حاضنة يناسب احتياجاتهم بناء علي البيانات ومخرجات البحث  يشمل ورش عمل، وجلسات تدريب، وبرامج إرشادية تهدف إلى تزويد رواد الأعمال بالمهارات والمعرفة اللازمة للنجاح في السوق المصري. كما سيتم تقديم عيادات أعمال لمساعدة رواد الأعمال على التغلب على التحديات، بالإضافة إلى خدمات استشارية قانونية ومالية ترشدهم خلال عملية تنظيم وتنمية أعمالهم.

في تلك المناسبة صرح عمر رزق، الشريك المؤسس والمدير العام لشركة انطلاق: "هذه الاتفاقية خطوة هامة نحو قطاع  ريادة أعمال أكثر شمولية في مصر ،فهناك إمكانيات هائلة لدي رواد الأعمال المهاجرون  ستساهم بشكل كبير في نمو الاقتصاد المصري، وشراكتنا مع سافانا ستوفر لهم الدعم الذي يحتاجونه للنجاح."

 كما أضاف: "ستقوم انطلاق بتنظيم سلسلة من مجموعة من المقابلات والمناقشات لتحديد التحديات المحددة التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون وسيتم تحليل هذه النتائج و الخروج بمقترحات لسياسات حتي يتم مشاركتها مع الجهات المعنية ، و أيضا حتي نقوم بخلق برنامج برنامج لحاضنة الأعمال يساهم في تطوير قدراتهم  ."

قال يوسف يحيى، المؤسس ومدير عام : " علي مر التاريخ لطالما كان هناك رابط  قوي بين مصر والسودان. هذه الشراكة بين انطلاق وسافانا تمثل أحدث فصل في هذه العلاقة المستمرة والممتدة بين البلدين ، وهي تمهد الطريق جديد للتعاون في بناء مستقبل اقتصادي مزدهر للبلدين. سنعمل معًا لضمان أن يتمكن الشباب والشركات السودانية، التي تعمل في مصر من دمج أعمالهم للاقتصاد المصري وقطاع ريادة الأعمال ، مما يضيف قيمة إلى مجتمعهم واكتساب المهارات اللازمة للنجاح، سواء كرواد أعمال أو في الوظائف  التقليدية أو الحرفية. ترمز هذه الشراكة إلى التزام مشترك بالتمكين والنمو والإمكانيات اللامحدودة لرواد الأعمال في البلدين"

تمثل هذه الشراكة التزام انطلاق بتحقيق نمو اقتصادي مستدام من خلال منظومة ريادة أعمال شاملة تعتمد على البيانات، في حين تواصل سافانا مهمتها في تمكين المجتمعات السودانية المهاجرة من خلال مبادرات التمكين.

شركة Savannah للتنمية المحدودة، ومقرها السودان، قد أنشأت منصة شاملة مخصصة لتمكين رواد الأعمال من خلال حاضنات الأعمال، والخدمات الاستشارية. تعتمد Savannah على نموذج شراكة سوداني للتعاون، بهدف تعزيز نمو ريادة الأعمال الاجتماعية والابتكار والاستدامة. من خلال الوصول إلى شبكة عالمية من المهنيين ذوي الخبرة، تسعى Savannah إلى النهوض بالمبتكرين ورواد الأعمال السودانيين.

مقالات مشابهة

  • بين الحاضر والماضي... رحلة النزوح اللبنانية التي لم تنتهِ "ألم يرفض النسيان"
  • صور.. تكريم 1000 معلم ومعلمة ضمن مبادرة "كلنا نقدرك"
  • العليان تعلن عن 36 وظيفة شاغرة
  • لهذا السبب.. منى جبر تتصدر تريند "جوجل"
  • المعهد الديمقراطي: ندوب الحرب التي دامت عقد من الزمان لا تزال تلازم كل جوانب الحياة في اليمن
  • و أنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب
  • هل انتهى كل شيء؟ .. ليس بعد .. الحرب في لبنان لم تبدأ والمفاجآت تغير المعادلات
  • هل انتهى كل شيء؟ .. ليس بعد .. الحرب في لبنان لم تبدأ والمفاجآت تغير المعادلات - عاجل
  • شراكة بين شركة انطلاق وسافانا لدعم رواد الأعمال المهاجرين السودانيين في مصر
  • الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها