الحرب تغير حياة السودانيين .. مهندس يصنع الصابون ومعلمة تبيع الخبز!
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
غيّرت الحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع مسار حياة العديد من السودانيين من أجل تأمين قوتهم اليومي، فهذا مهندس يصنع الصابون وتلك معلمة تبيع الخبز، إذ تبدو الحاجة بالنسبة الى كثيرين أم الاختراع.
أسفرت الحرب في السودان والتي تتركز في العاصمة الخرطوم وضواحيها وفي إقليم دارفور في غرب البلاد وبعض المناطق الجنوبية، عن مقتل 3.
في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة التي تعدّ بين أكبر مراكز استقبال الفارّين من العاصمة، إذ تبعد عنها جنوبا نحو 200 كلم، يقول أستاذ الهندسة الجامعي علي سيف “المعاناة تخلق منك مبدعًا.. لقد لاحظت عدم توفّر الصابون في السوق واحتياج الجميع له، فقرّرت صنعه”. وسيف واحد من ثلاثة ملايين نازح من الخرطوم بسبب الحرب التي اندلعت بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو في 15 نيسان/ أبريل. وفرّ كثيرون إلى ولايات أخرى بمنأى عن القتال والبعض الآخر عبر الحدود إلى البلدان المجاورة.
بين الأواني التي يُخلط فيها سائل الصابون قبل أن يتمّ إفراغه في قوالب مكعبة الشكل من أجل المنتج النهائي، يجلس سيف في غرفته في مخيم مؤقت للنازحين، ويقول “لم أتقاضَ راتبا منذ آذار/ مارس”، مشيرا إلى تعطّل معظم المصارف والشركات بسبب الحرب.
في كشك صغير لبيع الطعام في ود مدني، يحضّر محمد علي القادم من الخرطوموالذي كان موظفا في مؤسسة عامة، الطعام لتقديمه للزبائن. ويقول “اضُطررنا لإيجاد بدائل. لذلك قررت مع بعض الأصدقاء فتح كشك صغير يقدم أصناف طعام من العاصمة غير منتشرة في مدني”. يقدّم علي في محلّه الصغير الفلافل ووجبة “البوش” التي يتناولها سكان العاصمة بشكل شائع وعلى مدار اليوم وهي عبارة عن خبز مقطع في صحن كبير مضاف إليه الفول المدمس وبيض وجبن وبهارات.
داخل كشك صغير آخر في سوق مدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة، تجلس السودانية ميشيل إيليا التي كانت تعمل معلمة في مدرسة في أمّ درمان، ضاحية غرب الخرطوم الكبرى، تصنع وتبيع رقائق الخبز. وتقول إيليا من وراء نظاراتها الطبية “بعدما كنت أطمح الى أن أكون أستاذة كبيرة ينتهي بي الحال هنا.. لأول مرة أعمل في السوق”. وتتابع “لقد فقدت الأمل في الحياة.. ولكن أنا مجبرة على ذلك حتى أتكفّل بأسرتي وطعامي”، مضيفة “لست خجولة أو حزينة مما أقوم به، ولكنها ظروف الحرب”.
على مسافة من كشك إيليا الصغير، تقف إشراقة موسى التي غادرت منزلها في العاصمة أيضا من جراء الحرب، وراء عربة صغيرة اشترتها لتبيع عليها المشروبات الساخنة لتدبير دخل يومها. وتقول “أتيت إلى هنا واشتريت هذه العربة لصنع الشاي حتى أتمكن من تحمل تكاليف المعيشة.. كبدتنا الحرب أضرارا كثيرة وتركنا منازلنا وكل ما نملك. وتتابع بحسرة “الآن.. إذا تمكنت من إفطار أطفالي، قد لا أتمكن من تدبير وجبة الغداء”. قبل الحرب، لم تمارس موسى هذا العمل بتاتا في مجتمعها المحافظ.
ويعدّ السودان من أكثر دول العالم فقرا حتى قبل اندلاع النزاع الحالي. ويستمر العاملون في المجال الإنساني في المطالبة من دون جدوى بالوصول إلى مناطق القتال، ويقولون إنّ السلطات تمنع وصول المساعدات إلى الجمارك ولا تُصدر تأشيرات دخول لطواقم الإغاثة.
ويشهد الوضع الصحي في البلاد مزيداً من التدهور يوماً بعد يوم. فإضافة الى الحرب، يتعيّن على الـ48 مليون سوداني التعامل مع الجوع والفيضاناتوما تجلبه معها من أوبئة من الملاريا الى الكوليرا.
وتشير منظمة الصحة الدولية إلى أنّ “أكثر من 40% من السكان يعانون من الجوع، أي ضعف عدد العام الماضي”، هذا فضلا عن “نقص الأدوية والتجهيزات الصحية والكهرباء والماء”.
(أ.ف.ب)
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الفريق اول ركن مهندس سفير !
مناظير السبت 8 مارس، 2025
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* لا ادري السبب في حالة العشق الأزلية في بلادنا (ومعظم الدول العربية) للألقاب لدرجة ان البعض يصر على ان يسبق اسمه باكثر من لقب واحد، وربما ثلاثة أو اربعة ألقاب!
* من اشهر النماذج الوزير السابق والمجرم الهارب من العدالة الدولية (عبدالرحيم محمد حسين) الذي كان مصرا على ان يسبق اسمه بلقب (الفريق اول ركن مهندس طيار) رغم انه لم يكن طيارا ولا مهندسا (دبلوم هندسة)، ولم يكن سيحصل على رتبة (الفريق اول) في الجيش السوداني لولا انتمائه للنظام البائد وصداقته لرأس النظام، وربما توقفت مسيرته العسكرية عند رتبة (رائد) لفشله المؤكد في إمتحان الترقي الى رتبة (المقدم)، وكلنا يذكر تبريره المضحك لاختراق طائرة إسرائيلية للمجال الجوي السوداني وقصفها لسيارة تحمل احد الارهابيين، عندما قال (الطيارة جات بى فوق وطافية نورها وقت صلاة العشا)، وكان وقتها وزيرا للدفاع ..!!
* جرت العادة فى الدول التى تحترم الألقاب، ان يُستخدم اللقب في أضيق نطاق ممكن، فالطبيب أو (الدكتور) هو دكتور فى المستشفى، والبروفيسور هو بروفيسور فى الجامعة، والمهندس هو مهندس فى المصنع أو الورشة أو مكان العمل، وليس فى السوق أو السينما أو أى مكان آخر !
* بل كثيرا ما تختفي الألقاب فى اماكن العمل نفسها الا للضرورة القصوى، فطيلة دراستي وعملي في الغرب لم اسمع لقب بروفيسور أو دكتور في الجامعات والمؤسسات الاكاديمية والعلمية الا نادرا جدا، ولم يحدث ان عرَّفنى شخص بنفسه مقدما اللقب على اسمه، رغم ان الجميع يحمل ارفع الدرجات الاكاديمية، بل قد يطلب الشخص في أغلب الاحيان ان يناديه الآخرون باسمه الاول أو (الإسم الذى يحبه) مجردا من اى ألقاب أو شكليات او رسميات، وبالمناسبة فإن الكثير من السياسيين والوزراء وشاغلي المناصب العامة في الغرب يحملون أرفع الدرجات الاكاديمية والعلمية، ولكن هل سمعتم في يوم من الأيام مَن يطلق على رئيس الوزراء او وزير الصحة او وزير الخارجية او وزير التعليم أو عضو الكونجرس ..إلخ، لقب بروفيسور او دكتور، رغم ان كثيرين منهم بروفيسيرات ودكاترة؟!
* أما صاحب اللقب في بلادنا فتجده مصرا عليه حتى في اماكن لا علاقة لها بعمله او مهنته او تخصصه، وإذا حدث عن طريق الخطأ أن ناديته باسمه مجردا من اللقب، تجده يغضب (ويمد بوزه شبرين) وربما يقاطعك مدى الحياة، كأنك انتقصت من قدره أو أسأت إليه، هذا بالطبع غير الألقاب المزورة التي يطلقها كثيرون على أنفسهم، وما اكثر البروفيسورات والدكاترة والمهندسين المزيفين وغيرهم!
* وهنالك من يعتقد ان حصوله على درجة فخرية مثل الدكتوراة الفخرية من إحدى الجامعات تقديرا لتبرعه لها ببعض المال (وقد يكون مسروقا)، تجعله دكتورا بالفعل، وتسمع المنافقين ينادونه "يا دكتور يا دكتور" وهو في غاية الانبساط والانشراح من الدكترة التي لا يستحقها !
* هذا كوم والرتب والألقاب العسكرية التي لا يتناسب نوعها وعددها على الاطلاق مع مقدرات وتسليح وتعداد الجيش كوم آخر، ففي الجيش السوداني المئات من الفرقاء الأوائل والفرقاء والالوية .. إلخ، ربما أكثر عددا من اقرانهم في الجيش المصري او حتى البريطاني أو الأمريكي رغم الفارق الضخم في كل شئ بينه وبين تلك الجيوش، دعك من الرتب والألقاب التي تُمنح بدون الحصول على المؤهل العسكري المطلوب (يجيك واحد من الخلا لا يعرف كيف يكتب اسمه، ثم تسمع به بعد ايام فريق أو لواء (واركان حرب كمان) في الجيش السوداني!
* وليت الأمر إقتصر على الجيش فقط، بل تعداه ليشمل الشرطة، وما أدراك ما فرقاء وألوية الشرطة .. (عمركم سمعتوا بضابط شرطة أمريكي أو بريطاني فريق أول أو فريق أو حتى لواء)؟!
* دعكم من كل ذلك .. هل هنالك ما يستدعي أن يصر احد السفراء على تعريف نفسه في المكاتبات والمحافل الرسمية وغير الرسمية داخل وخارج السودان بأنه (الفريق أول ركن مهندس)، أم أن لقب (سفير) ليس كافيا ليرضي غروره ويشبع طموحه ويشفيه من مركب النقص الذي يعاني منه؟!
* ارتحنا من الفريق أول ركن مهندس طيار، فابتلينا بالفريق أول ركن مهندس سفير .. اللهم لا اعتراض على حكمك !