هرجيسا- بعد تأجيلها عامين نتيجة عقبات قانونية وخلافات سياسية، يستعد إقليم أرض الصومال لخوض الانتخابات الرئاسية والحزبية في 13 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، والتي تعد السابعة في تاريخه، وتأتي وسط تطورات وأحداث سياسية مؤثرة داخليا وخارجيا.

وتهيمن قضايا الدفاع عن سيادة ووحدة الإقليم وحل المشاكل الداخلية، واستمرار مسيرة البحث عن الاعتراف الرسمي، على برامج مرشحي الأحزاب السياسية وفي خطابات الأحزاب الثلاثة المؤهلة للتنافس على موقع الرئاسة، منذ اليوم الأول لبدء الحملات الانتخابية بشكل رسمي.

وفي الشق الرئاسي، يُتوقع أن يشهد الإقليم منافسة محمومة بين الحزب الحاكم "كلميه" وحزبي المعارضة "وطني" و"أوعِد" اللذين تصدرا الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو/أيار 2021، مما يجعل الانتخابات مفتوحة على كل الاحتمالات.

وبالإضافة إلى السباق الرئاسي، تتيح مفوضية الانتخابات لمواطني الإقليم الفرصة خلال الانتخابات نفسها للمشاركة في تشكيل المشهد السياسي عبر اختيار الأحزاب السياسية الرسمية.

ويتنافس بالانتخابات الحزبية المقبلة 10 جمعيات سياسية، من ضمنها الأحزاب السياسية الثلاثة التقليدية، إلى جانب 7 جمعيات سياسية جديدة تسعى للتحول إلى حزب سياسي. وبحسب الدستور، فإن الأحزاب الثلاثة التي تتصدر المشهد الانتخابي، أي تحوز على أعلى نسبة تصويت، هي التي ستصبح أحزابا سياسية رسمية.

لجنة الانتخابات الوطنية بالإقليم تتوقع مشاركة واسعة بالانتخابات الرئاسية والحزبية لهذا العام (مواقع التواصل) سباق محموم

ولا تقل الانتخابات الحزبية في "أرض الصومال" شأنا عن الانتخابات الرئاسية، فالانتخابات الحالية ستحدد مصير الأحزاب الثلاثة الرسمية بالإقليم للسنوات العشرة المقبلة، وهو ما يؤجج حدة المنافسة بين الأحزاب القائمة والتجمعات السياسية المتنافسة، من أجل استمالة الناخبين وكسب أصواتهم في الانتخابات، بحسب رئيس جمعية جلول السياسية نور الدين إبراهيم.

وبحسب لجنة الانتخابات الوطنية بالإقليم، فإن الانتخابات الرئاسية والحزبية لهذا العام تتميز بمشاركة واسعة، حيث سيشارك فيها مليون و720 ألف ناخب، أي بنسبة تزيد عن 60% مقارنة بالانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2017، حيث كان عدد الناخبين المسجلين حينها 704 آلاف و980 ناخبا.

ويرى نور الدين إبراهيم -في تصريحات للجزيرة نت- أنه رغم تصدر 3 أحزاب سياسية توقعات الفوز في الانتخابات الحزبية، فإنه من المتوقع حدوث بعض المفاجآت، وهو ما تسعى إليه بعض الجمعيات السياسية.

وحول التحدي الذي يواجه هذه الجمعيات الصغيرة للفوز، يقول المحلل السياسي بمركز الصومال للدراسات عبد الله راغي -للجزيرة نت- إن الوضع الاقتصادي لهذه الجمعيات وغياب الخبرات مما يحول دون كسب أصوات الناخبين، كما أن العامل القَبلي يشكل عقبة إضافية أمام الجمعيات السياسية الجديدة.

قضايا الدفاع عن سيادة ووحدة الإقليم وحل المشاكل الداخلية تهيمن على برامج الأحزاب المتنافسة (الجزيرة) برامج الأحزاب السياسية

يتنافس في الاستحقاق الانتخابي الرئاسي في إقليم أرض الصومال 3 أحزاب رئيسة، ورغم اختلاف برامجها السياسية فإن البحث عن الاعتراف الرسمي بإقليم أرض الصومال هو العامل المشترك بينها.

ويعكس حزب "كلميه" الحاكم برنامجه السياسي على قضية الاعتراف الرسمي، ويعرض مذكرة التفاهم -التي أبرمها الإقليم مع إثيوبيا مطلع يناير/كانون الثاني الماضي- على أنها ستجلب الاعتراف الدولي للإقليم، ويركز في برامجه السياسية على قضية الدفاع عن حدود الإقليم نظرا للتهديدات الداخلية والخارجية.

أما حزب "وطني" المعارض، فاختار القضايا المحلية كالعمل على وحدة الشعب وحل المشاكل الداخلية في مقدمة برنامجه السياسي، إلى جانب الحصول على الاعتراف الرسمي. لكنه فضل أن يكون الاعتراف غير مشروط، وهو عكس ما جاء في مذكرة التفاهم مع أديس أبابا.

ويركز حزب "أوعِد" المعارض في برنامجه السياسي أيضا على الأمور المحلية، كالعدالة والمساواة بين سكان الإقليم، إلى جانب إجراء إصلاحات اقتصادية تعزز رفاهية السكان، وضمان حقوق المرأة والشباب، وتحقيق حلم نيل الاعتراف، وبناء شراكة سياسية وأمنية مع دول الجوار.

وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي في "مركز الصومال للدراسات" عبد الله راغي -للجزيرة نت- إن سكان الإقليم يدركون أن البرامج والمشاريع المطروحة مجرد شعارات انتخابية ينتهي مفعولها فور انتهاء الانتخابات، ولا يتوقعون الكثير ممن سيفوز لأن أصوات الناخبين لا تتعلق بالأداء السياسي للأحزاب بقدر ما أن لها دوافع عشائرية.

نسبة أصحاب حق المشاركة بالانتخابات تزيد على 60% مقارنة بانتخابات 2017 (مواقع التواصل) السيناريوهات المحتملة

يرى مدير "مركز هرجيسا للبحوث والدراسات" محمود عبدي أن الانتخابات الرئاسية والحزبية في "أرض الصومال" تحمل عدة سيناريوهات محتملة، نظرا للتنافس الشديد بين الأحزاب الثلاثة، بحكم التطورات الجديدة التي شهدها الإقليم السنوات الماضية.

وقال عبدي -في حديثه للجزيرة نت- إن استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع وانحسار كبير بالقاعدة الشعبية لحزب "كلميه" الحاكم، مقابل تقدم كبير في شعبية الأحزاب المعارضة، وخاصة "وطني" الذي فاز بأكبر عدد من المقاعد بالانتخابات البرلمانية السابقة، متوقعا أن تتم الانتخابات الرئاسية وفق سيناريوهين اثنين:

أولها أن يحقق "وطني" المعارض فوزا مريحا بالانتخابات الرئاسية، مستغلا الأداء السياسي المتردي لحزب "كلميه" الحاكم، ويعزز هذا السيناريو عدة مؤشرات منها:

وعود الحزب بتعزيز الوحدة الوطنية والمصالحة، وهو ما يمثل رؤية جذابة للناخبين، وخاصة المناطق التي تعاني من التهميش والنزاعات، بما فيها منطقة سول وسناغ. العلاقات الخارجية المتزنة التي يتمتع بها مع دول الجوار، مما يعني قدرته على تخفيف التوتر معها، إلى جانب استئناف المفاوضات مع الحكومة الصومالية، وعرض إستراتيجية مختلفة لتحقيق الاعتراف الدولي. رغبة سكان الإقليم في خوض تجربة سياسية جديدة في الحكم بعد استياء شعبي من القيادة الحالية ومن الأداء السياسي للحزب الحاكم.

وضمن السيناريو الأول، يُتوقع أن يُمنى "كلميه" بالخسارة بسبب حالة التخبط الشعبي وخاصة بين أنصاره، بعد تمديد ولايته الرئاسية التي انتهت صيف 2022 لمدة عامين، بالإضافة لفشله في توحيد سكان الإقليم الذي يواجه صراعات محلية.

ويعزز هذا التوقع ظهور معارضة داخلية بالإقليم ضد مذكرة التفاهم مع إثيوبيا، وخاصة القبائل التي تقطن زيلع ولوكهي، وهي المنطقة المائية التي حددتها إدارة الإقليم لاستئجارها لصالح أديس أبابا، إضافة إلى التوتر السياسي والدبلوماسي الذي اختلقه الحزب مع الدول الإقليمية مثل جيبوتي ومصر.

ويتمثل السيناريو الثاني بإمكانية محاولة "كلميه" التلاعب بنتائج الانتخابات وتزويرها، مما قد يؤدي إلى إعادتها وإدخال الإقليم في حالة من الاضطرابات السياسية.

لكن، يقلل المحللون من احتمال هذا السيناريو نظراً للوضع السياسي غير الواضح بعد التأجيل المتكرر للانتخابات، والارتدادات التي أحدثتها مذكرة التفاهم بين هرجيسا وأديس أبابا بشكل يهدد الاستقرار السياسي والأمني في الإقليم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأحزاب السیاسیة الاعتراف الرسمی مذکرة التفاهم سکان الإقلیم أرض الصومال للجزیرة نت إلى جانب

إقرأ أيضاً:

الأحزاب والمجتمع المدني والنقابات تعلن الاصطفاف الوطني خلف القيادة السياسية

شاركت القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدنى والنقابات المهنية فى وقفة معبر رفح أمس، استجابة للدعوات التى أطلقتها الأحزاب والكيانات السياسية، مؤكدين حق الفلسطينيين فى أرضهم، وطالبوا بإعمار غزة. وأكدت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أهمية الاصطفاف الوطنى خلف القيادة المصرية، مشيدة بوحدة وتماسك الأحزاب والقوى السياسية المصرية بمختلف أطيافها وأيديولوجياتها فى دعم الموقف الرسمى للدولة المصرية الساعى لتحقيق السلام العادل والشامل فى المنطقة، ورفض أى محاولات لتصفية القضية الفلسطينية أو تهديد الأمن القومى المصرى والعربى.

وأشادت بالموقف الوطنى المشرف لمجلس النواب، فى دعمه الثابت للقضية الفلسطينية، ورفضه القاطع محاولات التهجير، سواء تحت قبة البرلمان، أو فى المحافل الدولية والإقليمية، ومواقفه التى تعكس التزام مصر التاريخى تجاه الأشقاء الفلسطينيين.

«التنسيقية»: نرفض أي تهديد للأمن القومي

وأعربت التنسيقية عن رفضها القاطع محاولات التهجير الطوعى أو القسرى، التى تمارسها حكومة الاحتلال، وتمثل انتهاكاً صارخاً لكل القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، كما دعت «التنسيقية» إلى الاصطفاف أمام معبر رفح لرفض محاولات التهجير، وتصفية القضية الفلسطينية. ودعت «التنسيقية» أيضاً المجتمع الدولى إلى تحمّل مسئولياته القانونية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطينى، والضغط على الاحتلال لوقف سياساته القمعية وإجراءاته غير القانونية التى تُهدّد الاستقرار فى المنطقة.

«مستقبل وطن»: التوافد الشعبي على المعبر يعكس إجماع المصريين على الرفض القاطع لمخططات الاحتلال

وشدّد حزب مستقبل وطن على أن التوافد الشعبى الذى شهده أمس معبر رفح، يعكس إجماع الرأى العام المصرى على الرفض القاطع لمخططات التهجير، والاصطفاف خلف القيادة السياسية فى موقفها الدقيق بين الدعم التاريخى للقضية الفلسطينية ومحدّدات الأمن القومى المصرى، ويُمثل رسالة واضحة المعانى والدلالات للمجتمع الدولى، مؤكداً أنّ القيادة السياسية المصرية لطالما حذّرت من انسداد المسارات المؤدية إلى تسوية سياسية شاملة، إذ تدعو رؤية الدولة المصرية إلى السعى الجاد لتطبيق حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كسبيل وحيد للسلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، وأن تهجير الشعب الفلسطينى يُعد ظلماً، ولا يُمكن أن تشارك مصر فيه.

وأكد فريد زهران، رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، أن الحزب دعا القوى الشعبية والأحزاب السياسية، والنقابات المهنية، وجميع أطياف الشعب المصرى منذ أيام، للمشاركة فى الوقفة الاحتجاجية، والتضامن مع الشعب الفلسطينى، ورفض محاولات تهجير الفلسطينيين، أو النيل من حقوقهم المشروعة، موضحاً أن تلك الوقفة هدفها الاحتجاج على المخططات الظالمة التى تُمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولى وتهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة بأكملها، وأن الجميع شارك تحت شعار واحد ولهدف واحد هو التضامن مع الشعب الفلسطينى والوقوف فى وجه أى محاولة لتصفية القضية الفلسطينية، وأن التحرّك لن يكون تحت مظلة حزب ولا فصيل.

فيما قال ناجى الشهابى، رئيس حزب الجيل الديمقراطى، إن الجماهير المصرية التى زحفت عبر السيارات إلى معبر رفح منذ الساعات الأولى من الليل، لتعلن للدنيا كلها أن مصر الشعبية بأحزابها ونقاباتها المهنية والعمالية ومنظمات مجتمعها المدنى تقف خلف الدولة المصرية والقيادة السياسية وتدعم قرارها القومى برفض مخططات التهجير ودعم حق شعبنا الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967.

وقال المستشار حسين أبوالعطا، رئيس حزب المصريين، إن الوقفة التضامنية الحاشدة التى شهدها معبر رفح، تحت شعار «كلنا معاك يا سيسى»، جاءت رفضاً لمحاولات التهجير القسرى للفلسطينيين من قطاع غزة، مؤكدين دعمهم الكامل لموقف الدولة المصرية فى التصدى لهذه المخططات، ولفت إلى أن هذا الحشد الشعبى الهائل يعكس مدى الوعى الوطنى والإدراك الشعبى العميق لخطورة الأوضاع الراهنة فى المنطقة.

وشاركت نقابات «المحامين، والمهندسين، والأطباء، والصحفيين، والمهن التمثيلية، والمهن السينمائية، والزراعيين، والتجاريين، والبيطريين، وأطباء الأسنان» فى الوقفة التضامنية مع الشعب الفلسطينى أمام معبر رفح، لإعلان رفضهم الكامل لجميع أشكال ومحاولات التهجير للفلسطينيين ودعم الشعب الفلسطينى وحقه فى العودة وإعمار غزة.

مقالات مشابهة

  • السوداني: حكومتنا تشكلت بظروف شهدت عزوفا عن الانتخابات وتراجع الثقة بالنظام السياسي
  • نائب إطاري:خلافات سياسية بشأن التعديل الرابع لقانون الانتخابات
  • العبيدي: أولويات البعثة الأممية سياسية فقط وعاجزة عن حل الأزمة الحقيقية
  • الأحزاب والمجتمع المدني والنقابات تعلن الاصطفاف الوطني خلف القيادة السياسية
  • استمرار الخلافات السياسية بشأن شكل قانون الانتخابات البرلمانية المقبلة
  • استمرار الخلافات السياسية بشأن شكل قانون الانتخابات البرلمانية المقبلة - عاجل
  • نائب كردي:حكومة البارزاني تستغل جوع شعب الإقليم لتحقيق مكاسب سياسية
  • أستاذ علوم سياسية: إسبانيا تثّمن الدور المصري في دعم قضايا الإقليم
  • أستاذ علوم سياسية: إسبانيا تثمن الدور المصري في دعم قضايا الإقليم| فيديو
  • أستاذ علوم سياسية يوضح كيفية تطوير العلاقات الاقتصادية بين مصر وكينيا