السابعُ من أُكتوبر.. علامةٌ فارقةٌ بين أهل الإيمان والكفر
تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT
ما من شك أن الشرف بالهمم العالية لا بالرمم البالية، وأن من صح إيمانه شرُفت ذاته، وكثرت حسناته، وقويت إرادته، وامتازت شجاعته، وعمت خيراته، وانتشرت بركاته.
فهو في مجتمعه مرفوع الهامة، موحداً للصفوف، عظيم العطاء، أهدافه وآراؤه وتوجيهاته نابعة من تعاليم شريعة الله، يحب لإخوانه المؤمنين ما يحبه لنفسه، حريص على جلب الخير إليهم، ودفع الضر عنهم، تتحقّق فيه صفة الأخوة للمؤمنين، كما أخبر بذلك رب العالمين:(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) كما بيّن ذلك خاتم النبيين “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا” همه ابتغاء مرضاة الله، والجهاد في سبيله، كما كان السابقون الأولون من أصحاب سيد المرسلين، الذي نزل في حق أحدهم:(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّـهِ)،والآية وإن كان سبب نزولها في الإمام علي -عليه السلام- حينما نام على فراش رسول الله مفتديًا له منفذًا لأمره، فَــإنَّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ومما يدل على ذلك ويزيده بياناً قول الحق سبحانه وتعالى:(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أنفسهُمْ وَأموالهُمْ…) “الآية”.
إن السابع من أُكتوبر قد أثبت بما لا يدع مجالاً للشك قوة إرادَة هؤلاء المجاهدين الأبطال من أبناء غزة في فلسطين وصحة إيمانهم وقوة شكيمتهم بإعلانهم للجهاد وانتفاضتهم في وجه الصهيونية اليهودية المستكبرة، التي احتلت أرضهم، وسفكت دماءهم، فشكّل هذا اليوم بعمل هؤلاء المؤمنين الأبطال علامة فارقة بين أهل الإيمان وأهل الكفر، وبين أهل الإيمان وأهل النفاق.
فمن أحب هؤلاء الأبطال المؤمنين وناضل معهم بأي نوع من أنواع الجهاد بالمال، أَو بالنفس، أَو بالعتاد، أَو بالكلمة فهم من أهل الإيمان.
إن جهاد هؤلاء المؤمنين طاعة لله، ودفعاً لهمجية عدوان الصهيونية اليهودية صمام أمان للأُمَّـة الإسلامية بأسرها، في مواجهة العدوان الصهيوني اليهودي.
فلا يمكن للمجتمع الإسلامي أن يكون موحد الصف متلاحم الأنسجة، قوي الإرادَة، عظيم العطاء، مرفوع الهامة ما لم تكن توجّـهاته الجهادية نابعة من المصلحة العليا للأُمَّـة، حريصة على رفع الظلم عن أبنائها.
أما من تماهى مع المشروع الصهيوني فقد نكص على عقبه، والله سبحانه وتعالى يقول:(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ)، ويقول:(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ)،ويقول:(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أولياء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: “يحشر المرء مع من أحب”، وهذا ابن مسعود يقول:“ لو عبد الله بين الركن والمقام سبعين عاماً لم يحشره الله إلا مع من أحب” فمن كانت عواطفه مع اليهود الكافرين والمنافقين يميل إليهم ويحب انتصاراتهم فهو منهم.
إن الصلف الصهيوني والخطر اليهودي الذي داهم المجتمع الإسلامي في فلسطين لا يشكل خطراً على المجتمع الإسلامي فحسب، وإنما يشكل خطراً على المجتمع الإنساني كله؛ فنتن ياهو قد أشقى قومه وأهلكهم، وسيوردهم النار، لقد اشترى الضلال بالهدى، والعذاب بالمغفرة (وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أنفسهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ).
لقد اتخذ نتن ياهو وحكومته سبيل الإسراف في القتل، فهو يستبيح الدماء اعتباطاً، فهو يقتل النساء والأطفال الرضع، ويهلك الحرث والنسل، والله لا يحب الفساد(وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أصحاب النَّارِ) فهذه الصهيونية اليهودية تجاوزت كُـلّ الحدود حتى في الكذب على الله وعلى عباده.
لقد تجاوز إسرافهم إسراف أسلافهم الذي حكاه الله عن يوسف -عليه السلام-فيهم (أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً).
لقد كان نتنياهو شؤماً حتى على الصهيونية، التي جرها إلى هوة سحيقة، من الإسراف في سفك الدماء، وسيكون سبباً في زوالها، ليس من أرض فلسطين فحسب، بل من أمريكا وأُورُوبا والعالم كله.
إن جهل نتنياهو بخالقه وبارئه وغفلته عنه جعلت منه عبداً لأهوائه ومطامعه، ينتهك الحرمات، ويسفك الدماء، ويعيث في الأرض فساداً.
إن السابع من أُكتوبر شكل فارقاً بين أهل الإيمان والكفر، وفارقاً بين العبيد والأحرار.
فأحرار العالم لا يرضون بما يفعله عبيد الأهواء في الصهيونية اليهودية، ولا يرضون بفعل هؤلاء الأشقياء، فقد أذن الله للذي ظلموا بالقتال (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين اليهود والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء (وَلَيَنْصُرَنَّ الله مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
WP: نظام جديد بدأ بالتشكل في الشرق الأوسط.. هؤلاء الرابحون
قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الأنظار تتركز الآن، على النظام الجديد الذي يتشكل في دمشق، بعد السقوط المذهل لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، والجهات الفاعلة الإقليمية القوية التي قد تؤثر عليه.
وأوضحت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، أن المحللين سارعوا وأعلنوا من الآن الفائزين والخاسرين على المستوى الجيوسياسي، إيران وروسيا، داعمي الأسد منذ فترة طويلة، يلعقون جراحهم؛ تركيا والملكيات العربية التي دعمت المعارضين السوريين بدرجات متفاوتة في صعود.
من الواضح أن دولة الاحتلال، التي نفذت حملة قصف لا هوادة فيها على أهداف عسكرية سورية ونقلت قوات برية عبر مرتفعات الجولان المتنازع عليها إلى الأراضي السورية، تشعر بالجرأة أيضا.
وأضاف: "مع تولي جماعة من الثوار الإسلاميين التي أطاحت بالأسد زمام الأمور في توجيه عملية الانتقال السياسي في البلاد، بدأت الحكومات الغربية في إعادة الانخراط في بلد ظل لفترة طويلة في حالة من البرودة الدبلوماسية. فرفع العلم الفرنسي فوق سفارة فرنسا في دمشق يوم الثلاثاء لأول مرة منذ 12 عاما. ويوم الجمعة، زار وفد أمريكي سوريا، في أول زيارة دبلوماسية أمريكية إلى دمشق منذ أكثر من عقد من الزمان".
ويظل الكثير غير مؤكد. فيوم الخميس، تظاهر عشرات الأشخاص في قلب دمشق، مطالبين السلطات الجديدة المرتبطة بالإسلاميين بالحفاظ على دولة علمانية شاملة. وتستعد الوحدات الكردية المسلحة، في شمال شرق سوريا لمعارك محتملة مع الفصائل السورية.
وقالت الصحيفة: "لقد كشف سقوط الأسد عن بعض الديناميات. لقد كان زوال النظام متوقعا من خلال القضاء التكتيكي الإسرائيلي على جماعة حزب الله اللبنانية المسلحة، وهي الوكيل الإيراني الذي كان حيويا لتأمين نظام الأسد على مدى عقد من الحرب الأهلية. وعلاوة على ذلك، بعد الدفاع عنه لسنوات، كانت كل من إيران وروسيا غير قادرتين أو حتى غير راغبتين في إبقاء الأسد في السلطة. ويمثل الإطاحة به تغييرا سياسيا كبيرا في الشرق الأوسط".
ونقلت عن لينا الخطيب، محللة شؤون الشرق الأوسط في مركز تشاتام هاوس البريطاني للأبحاث قولها: "كما كان عام 1989 بمثابة نهاية الشيوعية في أوروبا، فإن هروب الأسد إلى موسكو يشير إلى زوال أيديولوجية المقاومة المناهضة للغرب والمعادية لإسرائيل في الشرق الأوسط. لأكثر من نصف قرن، كانت عائلة الأسد العمود الفقري للنظام السياسي في الشرق الأوسط حيث أطلقت كتلة من الدول على نفسها اسم المقاومة لما أسمته الإمبريالية الغربية والصهيونية".
في مقال في مجلة "فورين أفيرز"، حدد كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين عاموس يادلين وأفنير غولوف استراتيجية من شأنها أن تنشئ "نظاما إسرائيليا في الشرق الأوسط". ودعوا إلى بذل جهد دبلوماسي لربط إسرائيل بشكل أكبر بالملكيات العربية في الخليج، وخاصة السعودية والإمارات وهو جهد معقد يتطلب شراكة أمريكية وتنازلات إسرائيلية في نهاية المطاف لملايين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الفعلي. لكن هذا يتطلب أيضا من نتنياهو تحدي أعضاء اليمين المتطرف الرئيسيين في ائتلافه الحاكم، الذين يتصورون أن إسرائيل ستضم قريبا أجزاء من الضفة الغربية وحتى إنشاء مستوطنات في غزة.
كتب يادلين وغولوف: "على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، أعادت إسرائيل تأكيد قدرتها على تشكيل السياسة والأمن في الشرق الأوسط. ولكن بدون قيادة شجاعة، قد تفلت فرصة إسرائيل. إن تطلعات الأعضاء المتطرفين في ائتلاف نتنياهو لضم أجزاء من غزة والضفة الغربية، أو فرض الحكم العسكري في غزة، أو متابعة أجندة محلية استقطابية تضعف المؤسسات الديمقراطية من شأنها أن تعيق هذا التقدم بشدة".
ولكن هناك لاعب إقليمي آخر يشعر بلحظته أيضا. كان نظام الأسد بمثابة محور لما أطلق عليه المحللون منذ فترة طويلة "الهلال الشيعي" الإيراني، وهو قوس من النفوذ والجماعات الوكيلة التي تربط طهران بالبحر الأبيض المتوسط. ومع رحيل الأسد فقد نشهد "نهاية الهلال الشيعي الذي طالما خشيته إيران وصعود البدر التركي، وإعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي من القرن الأفريقي إلى بلاد الشام وأفغانستان".
إن وكلاء تركيا في وضع مهيمن في دمشق وعلى استعداد للاستيلاء على المزيد من السيطرة في شمال شرق سوريا. لقد دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ فترة طويلة إلى الإطاحة بالأسد، ويبدو الآن أنه أثبت صحة نهجه. كما لعب دورا أكبر كرجل دولة إقليمي، حيث توسط مؤخرا في اتفاقيات السلام بين إثيوبيا والصومال، في حين عزز تحالف تركيا مع أذربيجان، الدولة النفطية المسلحة جيدا على عتبة إيران.
حتى أن ترامب وصف ما جرى بأنه "استيلاء غير ودي" من قبل تركيا، وهو السرد الذي رفضته أنقرة. وقال وزير الخارجية هاكان فيدان في مقابلة: "لن نسميه استيلاء، لأنه سيكون خطأ فادحا تقديم ما يحدث في سوريا" بهذه المصطلحات، مضيفا أن الإطاحة بالأسد تعكس "إرادة الشعب السوري" وأنه من المهم للشرق الأوسط أن يتجاوز "ثقافة الهيمنة".
وقال فيدان: "لا الهيمنة التركية، ولا الهيمنة الإيرانية، ولا الهيمنة العربية، بل يجب أن يكون التعاون هو الأساس".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الود التركي للجماعات الإسلامية ودعمه التاريخي للأحزاب التابعة لجماعة الإخوان المسلمين يشكلان مصدر قلق لكل من الدول العربية مثل الإمارات ومصر، وكذلك إسرائيل، التي تدهورت علاقاتها مع تركيا منذ بداية الحرب في غزة. وقد تكتسب الصراعات السياسية في دمشق بسرعة طابعا جيوسياسيا. كتب جدعون رحمان، كاتب العمود في صحيفة فاينانشال تايمز: "قد تصطدم الطموحات المتنافسة لأردوغان ونتنياهو بسهولة في سوريا. إنها تخاطر بأن تصبح ساحة معركة للقوى الإقليمية المتنافسة لأن السعودية ودول الخليج لديها أيضا مصالح على المحك هناك".
وأشار بول سالم من معهد الشرق الأوسط إنه ومع ذلك، ورغم أن النظام في طهران قد يضعف، فسوف يتعين على منافسيه أن يكونوا حذرين بشأن الضغط على ميزتهم. "إن المخاطر تكمن في أن التصعيد العسكري من جانب إسرائيل ضد إيران قد يخرج عن نطاق السيطرة، مع رد الأخيرة بهجمات على شحن النفط ومرافق الإنتاج في الخليج، مما قد يؤدي إلى أزمة طاقة واقتصاد عالمية". وأضاف أن إيران قد "تقرر أيضا إعادة بناء ردعها المفقود من خلال التسرع في تطوير سلاح نووي، مما قد يؤدي أيضا إلى اندلاع حرب مع إسرائيل - والولايات المتحدة".
ويزعم آخرون أن السبب وراء استغلال إدارة ترامب لضعف إيران من خلال الدبلوماسية التي تحد من الاندفاع نحو سلاح نووي. قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك يوم الأربعاء: "لا أعتقد أن السلاح النووي أمر لا مفر منه"، مضيفا أنه يرى "احتمال المفاوضات".
في سوريا، يعتقد المحللون أن إيران قد تحاول بعناية شق طريقها للعودة، واستغلال الفراغ الأمني والاضطرابات المحتملة بين الأقليات العرقية. وقال الصحافي السوري إبراهيم حميدي لواشنطن بوست: "نحن جميعا نعلم أن إيران خسرت بشكل كبير بسقوط الأسد. ونعلم أيضا أن إيران لديها صبر. في الوقت الحالي، يتعين علينا اتخاذ بضع خطوات إلى الوراء لاتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل مع هذا الأمر".