#عام
بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران
أعوام مضت عايشنا فيها المعاناة مع جائحة #الكورونا، أدخلتنا أشهراً طويلة إلى بيوتنا وقيدت حركتنا ومنعت الكثيرين منا حتى من حضور عزاء أقرب الناس لهم، أعوام فقدنا فيها من الأحبة الكثير وجعلت أحدنا يتوق للحظة تعود فيها حياته إلى سابق عهدها، حتى أن البعض كان يتساءل هل فعلاً ستعود حياتنا كما كانت أم أنها لن تعود أبداً، وليجعل الله بعدها الفرج والعودة إلى الحياة الطبيعية بفضله وكرمه، مع عدم إنكار أن تلك الأعوام بكل ما حملت من تفاصيل تركت بعض الآثار سلبية كانت أو إيجابية لازمت حياتنا حتى اليوم، فترى البعض أصبحوا يخافون من التقارب مع غيرهم وينفرون منه إلى يومنا هذا، كما أصبحنا نسمع باستمرار عن الاجتماعات أو العمل عن بعد الأمر والذي لم يكن معروفاً في بلادنا إلا فيما ندر قبل الجائحة.
اليوم #عام مضى من أعمارنا عايشنا فيه العدوان على #غزة بكل تفاصيله ومازلنا نعايشه حتى يومنا هذا، ننام ونصحو فيه على حرب الانتقام من شعب غزة الأبي والعمل على إبادته والقضاء على وجوده في بث مباشر على الشاشات، عام تلفت فيه أعصابنا حتى أن بعضنا أصبح يغفو وهو يقرأ الأخبار في هاتفه ويفتح عينيه عليها في بحث مستمر عن فرج قريب لأهل غزة الذين لم يترك الاحتلال المجرم نوعاً من أنواع الموت والعذاب إلا وأذاقهم إياه خلال هذا العام، ومعهم مدن الضفة الغربية العنيدة وأخيراً في لبنان الصمود في عمل ممنهج لكسر إرادة كل من يقف وجه ممارسات هذا الاحتلال أو يتجرأ على قول لا لها.
مقالات ذات صلة لستُ أدري!! 2024/10/10ولا أحد يستطيع أن ينكر أن هذا العام ترك أثراً عميقاً في نفوس الكثير منا، بل وحتى في تصرفاتهم وممارساتهم اليومية، فأصبحت ترى البعض حتى من صغار السن في عصبية مستمرة غير معهودة وهو الهادئ الذي نادراً ما كنت تراه يغضب، والبعض الآخر يدخل في نوبة بكاء لا إرادية فجأة حزناً وألماً على حال إخواننا الذين وصلوا إليه، والحديث هنا عن المتابعين لأخبار المعاناة فأي حديث يمكن أن يصف حال من يعيشون هذه المعاناة منذ عام كل يوم وساعة ودقيقة في عام تلون بكل ألوان العذاب في حياتهم، عام كانوا ومازالوا يفقدون فيه كل يوم وربما خلال اليوم ذاته خلاصة أحبابهم ورفقاء دروبهم، ومع ذلك تخجل من نفسك عندما تراهم وبرغم كل ذلك صامدون راسخون كصمود الجبال التي لا تهتز، كتب الله لهم الفرج القريب العاجل وعوض صبرهم وثباتهم أجمل العوض في الدنيا والآخرة.
وهنا ونحن نرى هذا الثبات يمثل أمام أعيننا قدوتنا وحبيبنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وما عاناه في بدايات دعوته، عندما أنزل الله عليه الوحي وأرسله برسالة الإسلام الحق إلى العالمين ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، فكان أول من كذبه ووقف في وجه رسالته أهله وبني جلدته من قوم قريش، فيسخر الله للنبي صلى الله عليه وسلم عمه أبو طالب لينصره ويقف إلى جواره ويمنع الأذى عنه بكل ما لديه من قوة ومنعه وهو صاحب الكلمة المسموعة في قومه، إضافة إلى أن الله عزوجل يسر لنبي الله صلى الله عليه وسلم زوجته خديجة بنت خويلد التي ناصرته ودعمته وساندته في سنوات دعوته الأولى فكانت أول من آمن به ووقف إلى جانب دعوته دون أن يساورها الشك لحظة واحدة في صدقه وأمانته، ليضرب قومه الحصار المطبق عليه هو ومن آمن معه في شعب عمه أبي طالب في العام السابع للبعثة لإجباره على العودة عن دعوته مستمرين في حصارهم ثلاثة أعوام منعوا فيها التجارة والطعام والشراب عن المسلمين الذين وصل بهم الحال إلى أكل ورق الشجر من شدة الضيق والكرب، ومرت الأيام ويفرج الله هم المسلمين بفك الحصار إلا أن عم الرسول أبو طالب يتوفى بعدها بفترة قصيرة ثم تتوفى زوجة رسول الله عليه الصلاة والسلام السيدة خديجة بعده بأيام قليلة، ولتحاصر الأحزان والشدائد رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل جانب في ذلك العام بعد حصار استمر لسنوات عانى فيه أشد المعاناة مع أصحابه ثم فقدانه لأكبر الداعمين والمساندين لدعوته ورفقاء دربه، إلا أنه وأصحابه ثبتوا على الحق ثبات الجبال الراسيات، واضعين قوله عزوجل في الآية 214 من سورة البقرة نصب أعينهم: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب).
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: عام الكورونا عام غزة صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
دعاء الصائم قبل الإفطار لتفريج الهم والكرب.. احرص عليه الآن
الصيام ليس مجرد عبادة بدنية تقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب، بل هو مدرسة روحانية تفتح أبواب القرب من الله، وتذكّر الإنسان بحقيقة ضعفه وحاجته إلى مولاه.
ومن أعظم ما يمكن أن يفعله الصائم في لحظات الإفطار أن يرفع يديه إلى السماء متضرعًا بالدعاء، متيقنًا بأن الله قريب مجيب، وأن رحمته وسعت كل شيء.
وقد بشّرنا النبي ﷺ بأن للصائم عند فطره دعوة لا تُرد، فقال في الحديث الشريف: "ثلاثة لا تُرد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يُفطر، ودعوة المظلوم" (رواه الترمذي). وهذا يدل على أن لحظة الإفطار هي من أرجى الأوقات لقبول الدعاء، خاصة لمن كان يحمل همًا أو كربًا، أو ضاقت به الدنيا وأثقلته الأحزان.
فإن كنت تمر بضيق أو تشعر بأن الهم قد غلبك، فلا تحزن، فإن الله أقرب إليك مما تتصور، يسمع نجواك، ويعلم بحالك، ولا يحتاج منك إلا أن تلجأ إليه بقلب صادق، ولسان ذاكر، ودمعة خاشعة، فتقول:
"اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء، وبقدرتك التي قهرت كل شيء، أن تفرّج عني ما أهمني، وتكشف عني ما أحزنني، اللهم يا فارج الهم، ويا كاشف الغم، ويا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك، اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله، وإن كان في الأرض فأخرجه، وإن كان بعيدًا فقرّبه، وإن كان قريبًا فسهّله، وإن كان قليلًا فبارك لي فيه، وإن كان كثيرًا فاجعلني من الشاكرين."
ثم توسّل إلى الله بأسمائه الحسنى، وقل:
"اللهم يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي."
ثم استغفر الله وأكثر من الصلاة على النبي ﷺ، وقل:
"اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد، عدد ما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون، اللهم صلّ على سيدنا محمد في الأولين، وصلّ على سيدنا محمد في الآخرين، وصلّ على سيدنا محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين، اللهم اجعل صلواتنا عليه سببًا في رفع البلاء، وتفريج الكرب، وقضاء الحوائج، وشفاء الأسقام، ودفع الشرور، وزيادة البركات، وحسن الختام."
بعد أن تنتهي من الدعاء، اجعل قلبك ممتلئًا باليقين أن الله قد سمعك، وأنه لن يخيب رجاءك، فهو القائل في كتابه العزيز:
﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]، وقوله تعالى: ﴿أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوٓءَ﴾ [النمل: 62].
فلا تظن أن دعاءك يضيع، ولا تيأس إن تأخرت الإجابة، فإن الله أعلم بحالك، وأرحم بك من نفسك، وقد يؤخر الاستجابة لحكمة، أو يدّخر لك بها خيرًا في الدنيا أو الآخرة، أو يصرف بها عنك شرًا لا تعلمه.
أفضل ما يفعله الصائم مع الدعاءإلى جانب الدعاء، هناك أعمال يحبها الله وتكون سببًا في تفريج الهموم، منها:
الاستغفار: قال تعالى: ﴿فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَٰرًا﴾ [نوح: 10-12].
الصدقة: فهي ترفع البلاء وتطفئ غضب الرب، كما قال النبي ﷺ: "داووا مرضاكم بالصدقة" (رواه الطبراني).
حسن الظن بالله: فالله عند ظن عبده به، فإن ظن به خيرًا وجده، وإن ظن غير ذلك فليتحمل عاقبة سوء ظنه.
قراءة القرآن وتدبر معانيه: فالقرآن هو النور الذي يبدد ظلام القلب، وهو الشفاء الذي يزيل الأوجاع، قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الإسراء: 82].
لا تجعل لحظة الإفطار تمر دون أن ترفع يديك بالدعاء، فما أجمل أن تبدأ فطرك بشكر الله وحمده، وما أكرم أن تجعل دعاءك سبيلاً إلى الفرج والتيسير، وما أعظم أن تطرق باب الكريم الذي لا يرد من دعاه.
فاثبت على الدعاء، وأحسن الظن بالله، وتذكر أن الله قريب منك، أقرب مما تتصور، فلا تترك الدعاء، ولا تيأس من رحمته، وكن على يقين بأن الفرج آتٍ، والهم زائل، بإذن الله الرحمن الرحيم.