العنف السياسي في الانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
ترجمة: بدر بن خميس الظّفـري
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل، قد تتعرض مواقع الانتخابات والمسؤولين فيها لخطر جسدي كبير، وقد تكون سلامة بطاقات الاقتراع ونزاهة فرز الأصوات معرضة للخطر أيضًا.
على مدى السنوات الأربع الماضية، تعرض عدد لا بأس به من مسؤولي الانتخابات والعاملين فيها على مستوى البلاد للترهيب أو التهديد من قبل أشخاص يبدو أنهم يُصَدّقون الأكاذيب المنتشرة حول تزوير الناخبين وآلات التصويت المزورة التي يُفترض أنها ساعدت في تزوير الانتخابات الرئاسية لعام 2020، وسرقت من دونالد ترامب.
الخبر السار هو أن المسؤولين المحليين ووزارة العدل اتخذوا بعض الخطوات لمعالجة المشكلة. هناك تقارير متفرقة عن مديري الانتخابات في هذه المدينة أو تلك الذين زادوا من إجراءات الأمن، على سبيل المثال من خلال تجنيد حماية إضافية من الشرطة. وفي الشهر الماضي، أعلن المدعي العام ميريك جارلاند، مستشهدا «بالارتفاع غير المسبوق في التهديدات» ضد أولئك الذين يديرون الانتخابات، عن تشكيل فريق عمل «للتحقيق بشكل صارم وملاحقة التهديدات» للعاملين في الانتخابات.
ولكن النبأ السيئ هو أن هذه الجهود الجديرة بالثناء ليست كافية، ذلك أن مسؤولي الانتخابات ليسوا من المتخصصين في إنفاذ القانون، وهم يفتقرون إلى الموارد اللازمة لتوفير الأمن لأنفسهم على النحو اللائق. ورغم أن الملاحقة القضائية الفيدرالية ضرورية، فإنها لا تعني الحماية.
يتعين على حكام الولايات، وخاصة في الولايات السبع المتأرجحة، توفير المزيد من الأمن للعاملين في الانتخابات وأوراق الاقتراع نفسها، ليس فقط في يوم الانتخابات ولكن أيضًا من خلال فرز الأصوات وتصديقها من قبل الكونجرس في 6 يناير 2025. إذا كانت الانتخابات متقاربة كما تشير استطلاعات الرأي الحالية، فإن إتلاف حتى نسبة صغيرة من أوراق الاقتراع في ولاية متأرجحة، سواء كان إتلافا متعمدًا أو إتلافًا غير مقصود من قبل المتظاهرين الهائجين، قد يعرض قدرتنا على تحديد الفائز في الانتخابات للخطر.
وبالإضافة إلى «الارتفاع غير المسبوق في التهديدات» الذي ذكره جارلاند، هناك أدلة أخرى مثيرة للقلق تشير إلى احتمال اندلاع أعمال عنف. في مشروع شيكاغو للأمن والتهديدات، وهو معهد أبحاث أديره في جامعة شيكاغو، كنا نجري استطلاعات وطنية ربع سنوية حول مواقف الأمريكيين تجاه العنف السياسي منذ صيف عام 2021.
في أحدث استطلاع أجريناه في الفترة من 12 إلى 16 سبتمبر، وجدنا مستويات عالية بشكل مقلق من الدعم للعنف السياسي. ومن الجدير بالذكر أن هذا الشعور كان مشتركا بين الحزبين السياسيين الرئيسيين، الديمقراطي والجمهوري. فقد وافق ما يقرب من 6% من المشاركين أو وافقوا بشدة على أن «استخدام القوة مبرر لإعادة دونالد ترامب إلى الرئاسة». ووافق أكثر من 8% بقليل أو وافقوا بشدة على أن «استخدام القوة مبرر لمنع دونالد ترامب من أن يصبح رئيسًا».
وتعكس هذه النتائج نمطا ثابتا نسبيا على مدى العام الماضي. وفي هذا السياق، يمكن أن تصبح المواقف العامة حقيقة واقعة. تاريخيا، كلما ارتفع مستوى الدعم للعنف السياسي، زادت احتمالات العنف السياسي الفعلي. من المهم أن ندرك أن الأفراد غالبا ما يكون لديهم دوافع نفسية اجتماعية مميزة للانخراط في العنف. ومع ذلك، فإن التأييد العام للعنف يمكن أن يدفع الناس إلى التصرف من خلال إقناعهم بأن سلوكهم العنيف سيحظى بدعم واسع النطاق، كما كانت الحال على ما يبدو مع أولئك الذين حاولوا اغتيال ترامب.
إذا كنت تتساءل عما يعنيه «استخدام القوة» بالنسبة للمشاركين في الدراسة، فإن أكثر من نصفهم يعني العنف الخطير. وفي استطلاع خاص أجريناه في يوليو بعد محاولة اغتيال ترامب الأولى، وجدنا أن 38٪ من أولئك الذين أيدوا استخدام القوة ضد ترامب يقصدون، بكلمات كثيرة، «اغتياله» أو «قتله» أو «تصفيته»، بينما قصد 30٪ الاحتجاجات العنيفة على غرار 6 يناير أو الجهود الأخرى لإسقاط حكومة ترامب.
كانت المخاوف من سرقة الانتخابات بارزة في أحدث استطلاع أجريناه، فقد وجدنا أن حوالي 40٪ من الجمهوريين ما زالوا يعتقدون أن انتخابات 2020 سُرقت من ترامب، وحوالي 20٪ من الجمهوريين يتفقون أو يتفقون بشدة على أن «الأشخاص الذين اقتحموا الكابيتول في 6 يناير لوقف التصديق على نتائج انتخابات 2020 وطنيون»، وحوالي 9٪ من الديمقراطيين وحوالي 11٪ من الجمهوريين «سيحضرون احتجاجًا ضد انتخابات غير عادلة لمرشحهم الرئاسي المفضل، حتى لو تحولت إلى عنف».
يتعين على حكام الولايات السبع المتأرجحة من الجمهوريين والديمقراطيين أن يقوموا بأمرين. أولا: يتعين عليهم إصدار بيان عام مشترك، وبثه على نطاق واسع عبر أشرطة فيديو، يدين كل أشكال العنف السياسي، وخاصة العنف ضد المسؤولين الانتخابيين وأماكن فرز الأصوات. ويؤكدون على أن هذا العنف غير قانوني وغير أخلاقي ومعادٍ لأمريكا. فكما أن الدعم الشعبي قد يؤدي إلى تعزيز العنف السياسي، فإن الإدانة العامة قد تؤدي إلى تقليصه.
ثانيا: يتعين على حكام الولايات أن يأمروا الوكالات المعنية الخاضعة لولايتهم بإجراء تقييمات أمنية مفصلة لمواقع الانتخابات وتوفير الموارد اللازمة لضمان سلامتها. وينبغي أن يشمل هذا حضور الشرطة في الدوائر الانتخابية يوم الانتخابات (مع الحرص على تجنب أي شيء يشبه ترهيب الناخبين)، فضلا عن حماية مسؤولي الانتخابات وصناديق الاقتراع في مراكز الفرز المركزية أثناء الفرز الرسمي الذي يليه. ولزيادة ثقة الجمهور ومسؤولي الانتخابات، يتعين على حكام الولايات أن يجعلوا بعض هذه الجهود الأمنية شفافة.
لو لم نشهد مؤخرا بعضا من أسوأ أعمال العنف المرتبطة بالانتخابات في التاريخ الأمريكي الحديث مثل أعمال الشغب في السادس من يناير، ومحاولة اختطاف رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي قبل انتخابات التجديد النصفي لعام 2022، ومحاولتي اغتيال ترامب، فقد يكون من المنطقي اتخاذ احتياطات أقلّ. لكن السنوات الأربع الماضية أظهرت أننا نعيش في عالم جديد خطير.
روبرت أ. بابي أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو، ويدير فيها مشروع شيكاغو للأمن والتهديدات. درس العنف السياسي لمدة ثلاثين عاما.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العنف السیاسی استخدام القوة فی الانتخابات من الجمهوریین على أن
إقرأ أيضاً:
هل يستطيع الناتو البقاء بدون الولايات المتحدة؟
تواجه أوروبا واقعاً صارخاً جديداً يتمثل في احتمالية أن الولايات المتحدة، التي كانت لعقود العمود الفقري لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، التحالف الذي ضمن أمن القارة لنحو 80 عاماً، لم تعد شريكاً مضموناً في الأمن الأوروبي.
وأظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عداءً علنياً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كما أبدى ميلاً للتقارب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأثارت تصريحاته الأخيرة التي شككت في التزامه بالدفاع عن حلفاء الناتو "إذا لم يدفعوا"، مخاوف بين القادة الأوروبيين بشأن مدى موثوقية الولايات المتحدة كشريك أمني، في وقت تعاني فيه القارة من أكبر صراع مسلح منذ الأربعينيات، وفقاً لتقرير لشبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وأضافت الشبكة الأمريكية، نقلاً عن محللين، أن "حلف الناتو بدون الولايات المتحدة ليس عاجزاً على الإطلاق، مع امتلاكه لأكثر من مليون جندي وأسلحة حديثة من الدول الـ31 الأخرى الأعضاء في الحلف، كما أن الحلف لديه الثروة والمعرفة التكنولوجية اللازمة للدفاع عن نفسه بدون الولايات المتحدة".
Can NATO survive without the United States?https://t.co/unif5NWn2d
— Fernando Munoz (@FerMunozM) March 7, 2025وتعتبر الولايات المتحدة وألمانيا هما أكبر المساهمين في ميزانية الناتو العسكرية وميزانيته المدنية وبرنامج الاستثمار الأمني، بنحو 16% لكل منهما، تليها المملكة المتحدة بنسبة 11% وفرنسا بنسبة 10%، بحسب وثيقة صادرة عن حلف الناتو.
ويقول المحللون، وفق ما نقلته "سي إن إن": إن "تعويض أوروبا عن خسارة مساهمة واشنطن لن يستغرق الكثير من الجهد".
وقال بن شراير، المدير التنفيذي لأوروبا في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، في مكالمة عبر تطبيق زووم مع شبكة "سي إن إن" وصحافيين آخرين في أواخر فبراير (شباط)، إنه إذا اتحدت الدول الأوروبية واشترت المعدات المناسبة، فإن أوروبا "يمكن أن تشكل رادعاً تقليدياً ونووياً خطيراً" لروسيا.
وأضاف شراير: "أوروبا وحدها ما زالت تمتلك القدرة على حشد الموارد التي تحتاجها للدفاع عن نفسها، والسؤال هو فقط ما إذا كانت راغبة في ذلك" .
وبحسب التقرير، هذا هو السؤال الرئيسي. فعلى مدى أكثر من 75 عاماً، وعلى مدار إدارات 14 رئيساً أمريكياً مختلفاً، بما في ذلك إدارة ترامب الأولى، كانت الولايات المتحدة هي العصب الذي حافظ على تماسك الحلف.
خلال الحرب الباردة، كانت القوات الأمريكية في القارة رادعة لأي طموحات سوفييتية لتوسيع حلف وارسو، وفي نهاية المطاف شهدت نهايته عندما سقط جدار برلين في عام 1989. وكانت حملات حلف شمال الأطلسي في البلقان في التسعينيات تُجرى بقوات أمريكية وقوة جوية. وحتى تولي إدارة ترامب الثانية السلطة في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، كانت واشنطن تقود المساعدات لأوكرانيا.
ويقول المحللون إن "عقود التضامن عبر الأطلسي ربما وصلت إلى نهايتها في الأيام الأخيرة".
وقال دان فرايد مساعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق لشؤون أوروبا والباحث بالمجلس الأطلسي إن الخلاف بين ترامب وزيلينسكي في المكتب البيضاوي، الذي أدى إلى توقف المساعدات الأمريكية لكييف، بدا وكأنه "قطيعة أعمق، ليس فقط مع أوكرانيا، ولكن مع استراتيجية الولايات المتحدة (العالم الحر) من ترومان إلى ريغان".
ويرى جون لوف، المسؤول السابق في حلف شمال الأطلسي والذي يعمل الآن زميلًا مشاركاً في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية في لندن، انقساماً أكثر عمقاً في الحلف.
وقال لوف لشبكة "سي إن إن": "يبدو ببساطة أن الولايات المتحدة تنظر إلى أوروبا كمنافس أكثر منها حليفًا"، مضيفاً أنه بسبب ذلك فإن التزام واشنطن بالدفاع عن حلفاء الناتو أصبح موضع شك إلى حد ما.
ويرى لوف أنه "كسر غير قابل للإصلاح". وقال لوف: "بمجرد أن تبدأ في فقدان جزء من هذا الالتزام، فإنك تفقده كله فعلياً".
وأضاف أن بعض الأشخاص في الدوائر الأوروبية بدأوا يتساءلون عما إذا كان ينبغي وصف واشنطن "بأنها عدو في بعض النواحي".
ولكن بعض المحللين يقولون إن "وجود حلف شمال الأطلسي بدون الولايات المتحدة ليس فكرة سيئة".
وكتب موريتز جرايفراث، محلل الأمن والسياسة الخارجية بمعهد ويليام وماري للأبحاث العالمية، في كتاب "الحرب على الصخور" العام الماضي، أنه "بمجرد أن يقتنع حلفاء الولايات المتحدة بأنهم لم يعد بإمكانهم الثقة في قدرات الولايات المتحدة للدفاع عنهم عندما يحين الوقت المناسب، فسوف يسارعون إلى تعويض النقص والعمل على تنمية قدراتهم الخاصة".
وأضاف "وبهذا الوضع ــ وربما على نحو يخالف التوقعات ــ فإن انسحاب القوات الأمريكية من شأنه أن يخلق أوروبا أقوى، وليس أضعف".
ويعتقد دونالد توسك رئيس وزراء بولندا، العضو في حلف شمال الأطلسي، أن هذه العملية بدأت بالفعل.
وقال قبل قمة الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع: "إن أوروبا ككل قادرة حقا على الفوز في أي مواجهة عسكرية أو مالية أو اقتصادية مع روسيا، نحن ببساطة أقوى". وأضاف: "كان علينا فقط أن نبدأ في الإيمان بذلك. ويبدو أن هذا يحدث اليوم".
ماذا تمتلك أوروبا؟من الناحية النظرية، قد يكون الجيش الأوروبي قوة هائلة.
تمتلك تركيا أكبر قوات مسلحة في حلف شمال الأطلسي بعد الولايات المتحدة، حيث يبلغ تعدادها العسكري 355.200 فرد، وفقاً لتقرير التوازن العسكري لعام 2025 الذي أعده المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. تليها فرنسا (202.200)، وألمانيا (179.850)، وبولندا (164.100)، وإيطاليا (161.850)، والمملكة المتحدة (141.100)، واليونان (132.000)، وإسبانيا (122.200).
كما تمتلك تركيا أكبر عدد من أفراد الجيش، الذين يشكلون غالبية القوات البرية في الخطوط الأمامية، بواقع 260.200، تليها فرنسا (113.800)، وإيطاليا (94.000)، واليونان (93.000)، وبولندا (90.600)، والمملكة المتحدة (78.800)، وإسبانيا (70.200)، وألمانيا (60.650)، بحسب تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
في المقابل، كان هناك حوالي 80 ألف جندي أمريكي مخصصين أو منتشرين في قواعد في دول حلف شمال الأطلسي اعتبارًا من يونيو (حزيران) 2024، وفقاً لتقرير صادر في يوليو (تموز) 2024 عن دائرة أبحاث الكونغرس (CRS)، ومعظم تلك القوات الأمريكية موجودة في ألمانيا (35 ألف جندي)، وإيطاليا (12 ألف جندي)، والمملكة المتحدة (10 آلاف جندي).
كما أن بعض الدول الكبرى في حلف شمال الأطلسي (الناتو) تمتلك أسلحة مساوية أو أفضل بعدة مرات من الأسلحة التي تمتلكها روسيا.
ولنتأمل هنا حاملات الطائرات على سبيل المثال. ففي حين تمتلك روسيا حاملة طائرات قديمة واحدة، تمتلك المملكة المتحدة وحدها حاملتي طائرات حديثتين قادرتين على إطلاق مقاتلات الشبح من طراز F-35B.
ووفقاً لتقرير التوازن العسكري، تمتلك فرنسا وإيطاليا وإسبانيا حاملات طائرات أو سفن برمائية قادرة على إطلاق طائرات مقاتلة.
وبعيداً عن الولايات المتحدة، تحتفظ فرنسا والمملكة المتحدة بقوات نووية، وكلاهما ينشران غواصات مزودة بالصواريخ الباليستية.
ويملك حلفاء الناتو، إلى جانب الولايات المتحدة، نحو 2000 طائرة مقاتلة وطائرة هجومية برية، بما في ذلك العشرات من طائرات الشبح الجديدة من طراز F-35.
وتشمل القوات البرية دبابات حديثة، بما في ذلك دبابات ليوبارد الألمانية ودبابات تشالنجر البريطانية، والتي تخدم وحدات منها الآن في الجيش الأوكراني. ويمكن لدول حلف شمال الأطلسي الأوروبية نشر صواريخ كروز قوية، مثل صاروخ سكالب/ستورم شادو الفرنسي-البريطاني المشترك، والذي أثبت كفاءته أيضاً في ساحة المعركة الأوكرانية.
ويشير تقرير التوازن العسكري 2025 إلى أن أوروبا تتخذ خطوات لتحسين قواتها العسكرية دون مساعدة الولايات المتحدة. ففي عام 2024، اتحدت 6 دول أوروبية في مشروع لتطوير صواريخ كروز تطلق من الأرض، واتخذت خطوات لزيادة القدرة على إنتاج الذخائر وتنويع قاعدة مورديها، متطلعة إلى دول مثل البرازيل وإسرائيل وكوريا الجنوبية كمصدر جديد للمعدات العسكرية.
ويقول المحللون إنه حتى لو انسحبت الولايات المتحدة بشكل كامل من أوروبا، فإنها ستترك وراءها بنية تحتية مهمة.
تملك الولايات المتحدة 31 قاعدة دائمة في أوروبا، وفقاً لدائرة أبحاث الكونغرس، بينها مرافق بحرية وجوية وبرية وقيادة وسيطرة ستكون متاحة للدول التي تقع فيها إذا انسحبت الولايات المتحدة.
ماذا بعد ذلك؟وبحسب تقرير "سي إن أن"، يأمل البعض في أن يكون الحديث عن انسحاب الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي مجرد كلام من جانب ترامب يهدف إلى دفع الحلفاء إلى دفع المزيد من الأموال للإنفاق على الدفاع.
ويقولون إن "العالم، وتحالفاً أمريكياً رئيسياً آخر، كانا في الوضع نفسه سابقاً خلال إدارة ترامب الأولى، عندما ورد أنه طلب من البنتاغون النظر في خيارات لسحب القوات الأمريكية المتمركزة في كوريا الجنوبية كحماية ضد كوريا الشمالية المسلحة نووياً".
وجاء ذلك في الوقت الذي كان ترامب يستعد فيه لعقد اجتماعات مع الزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، حيث كان يأمل في إقناع كيم بالالتزام بالتخلي عن ترسانته النووية.
وقال مصدر مقرب من البيت الأبيض لـ "سي إن إن" في ذلك الوقت إن انسحاب القوات الأمريكية يُنظر إليه على أنه أمر يمكن أن يحدث في المستقبل ولكن "ليس قبل فترة طويلة بعد اختفاء الأسلحة النووية (لكوريا الشمالية) بشكل يمكن التحقق منه".
لكن كيم رفض كل التوسلات التي وجهت له للتخلي عن برنامجه للأسلحة النووية.
وقال شراير إن اجتماع ترامب وكيم "تم تسويقه باعتباره نجاحاً كبيراً على الرغم من حقيقة أنه لم يكن كذلك".
وبعد ذلك، عادت الولايات المتحدة إلى "العمل كالمعتاد" في شبه الجزيرة الكورية، كما قال شراير . فقد أبقت الولايات المتحدة، التي لديها عشرات الآلاف من القوات في كوريا الجنوبية، قواتها هناك. واستؤنفت التدريبات الثنائية مع قوات كوريا الجنوبية، وزارت السفن الحربية الأمريكية الموانئ الكورية الجنوبية، وحلقت قاذفات تابعة للقوات الجوية الأمريكية فوق المنطقة.
وقال المحللون إن "الأمر نفسه قد يحدث في أوروبا إذا لم يحصل ترامب على ما يريده من بوتين. وقد يستمر حلف شمال الأطلسي، مع أن التهديدات الأخيرة بالانسحاب ليست سوى عقبة صغيرة في الطريق".
ومن جهته، قال شراير "إذا حاول بوتين... استغلال الرئيس الأمريكي أكثر من اللازم، فحتى دونالد ترامب قد يدرك بذلك".