"هرب من الحرب ليموت في الحرب"، من هو الأستاذ الجامعي اليمني الذي قُتل في غارة إسرائيلية على دمشق؟
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
"يعطيك ألف عافية د. شوقي عن جد، خليتني حب الصيدلة وحب إني أتعلم، شكرا إلك على كل شي". كانت هذه الكلمات جزء من رسالة امتنان بعثتها طالبة سورية لأستاذها الجامعي اليمني، الذي درسها في الجامعة.
كان الدكتور شوقي العودي، 45 عاما، يعتزم زيارة والديه وإخوته في اليمن بعد حوالي أسبوعين تقريبا، هذا ما ذكره خلال اتصال هاتفي له مع والديه وأخيه الأصغر حسين.
يقول حسين العودي، 28 عاما: "كان أخي الدكتور شوقي سيذهب في رحلة لأداء العمرة في مكة ثم سيأتي لزيارتنا في مدينة إب اليمنية. فقد مر علينا حوالي عام كامل منذ أن رأيناه في آخر زيارة له إلى اليمن".
وكان الدكتور الجامعي، العودي، قد نشر منشورا على حسابه على فيسبوك في فبراير/ شباط 2021، وضع فيه صورة لمجموعة من الرسائل التي تلقاها من طلابه الذين درسهم في قسم الصيدلة في الجامعة الدولية الخاصة، وعلق عليها بعبارة "من أفضل من درستهم في سوريا.. أتمنى لكم التوفيق".
وقد لقي منشوره هذا تفاعلا كبيرا من طلابه سواء من درسهم في سوريا مؤخرا، أو في اليمن عندما كان يعمل استاذا للصيدلة السريرية بجامعة ذمار. اتفق جميعهم على أن "كل كلام مدح وشكر يُعد قليلا بحقه سواء كمحاضر متمكن في مجاله العملي أو كشخص راق في تعامله الشخصي، وأخلاقه مع الجميع زملاء كانوا أو طلاب".
وتقول الصيدلانية دانة إيمان مارديني، إحدى الخريجات، اللاتي درسهن الدكتور شوقي، إنه رحمة الله عليه، "ما ينرمى حتى بالورد، فكيف بيموت في حادث قصف إسرائيلي".
وتضيف دانة، التي تعمل حاليا في صيدليتها الخاصة في منطقة صحنايا في ضواحي دمشق "ترك وغادر بلاده هربا من الحرب ليموت في سوريا بسبب الحرب أيضا".
وقد نعت وزارة التعليم العالي السورية واتحاد طلاب الجامعة السورية الخاصة، الدكتور العودي وأفراد أسرته، وقال الاتحاد في بيان على فيسبوك "ببالغ الحزن والأسى تنعي قيادة فرع الاتحاد في الجامعة السورية الخاصة استشهاد الدكتور شوقي العودي أحد أعضاء الهيئة التدريسية في كلية الصيدلة في الجامعة، وزوجته وأطفاله إثر العدوان على دمشق".
كما نعت جامعة ذمار اليمنية، ونقابة الصيادلة اليمنيين، أستاذ الصيدلة السريرية السابق بالجامعة، الدكتور شوقي العودي، وأدان بيان صادر عن الجامعة الهجوم ووصفه بـ"الجريمة النكراء". ورفع البيان التعازي لأسرته وجميع زملائه وتلامذته ومحبيه.
وكانت وكالة "سانا" السورية، قالت إن "العدوان الإسرائيلي نفذ هجوما عند الساعة الثامنة والربع من مساء الثلاثاء، وأطلق ثلاثة صواريخ من اتجاه الجولان السوري المحتل، مستهدفا مبنى سكنيا وتجاريا في حي المزة المكتظ بالسكان، ما أسفر عن سقوط 18 مدنيا، بينهم 7 قتلى و11 جريحا".
وبينما قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن القصف استهدف اجتماعا لمسؤولين في "فيلق القدس" الإيراني وحزب الله اللبناني في حي المزة بدمشق، نفت السفارة الإيرانية بدمشق وجود قتلى وجرحى إيرانيين جراء القصف.
يقول شقيقه، حسين العودي، الذي يعمل في مجال العلاقات العامة مع واحدة من أكبر شركات سلاسل الصيدليات في اليمن: "كان آخر اتصال لي معه قبل حوالي 3 ساعات من الحادثة، إذ أن أخي الدكتور شوقي، رحمه الله، دائم التواصل مع والدي للاطمئنان عليهما. لا يزال والدي في حالة صدمة. كما أن أمي لم تتوقف عن البكاء، كلنا مصدومون لفقدانه. ولا أستطيع تخيل أنني لن أراه بعد اليوم".
ويضيف: "علمنا بخبر القصف من وسائل الإعلام، وحاولنا التواصل مع أخي وزوجته، لكن أحدا لم يرد علينا، شعرنا بالقلق وحاولنا البحث عن أي يمني يعيش في دمشق ليطمئننا عليه، وبعد 3 ساعات اتصل بنا أحدهم ليؤكد لنا الخبر".
وفور انتشار الخبر، بدأ حسين وإخوته بتلقي الاتصالات والتعازي من الأقارب والأصدقاء، ومن الطلاب في سوريا واليمن. تلقت العائلة عشرات الاتصالات والرسائل والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، يروي حسين: "هذا جعلني أدرك أن الأمر قد حدث فعلا وأنني فقدت من كنت أعتبره والدي الثاني".
وينحدر الأكاديمي اليمني من قرية ذي الدرب في منطقة العود بمديرية النادرة، جنوب شرق محافظة إب، وسط اليمن. وكان متزوجا من إقبال أحمد العودي، وله ثلاث بنات، التوأم بيان وليان، 4 سنوات ولين، التي كانت ستطفئ شمعتها الثالثة بعد 3 أيام.
والدكتور شوقي هو الأخ الثاني بين ستة من الأبناء الذكور وشقيقة واحدة. وكان أقرب إخوانه إلى والديه، ولقربه منهما اعتاد أن يزورهما مرة على الأقل كل عام.
وقد درس الصيدلة السريرية في كلية الصيدلة بجامعة عين شمس في القاهرة، كما حصل على درجة الدكتوراه في علم الأدوية والسموم من كلية الصيدلة بجامعة القاهرة.
وبعد تخرجه، عمل أستاذا مساعدا في كلية الطب البشري بجامعة ذمار، كما شغل منصب رئيس قسم الصيدلة في جامعة أزال الخاصة في العاصمة اليمنية صنعاء، ومدرسا لمادة الصيدلة السريرية في العديد من الجامعات اليمنية الحكومية والخاصة.
وكغيره من أصحاب الكفاءات اليمنية، اضطر الدكتور العودي، إلى مغادرة اليمن عام 2019 سنوات بحثا عن فرصة أفضل للعيش، بعد تفاقم الحرب وتردي الأوضاع في اليمن وانعدام رواتب الموظفين، ليستقر به الحال في العاصمة السورية دمشق، التي رحبت به واحتضنته ككفاءة علمية في جامعاتها، حيث عمل هناك استاذا في العلوم الصيدلانية في الجامعة الدولية الخاصة وكذلك الجامعة السورية الخاصة.
تقول دانة، خريجة بكالوريوس صيدلة سريرية من الجامعة الدولية الخاصة في دمشق عام 2021. "كنت محظوظة لأن الدكتور شوقي كان مشرفا على مشروع التخرج الخاص بي. فقد جمع بين الخلق والعلم، كان غاية في الذوق والأدب والأخلاق ومتمكن علميا ومهنيا ومتعاون مع الطلاب لأقصى درجة".
وتضيف: "على الرغم من انشغالاته الأسرية ومع زوجته، التي كانت وضعت أول توأم لهما بعد انتظار دام لسنوات، إلا أنه كان ينزل معنا شخصيا في زياراتنا الميدانية على المستشفيات، خلال فترة إعداد البحث، وكم ساعدنا في ترجمة المقالات والمراجع الخاصة والمتعلقة بالبحث من اللغة الانجليزية إلى العربية والعكس، كون دراستنا كانت باللغة الانجليزية، مع أن هذا ليس جزءا من عمله".
وقد شيع مئات السوريين وبعض أبناء الجالية اليمنية الصغيرة في دمشق، ظهر الخميس، الدكتور شوقي وزوجته وبناته بعد الصلاة عليهم في جامع دوما الكبير، بمنطقة دوما. وكان محبوه في دمشق قد دعوا الناس للحضور والمشاركة في الجنازة كونه "لا أهل له ولا أقارب" في العاصمة السورية.
كما شارك العشرات من أصدقاء وزملاء وطلاب العودي في العزاء الذي أقيم بمشاركة من الاتحاد الوطني لطلبة سورية - فرع الجامعة السورية الخاصة في صالة نقابة الأطباء في دمشق، وفي اليمن تقبل والد الدكتور وإخوته العزاء، الذي حضره الآلاف، لمدة 3 أيام في مدينة إب مسقط رأس الدكتور.
لكن الصيدلانية دانة، ووالدا الدكتور وشقيقه حسين، يصرون بالقول: "عزاؤنا أنه مات شهيدا هو وأسرته، وسيذهب إلى جنات الخلد، حيث جزاء كل من يحمل قلبا وروحا نقيين كقلب الدكتور شوقي".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: سوريا اسرائيل اليمن ذمار إب الدکتور شوقی فی الجامعة الخاصة فی فی سوریا فی الیمن فی دمشق
إقرأ أيضاً:
شهيدان في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان
سرايا - استشهد شخصان، الاثنين، في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان، وفق ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، في حين قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه استهدف عنصرين من حزب الله، في أحدث هجوم من نوعه على رغم وقف إطلاق النار الساري بين الطرفين منذ تشرين الثاني/نوفمبر.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية عن غارات جديدة مساء الاثنين على جنوب لبنان والبقاع الغربي شرقا، لا سيما محيط بلدة لبايا، ولم تفد عن وقوع إصابات.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي من جهته إنه استهدف "مواقع عسكرية لحزب الله، حيث تم رصد عناصر من الحزب وأسلحة".
ويأتي ذلك بعد ساعات من استهداف مسيّرة إسرائيلية دراجة نارية كان على متنها شخصان في بلدة يحمر في جنوب لبنان، ما أدى إلى اندلاع النيران في حافلة صودف مرورها في المكان، إضافة إلى متجر مجاور، بحسب الوكالة.
وأسفرت الضربة عن سقوط شهيدين وإصابة شخصين بجروح بحسب وزارة الصحة اللبنانية، وكانت أفادت في حصيلة سابقة عن استشهاد شخص.
وكثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي ضرباتها على جنوب لبنان في الأيام الأخيرة.
واستشهد 4 أشخاص الأحد في غارات إسرائيلية على بلدات ميس الجبل وياطر وعيناثا، بحسب مصادر لبنانية.
ورغم سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 27 تشرين الثاني/نوفمبر بوساطة أميركية، عقب مواجهة استمرت لأكثر من عام، لا تزال إسرائيل تشن غارات على مناطق عدة في جنوب لبنان وشرقه.
وتقول إسرائيل إنها تستهدف عناصر ومنشآت للحزب، وإنها لن تسمح له بإعادة بناء قدراته بعد الحرب.
ورغم انتهاء مهلة لسحب إسرائيل قواتها من جنوب لبنان بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في 18 شباط/فبراير، إلا أنها أبقت على وجودها في خمس نقاط "استراتيجية" في جنوب لبنان على امتداد الحدود، ما يتيح لها الإشراف على بلدات حدودية لبنانية والمناطق المقابلة في الجانب الإسرائيلي للتأكد "من عدم وجود تهديد فوري".
وأعلنت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس الأسبوع الماضي عن العمل دبلوماسيا مع لبنان وإسرائيل من خلال ثلاث مجموعات عمل لحل الملفات العالقة بين البلدين، بينها الانسحاب من النقاط الخمس.
ولا يزال أكثر من 92 ألفا و800 شخص نازحين في لبنان، وفق الأمم المتحدة، لا سيما في ظلّ الدمار الكبير الذي ألحقته الحرب بأجزاء واسعة من مناطق في جنوب لبنان وشرقه وفي ضاحية بيروت الجنوبية.
وقدّر البنك الدولي الأسبوع الماضي كلفة إعادة الإعمار والتعافي بنحو 11 مليار دولار.
وقال إن "التكلفة الاقتصادية للصراع في لبنان تقدّر بنحو 14 مليار دولار أميركي".
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 18-03-2025 03:03 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية