تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بعد قضاء سنوات خلف القضبان في الولايات المتحدة، عاد الهاكر الجزائري حمزة بن دلاج إلى دائرة الاهتمام مجددًا، بن دلاج، الذي كان مدرجًا في قائمة أخطر 10 مخترقين في العالم، عُرف بابتسامته الغامضة التي لم تفارقه حتى لحظة اعتقاله، واليوم ومع عودته إلى وطنه الجزائر، يعود ليشغل فضول الملايين الذين يتساءلون عن رحلته المثيرة التي جمعت بين عبقرية القرصنة والتسبب في خسائر ضخمة للمؤسسات الأمريكية، فكيف كانت مسيرة "الهاكر المبتسم" من قمّة النجاح في عالم القرصنة إلى زنزانة السجن؟

من هو حمزة بن دلاج؟

حمزة بن دلاج، البالغ من العمر 36 عامًا، وُضع على قائمة الإنتربول لأخطر 10 هاكرز عالميًا، ولد عام 1988 في مدينة تيزي وزو الجزائرية، وتخرج في جامعة باب الزوار للعلوم والتكنولوجيا عام 2008 بشهادة مهندس في الإعلام الآلي، وبفضل مهارته الفائقة في البرمجيات والقرصنة تمكن من اختراق أنظمة كمبيوتر متعددة حول العالم، وأصبح يُعرف بـ"الهاكر المبتسم" نظرًا لابتسامته الشهيرة لحظة القبض عليه، وفقًا لوكالة "أوراس" الجزائرية.

ففي عام 2011، وُجهت لبن دلاج تهم عديدة، أبرزها تطوير برنامج "سباي آي" (SpyEye)، الذي يسمح باختراق أجهزة الكمبيوتر والحصول على معلومات حساسة مثل الهويات، كلمات السر، وأرقام البطاقات المصرفية، وبين عامي 2009 و2011، ساعد هذا البرنامج في سرقة معلومات مالية وشخصية سرية، مما أدى إلى بيعها وتوزيعها في عمليات قرصنة واسعة.

في عام 2013، ألقت الشرطة التايلاندية القبض على حمزة بن دلاج، المعروف أيضًا بلقب "Bx1"، ليتم ترحيله لاحقًا إلى الولايات المتحدة، وخلال التحقيقات، اعترف بن دلاج باختراق أنظمة بنوك أمريكية، مشيرًا إلى أنه في عملية واحدة فقط تمكن من سرقة ما بين 10 إلى 20 مليون دولار، ووفقًا للتحقيقات التايلاندية، كما انتحل بن دلاج صفة طالب بريطاني ليتمكن من السفر حول العالم، كما تمكن من اقتحام أكثر من 217 مؤسسة مالية على مستوى العالم، مما ألحق بها خسائر مالية فادحة.

في بيان صادر عن وزارة العدل الأمريكية في أبريل 2016، أكد أن حمزة بن دلاج أقرّ بتهمه أمام مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI)، وهو ما أدى إلى الحكم عليه بالسجن 15 عامًا، البرنامج الذي طوره بن دلاج تسبب في اختراق أكثر من 50 مليون جهاز كمبيوتر حول العالم بين عامي 2010 و2012، وكانت خسائر الأفراد والمؤسسات الأمريكية كبيرة، حيث قُدرت الأموال التي دخلت حساباته بما يعادل 3.4 مليار دولار.

ويظل حمزة بن دلاج شخصية محورية في عالم الجريمة الإلكترونية، إذ كانت قدراته التكنولوجية سببًا في خسائر ضخمة، وفي الوقت ذاته، أثار إعجاب واهتمام الكثيرين ممن رأوا فيه مثالاً على التفوق في استخدام التكنولوجيا بطريقة غير تقليدية، و يُنظر إليه في وسائل الإعلام العالمية كأحد أخطر المجرمين السيبرانيين، رآه البعض في الجزائر بطلاً رقمياً قاوم الهيمنة الغربية على الاقتصاد الرقمي.

في بداية العشرينيات من عمره، أصبح بن دلاج أحد أكثر الهاكرز المطلوبين في العالم، حيث استطاع اختراق أكثر من 200 بنك وشركة مالية حول العالم، وقدر المحققون الأمريكيون أن الأنشطة التي قام بها تسببت في سرقة ما يقارب 4 مليارات دولار، وبحسب التقارير، استخدم هذه الأموال في دعم منظمات إنسانية في فلسطين وأفريقيا، وهو ما جعل البعض يلقبونه بـ"الهاكر ذو القلب الطيب".

كما اشتهر حمزة بن دلاج باستخدامه لفيروس "SpyEye"، وهو برنامج ضار يُستخدم لسرقة البيانات المالية والحسابات المصرفية عبر الإنترنت، وانتشر الفيروس على نطاق واسع بين عامي 2010 و2012، وأدى إلى خسائر كبيرة للبنوك والأفراد، كما عمل بن دلاج بالتعاون مع هاكرز آخرين لتطوير الفيروس وتوزيعه على نطاق عالمي، مما جعله هدفاً رئيسياً لوكالات إنفاذ القانون حول العالم.

الاعتقال والمحاكمة 

في يناير 2013، تم القبض على حمزة بن دلاج في مطار بانكوك الدولي في تايلاند، خلال رحلة عودته إلى الجزائر، وبعد تسليمه للولايات المتحدة، واجه محاكمة على خلفية اتهامه بالضلوع في سلسلة من الجرائم السيبرانية، وفي عام 2016، حكم عليه بالسجن لمدة 15 عامًا من قبل القضاء الأمريكي.

ومما زاد من شهرته العالمية أثناء محاكمته، هو انتشار صور له وهو يبتسم بثقة أمام الكاميرات، مما أثار موجة من التعاطف والجدل على منصات التواصل الاجتماعي، حيث رأى فيه البعض رمزًا لمقاومة الاستبداد المالي العالمي، بينما اعتبره آخرون مجرمًا يجب معاقبته على أفعاله.

أثارت قصة حمزة بن دلاج نقاشات حادة حول دوافعه الحقيقية، ففي حين ينظر إليه الكثيرون على أنه قرصان إلكتروني استغل مهاراته لسرقة المال، يعتقد البعض الآخر أنه استخدم هذه القدرات لدعم القضايا الإنسانية، مستغلًا الأنظمة المالية العالمية لصالح الشعوب المظلومة.

ورغم قضائه عقوبة السجن، لا يزال بن دلاج يُعتبر شخصية مثيرة للاهتمام في عالم الجرائم الإلكترونية، فقصته تلقي الضوء على المخاطر التي تواجه المؤسسات المالية في العصر الرقمي، وكيف أن فردًا واحدًا بإمكانه أن يشكل تهديدًا هائلًا للنظام المالي العالمي، فبين الجدل حول كونه "مجرمًا" أو "بطلًا"، يظل اسمه محفورًا في ذاكرة عالم القرصنة الإلكترونية كواحد من أكثر القراصنة ذكاءً وتأثيرًا في العقدين الأخيرين. 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: حمزة بن دلاج الأمن السيبرانى الهاكر البرمجيات القرصنة عقوبة السجن عمليات قرصنة وزارة العدل تكنولوجيا حول العالم

إقرأ أيضاً:

بدء الاستعدادات لحفل إعلان الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية بأبوظبي.. صور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بدأ منذ قليل، توافد الأدباء والكتاب ومجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2025 وذلك بحضور الدكتور ياسر سليمان رئيس مجلس أمناء الجائزة والدكتور على بن تميم رئيس مركز أبو ظبي للغة العربية والداعم للجائزة، والأدباء الست الذين ترشحوا القائمة القصيرة وهم  أحمد فال الدين، وأزهر جرجيس، وتيسير خلف، وحنين الصايغ، ومحمد سمير ندا ونادية النجار.

ومن المقرر أن يتم الإعلان عن الفائزة بالجائزة الكبرى بعد قليل في أبو ظبي.

وتضم لجنة تحكيم الجائزة كلا من منى بيكر، رئيسة لجنة التحكيم، وعضوية بلال الأرفه لي، أكاديمي وباحث لبناني؛ وسامبسا بلتونن، مترجم فنلندي؛ وسعيد بنكراد، أكاديمي وناقد مغربي؛ ومريم الهاشمي، ناقدة وأكاديمية إماراتية، بالإضافة إلى ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة، وفلور مونتانارو، منسقة الجائزة، ومدير مكتبة الإسكندرية، أحمد زايد.

التنوع الغني في الموضوعات

وقالت رئيسة لجنة التحكيم منى بيكر عن الروايات الست تميزت نصوص القائمة القصيرة لدورة 2026 من الجائزة العالمية للرواية العربية بالتنوع الغني في المواضيع، إلى جانب قيمتها الجمالية والمعرفية. فقد أخذنا بعضها إلى أعماق المجتمعات الدرزية في جبال لبنان وإلى سكان قرية نجع المناسي" في صعيد مصر، وعالم المكفوفين في الخليج كما سلطت الضوء على ماساة جيل ضائع من الشباب الذي عاش - ولا يزال يعيش - الواقع العراقي المرير. أما بعضها الآخر فقد عاد بنا إلى حقبات من التاريخ الديني والسياسي التي شهدت صراعات الحكم والسلطة، واتسمت بتعدد اللغات والمذاهب الدينية.

حياة حجة الإسلام الصوفي

وفي هذا السياق، تأتي رواية "دانشمند" للكاتب الموريتاني أحمد قال الدين كعمل روائي مبدع يستعرض مختلف مراحل حياة حجة الإسلام العالم الصوفي أبي حامد الغزالي، و دانشمند" هو لقبه بالفارسية وتعني المعلم. تتبعت الرواية حياة الغزالي الشخصية بأسلوب روائي ساحر وسرد ممتع بدءًا بطفولته ودراسته الأولى وانتهاء بتجربته مع السلطان والسلطة، ثم قراره بالرحيل إلى التصوّف واكتشاف الذات. وقد نجح المؤلف في نسج عالم متكامل وغني بشتى التفاصيل، عالم تحوّل فيه الإمام الغزالي من "شبح" في التاريخ إلى "كائن من لحم ودم".

البساطة وخفة الدم

أما "وادي الفراشات" للكاتب العراقي أزهر جرجيس فتتفوق في إيصال الواقع العراقي المرير للقارئ بأسلوب يتسم بالبساطة والمزاح المستحب وخفة الدم حتى في أحلك الظروف، مما يعطي الشخصيات بعدًا واقعيا ومأساويا في الوقت نفسه هي قصة حب بين عزيز وتمارا، حبّ ترهقه التحديات وتنتهي فصوله رغم محاولات مستمرة لتخطي العقبات. 

وترمز "الفراشات" في العنوان إلى الجمال والهشاشة، وأيضا إلى الرغبة في التحليق حتى في أقسى الظروف.

الخيالات التاريخية 

وفي الاتجاه ذاته نجد أن رواية "المسيح الأندلسي" للكاتب السوري تيسير خلف تجمع بين الخيال والأحداث التاريخية، مستندة إلى بحث عميق خلال فترة محاكم التفتيش واضطهاد المسلمين وإجبارهم على اعتناق المسيحية في الأندلس. 

وتدور أحداثها حول رحلة الأندلسي عيسى (أو خيسوس) للبحث عن قاتل والدته، مرورًا ببلدان وقارات عدة، مع توثيق عدد كبير من الشخصيات والأحداث التاريخية المهمة. 

ويتميز أسلوب الكتابة باستخدام الكثير من المصطلحات الشائعة في تلك الفترة واستهجاء الأسماء كما تم نسخها في الكتب التاريخية، مما يثري الرواية ويدعم مصداقية الأحداث المروية.

 إنها رواية مشوقة يتردد صداها في ما نشهده اليوم من اضطهاد فئات مختلفة في فلسطين وأجزاء من العالم العربي نتيجة التطرف الديني والعرقي.

ميثاق النساء وتجربة امل 

من ناحية أخرى، تبني الكاتبة اللبنانية حنين الصايغ شخصياتها الرئيسية بعناية وحرص في ميثاق النساء"، وتمنح للصوت النسائي حقه من خلال تجربة "أمل" في مجتمع درزي منغلق يفرض وصايته على النساء ويعتبر تعليمهن شيئاً من الرفاهية لا حقًا مشروعًا. نخوض مع أمل تحديات الزواج غير المبني على الحب والمعاملة الجنسية المهينة والحقن المجهري والأمومة المبكرة، ثم رحلة اكتشاف الهوية والقوة الداخلية لتغيير مسار حياتها. "ميثاق النساء" عمل مبدع، غير نمطي، يتميّز بقدر كبير من الصدق والشفافية.

وبالمثل نجد في رواية "صلاة القلق" للكاتب المصري محمد سمير ندا سردا يكشف عزل نجع المناسي" - وهي قرية في وسط صعيد مصر - عن العالم بعد انفجار غامض يرجح ارتباطه بمناورات عسكرية في المنطقة. يتفوق الكاتب في وصف مرحلة القمع والتمويه والتسلط والكذب التي سادت في فترة النكسة وتأثيرها العميق على جيل كامل كما نرى آثارها بشكل مركز في أحداث وشخصيات النجع الذي لا يصله من العالم الخارجي سوى ما يسمح به خليل الخوجة، ممثل السلطة. يقوم بسرد الرواية ثمانية أشخاص، يلقي كل منهم الضوء على  المأساة التي يعيشها النجع الذي يرمز للبلد ككل من وجهة

نظر فريدة ومؤثرة.

أما على صعيد آخر، تأخذنا الكاتبة الإماراتية نادية النجار في ملمس الضوء" إلى عالم مبهر وجديد بالنسبة لمعظم قراءها، هو عالم المكفوفين، فنتابع "نورة"، بطلة الرواية، وهي تستكشف وتنمّي حواسها الأربع في غياب حاسة البصر خلال أصعب مراحل انتشار وباء كورونا وفرض الحجر الصحي. ومن خلال هذه الرحلة، نعيش مع نورة تفاصيل علاقتها المتوترة مع أمها وتطوّر علاقتها مع قريبها سيف الذي تستكشف معه تاريخ عائلتها من خلال مجموعة صور فوتوغرافية تركها جدها الذي كان شغوفا بالتصوير. ولا تقتصر رحلتنا مع نورة على استكشاف عالم المكفوفين وتاريخ عائلتها وإنما تمتد إلى استكشاف تاريخ دبي والبحرين ومنطقة الخليج عامة، مما يمنح هذه الرواية بعدًا تاريخيا وإنسانيا عميقًا. وبذلك يعد "ملمس الضوء" عملا أدبيا متميزا يتنقل بسلاسة بين الماضي والحاضر، بين تجربة فقدان البصر والقدرة على استكشاف الذات وبين التاريخ الشخصي والتاريخ الجماعي.
مختتنا قائلة :"وفي النهاية نجد أن هذه الروايات الست تتشارك في نزوعها نحو استكشاف الذات والهويّة، سواء كانت هذه الهوية دينية أو طائفية أو قومية ولتحدي الظلم بأشكاله المتعدّدة. وبذلك، فهي تقدّم لنا صورا مختلفة للواقع الذي نعيشه نحن كقراء، وفي الوقت نفسه تومئ إلى مستقبل أكثر عدلا يمكننا فيه أن نكسر جميع أنواع القيود التي تحد من حريتنا ونعيش فيه بسلام وكرامة".
 

مقالات مشابهة

  • التعليم ووتيرة عالم عدم اليقين
  • مشروع رائد في عالم الموضة.. إنتاج أول جلد من ديناصور “تي ريكس” في العالم
  • متصفح كروم في لحظة تاريخية.. العالم يترقب إعادة تشكيل ملامح الإنترنت
  • جامعة أبوظبي تنظم «يوم الأمن السيبراني 5.0» في العين
  • جامعة أبوظبي تنظم فعالية حول تعزيز الوعي بالأمن السيبراني
  • ‎13مليار ريال قيمة سوق الأمن السيبراني للعام 2024
  • الإعلام السوداني والتحديات التي تواجهه في ظل النزاع .. خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية
  • الإمارات تقود جهوداً عالمية للوصول إلى عالم خالٍ من الملاريا
  • بدء الاستعدادات لحفل إعلان الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية بأبوظبي.. صور
  • نحو عالم ما بعد الغرب: الترامبية وإعادة توزيع مناطق النفوذ في العالم