19 أكتوبر محاكمة إمام عاشور في مشاجرة مول الشيخ زايد
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قررت محكمة جنح الشيخ زايد، اليوم حجز محاكمة إمام عاشور لاعب النادي الأهلي، على خلفية اتهامه بالتعدي على فرد أمن داخل مول بمنطقة الشيخ زايد إلى جلسة 19 أكتوبر للحكم.
استمعت هيئة محكمة جنح الشيخ زايد، اليوم السبت، لمرافعة دفاع اللاعب إمام عاشور في واقعة تعديه على فرد أمن داخل مول تجاري.
وطالب الدفاع، ببراءة لاعب الأهلي إمام عاشور من تهمة ضرب فرد الأمن، وقال إن اللاعب حضر إلى مكان الواقعة بعد إبلاغه بتعرض زوجته للتحرش اللفظي بصحبة صديقه فقط، وليس أكثر من 10 أشخاص، كما ادعى المجني عليه.
طمس واقعة المعاكسةوتابع دفاع إمام عاشور، أمام المحكمة في مرافعته قائلًا، أن إدارة المول التجاري، وشركة الأمن تعمدوا طمس واقعة تعرض زوجة لاعب الأهلي إمام عاشور للمضايقة " المعاكسة"، للحفاظ على سمعة المول وأنه غير قادر على تأمين رواده.
اللاعب لم يصيب فرد الأمنوأكد المحامي، أن المجني عليه أدلى بتصريحات متضاربة في وسائل الإعلام، حيث ذكر في بعض الأحيان أن إمام ضربه وأوقعه على الأرض، وفي أوقات أخرى قال إنه أصيب في قدمه اليمنى، ثم في اليسرى، مما يعكس عدم اتساق أقواله.
إصابة فرد الأمن لم تثبت بحسب تحقيقات النيابةوأضاف دفاع اللاعب، إن واقعة التعدي لم تثبت بحسب تحقيقات النيابة، حيث أن المجني عليه أصيب بكدمة في القدم، وأثناء عودته من المول تعرقل ووقع مغشي عليه دون أن يلمسه إمام عاشور، وأننا نرفض التصالح والخضوع للابتزاز.
فرد الأمن حرر البلاغ بعد 48 ساعة من الواقعةوذكر الدفاع، أن فرد الأمن تراخى في البلاغ وحرره بعد 48 ساعة، وأشار التقرير الطبي للقضية إلى إصابة فرد الأمن بكدمة بالساق وهي من الجائز أن يحدثها لنفسه، وهي إصابة مصطنعة، علاوة على كذب فرد الأمن، وحرر المحضر بتعليمات من إدارة المول.
تعرض إمام عاشور لخديعة من إدارة المولالنيابة العامة أثبتت مضايقة زوجة إمام عاشور واصطحاب أفراد الأمن المشكو في حقهم وتهريبهم خارج المول، وكذلك تعرض أسرة زوجة إمام عاشور لخديعة من إدارة الأمن داخل المول، حيث إنهم أوهموهم أنه تم التحفظ على المشكو في حقهم وأصحاب واقعة التحرش في مكتب الأمن بالجراج، وهو على عكس الحقيقة، الأمر الذي دفعهم للنزول للجراج.
طلبات دفاع إمام عاشورفي الجلسة الماضية.. استمعت هيئة المحكمة لطلبات دفاع إمام عاشور، حيث ادعى محامي لاعب النادي الأهلي، بمبلغ 40 ألف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت بسبب البلاغ الكاذب.
وطلب دفاع إمام عاشور الاطلاع على جميع المرفقات بالقضية من مقاطع الفيديو المقدمة من الشرطة، والتي حصلت عليها النيابة العامة من مول أركان الشيخ زايد، كما طلب الاطلاع على الفلاشة المقدمة من دفاع المجني عليه.
قال عبد الله مصطفى، فرد أمن مول الشيخ زايد، أن دفاع اللاعب إمام عاشور، تقدم بشكوى ضده إلى نقابة المحامين بالجيزة، لاستبعاده من مهنة المحاماة لامتهانه مهنة أخرى وهي مشرف أمن بأحد المولات.
وأوضح “ عبد الله” المُعتدى عليه في مشاجرة إمام عاشور بأحد مولات الشيخ زايد، أنه انقطع عن العمل كفرد أمن داخل المول منذ الواقعة، وفي الوقت الحالي لا يمتهن سوى مهنة المحاماة، موضحًا أنه بهذه الطريقة أغلق جميع الطرق للتصالح الودي.
دفاع فرد الأمن: تقديم شكوى ضد موكلي في نقابة المحامين بسبب عمله هو أسلوب ضغط وترهيب
وذكر دفاع فرد الأمن المعتدى عليه من اللاعب إمام عاشور لاعب النادي الأهلي، إن موكله تعرض للترهيب من قبل دفاع اللاعب، بعدما تم تقديم شكوى ضده في نقابة المحامين، بسبب عمله كمشرف أمن في المول، وامتهانه لمهنة أخرى غير المحاماة، فهو يعتبر أسلوب ضغط.
وأوضح دفاع فرد الأمن، أنه سيطالب بتعديل القيد والوصف، وتوقيع أقصى عقوبة على اللاعب إمام عاشور طبقًا للمادة 375 مكرر وللمادة 242 من قانون العقوبات، بعد فشل الصلح بين موكله وبين اللاعب.
أقوال فرد الأمن المُعتدى عليه
وقال فرد الأمن المعتدى عليه من قبل لاعب الأهلي أمام عاشور ويدعى “عبدالله مصطفى ”: إنه بعد وقوع المشاجرة، تدخل عدد من الوسطاء بالمجال الرياضي والنادي الأهلي لتصالح الطرفين، وذهب فرد الأمن إلى النادي الأهلي.
وأضاف: ربنا عز وجل قال “وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم” وبناءً على ذلك ذهب إلى النادي الأهلي، إلا أن اللاعب اعتذر عن الحضور، وأشار فرد الأمن الى أنه بعد ذهابه إلى النادي الأهلي وهو في حالة المجني عليه، وامتناع اللاعب عن مقابلته، فلا توجد نية للتصالح في الوقت الحالي، وذكر اللاعب بأنه يستمر في الإجراءات القانونية حتى النهاية”.
سباب وتعدي بالضربوأوضح فرد الأمن أن الواقعة بدأت، عندما اتصلت زوجة اللاعب بزوجها مدعية تحرش أحد الأشخاص بها خلال تواجدها بالسينما الخاصة بالمول، وعلى الفور حضر زوجها وبصحبته ما يقرب من 10 من أصدقائه، وعندما حاولوا منعهم من الدخول لاستبيان الأمر أولا كما أن حضورهم جاء بعد انتهاء مواعيد العمل بالمول ولا يسمح لأي فرد بالدخول، فقام اللاعب بتوجيه السباب له، وتعدى عليه بالضرب حتى فقد وعيه، ولم يتم إبلاغه بوقوع أي حالات مضايقة أو تحرش لفظي قبل حضور اللاعب.
أقوال إمام عاشوروقال إمام عاشور في التحقيقات التي أجريت معه في النيابة، إنه تلقى اتصالًا هاتفيًا من زوجته بتعرضها للتحرش والمعاكسة من بعض الأشخاص أثناء تواجدها في السينما، فحضر إليها على الفور وبرفقته صديق له وشقيق زوجته الصغير لاستطلاع الأمر.
وأنكر اللاعب اتهامه بالتعدي على فرد الأمن، وواجهت النيابة إمام عاشور بمقطع الفيديو الذي سجل الواقعة، واعترف اللاعب أنه اشتبك بالفعل مع فرد الأمن المجني عليه عندما شاهده يقوم بتصويره أثناء تواجده بالداخل، فطلب منه الكف عن تصويره قائلًا: "بتصور إيه" وحاول أخذ هاتفه منه إلا أن فرد الأمن ابتعد عنه فلاحقه لأخذ الهاتف منه لكنه لم يعتدي عليه أو يدفعه على الأرض وربما تسبب التدافع في سقوط فرد الأمن كما أنكر سبه بألفاظ بذيئة.
إخلاء سبيل إمام عاشورعقب الانتهاء من سماع أقواله وجهت النيابة للاعب امام عاشور تهمتي التعدي بالضرب على فرد الأمن وسبه.
كانت النيابة قررت إخلاء سبيل إمام عاشور لاعب النادي الأهلي بكفالة ٥ آلاف جنيه، عقب التحقيق معه في اتهامه بالتعدي على فرد أمن في مول أركان بالشيخ زايد.
أمر إحالة إمام عاشور للمحكمةوقرر المستشار إيهاب العوضي رئيس نيابة الشيخ زايد إحالة إمام عاشور لاعب النادي الأهلي في واقعة التعدي على فرد أمن داخل مول شهير بالشيخ زايد للمحكمة.
وجاء في أمر إحالة اللاعب إمام عاشور لاعب النادي الأهلي: في القضية رقم 2544 جنح أول الشيخ زايد، لأنه في 19/6/2024 بدائرة قسم أول الشيخ زايد بمحافظة الجيزة، ضرِب عمدًا المجني عليه عبد الله. م. ص، فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالتحقيقات والتي أعجزته عن الأشغال الشخصية مُدة لا تزيد عن عشرين يومًا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إمام عاشور الشيخ زايد محاكمة لاعب النادي الأهلي محكمة الدفاع إمام عاشور لاعب النادی الأهلی اللاعب إمام عاشور دفاع إمام عاشور فرد أمن داخل المجنی علیه دفاع اللاعب على فرد أمن الشیخ زاید فرد الأمن
إقرأ أيضاً:
من لاجئ مغمور إلى إمام الأزهر الأكبر.. رحلة الشيخ الثائر محمد الخضر حسين
هذا المهاجر "اللاجئ" التونسي الغريب والغامض الذي وصل إلى القاهرة في العام 1920، لا يكاد يعرفه أحد، يبحث عن مأمن له يحميه من ملاحقة الفرنسيين الذين حكموا بإعدامه، فيسكن في حارة مغمورة من حارات حي الحسين الشعبي، ويبحث عن فرصة عمل ينفق بها على إيجار مسكنه وطعامه وشرابه، فيعطف عليه بعضهم بعمل متواضع كمصحح في دار الكتب، لم يكن يدري أحد أن هذا "اللاجئ" المغمور سيكون ملهما للحياة العلمية والفكرية في مصر، وأحد أقطابها الكبار، ونبراسا للمعرفة والتجديد الفكري، وأنه سيكون "الإمام الأكبر" للمسلمين بتوليه مشيخة الأزهر الشريف في عز مجده.
مولانا محمد الخضر حسين، رضي الله عنه وأرضاه، تتنازعه ثلاث دول عربية، الجزائر حيث ولد في 16 أغسطس/آب 1876 ، في قرية على الحدود مع تونس وترعرع صبيا في أسرة معروفة بالعلم والدين، ثم في تونس حيث نشأ علميا وتعلم في الزيتونة ثم تولى التدريس فيها ثم تولى القضاء ، ومصر حيث استقر به المقام وتوهج علمه وانتشر أثره وتولى أعظم المناصب الدينية فيها.
عندما وصل الإمام محمد الخضر حسين إلى القاهرة عام 1920 لم يكن أحد يعرفه فيها تقريبا، وكان أهم شاغل له في البداية ـ كمهاجر غريب ـ تأمين فرصة عمل ولو متواضعة، للإنفاق منها على إيجار مسكنه ونفقات طعامه وشرابه، فكان أن توسط له بعضهم ليعمل في وظيفة صغيرة كمصحح في دار الكتب المصرية، ومن خلالها بدأ تواصله مع النخبة العلمائية والفكرية التي كانت تفد إلى المكتبة، وبدأت صداقاته تتسع، وبدأت النخبة المصرية ـ مثل أحمد تيمور باشا ـ تتولاه بالرعاية بعد أن أدركت أنها أمام عالم كبير وليس مجرد موظف في مكتبة.هذا العالم الجليل لم يكن من أولئك علماء الدين الذين ينفصلون عن هموم أمتهم وتحدياتها الكبرى، أو يدير ظهره للمظالم التي يعاني منها الناس، بل كان يؤدي دوره العلمي و"الأكاديمي" في الوقت نفسه يقوم بدوره الجهادي/النضالي، دفاعا عن حرية وطنه وحقوق شعبه، والغريب أن سيدنا "الخضر حسين" عندما تولى القضاء الشرعي في تونس، وهي تحت الاحتلال الفرنسي، قرر أن يصدر صحيفة سياسية دينية تجديدية باسم "السعادة العظمى" ينشر فيها علوم العربية والدين، ويندد فيها بما يفعله الاحتلال الفرنسي من محو لهوية تونس العربية الإسلامية، ومحاولته إحلال ثقافته الغريبة قيما وفكرا وعقيدة في قلوب وعقول أهل تونس، وقد كان يمكنه أن يعيش هانئا وادعا مترف العيش في ظل الاحتلال لو أنه التزم الصمت أو لزم دروسه العلمية في الزيتونة فقط، أو التزم حدود وظيفته القضائية، ولكن هذا الشيخ "الثائر" المجاهد، كان يأبى لنفسه هذا المقام الرخو، وبطبيعة الحال لم يصبر عليه الاحتلال الفرنسي طويلا، فطاردوه، ولاحقوه بالاتهامات، فهرب من البلاد نجاة بنفسه، فحكم عليه الاستعمار غيابيا بالإعدام شنقا.
كعادة علماء جيله ومفكريه، توجه مباشرة لاجئا إلى الاستانة "إسطنبول"، مركز الخلافة والمحضن الآمن الذي ينظر إليه عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها على أنها المظلة السياسية التي تسعهم جميعا وتحميهم، وكانت له قرابة فيها، لم يبق الإمام الأكبر في إسطنبول طويلا، لأنها كانت تعيش أصعب أوقاتها، من الفتن وضعف الدولة وانهيار المؤسسات وانتشار الدسائس، فحمل حقيبته واتجه إلى ألمانيا حيث كان يوجد عدد من مفكري الأمة المعروفين وقتها، مثل الشيخ عبد العزيز جاويش، لكنه لم يسترح هناك ولم يكمل عاما واحدا فيها، فاتجه إلى دمشق، حيث استقر بها عدة سنوات، وعمل فيها بتدريس علوم الشريعة وتولى مهمة القضاء الشرعي أيضا، حتى وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، وتم تقسيم بلاد العرب بين الانجليز والفرنسيين في الصفقة الشهيرة "سايكس/بيكو"، وكانت سوريا من نصيب الاستعمار الفرنسي، فعلى الفور قرر الهرب من الشام نجاة بنفسه، لأنه صادر ضد حكم فرنسي بالإعدام في تونس، وحمل حقيبته وتوجه إلى القاهرة، حيث كان مستقره حتى وفاته ودفن في ترابها.
عندما وصل الإمام محمد الخضر حسين إلى القاهرة عام 1920 لم يكن أحد يعرفه فيها تقريبا، وكان أهم شاغل له في البداية ـ كمهاجر غريب ـ تأمين فرصة عمل ولو متواضعة، للإنفاق منها على إيجار مسكنه ونفقات طعامه وشرابه، فكان أن توسط له بعضهم ليعمل في وظيفة صغيرة كمصحح في دار الكتب المصرية، ومن خلالها بدأ تواصله مع النخبة العلمائية والفكرية التي كانت تفد إلى المكتبة، وبدأت صداقاته تتسع، وبدأت النخبة المصرية ـ مثل أحمد تيمور باشا ـ تتولاه بالرعاية بعد أن أدركت أنها أمام عالم كبير وليس مجرد موظف في مكتبة.
بعد انتشار حضوره العلمي، تداعى علماء الأزهر لعقد لجنة امتحان علمية لتنظر في منح هذا التونسي الغريب شهادة العالمية من الأزهر، بعد أن جذب أنظار الجميع بعلمه وعمقه الفكري، وما إن انطلقت مناقشات اللجنة معه، حتى وقف رئيسها الشيخ عبد المجيد اللبان، وخاطب زملاءه قائلا : "أي نقاش مع هذا الرجل ، هذا بحر من العلم لا شاطئ له"، وقرروا بالإجماع منحه شهادة العالمية، التي أتاحت له أن يصبح أستاذا في الأزهر الشريف، وعلما من أعلامهحادثتان في تلك الأثناء وقعتا في مصر وكان لهما ضجيج كبير، كانا نقطة تحول في حضور الخضر حسين في الحياة السياسية والثقافية والدينية، الأول هو صدور كتاب الشيخ علي عبد الرازق "الإسلام وأصول الحكم"، والثاني هو صدور كتاب الدكتور طه حسين "في الشعر الجاهلي"، الكتابان أثارا ضجيجا واسعا لجرأتهما على ثوابت دينية، ومقدسات لها حساسية عند جمهور المسلمين، وبقدر ما صدرت ردود من مفكرين وكتاب على الكتابين، إلا أن كتابات مولانا محمد الخضر حسين كانت هي القاصمة، بالنسبة للاثنين، وكان سوء حظ علي عبد الرازق أن الشيخ الخضر كان تخصصه الأساس هو "السياسة الشرعية" وكان يدرسها لطلابه في الزيتونة وفي الشام، فنقض كتاب علي عبد الرازق نقضا علميا وافيا وساحقا، وكشف عن جهل صاحبه بموضوع كتابه، وظل هذا الرد يؤلم الشيخ علي حتى وفاته كما روى غير واحد، وأما طه حسين فقد كشف الشيخ في كتابه " "نقض كتاب في الشعر الجاهلي" أن الباحث "الشاب" وقتها نقل فكرته الأساسية بتفاصيلها عن كتاب المستشرق الإنجليزي "مارجليوث" وأتى بالنصوص وطابقها، وكانت مفاجأة أن يكون هذا المعمم التونسي، عالم الدين، متضلعا بالثقافة الغربية ومطلعا بدقة على جهود مستشرقيها.
لم يتوقف نشاطه في القاهرة على الكتابة في الصحف وتأليف الكتب، بل كان حريصا على أن ينقل الفكرة إلى الواقع، فعمل على تأسيس الجمعيات العلمية والثقافية والدينية، فأسس مع محب الدين الخطيب "جمعية الشبان المسلمين" التي أرادها محضنا للشباب المسلم يحصنه من تيارات التغريب والاستلاب والإلحاد التي انتشرت في ذلك الوقت، وهو الذي وضع اللائحة الأساسية للجمعية، كما أنشأ "جماعة الهداية الإسلامية"، وكان هذا التوجه في تأسيس الجمعيات الدينية ملهما للشيخ حسن البنا الذي أنشأ بعد عام واحد جمعية الإخوان المسلمين، والتي انتشرت بعد ذلك في عموم مصر والعالم العربي.
بعد انتشار حضوره العلمي، تداعى علماء الأزهر لعقد لجنة امتحان علمية لتنظر في منح هذا التونسي الغريب شهادة العالمية من الأزهر، بعد أن جذب أنظار الجميع بعلمه وعمقه الفكري، وما إن انطلقت مناقشات اللجنة معه، حتى وقف رئيسها الشيخ عبد المجيد اللبان، وخاطب زملاءه قائلا : "أي نقاش مع هذا الرجل ، هذا بحر من العلم لا شاطئ له"، وقرروا بالإجماع منحه شهادة العالمية، التي أتاحت له أن يصبح أستاذا في الأزهر الشريف، وعلما من أعلامه، ثم قرر شيخ الأزهر تكليفه برئاسة تحرير مجلة "الأزهر" ذات الهيبة والانتشار، فأشعلها فكرا وعلما، حتى وصل إلى العام 1950 حيث تم اختياره عضوا في هيئة كبار علماء الأزهر، وبعدها بعامين حدث التحول الأهم في تاريخه، حيث اختير إماما أكبر، وشيخا للأزهر الشريف، رغم أنه ابن جامعة الزيتونة في تونس، فعلق كثيرون من علماء زمنه بأنه تأكيد على الرابطة العلمية والدينية بين المؤسستين الدينيتين العريقتين .
لم يمكث مولانا الخضر، صاحب كتاب "الحرية في الإسلام" أكثر من عامين في المشيخة، حتى وقع الصدام بينه وبين عبد الناصر، الذي قرر عام 1954 أن يضم المحاكم الشرعية إلى المحاكم المدنية، ولم يكن لهذا الشيخ الثائر أن يرضخ لتغول السلطة، فرفض القرار، وأكد على أن الشريعة الإسلامية هي أساس الحكم والقضاء المدني يكون تابعا لها ولا يصح العكس، إلا أن عبد الناصر أصر على قراره، فقدم الشيخ استقالته من منصبه بكل كبرياء العلم وشرفه، واعتزل الناس، ومات بعدها بأعوام قليلة في 28 فبراير 1958، ودفن في القاهرة التي أحبها وأحبته، يرحمه الله.