نشر التلفزيون العمومي اليوم مقالا حول مزاعم وتوهمات المخزن بتحقيق جميع أهدافه ومراميه، وأن ملف قضية الصحراء الغربية طوي.

وكتب التلفزيون العمومي أنه وبمناسبة إفتتاح الدورة الخريفية للبرلمان المغربي,  وكغير العادة ملك المغرب على شعبه يخصص خطابا كاملا لقضية الصحراء الغربية.

ووصف التلفزيون العمومي بأن هذه الأمر لم يكن من عاداته أن يتطرق لهذا الملف في مثل هذه المناسبة بالذات التي عادة ما يتم تخصيصها لطرح الملفات الداخلية التي تعني الحياة اليومية للشعب المغربي المغلوب على أمره.

وجاء النص الكامل للمقال كمايلي:

لطالما صدع المغرب رؤوسنا وآذاننا بأطروحة الملف المطوي والمغلق عندما يتعلق الأمر بقضية الصحراء الغربية, زاعما ومتوهما أنه حقق جميع أهدافه ومراميه التي تنصهر جميعها في بوتقة إقناع المجتمع الدولي بالقبول والرضوخ لسياسة الأمر الواقع الاحتلالي والاستعماري.

غير أنه وبالأمس فقط, أطل ملك المغرب على شعبه, بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان المغربي, بخطاب خصص بالكامل لقضية الصحراء الغربية, وهو الذي لم يكن من عاداته أن يتطرق لهذا الملف في مثل هذه المناسبة بالذات التي عادة ما يتم تخصيصها لطرح الملفات الداخلية التي تعني الحياة اليومية للشعب المغربي المغلوب على أمره.

فما الذي حدث حتى يتخلى العاهل المغربي عن هذا التقليد ويؤسس لسابقة جديدة يتم بموجبها تخصيص الخطاب الملكي الموجه للبرلمان لقضية الصحراء الغربية كليا وليس جزئيا؟

إن ما حدث ليس بالأمر الهين ولا العادي, إنه أمر جلل بأتم معنى الكلمة.

فالقرارات التي تبنتها محكمة العدل الأوروبية ليست بالحدث العابر الذي سيتم نسيانه أو تناسيه بعد أيام أو أشهر قليلة, إنما هو حدث تاريخي سيكون له ما قبله وما بعده: فما قبل هذا الحدث التاريخي, هو النشوة المغربية أو بالأحرى النزوة المغربية بأنها نجحت في طي ملف الصحراء الغربية وحشد الدعم الدولي اللازم لتجسيد مآربها باحتلال أراضي الصحراء الغربية.

أما ما بعد هذا الحدث التاريخي, فهو إدراك المغرب لحقيقة مفادها أن جل مناوراته لم تكن إلا زوبعة في فنجان, ولم تحقق إلا ذر الرماد في عيون المغاربة الذين انتهى بهم المطاف بفتح عيونهم على الواقع, وهو الواقع الذي يؤكد أن المغرب ليس في صحرائه, وأن الصحراء ليست في مغربها, مثلما يتم الترويج له نهارا وليلا من قبل المخزن المغربي.

فقرارات المحكمة الأوروبية أكدت أن إقليم الصحراء الغربية منفصل تمام الانفصال عن الأراضي المغربية, و أن جبهة البوليساريو تبقى الممثل الشرعي للشعب الصحراوي. وما تعامل أعلى هيئة قضائية أوروبية بهذه الجدية وبهذه الصرامة مع قضية تم رفعها بالأساس من قبل جبهة البوليساريو إلا اعتراف صريح ومباشر بالصفة القانونية الدولية التي تتمتع بها هذه الأخيرة, رغم المزاعم المغربية ومحاولاتها المتكررة الانتقاص من قيمة الممثل الشرعي للشعب الصحراوي.

كما أكدت المحكمة الأوروبية, في ذات السياق, أن الشعب الصحراوي سيظل سيدا على أراضيه وعلى ما تزخر به هذه الأراضي من ثروات طبيعية, و أن استغلال هذه الثروات سيظل باطلا وغير شرعي ما لم يتم استشارة الشعب الصحراوي والاعتداد برأي ممثله الوحيد والأوحد, جبهة البوليساريو.

وهي ذات الحقائق التي سبق لمحكمة العدل الدولية و أن أكدتها قبل خمسين سنة, ما يعني أن الأمور لم تتغير قيد أنملة طيلة العقود الخمسة الماضية بالرغم من كل محاولات ومناورات المغرب لتكريس احتلاله للصحراء الغربية. وبعد مرور خمسين عاما, تتلاقى محكمة العدل الأوروبية مع محكمة العدل الدولية حول نفس الحقائق التاريخية التي لم يؤثر هذا الزمن الطويل على ثوابتها الثلاثة : أن الصحراء الغربية محتلة, وأن لا سيادة للمغرب على هذا الإقليم, وأن في هذا الإقليم شعب مختلف تمام الاختلاف عن الشعب المغربي.

إن الأثر الذي خلفته هذه الحقائق كان بمثابة الصاعقة التي حلت على المخزن, وهو الذي لم يعرف إلى غاية اليوم كيف يتعامل معها. فبعد خرجات وزير الخارجية ناصر بوريطة الذي حاول أن يهون من شأن هذه القرارات واصفا إياها باللاحدث ومؤكدا أن المغرب غير معني بها, ها هو الملك المغربي يخرج على شعبه في خطاب يدق ناقوس الخطر وهو يحث المغاربة على الحيطة والحذر من شر محدق بملف الصحراء الغربية.

ولم يجد هذا الأخير من عزاء له سوى التمسك برسالة الرئيس ماكرون الذي اعترف له بالسيادة المغربية المزعومة على أراضي الصحراء الغربية, مثلما وجد له في الماضي القريب عزاء في تغريدة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي اعترف له هو الآخر بذات السيادة المزعومة, والتي سرعان ما تراجعت عنها الإدارة الأمريكية اللاحقة.

ومن هول تداعيات قرارات محكمة العدل الأوروبية, لم يتوان المغرب في الطواف حول كل الدول الأوروبية بغرض تسول تأييد له في القضية, حيث حاول الترويج للبيانات التي أصدرتها العديد من هذه البلدان وتفسيرها على أنها رفض مطلق لما أقرته المحكمة الأوروبية.

والحقيقة أن المتفحص لهذه البيانات سيدرك أنه لا يمكن وضعها كلها في سلة واحدة, بل ينبغي التفريق بين موقف المفوضية الاوروبية ومواقف كل من فرنسا وإسبانيا وكذا مواقف بقية الدول الأوروبية.

فمفوضية الاتحاد الأوروبي أخذت علما بالقرارات القضائية الثلاثة, مشيرة إلى مبدأ “العقد شريعة المتعاقدين”, في حين أن بياني كل من فرنسا واسبانيا كانا في اتساق توجهاتهما المنحازة للمغرب في سياق الانقلاب على مواقفهما الأصلية من القضية الصحراوية. أما بيانات البلدان الأوروبية الأخرى فقد أشادت بالشراكة الأورو-مغربية دون أي تفسير أو تعليل.

وفي هذا الإطار, أكد لنا مصدر مطلع بوزارة الشؤون الخارجية أن سفراء هذه الدول الأوروبية قد تم استقبالهم جميعا بمقر الوزارة أين طلب منهم تقديم شروحات حول البيانات التي أصدرتها بلدانهم. وقد أكد معظمهم أن هذه البيانات لا تعني البتة معارضتهم للقرارات التي تبنتها المحكمة أو رغبتهم في عدم مراعاتها مستقبلا مثلما يروج له المخزن المغربي, ومشددين على أن دولهم دول قانون ستلتزم بقرارات المحكمة الأوروبية. ومن بين هؤلاء السفراء من استغرب مضمون البيان المنشور من قبل المفوضية الأوروبية, وهو البيان الذي غلب “شريعة المتعاقدين” على الأحكام التي نطقت بها أعلى هيئة قضائية أوروبية.

لقد فتح المغرب عينيه, مخزنا وحكومة وشعبا, على حقيقة أن ملف الصحراء الغربية لم يطو ولم يغلق, وهو يتابع الاجتماعات الدولية تتوالى حول هذه القضية, لا سيما خلال هذا الشهر, شهر أكتوبر.

ففي سياق صدور قرارات محكمة العدل الأوروبية, تأتي اجتماعات اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المخصصة لدراسة الأوضاع بالأقاليم السبعة عشر المعنية بتصفية الاستعمار, مع التركيز بصفة خاصة على الصحراء الغربية باعتبارها آخر مستعمرة في إفريقيا.

وبعد اللجنة الرابعة سيأتي الدور على مجلس الأمن الذي من المنتظر أن يدلي بدلوه كذلك حول ملف الصحراء الغربية يوم 16 أكتوبر, حيث سيتلقى المجلس إحاطة من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة حول جهوده الرامية لإعادة بعث المسار السياسي لحل القضية الصحراوية. وعقب مجلس الأمن, ستقوم الجمعية العامة هي الأخرى بدراسة ملف الصحراء الغربية في مرحلة لاحقة.

أبعد هذا كله, سيتجرأ المغرب على الزعم بأن الملف مطوي ومغلق وبأنه حقق كافة مراميه وأهدافه؟ فعلا, إن شهر أكتوبر هو شهر الصحوة المغربية على الحقيقة التي طالما تنكر لها وحاول التهرب منها : فقضية الصحراء الغربية لا تزال مطروحة, وحلها يقتضي الانخراط الجدي في مفاوضات مباشرة مع الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي, جبهة البوليساريو, في المسار الذي ترعاه وتقوده منظمة الأمم المتحدة.

المصدر: النهار أونلاين

كلمات دلالية: محکمة العدل الأوروبیة المحکمة الأوروبیة جبهة البولیساریو المغرب على

إقرأ أيضاً:

اقتراح جديد من المفوضية الأوروبية بخصوص الوافدين والمغادرين لمنطقة شنغن

قدمت المفوضية الأوروبية اقتراحين يهدفان إلى تسهيل السفر للجميع الذين يدخلون ويغادرون منطقة شنغن. بما في ذلك المواطنون من خارج الاتحاد الأوروبي.

وفي بيان صحفي، كشفت المفوضية الأوروبية عن خطط لتبني إطار عمل مشترك لاستخدام بيانات السفر الرقمية. بالإضافة إلى تطبيق جديد من شأنه أن يساعد المسافرين على تخزين بيانات اعتمادهم.

لتسريع عمليات مراقبة الحدود وضمان سفر أكثر سلاسة وأمانًا. اقترحت المفوضية رقمنة جوازات السفر وبطاقات الهوية لأي شخص يدخل أو يغادر منطقة شنغن.

وسيتم استخدام الإطار لبيانات السفر الرقمية، وهي النسخة الرقمية من البيانات التي تم جمعها على جوازات السفر وبطاقات الهوية. بما في ذلك المعلومات حول شريحة جواز السفر أو بطاقة الهوية ولكن ليس بصمات الأصابع.

وسيتضمن المخطط المقترح العديد من التغييرات، حيث سيتم فحص المسافرين من دول خارج الاتحاد الأوروبي. وكذلك مواطني الاتحاد الأوروبي، عند عبور الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.

يهدف المخطط إلى تحسين الأمن، حيث سيكون من الصعب على الأشخاص استخدام وثائق مزورة أو عبور حدود شنغن دون اكتشافهم.

بالإضافة إلى ذلك، يهدف إلى تحسين كفاءة مراقبة الحدود والسماح بعبور الحدود بشكل أسرع.

بفضل هذه الفحوصات الشاملة، يمكن للسلطات الآن أن تكرس نفسها لمكافحة تهريب المهاجرين واكتشاف المجرمين على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.

الفائدة الأكبر للمسافرين هي أن هذا المخطط سيقلل من المتطلبات الإدارية لمواطني الاتحاد الأوروبي. مما سيمكنهم من استخدام بطاقات الهوية الرقمية للتعريف والتسجيل.

تطبيق السفر الرقمي للاتحاد الأوروبي

بالإضافة إلى المخطط الجديد، تقدمت مفوضية الاتحاد الأوروبي أيضًا باقتراح لإنشاء تطبيق السفر الرقمي للاتحاد الأوروبي. والذي يسمح للمسافرين بإنشاء بيانات اعتمادهم الرقمية وتخزين جميع المعلومات الضرورية حول السفر.

وسيعمل هذا التطبيق من خلال السماح للمسافرين بتخزين وثائق سفرهم عن طريق تحميل الصور واستخدام التطبيق لإجراء الفحوصات.

وسيتحقق التطبيق من الوثيقة ويكتشف ما إذا كانت تتطابق مع وجه المسافر.

ومن المتوقع أن يؤدي استخدام هذا التطبيق إلى تقليل أوقات الانتظار عند المعابر الحدودية. وأن يكون أكثر كفاءة في التحقق من المسافرين.

وسيدخل التطبيق حيز التنفيذ بمجرد تطويره واختباره والموافقة عليه من قبل المفوضية الأوروبية (eu-Lisa). وفي الوقت نفسه، ستبدأ الدول الأعضاء بالفعل في إصدار وثائق السفر الرقمية.

مقالات مشابهة

  • التحولات الحاسمة في قضية الصحراء تفرض التنسيق بين مجلسي البرلمان لوضع هياكل داخلية ملائمة بموارد بشرية مؤهلة
  • ملك المغرب يدعو لتعزيز التنسيق المؤسسي وتفعيل الدبلوماسية البرلمانية لدعم قضية الصحراء
  • ملك المغرب: مرحلة جديدة في قضية الصحراء بدعم دولي متزايد
  • العاهل المغربي: قضية الوحدة الترابية للمغرب انتقلت من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير
  • العاهل المغربي: ملف الصحراء يمر من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير
  • ملك المغرب: قضية الصحراء تمر من مرحلة التدبير إلى التغيير.. أشاد بموقف فرنسا
  • أول تعليق لملك المغرب على موقف فرنسا من قضية الصحراء الغربية
  • اقتراح جديد من المفوضية الأوروبية بخصوص الوافدين والمغادرين لمنطقة شنغن
  • النهار أونلاين تكشف كيف اعترف سلاطين المغرب بعدم تبعية الصحراء الغربية لأراضيهم