لجريدة عمان:
2025-03-18@11:08:55 GMT

في الحوار وتغييبه

تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT

عادة ما يقف غياب الحوار وراء كل الاضطرابات التي تعصف بالعلاقات سواء الإنسانية أو تلك التي تقوم بين الكيانات السياسية ففقدان التواصل كفيل بصنع الأزمات وتضخيمها بل وإحالتها إلى إشكالات عميقة تُكلف حلحلتها أثمانًا باهظة.

ولا يعنينا هنا الحديث عما يترتب على تعذر الحوار بين الدول فذاك أمره متروك للساسة وتحكمه قواعد منظِمة ومصالح معقدة رغم أنه سبب كل المآسي التي يُعاني منها عالم اليوم إنما يهمنا دور الحوار في تعميق الروابط الأسرية بصفته أداة لنقل وتصحيح الأفكار وتحقيق أهداف التربية الصحيحة.

ويعود افتقاد الحوار بين أفراد الأسرة الصغيرة إلى أسباب اجتماعية كثيرة أهمها على الإطلاق عدم الإيمان بمبدأ الحوار استنادًا إلى «العُرف» حيث لا ينبغي للابن أو الابنة أن يطرحا وجهة نظر مختلفة أو أن يُعارضا فكرة مطروحة من منطلق الاحترام المطلق للأكبر سنًا.. كما لا يجب أن يجاوز دور الزوجة حاجز الطاعة وتنفيذ الأوامر حتى وإن تم الاستماع إلى رأيها فيكون ذلك من باب «شاورها وخالفها» كما يقول المثل الغريب الشائع.

ولأن الهُوة بين أفراد الأسرة تتسع يومًا بعد يوم نتيجة تغييب النقاش البنّاء والمسؤول وبداعي الانشغالات الفعلية أو الانشغالات المُتوهمة إضافة تأثير وسائل الإعلام والاتصال ومنصات التواصل الاجتماعي اهتزت العلاقات وظهرت الكثير من المعضلات النفسية والاجتماعية التي غالبًا ما يسقط بين براثنها المراهقين والشباب.

إن ضعف أو انعدام الحوار مع الأبناء مثلًا قد يقف وراء ضعف التحصيل العلمي والعُزلة والانطوائية والعدوانية والتسرب من المدارس وحتى السقوط في عالم الإدمان والانحراف السلوكي والأخلاقي مشكلات كان من الممكن ألا تظهر لو توفرت الأجواء الأسرية الصحية المؤسسة على قواعد من الإنصات الجيد والتعاطي المُتزن مع الآراء المُخالفة واعتبار الاستماع أداة تأسيس للثقة بالنفس قبل الاضطرار للجوء إليها كوسيلة للتقويم والإصلاح.

يُدهشني الحوار الذي دار بين الله سبحانه وتعالى وسيدنا موسى عليه السلام في الآيات « ١٧ ـــ ٢١ « من سورة « طه « عندما يسأل جل وعلا نبيه قائلًا: وما تلك بيمينك يا موسى ؟ قال: هي عصاي أتوكأ عليها وأهُش بها على غنمي ولي فيها مآرب أُخرى، قال: ألقها يا موسى، فألقاها فإذا هي حية تسعى، قال: خذها ولا تخف سنُعيدها سيرتها الأولى».

كنت أتساءل دائما: لماذا لم يأمر الله سبحانه وتعالى سيدنا موسى دون مقدمات بالذهاب إلى عدوهما فرعون ودعوته للتوحيد؟ لماذا يطرح عليه كل تلك الأسئلة وهو يعلم إجاباتها ويعلم كل شاردة وواردة تحدث في السماوات والأرض؟ إلى أن استنتجت أنه يُعلمنا سبحانه كيف ندير الحوار مع الآخر وما هو وقع الأسلوب المتزن الذي لا يرتكز عدم إظهار التفوق والاستعلاء واستعراض المعرفة إنما الاحتواء.. كيف يمكن للنقاش الهادئ أن يكون أداة إقناع يمكن من خلاله التأثير الإيجابي المنشود.

النقطة الأخيرة..

يُخلف الاستبداد بالرأي نتائج كارثية، ليس أقلها من تصرم الوشائج بين البشر، وفقدان البوصلة، ثم انهيار الأداء بالنسبة للمؤسسات بمختلف تصنيفاتها ونشاطاتها

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر: الحوار بين الأديان لم يعد ترفاً بل ضرورة وجودية لإنقاذ البشرية من براثن الجهل

أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، أن الحوار بين الأديان والثقافات لم يعد اليوم ترفاً بل ضرورة وجودية لإنقاذ البشرية من براثن الجهل وسوء الفهم، مشددا على ضرورة توحيد الصفوف لبناء جسور التفاهم علي أنقاض الجهل والغطرسة والكراهية.

جاء ذلك في بيان ألقاه السفير أسامة عبد الخالق مندوب مصر الدائم لدي الأمم المتحدة بنيويورك، نيابة عن فضيلة الإمام الأكبر أمام جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة للاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا.

وقال شيخ الأزهر: إن عقد الاجتماع جاء تتويجاً لجهود مشكورة تحملت عبئها مجموعة الدول الإسلامية لدي الأمم المتحدة لمواجهة هذه الظاهرة اللامعقولة واللامنطقية والتي باتت تمثل تهديداً حقيقياً للسلم العالمي.. مشيرا إلى أن ظاهرة الخوف المرضي من الإسلام ما هي إلا نتاج لجهل بحقيقة هذا الدين العظيم وسماحته ومحاولات متعمدة لتشويه مبادئه التي قوامها السلام والعيش المشترك في كذبه هي الأكبر في التاريخ المعاصر استناداً لتفسيرات خاطئة واستغلال ماكر خبيث لعمليات عسكرية بشعة اقترفتها جماعات بعيدة كل البعد عن الإسلام.

وسلط البيان الضوء علي إنشاء مرصد الأزهر الشريف لمكافحة التطرف لتوضيح مفاهيم الدين الصحيحة للمسلمين ولغير المسلمين في شتي بقاع العالم وأيضاً لمواجهة الفكر المتطرف وجماعات الإرهاب وحركات العنف، ورصد أعمال العنف ضد المسلمين.. مطالبا بوضع تعريف دولي لظاهرة الاسلاموفوبيا وإنشاء قواعد بيانات شاملة ومحدثة لتوثيق الجرائم والممارسات العرقية والعنصرية ضد المسلمين، واستحداث آلية للمراقبة والتقييم لفعالية التدخلات والمبادرات الهادفة إلي مكافحة الإسلاموفوبيا.

وأشار البيان إلى إطلاق وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية والتي وقعها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر مع قداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية في أبوظبي عام 2019 وإلى ضرورة مكافحة خطاب الكراهية الذي يتسلل عبر الخطابات والممارسات اليومية في منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وإعلاء مفاهيم الحوار والتسامح والتعايش المشترك، وإصدار تشريعات ملزمة، وإطلاق حملات توعوية تزرع بذور التسامح، وتعزز ثقافة الاحترام المتبادل مما يتيح التعاون علي صناعة خطاب قادر علي إعادة روابط التفاهم والتضامن والإخاء بين الشعوب.

وأعرب شيخ الأزهر عن التقدير للمواقف النزيهة والشجاعة لأنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة ولكلماته التي تحدث فيها عن الإسلام حديثاً منصفاً ينم عن معرفة حقيقية بهذا الدين وبتعاليمه السمحة التي تقف في مواجهة هذه الظاهرة، وتقطع الطريق على فلسفة الانجرار خلف الأحكام الجاهزة، والخضوع المهين للصور النمطية التي يحاول البعض الصاقها بالإسلام، والتي غالباً ما توظف بشكل شعبوى من قبل بعض جماعات اليمين المتطرف لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة.

اقرأ أيضاًشيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والقوَّات المسلحة والشعب المصري بذكرى انتصار العاشر من رمضان

شيخ الأزهر: المرأة الفلسطينية ضربت المثل في الصمود والشجاعة والتمسك بالوطن

شيخ الأزهر: التاريخ سيقف طويلًا وهو يحني الرأس للمرأة الفلسطينية التي تشبثت بوطنها

مقالات مشابهة

  • إطلاق «استراحة معرفة» في أستراليا لتعزيز الحوار المعرفي
  • نقابة التعليم التابعة للبيجيدي ترفض “حوار برادة “و تدعو إلى العودة للشارع
  • بالفيديو.. محمد مختار جمعة: عظمة القرآن الكريم ليس لها حد وبلاغته إعجاز علمي
  • طهران: لا نية لدينا لنشر فحوى رسالة ترامب
  • اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا.. شيخ الأزهر: الحوار بين الأديان لم يعد ترفاً
  • ‏«AIM للاستثمار» تبحث في أبوظبي تحديات الأسواق العالمية
  • شيخ الأزهر: الحوار بين الأديان لم يعد ترفاً بل ضرورة وجودية لإنقاذ البشرية من براثن الجهل
  • AIM للاستثمار 2025 تبحث في أبوظبي تحديات الأسواق العالمية
  • الإمارات: الحوار بين الأديان والثقافات ضروري لمواجهة الإسلاموفوبيا
  • 15 مارس.. اليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام "الإسلاموفوبيا".. علماء: سن قوانين تجرم التحريض